أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسعد الامارة - العنف ...سرطان الحضارة المعاصرة














المزيد.....

العنف ...سرطان الحضارة المعاصرة


اسعد الامارة

الحوار المتمدن-العدد: 1180 - 2005 / 4 / 27 - 08:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كمـا يفتك الطاعون قبل قرون بالجنس البشري فتكا مروعا،تفتك العدوانية،كما تفتك الامراض الاخرى والاوبئة بالانسان منذ الالاف السنين فتكا لا يقل شأناً عن فتك الحروب والغزوات والفتوحات وفرض الاراء الجديدة والاتجاهات المذهبية والدينية،يفتك العنف بكل اشكاله،فأن اختفت بعض الاوبئة والامراض من خارطة التواجد البشري ،لم تختف العدوانية الجمعية والسلوك العنيف الجمعي ،فما زال يشكل ظلاً اسود على الحضارة الانسانية فكلما تقدمت حضارتنا الانسانية في التطور المعرفي والعلمي والتكنولوجي والاقتصادي كلما ازدادت وتيرة تصعيد امراض العصر وابرزها العنف والسرطان ،ولا ندري ايهما اكثر فتكاً في الحضارة الانسانية المعاصرة ومن يتغلب على الاخر ، الاول ام الثاني ،هذا التساؤل ندع قارئنا الكريم ان يخوض غمار المفاضلة فيه ويستنتج ما يريد .
ان العنف كسلوك يصدر عن الانسان تحت ظرف معين وفي وقت معين حتى يتشكل ويصبح ظاهرة عامة تغطي كل السلوك ويسبب حينئذ تراجع الجوانب الطيبة الخيرة في الجزء الاكبر من الشخصية كما هو حال الامراض، فالمرض في بدايته اختيار ، والاختيار ملازم للحرية ، والانسان مخلوق لغرض التوافق مع نفسه ومع الاخرين ومع البيئة ومع الكائنات الحية الاخرى ، ولديه القدرة الكاملة على مخالفة كل هذه التوافقات ومخالفة التكوين الانساني الذي انبنى عليه وجوده ، وهو بذلك يخالف اوامر الدين الذي يؤمن به او المعتقد السياسي المعتدل او الفكري الذي يدعو الى المسالمة والتآخي مع كل الاجناس البشرية وازاء ذلك فأن الانسان يدفع الثمن بان يزداد مرضاً كلما ابتعد عن هذه التوافقات ، فالعنف نقيض المسالمة والتوافق والتسامح ، والمرض نقيض الصحة ، وكلاهما نكوص متزايد نحو ايجاد وسيلة تكيف جديدة يعتقد الفرد انه يحمي نفسه بها من مواقف الحياة . فلا العنف ينجح في تهدئة النفس ولا الاسباب المؤدية لمرض السرطان تخلق حالة التوازن لدى الفرد المنفعل والهائج بسبب ازمة تمر به.
يقول( د.محمد شعلان) استاذ الطب النفسي ان هناك امراضاُ اخرى غير الامراض المعدية اخذت تتكاثر وهي ما تعرف الان بامراض الحضارة واهمها تصلب الشرايين وما يترتب عليها من امراض في القلب والجهاز العصبي وامراض التنفس وامراض المفاصل وامراض الحساسية والامراض الجلدية. وكل هذه الامراض لا نستطيع حتى الان ان تحدد لها عاملا فاصلا مثل الجرثومة والفيروس وهنا مرة اخرى نرى ارتباطات بين انتشار هذه الامراض والحالات النفسية لهؤلاء الافراد والتي تأخذ احياناً صورة الوباء النفسي ، اي المرض النفسي الذي يصيب حضارة بأكملها ، بل ان الامراض التي قد تبدو لاول وهلة علاقة بالصحة النفسية مثل السرطان قد وجد ارتباط ما بين انتشارها او سرعة تطورها وبين العوامل النفسية للفرد المصاب ، وهنا مرة اخرى
تستطيع ان ترى كيف يدخل سلوك العنف في تشكيل السلوك العام ويدخل في اضطراب السلوك الجماعي للمجتمع ، فالانسان يختار طريقته في الحياة وهو لذلك مسؤول بطريقة او اخرى عما يحدث له في حالة الاوبئة ومرض السرطان او المرض النفسي وانحرافات الشخصية مثل التعصب والتطرف والعنف والسلوك المضاد للمجتمع وهو بذلك يدفع ثمن اختياره بان يمرض ويزداد مرضا، ويمارس العنف ويسلك طريق القتل او التنكيل او الاعتداء ويزداد به تطرفاً ، فالعنف لا يقل شأنا عن مرض السرطان في انتشاره وتسربه بين فئات المجتمع ، فهناك الارضية الخصبة المؤاتية لانتشاره لا سيما في بلدان عانت الانظمة الشمولية الدكتاتورية لسنوات ، وانظمة الحزب الواحد وتسلط الفكر الاحادي والغاء الفكر الاخر مهما كانت منابعة واصوله ، وهي بحد ذاتها ازمة سرطانية مستفحلة منذ الازل ولسنا مغالين اذا قلنا ان مرض العنف اقدم من كل الامراض والاوبئة الفتاكة قديما وحديثاً وهو اقوى ايضا بعشرات الاضعاف من مرض السرطان.
ان العنف على مر العصور يطالب بحقه في الفناء للبشرية والبيئية وبالمزيد من الحقوق الاخرى في الحياة وابادة البشرية من اجل تدوين سنوات التاريخ بالدم واذا كانت ظروف الدنيا حتى الان فرضت على الانسان ان يكابد ضد ازمات الحياة ومتطلباته والعمل الشاق وقتل كل لحظات التقدم التي تواجهه لغرض تحقيق الرفاهية فأن العنف وسلوك العدوان والتطرف في الدين والسياسة له النصيب الاكبر في ذلك وله المساحة الاوسع في شمول كل بقاع الارض من شمالها الى جنوبها ومن شرقها الى غربها حتى لتبدو لنا وكأنها قطعة من الدم لا تنتهي من التاريخ القديم الى الوسيط الى المعاصر ، فحضارتنا ما زالت تسعى لتطبيق وتعميم قيم العنف التي جاء بها مرضى العقول والنفوس من القادة والزعماء والسياسيين والعسكر واننا ما زلنا بطريقة رمزية نقتل الآخر من خلال تسقيطه ونفيه والغاءه في حالة الهدوء والسكينة وانحسار العنف الجماعي مثل الحروب والفتوحات والتحرير والمقاومة وانزال حكم الله على البشرية بكل اشكاله ، كل تلك السلوكيات هو افراج عن الغرائز المكبوتة دون ادنى خوف او تردد من قيم السماء او الارض او القيم الخلقية او القيم الانسانية السامية.
اننا نؤكد مرة اخرى ان المعرفة التي تنبع من منظار ضيق ورؤية احادية لابد وان تكون ناقصة وانها ستكون في النهاية في مواجهة طريق مسدود وسوف تتناقض بالتالي مع المعارف والاتجاهات والعقائد الاخرى حتما ، فالذي يرى ان العنف هو الطريق الموصل الى الحياة والسلام كمن الذي يرى ان الفيل كالحبل وهو يختلف مع الذي يراه كالعمود ، بينما المعرفة المسبقة بنتائج العنف قبل الخوض باسبابها ،هي معرفة متكاملة تجمع بين وجهات النظر المختلفة وتعتمد على جميع قدرات الانسان المعرفية واهمها العلم والحكمة والعقل والوجدان ، وهي الاقرب للمعرفة الحقيقة فتتجاوز ضيق الافق والرؤية الناقصة للآخر.



