أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ياسمين الطريحي - الدولة عار وليس المرأة















المزيد.....

الدولة عار وليس المرأة


ياسمين الطريحي

الحوار المتمدن-العدد: 4020 - 2013 / 3 / 3 - 03:47
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


دخلنا في السنة الثالثة من انتفاضة الشعوب العربية ولازالت هذه الشعوب تتظاهر وتناضل بكل أطيافها ويسقط الشهداء الواحد تلو الأخر فقط من أجل تحقيق أبسط الحقوق كالعدالة الاجتماعية والمساواة في المواطنة كما هو مذكور فى الدساتير العربية, ومع كل ذلك لازالت ظاهرة التحرش الجنسى الممنهج والاغتصاب ضد النساء المشاركات فى التظاهرات مستمر ويمر من دون عقاب ومن دون رادع. ثم تلام المرأة المغتصبة وتهان وتصير عاراً على نفسها وأهلها, إذ تقدم على أنها هي المسؤول الأول والأخير عن هذا العار كما ورد على لسان احد أعضاء لجنة حقوق الأنسان في مجلس الشورى في مصر . بنفس الوقت لازال الرجل يستميت من أجل أن يبقى معيار الشرف عنده, قيمة تلتصق بالمرأة وحدها, رغم أنه هو نفسه المتحرش وهو المغتصِب بل والمشرع, علماً بأن المرأة كانت ولا تزال هى الرائدة في مشاركة الرجل فى التغيير نحو الحرية و العدالة, وليست هناك حرية اذا استمر قمع المرأة كما ذكرت استاذة القانون السياسي نيفين مسعد في مقالتها "عندما تغضب نفرتيتي" , وأليس من الأجدى الآن أن نسأل أنفسنا كيف نقبل أو نتقبل الصاق شرف الرجل والعائلة والعشيرة بالمرأة فقط، علماً بأن هذا الرجل الذى يواظب على حث المرأة على حصانة شرفها تارة باسم الدين وتارة بأسم العادات والتقاليد ويفتي بالحجاب والقناع بمختلف أشكاله وألوانه يقوم هو باغتصاب هذا الشرف؟
ومما يزيد من مسألة الشرف تعقيداً, هو حماية الدولة لمرتكبي الاغتصاب, علما بأن الدستور يذكر فى نصوصه أنه لا فرق بين مواطنى الدولة على أساس الجنس واللون والعقيدة, وحتى لا تحاسب الدولة على تقصيرها فى حماية مواطنيها, ارتأت بعض الدول العربية حل المشكلة بتزويج المغتصَبة من مغتصِبها حتى تتخلص من الحساب والمسائلة القانونية. كما حصل لاحقا فى المغرب والأردن, وقد أدى هذا القرار الى انتحار بعض المغتصبات بعد ما شعرن أن الدولة والعائلة قد فشلتا في حمايتهن, هنا يجب أن نتوقف قليلاً ونبادر بالسؤال التالى: من هي هذه الدولة التى لا تستطيع حماية المغتصَبة من مغتصِبها؟ هل هى دولة قانون أم دولة الغاب ام دولة رجال فقط أى دولة أحادية الجنس؟ ماذا ستفعل الدولة حينما يكون المغتصبون عصابة من عدة اشخاص مثلا, فبمن تزوج المغتصَبة في هذه الحالة, هذا اذا كانت ما تزال حية ترزق؟
لعل الجميع قرأ وتابع قصة الشابة الهندية ضحية الاغتصاب الجماعى ووفاتها نتيجة لذلك, ولازالت الاحتجاجات والمظاهرات والدعوات الى عقاب المغتصبين بالإعدام مستمرة, فأين نحن العرب ذوو الشهامة والعزة من هكذا احتجاجات؟ سيما أن ردة فعل العرب وخاصة الجاهلين منهم وهم الاكثرية طبعا والتقليدية بحكم الظروف البيئية والاجتماعية تضع جام غضبها والاستشفاء على المرأة, ليس هذه فقط وأنما يتجرأ البعض على الأشارة الى اتهامها بأنها هى التى تحرض الرجل وهى التى تضع نفسها في هذا الموقف ، اذن في نظر هذا المشرع الوجيه العالِم الورع, بأن المرأة هي السبب وهى المتسبب.
هنا نحاول أن نبحث ونعرف من وضع صيغة الشرف هذه؟ وأن نفكر مع بعض ونسأل أنفسنا, إلى أين وصلنا فى تحقيق الشرف الحقيقى للدول العربية. اذا كانت الشعوب العربية لازالت تلقن وتعلم الشرف على انه بين فخذى المرأة, وبعدها يأتى هذا المشرع نفسه ليغتصب هذا الشرف، ونفس المشرع يعطى الحق بزواج المغتصبة لمغتصبها من أجل ان يغسل عار العائلة, بمعنى آخر، أن الرجل هو الذي يقوم بإهانة شرفه بنفسه حينما يقوم بأغتصاب المرأة, وهو الذى يحاول أن يصلح من هذا الشرف المهان بتزويجها لمغتصبها, ففى كلا الحالتين الرجل هو المستفيد الأول والأخير, لأنه لا يعاقب فى كل الأحوال, إذن مسألة الشرف وتفسيره على انه مابين فخذى المرأة, هو مجرد تفسير ذكورى مهين للإنسان وللإنسانية فى عصرنا الحالى وهو غير واقعى وغير منظور, خاصة فى حالة اليقظة التى تمر بها الشعوب العربية الان.
