أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - يوسف ابو شريف - للحقيقة طريقة















المزيد.....

للحقيقة طريقة


يوسف ابو شريف

الحوار المتمدن-العدد: 4119 - 2013 / 6 / 10 - 20:36
المحور: المجتمع المدني
    


إن من لايتعب نفسه بالبحث عن حقيقة ما في هذا العالم لهو إنسان منقوص الإنسانية، مجرد من فضائل كثيرة تميزه عن باقي مخلوقات الدنيا. ومن لا يستجيب لإغراء البحث عن جواهرها ؛المدفونة في
رغام الطبيعة، التائهة في سراديب السكون الكوني هو حي منقوص الحياة.
أحب الباحثين عن الحقيقة ، ولا أميز في حبي بين الأخيار والأشرار، المؤمنين والكفار .أو الكبار والصغار .. أعشق من يهب عمره للتفتيش عن جذورها في تاريخ البشر، وفروعها في منطقهم، وثمارها في علمهم وبذورها في مستقبلهم.
ولا أفهم من يستطيع قضاء حياته دون أن يكلف نفسه حتى عناء
السؤال عنها، فيشتريها من باحثيها في مواسم التخفيضات. ويلبسها كالثوب الجاهز دون أن يكترث بمناسبتها لعقله وفعله أو تأثيرها على حياته.
وأنا أدّعي بأن الحقيقة هي مركز العالم، والمحرك الأكبر لعقل الإنسان ، حيث يكون البحث عنها سر تطور البشر المستمر، ورقيهم اللامتناهي، والحراك نحوها من جميع الأتجاهات هو الحياة نفسها ، حتى لوكانت تلك الاتجاهات متضاربة المسارات مختلفة المنابع متناحرة الأهداف . وأن حركة العلم لا يمكن لها أن تنتهي إلاّ إلى الحقيقة، وجمال الأدب لن يصل ذروته إلاّ حين يكتبها كاملة في طيات نصوصه.
وهناك من يعجز عن الوصول إلى الحقيقة التي يريد ـ لتكاسله في السعي لامتلاك أدوات البحث عنها، أو لقصر في تركيبة عقله ـ فيسعى إلى صنع حقيقة رخيصة الصنع مريحة الاستعمال من أدوات علم ناقص، ويزينها بما يجمع من أدوات أدب فارغ.

لقد أكثرت من الفلسفة الزائدة لدرجة أني نسيت ماذا كنت ساكتب
انتظروا قليلا أعزائي .... لا تذهبوا بعيدا سأتذكر حتما
.
.
.

أها نعم .... لقد تذكرت...... ودعونا نختصر المقدمات وندخل في الموضوع مباشرة قبل أن تهب علي رياح النسيان مرة أخرى فأفقد الموضوع وأفقدكم معه.







