أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - هل يسمح المجتمع باستمرار -نظام الفساد الوظيفي- سائداً في الدولة العراقية الجديدة؟















المزيد.....

هل يسمح المجتمع باستمرار -نظام الفساد الوظيفي- سائداً في الدولة العراقية الجديدة؟


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 1181 - 2005 / 4 / 28 - 11:29
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


استبشر الناس في العراق خيراً عند سقوط النظام الاستبدادي, وكانت الفرحة عارمة وصميمية. وكان الشعب بأغلبيته العظمى يأمل الكثير من الوضع الجديد الذي نشأ على انقاض هذا النظام الدموي المسؤول عن موت مئات الآلاف من العراقيات والعراقيين سواء بحروبه المجنونة أم بعنصريته وقمعه أم بالحصار الذي تسبب به. وكان هذا الشعب المستباح يدرك أيضاً بأن المشكلات المتراكمة على مدى عقود حكم البعث وما قبلها لا يمكن حلها بضربة سحرية أو بقدرة قادر من البشر, وأن الوعود التي أعطيت من جانب سلطات الاحتلال أم من غيرها من القوى المحلية بتحقيق تغيير ايجابي سريع ومباشر لم تكن جادة كما لم تكن واقعية. إذ كان يعي عمق وسعة وشدة الدمار الاقتصادي والخراب الداخلي والانهيار النفسي الذي لحق بالعراق وبالمجتمع والفرد. ولكنه كان يأمل أن لا يشتد ذلك الخراب وأن لا يتسع, إذ كان المجتمع يعاني من علل اجتماعية كثيرة تفوق قدرة المجتمع على تحملها, وأن تبذل الجهود الخيرة ومع تنشيط دور المجتمع نفسه لتعجيل عملية التفيير البنيوي المنشودة.
ومن يحاول أن يدرس المجتمع بعناية وموضوعية سيجد نفسه أمام أربع إشكاليات متشابكة في فعلها المتبادل, كان بعضها موجوداًً, ولكنه تفاقم بشكل ملموس مع مرور الزمن وعدم تحقيق التغيير, وبعضها الآخر كان ظاهرة جديدة نشأت في أعقاب سقوط النظام, ولكن لا يستطيع الباحث في كل الأحوال أن لا يتلمس التغييرات الكثيرة الجارية على الساحة العراقية في مختلف المجالات, إلا إذا كان راغباً أن يأخذ بقاعدة "صم بكم عمي فهم لا يفقهون". وأعني بالاشكاليات التي يفترض معالجتها ما يلي:
1. القسوة التي كانت سائدة في سياسات وسلوكيات وممارسات النظام وأجهزته السياسية والادارية والتشريعية والقمعية المختلفة سواء في التعامل مع مكونات المجتمع العراقي أم مع مواطني دول الجوار. وفي التعامل اليومي مع الإنسان العراقي.
2. الفساد الوظيفي, سواء الإداري أم المالي, وانهيار المعايير الإنسانية في التعامل مع الأحداث والإنسان.
3. سيادة الفوضى والعجز عن ممارسة الحرية بصورة عقلانية والخشية من الانحراف عن المسيرة الديمقراطية للدولة والمجتمع.
4. الخشية من استمرار فقدان الاستقلال والسيادة الوطنية التي ابتدأت في ظل النظام المخلوع والتي تتجلى اليوم في الوجود الواسع للقوات الأجنبية وعدم القدرة على التكهن في مدى استمرار وجودها في العراق, علماً بأن الرغبة في خروجها كبيرة جداً في المجتمع حين يتخلص المجتمع من الإرهاب الراهن وحين تستكمل الدولة إنجاز إقامة المؤسسات العسكرية من الناحيتين النوعية والكمية.
تتواصل الإشكالية الأولى عبر تفاقم عمليات الإرهاب المتسمة بالقسوة الوحشية البشعة التي تقتل مئات البشر بدم بارد, والتي تمارسها فلول النظام السابق التي مارستها قبل ذاك في ظل الحكم المخلوع وضد غالبية الشعب كما تمارسها اليوم, والقوى الإسلامية السياسية المتطرفة والإرهابية المحلية والعربية والدولية وعصابات الجريمة المنظمة التي أسست كلها بنيتها التحتية خلال السنتين المنصرمتين والتي كتبنا عنها الشيء الكثير.
والإشكالية الثالثة, وهي حديثة العهد بالعراق, إذ لم يعرف الشعب طعم الحرية ولا فوضاها, بل عاش مرارة الاستبداد والقسوة والقهر اليومي وحرمان الإنسان من حقوقه المشروعة والعادلة التي أقرتها كل اللوائح الدولية والإقلبمبة, ومنها حقوق المواطنة وحقوق الإنسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوق القومية... الخ.
أما الإشكالية الرابعة فيصعب إنجازها قبل الخلاص من الإرهاب اليومي الذي يتعرض له الشعب في جميع أرجاء العراق في ما عدا المناطق التي في الحدود الراهنة لفيدرالة كردستان.
أما الإشكالية الثانية فهي التي يعاني منها الفرد والمجتمع بصورة استثنائية وحادة جداً وتسبب له المزيد من المصاعب والتي لا يمكن معالجتها دون تصحيح الأوضاع التي يعيش فيها العراق حالياً. وهي التي ستكون موضوع بحثنا في هذا المقال.
