أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسمين الطريحي - بناء الشخصية العربية وثورات الربيع العربي















المزيد.....

بناء الشخصية العربية وثورات الربيع العربي


ياسمين الطريحي

الحوار المتمدن-العدد: 3637 - 2012 / 2 / 13 - 23:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ان الانظمة العربية بمجمعها قمعية ومستبدة. صفاتها الغالبة العبودية ، والاستغلال . وهاتين الصفتين مصدران يتعايش الانسان معهما باسلوب واحد وهو االسلبية والنفاق. ان الاسلوب القمعى ، ياتى بصورة ممنهجة ، بداية من العلاقة بين الرجل والمرأة ، وبين الاباء و ابنائهما و بين الاستاذ والتلميذ ,ومن ثم ، مابين الموظف والرئيس , وأخرها مابين الحاكم والشعب. ان أدوات القمع متعددة ومتوارثة . أغلبها مغلف اما بالدين ، او بالعادات القبلية ، او بالتقاليد الموروثة . ويرجع السبب فى ذلك الى أن البنية الأساسية للانسان العربى هى بنية متناقضة ومتنافرة وغير متوازنة على الأطلاق
أن اساس بنية الشخصية العربية ، هش ووهن ، يصل به الى ان يصبح انسانا مهزوزا. النفاق هو وسيلته للتعايش والتوارى من القمع والاستبداد . تعود اسباب ذلك الى ان العلاقات الانسانية وخاصة مابين المرأة والرجل غير متوازنة فى الحقوق والواجبات. أن عدم التوازن هذا يأتى بسبب التناقض الصريح والواضح بين بند المساواة فى المواطنة بين الرجل والمرأة المدون فى الدساتير العربية كلها ، وبين تحكم الدين وتفاسيره المتعددة فيما يخص هذه العلاقة. بالأضافة الى ذلك ،ُمنحت العادات والتقاليد مساحة كبيرة للتحكم بالعلاقات الأجتماعية مستندة اما الى اساس دينى او اخلاقى او قبلى . ان التمييز الذى تعانى منه النساء العربيات هو نوع من الابادة المعنوية والعقلية والادبية والاخلاقية لنصف المجتمع العربى وهن النساء . الامر الذى خلق علاقة انسانية مشوهة داخل الأسرة الواحدة ، مابين الرجل والمرأة ,انتقلت بالتبعية الى الفضاء العام.

على صعيد اخر فان الدستور يقر بالمساواة بين النساء و الرجال فى الحقوق والواجبات وانه ليس هناك فرق بينهما على أساس الجنس اوالدين اواللون هذا من جهة ، لكن وفى الناحية الاخرى تسمح العادات والتقاليد والدين بفرض طاعة المرأة للرجل . هنا جوهر الخلل الكارثى . كيف يشرع الدستور ان المواطنين متساوون فى الحقوق والواجبات ، بينما يعطى للدين والعادات والتقاليد اليد العليا فى فرض طاعة المراة للرجل, ويعطى للرجل الحق فى التصرف بأسرته كما يشاء . كحق الطلاق ، وحق الزواج لعدة زيجات ، وحق الحركة ، تلك ما هى الا أشارة لاعطاء صك التفوق الذكورى على المرأة . أين حق المراة فى هذا الأطار المتناقض . وكيف تستطيع هذه المرأة المغلولة - والتى يراها القانون الالهى والعادات والتقاليد انها مجرد شئ وان المساواة فى المواطنة المذكورة فى الدستور هى حبر على ورق - فى ان تتمكن من صنع جيلا متوازنا فى شخصيته وبناءه.

بالاضافة الى ذلك نجد ان النساء الواعيات والمدركات لأدميتهن، يحاولن بناء علاقة متوازنه مع الرجل ، الذى اما ان يكون ابا ، اوأخا ، او زوجا او حبيبا ، وبعدها حاكما. هنا يحدث الصدام بين الشعور العميق بأدميتهن وبين الموروث التقليدى المتزمت ، بما يسمى بالثقافة الذكورية . خلال هذا الصدام تحدث فترات تمرد من جانب المرأة ضد الزوج أو ضد الوالد الذى يتحكم فى حياة الأبنة أو ضد الأخ المسيطر ، اوضد الحاكم الذى يبنى حكمه على قمع وقهر واستغلال شعبه. ان انعكاسات هذا الخلل يظهر من خلال التعاليم الاولى التى يتلقاها الطفل منذ نشأته الأولى الى حين نضوجه . هنا تبدأ مضاهر الشخصية العربية المتميزة بالخوف والرعب والشك والضعف والنفاق والجبن والاستبداد.