قبل عدة أعوام كانت (ايفا هيرمان) إعلامية ألمانية بارزة، تركض خلف مستقبل واعد ، وتترك تاريخا مهنيا مشرفا في كل خطوة تخطوها إلى الأمام ، قبل أن تسقط سقطة واحدة إلى هاوية سحيقة دون سابق إنذار. فتعالوا أعزائي نرى ما الذي أسقط تلك الفارسة عن جوادها بتلك الطريقة العنيفة السريعة.
تصريح واحد أدلت به تعيسة الحظ قلب كيان نجاحها المهني وحولها من نجمة في سماء الإعلام والسياسة إلى شيء يشبه الكلب الجرب الذي يتبرأ منه الجميع ولا يريد أحد أن يعرفه. ومختصر ما قالت (ايفا ) هو أن سياسة الأسرة في عهد النازية كانت على حال خير من حالها اليوم ، حيث أفسد المصلحون على مدى عقود أكثر مما أصلحوا في أمر المجتمع والمرأة و الحياة الأسرية وخصوصا في عقد الستينات، و انتهى الأمر اليوم في المجتمع الألماني إلى اعتبار الأمومة والبحث عن أسرة مستقرة (شيء يشبه الشتيمة عند الكثير من الألمانيات)،ودعت التعيسة إلى إعادة الاعتبار للأسرة، ودعم الأسر ذات الأطفال دعما واضحا لضمان تدفق الدماء الجديدة في أوردة المجتمع الآخذ بالشيخوخة.
ما سموه فيما بعد بخطأ (هيرمان) القاتل هو أنها تجرأت وتحدثت بالقليل من الايجابية عن عهد النازية، فتصرف الوسط اليهودي في ألمانيا الحديثة بسرعة ،وكأنه كان ينتظر تلك التصريحات بفارغ الصبر. ولم يكن مهما ممن تصدر تلك التصريحات، وما هو الغرض منها، طالما أن هناك نموذج قدم نفسه ليكون الجيفة التي تتكالب عليها الضباع، ونموذجا تأديبيا مناسبا لأعداء السامية الحديثين.
لن أطيل في سرد ما حصل للسيدة المحترمة التي تحولت بين ليلة وضحاها من بطلة الحرية إلى عدوة البشرية (حسب وصف الإعلام الألماني الحديث)، ولم يشفع لها شروحاتها، واعتذاراتها، و بيان الهدف الواضح من تصريحاتها،و ذلك هو ذم سياسة الأسرة الحالية بتفضيل السياسة النازية عليها. فلطم أبناء العم المعهود أعرفه جيدا وأعرف بأنه لا يحتاج أسبابا قوية ليبدأ ولا كوابح متينة ليتوقف. ولا ينقصه إعلام ليكبِّر أو يصغِّر الأحداث حسب مقاسه، ولا سيطرة لينزل العقاب المطلوب على الشاذين عن أهداف مصالحه.
على كل ليس في بالي إعادة الاسطوانة التي نكررها نحن العرب عن سيطرة اليهود سيطرة خبيثة على العالم . تلك إسطوانة أنا أكثر المالين من تكرارها في أدبياتنا. ثم أني لا أريد تكبير الحقير في أمر زيف الديموقراطية الغربية لأني لم أكن يوما من الباحثين عن جنازة لأشبع
فيها لطما، فالديموقراطية هنا موجودة، أعيشها وألمسها وأتنفسها، والشذوذ فيها لا يمكن أن يغطي على الأصل ومن يدعي غير ذلك فإنه حتما من غير المنصفين.
الحقيقة التي اكتشفتها في قصة السيدة (هيرمان) تقول:أن البشر جميعا وعلى اختلاف ألوانهم وألسنتهم وثقافاتهم ونظمهم الاجتماعية لا يحبون أن يخترق أحد جدار ما تعارفو عليه بدون سابق إنذار وبعنف، حتى لو كان ذلك المقتحم منهم وفيهم، وحتى لو كان المهاجم على حق واضح لا مجال لنقاشه ،و يطرح فكرته الزلزالية في مجتمع ديمقراطي لدرجة العبادة.
بطلة قصتنا أرادت أن تنبه الناس إلى حقيقة واضحة في عينيها ومشكلة خطيرة ظنت أن الجميع يغفلون عنها .فاختارت أن تقرع الجرس بأعلى ما يمكنها ،واستفزت النائمين بدلا من أن تيقظهم .فترك الناس الموضوع الأصل وهو السياسة الأسرية الخاطئة،ولم يتذكروا إلاّ الاستفزاز، ليصبح هو القضية، ولتصبح هي المتهمة الأولى والأخيرة فيها.
تنويه....(هنا اعتبرتُ أن راي الصحف والمجلات والتلفزيون والحكومة هو رأي الناس والشعب، على اعتبار أن المجتمع الذي حصلت فيه القصة مجتمع ديموقراطي وإعلامه وحكومته يتحدثان باسمه مباشرة ، وليس بالضرورة أن أكون محقا في هذه الحيثية).
لم تدخل هيرمان دائرة مخابرات، ولم تذق طعم الفلقة .كما أنها لم تجلس على خازوق خشبي ، أو قنينة كوكاكولا حجم عائلي.وأحلف عنها يمينا قاطعا بأنها لم تأكل (كف )رسمي واحد على فعلتها الشنيعة . لكنها بالمقابل داخت فيما بعد بين بين وسائل الإعلام تستجدي الرحمة بعد أن طردت طردة الكلاب من كل مكان كانت تدخله وهذا ذكرني بأصحاب الأفكار الجديدة ومعاناتهم في مجتمعاتنا الشرقية المتخلفة، وإن تكن المقارنة هنا غير منصفة لعدم توافر الظروف توافرا تاما يفضي إلى المقارنة التامة أو السماح بها سماحا أخلاقيا.
ها أنا أعود إلى عادتي السيئة وأكثر من الفلسفة الزائدة
وحتى أريحكم مني سأختصر وأقفز الى آخر سطرين مباشرة
حكمة اليوم :ليس للحقيقة قيمة إن لم نختر لها مكانها وزمانها المناسبين وطريقة لائقة للتصريح بها. ووعاءا بحجمها نضعها به فلا تزيد عن سعته فتفيض أو تنقص فتضيع في قعره. ولا ننسى ونحن نعلن الحقيقة أن نسأل أنفسنا :ـ هل تهم تلك الحقيقة الملأ الذي نعلنها عليه؟ هذا إن كانت أصلا حقيقة .



#يوسف_ابو_شريف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسائل الى ابناء لم يولدوا بعد من أيام الرسائل الورقية
- أنا وكلب هايدي
- سنة أولى سياسة
- قصة لا دينية جدا جدا جدا
- ايام الرسائل الورقية 2 لطيفة ونادرة
- كيف تقضي على الإسلام في 5 أيام بدون أوهام
- عمى الوان
- حياة جديدة من رواية طين بلادي رواية لم تنشر بعد
- رائحة ابطي بين المشوي والمحشي
- أيام الرسائل الورقية _ مرزوق وحسان


المزيد.....




- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - يوسف ابو شريف - للحقيقة طريقة