#اسعد_الامارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلوك غير الاجتماعي لدى الاطفال
- الشخصية الاعتمادية Dependent Personlity
- التدين الجديد..التدين الوسواسي
- العلاقة الزوجية ..اللذة وعبث الخلاص
- الشخصية الهستيرية
- الشخصية الانبساطية
- الدماغ وسيكولوجية الادراك والتفكير
- الاطفال والتشتت الذهني
- الشخصية الناقصة -الضئيلة-
- خطوات نحو التوافق النفسي
- الشخصية الشيزية -الفصامية-
- الشخصية القلقة
- الكبت والقمع هل هما عوامل قوة ام ضعف في الشخصية؟
- الشخصية الشكاكة
- التعصب ..اشكالية في التفكير، اشكالية في السلوك
- الشخصية العدوانيةالمضادة للمجتمع - السيكوباتية-
- اللاعنف قمة التوافق النفسي
- الارهاب ..نزاع ضد الابرياء
- المعقول واللامعقول في العنف
- لِمَ العنف في العراق


المزيد.....




- حمزة يوسف.. الوزير الأول بإسكتلندا يعلن أنه سيستقيل من منصبه ...
- مصادر لـCNN: حماس تناقش مقترحًا مصريًا جديدًا لإطلاق سراح ال ...
- رهينة إسرائيلية أطلق سراحها: -لن أسكت بعد الآن-
- لا يحق للسياسيين الضغط على الجامعات لقمع الاحتجاجات المناصرة ...
- باسم خندقجي: الروائي الذي فاز بالجائزة العالمية للرواية العر ...
- بلينكن يصل إلى السعودية لبحث التطبيع مع إسرائيل ومستقبل غزة ...
- ظاهرة غريبة تثير الذعر في تايوان.. رصد أسراب من حشرات -أم أر ...
- مصري ينتقم من مقر عمله بعد فصله منه
- لردع الهجمات الإلكترونية.. حكومة المملكة المتحدة تحظر استخدا ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة في دونيتسك والقضاء على 975 جن ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسعد الامارة - العنف ...سرطان الحضارة المعاصرة