لا نتجاوز حقائق الأوضاع السائدة في جميع أرجاء العراق إذا ما أشرنا بأن المجتمع يعاني اليوم الأمرين من سيادة الفساد الوظيفي, الإداري والمالي والمحسوبية والمنسوبية والحزبية الضيقة والشللية, وممارسة كل ذلك بشكل واسع من جانب الدولة والمجتمع وقوات الاحتلال الأجنبية.
إن إشكالية الفساد الإداري والمالي في العراق كانت موجودة في ظل الدولة العثمانية بشكل صارخ وعلى نطاق واسع لا يمكن إنكاره ولا يمكن الادعاء بأنه حديث العهد, بل أن هناك الكثير من الوثائق والدلائل التي تؤكد ذلك. ثم انتقلت هذه الظاهرة إلى العهد الملكي ومؤسساته المختلفة ومورس من قبل أجهزة الدولة وخاصة في مجال الجمارك وفي أجهزة الشرطة والمحاكم وتزييف الانتخابات وشراء الأصوات وفي غيرها من المجالات. وفي طل النظام البعثي الصدامي تحولت هذه الظاهرة السلبية والعلة الاجتماعية خلال العقدين الأخيرين لما قبل سقوطه إلى نظام متكامل تمارسه الدولة من قمة رأسها إلى أخمص قدميها, نظام معترف به ومتعارف عليه من جانب الدولة والمجتمع ويمارس من قبلهما عملياً دون احتجاج أو تذمر في ما عدا التعبير عن وجوده وسيادته. وهي الحالة التي يصعب معها كثيراً مكافحة الإرهاب. وخلال الفترة التي أعقبت سقوط النظام لم تتراجع هذه الظاهرة بل تفاقمت وشملت المزيد من الناس. وساهمت الفوضى السائدة في المجتمع في تعميقها وإلى زيادة مشكلات الناس التي كانت تعاني أصلاً منها. ويبدو أنها لم تقتصر على القوى القديمة التي كانت تمارس ذلك بل أضيف إليها البعض الكثير من الذي كان في صفوف المعارضة ويمارس اليوم الحكم الفعلي, ويرى الآن أن من حقه أن يعوض ما فاته في هذا المجال من أجل الاغتناء على حساب المجتمع والدولة.
وفاقمت هذه الظاهرة ممارسات الشركات الأجنبية التي قدمت إلى العراق بعد سقوط النظام وخضوع العراق رسمياً للاحتلال, سواء بنهب موارد البلاد أم إفساد الموظفين بدفع الرشوة لهم وتحويل مبالغ على حساباتهم في البنوك الخارجية. وتشير الصحافة الدولية إلى تورط الكثير من الشركات الأمريكية العملاقة التي عملت في العراق وغيرها من شركات الدول الصناعية الرأسمالية الكبرى بمثل هذه الممارسات, دع عنك الفضائح التي انتشرت رائحتها العفنة في أروقة الأمم المتحدة وبعض الدول الكبرى في إطار تنفيذ قرار "النفط مقابل الغذاء" والتي لم يعد أمر التستر عليها ممكناً, والتي كان النظام العراقي متورطاً فيه حتى قمة رأسه.
إن الحديث اليومي مع أبناء المجتمع العراقيومن مختلف الفئات والأوساط يقدمون للباحث في هذه المسألة صوراً كثيرة مقلقة جداً عن الفساد الوظيفي وعن التفسخ الفعلي في هذا المجال, وهو غير مقتصر على منطقة واحدة من العراق بل يشمل العراق كله. وعندما تطلب التفاصيل تأتيك من المعلومات ما يجعلك تصدق, رغم كونها أشبه بالخيال ويصعب تصديقها من حيث نوعية الفساد وحجمه والقوى والجماعات والشخصيات المتورطة فيه.
إن الأحزاب السياسية العراقية ومنظمات المجتمع المدني والوزراء ورؤساء المؤسسات وكبار موظفي الدولة وغيرهم مسؤولة مسؤولية مباشرة أمام البرلمان والمجتمع في تأكيد مصداقية موقفها المناهض للفساد السائد في العراق وعدم تورطها فيه وأن تعمل بكل شفافية في مواجهة الاتهامات الموجهة لها في هذا الصدد. فالفساد لا يختلف كثيراً في تدميره نسيج المجتمع والدولة عن الإرهاب الجاري في العراق, فالفساد يغذي الإرهاب كما أن العكس صحيح أيضاً. إن الفساد الوظيفي بكل أشكاله وممارساته يساهم في تدمير الاقتصاد العراقي ويحمله المزيد من الخسائر المالية والاجتماعية ويؤذي بقوة الفئات الكادحة والفقيرة غير القادرة على الدفع من أبناء وبنات المجتمع!
إن الغالبية العظمى من الشعب توجه أصابع الإتهام إلى الجميع, وعلى الجميع أن يدلل على نظافة يديه. فكيف سيتم ذلك؟ هذا ما يفترض أن تسعى إليه المؤسسات البرلمانية في العراق وفي كردستان العراق وفي مجالس المحافظات. طبعاً ليس لدي شك في وجود من هو نظيف اليدين عفيف النفس وزاهد في كل ذلك, إلا أن الحديث يدور بشكل خاص عن المؤسسة المتهمة والمدانة اجتماعياً في هذا الفساد, والاتهام غير قادر على التمييز بين النظيف والمشبوه أو المتورط في الفساد, وهو ما يفترض تمييزه بعناية فائقة عند معالجة هذه القضية.
برلين في 25/4/2005 كاظم حبيب