لذلك لو اردنا للثورات العربية ان تنجح وتستمر ، يجب بناء هذه الشخصية من جديد. ولايمكن ان يتم ذلك الا من خلال وضع نظام ديمقراطى صحيح. ودستور متوازن واضح يكفل المساواة فى المواطنة فى العام والخاص. ولايترك للدين والعادات والتقاليد الاستئثار بهذه العلاقة وتسيرها ,لو اردنا للثورات ان تنجح فلابد من وضع أحكام تتماشى مع هذه الثورات الشبابية التى تنادى بالحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية. واذا اردنا ان ننشأ جيلا متوازنا من ناحية العلاقة الأنسانية بين الرجل والمرأة ، اذن الواجب هو أن تدرس مادة المساواة فى المواطنة فى العام والخاص فى المناهج التعليمية على كل المراحل. وأن يترك للفرد الافكار الحرة المستنيرة ليرى من خلالها ذاته وشخصيته. ان الثورة يجب ان لا تقف عند حدود اسقاط الحاكم ، بل اسقاط جوهر هذا النظام وذلك من خلال التركيز على تقوية النظام الديمقراطى من خلال نوعية مناهج التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي والعالى. فالديمقراطية تتعزز وتقوى حينما يشعر المواطن انه حر فى معتقداته واختياراته ,وانه متسق مع ذاته فى المجالين العام والخاص ، جراء هذا الشعور سوف تختفى الثقافة الذكورية البالية تدريجيا ، ويختفى معها كل انواع التمييز ليس فقط ضد المرأة فحسب وانما كل ماله صلة بالعبودية والقمع والتهميش والخوف.

هنا يجب ان يتحول دور المرأة الى دور ايجابى ، ان تنهض ، نهضة وعى ، لا ثأر ، أو لوم الآخر . أن ثوراتنا العربية جاءت ،والتى كنا بانتظارها منذ عقدين او اكثر قد جاءت اخيرا، والفضل فى ذلك لهذا الجيل الجديد الواعى ، علينا الان ان نعمل لبناء علاقة سليمة وصحية. هذا العمل لايتم عن طريق الصراع على المركز وعلى الكرسى ، والانشغال فى الادارة ، والمحاسبة ، والتنافس ، والميزانية ، بل بحركة شعبية تضم النساء و الرجال تعمل ليل ونهار من اجل تصحيح المسار، ورفع الوعى ، والديمقراطية لن تتعزز الا بتصحيح هذا الميزان وهو المساواة فى المواطنة.

لذلك علينا ان نسال السؤال الملح والهام وهو كيف نبنى دولة بثورة ، ولا نقوم ببناء الانسان عقلا وجسدا ووعيا. ان بناء المواطن هو الاهم فى كل مراحل الثورة. هذا المواطن يجب ان يشعر قبل ان يرى أن هناك قانون واحد يحكم الجميع ولا يفرق بين رجل وأمرأة ، قانون منصف متكامل لا أن يترك للدين او العادات والتقاليد المغلفة بغلاف الدين ان تتحكم فى صيرورة وتطور المجتمع ، المرأة نصف هذا المجتمع . لو لم نعطى لهذا النصف حقه فى المواطنة ، فأن الثورة لن تكتمل.

أن بناء الشخصية لايأتى من فراغ ، ولامن شعارات دينية اوطائفية اوفئوية، وانما بالعمل الجاد الدؤوب ، ووضع قوانين تساوى بين الذكر والانثى ، وهكذا بنت الشعوب الحديثة اجيالها التى لا تخاف ، لكنها تحترم القانون ولا ترضخ لاحد سوى القانون. علينا ان لانخاف بل نعمل لتصحيح الاوضاع الشاذة والسائدة منذ قرون . ولن يحدث هذا بين ليلة وضحاها . حتى لو انحرفت الثورات عن مسارها الصحيح ، لا نيأس ، الثورة مهمه صعبة وتقويمها فى الأتجاه الصحيح أصعب ، التغيير مهم ايا كانت نتائجه ، علينا واجب انسانى واخلاقى فى خلق جيل واعى وصحى عقليا و فكريا وجسديا.. واساس هذا ان تكون ثورة فى التعليم ومناهجه ونهجه ، والتسلح فى الوعى ، وادراك ماذا تعنى المساواة الفعلية فى المواطنة والسعى من أجل تحقيقها. العمل على تغيير مناهج التعليم التى تمتد لعقود ومازالت تتمسك بالعقلية الذكورية على جميع المستويات ، الأسرة ، المدرسة ، الدين ، والحاكم. أن الأوان ان نعلم اجيالنا القادمة انه ليس هناك فرق بين الذكر والأنثى الا فى الحقوق والواجبات .



#ياسمين_الطريحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسمين الطريحي - بناء الشخصية العربية وثورات الربيع العربي