ولنسأل السؤال الآتي: أين يكمن الشرف الحقيقى فى واقعنا الحالى, فإذا كان الجواب بأن هذا موروث ولا يمكن لنا أن نمسه، اذن فنحن لم نتطور, ونحن نكذب ونضحك على أنفسنا, وعند رجال الدين سمى مابين فخذي المرأة عورة, فأذا كنا نحترم ديننا، ونؤمن أن الله قد خلقنا نساءً ورجالاً سواسية، فإننا نكفر بما وهبنا الله من نعمة الجسد والعقل, ونقول أن مابين فخذ المرأة هو "عورة" و أن هذه العورة هى الشرف فقط!
هناك تناقض واضح و صارخ مابين الادعائين, أحدهما عورة والآخر ولنفس الجزء هو شرف, وشتان مابين الاثنين.. وجهان مختلفان لعملة واحدة . فنحن أمام معنيين مختلفين لهذا الجزء الخاص بالمرأة.
فإذا افترضنا قبول واحترام هذين الادعائيين، فكيف سنحمي هذه العورة, عفوا هذا الشرف من الرجل الذى يقوم بإهداره وهو الذى يقوم بإصلاحه, إذن ضبط مفهوم الشرف هو مسؤولية كبرى تقع على عاتق الدولة وليس على عاتق العشيرة او القبيلة, فيجب أن يصار إلى تجريم الاغتصاب حتى النهاية, من دون السماح برفع العقاب عن الجريمة, بتزويج المغتصبة بمغتصبها, لأنها في هذه الحالة إنما تشرعن ـ ضمنياً ـ الإغتصاب, وتتستر عليه, وهي بهذا أيضا تكون قد منحت ضعاف النفوس والمرضى من بعض الرجال, مكافأة على صنيعهم, وفرصة ذهبية للإفلات من طائلة العقاب, ولو أن الدولة واصلت مسيرتها في تجاهل عقوبة المغتصِب لو تزوج بالمغتصَبة, فإنها عندي تكون قد فشلت فى حماية نصف مواطنيها, بما ينبأ أنها دولة فاشلة بكل المقاييس, والعار الذى يدعونه على المرأة وأهلها وعشيرتها في هذه الحالة, إنما هو عار الدولة وليس المرأة.
من الواضح ان الدولة قد فشلت فى وضع معايير للشرف و حماية المواطن أولا والدولة ثانياً. وبما أنها قد فشلت في ذلك ( أقصد الدولة) فقد ارتأت الى حل غير مسؤول وهو الأسهل فوضعت مسألة الشرف على عاتق المرأة لان المرأة حسب النظرية الذكورية ليست إنسان بل هى شئ. فالتخلص من حماية المرأة وتحويلها الى العائلة, هنا تكون قد أنهت الدولة مسؤوليتها من المشكلة الرئيسية والأهم, وهى كيفية حماية مواطنة من مواطنى الدولة. ووضعت الدولة ثقلها ودساتيرها وقوانينها الأحادية لحماية الرجل فقط, وذلك من أجل حماية السلطة, لأنهم بإضعاف النصف المهم والأهم فى نهضة المجتمع هو في الأصل إضعاف للرجل وإضعاف للمجتمع بأسره، وهنا تكمن المأساة. فقد غاب عن نظرهم أن إقصاء المرأة عن القيام بدورها كنصف مهم ومشارك ومشترك في بناء الشعوب, هو إضعاف للرجل وللامة التى يريدون حمايتها, وهو طعن لشرف النهضة. فالشعوب لن تنهض إذا كان نصف المجتمع يسير بعورة ومغتصب العورة يسير جنبها مرفوع الرأس, كنقضين لا يتوأمان.
كيف لنا ان ننهض ونحن مشغولين بمحاسبة وإهانة المرأة بسبب مابين فخذيها. أليس معنى النهضة المساواة، وحرية العقل والتفكير والجسد السليم. أليست مهمة وهدف النهضة هو بناء شعب سليم من أجل بناء وطن سليم يتساوى فيه الجميع. وإذا كانت الدول العربية هى التى تخرق قوانين دستورها فى عدم توفير الحماية لمواطنيها رجالا ونساءا وخاصة المرأة فكيف للمرأة ان تحمي شرفها؟ وكيف ننهض؟
إن شرف العائلة أو القبيلة أو الامة ليس بين فخذى المرأة, وليست المرأة هى المسؤول الأول والأخير ، بل إن الشرف هو حينما يقوم بناء الدولة على أساس القانون وحماية المواطن, وأن تقصير الدولة فى تحقيق ذلك هو العورة, وهو إخصاء للأمة كلها برجالها ونساءها.
إن الشرف حينها هو أن يُلغى مفهوم العورة ويتوقف عن إلصاقها بالمرأة تماماً, ويشطبها من قاموس حياتنا, ويساوى الرجل والمرأة فى الحقوق والواجبات بقانون واحد ليس فيه إقصاء ضد المرأة, حينها نقول أننا قد نهضنا.



#ياسمين_الطريحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بناء الشخصية العربية وثورات الربيع العربي


المزيد.....




- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ياسمين الطريحي - الدولة عار وليس المرأة