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جولة في المشهد الإرهابي العراقي الراهن!
- ! لنجعل من مشروع الجامعة المفتوحة في الدانمرك أحد مناهل العل ...
- هل يمكن استشراف مستقبل العراق الديمقراطي في ضوء منجزات فترة ...
- هل تعمي الكراهية الشوفينية البصر والبصيرة؟
- هل هناك من مقاومة مسلحة شريفة في العراق؟
- هل التأخير في تشكيل الحكومة وخلافها مبرر أم غير مبرر؟
- هل تحاول بعض قوى الإسلام السياسي فرض ولاية الفقه ووليها على ...
- رسالة مفتوحة إلى الأخ الفاضل الأستاذ صلاح بدر الدين
- ما هي المهمات التي يناضل من أجلها التجمع العربي لنصرة القضية ...
- إلى الشعب الكردي في كردستان العراق وإلى الأمة الكردية في كرد ...
- الجامعة العربية ورياح التغيير العاصفة!
- ما النهج الذي تمارسه قناة الفيحاء بشأن أحداث البصرة؟
- رسالة مفتوحة إلى سماحة السيد السيستاني العراقي
- رسالة إلى ?اك منظمة الدفاع عن ضحايا الأنفال وحلبجة في كردستا ...
- حول بعض المسائل الحوارية الراهنة بشأن كردستان وكركوك والكلدو ...
- حوار مع السيد نبيل البازي: ما هو الموقف من حقوق الكلدو أشور ...
- رسالة اعتزاز إلى الكاتبة والشاعرة المبدعة منى سعيد
- حوار مع السيد الدكتور لبيب سلطان: هل مشروعي حول كركوك يتنافى ...
- هل من جديد في القضية الكردية في العراق؟ ولِمَ إثارة الغبار ح ...
- هل حركة اليسار الديمقراطي العراقية ومجمل الحركة الديمقراطية ...


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - هل يسمح المجتمع باستمرار -نظام الفساد الوظيفي- سائداً في الدولة العراقية الجديدة؟