أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسعد الامارة - اللاعنف قمة التوافق النفسي















المزيد.....

اللاعنف قمة التوافق النفسي


اسعد الامارة

الحوار المتمدن-العدد: 1152 - 2005 / 3 / 30 - 12:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مما لاشك فيه ان سلوك المسالمة واللاعنف هو بحد ذاته تأصيل للرحمة بين الناس ، وخلق اسس عريضة ثابتة بين هؤلاء البشر ومن ابرز سماتها المودة ، التقارب ، الالفة ، اما في السلوك الآخر والنقيض المتمثل في العنف والقسوة والاعتداء ، فنرى جميعنا نحن البشر النرجسية الواضحة عند الشخص العدواني مع وضوح تام لموت العلاقة الاجتماعية مع الناس الاخرين ، اي فناء الآخر على المستوى اللاشعوري ، رغم استمرار العلاقة بين الشخص العنيف والآخر بصيغتها الشكلية ، ليس الإ ، وهنا تكون سمات العنف الدائمة ، الكراهية ، البغض ، الحقد على الاخر ، الحنق ، الحسد ، النميمة ، الظن الدائم بالآخر مهما كان نوع الآخر او جنسه او دينه او مذهبه او فكره او انتماءه ، حتى تعتمل النزعات العدوانية داخل الشخص العنيف وتتراكم لحد التدمير ، ويصل الامر به في لحظات الغليان الى ان تتكون الرغبة في فناء الآخر حتى وان كان اخيه ، الذي سلك مسلكاً فكرياً مخالفاً له او اعتنق اتجاهاً خالف فيه شقيقه ...
في لغة العنف تسود لغة التدمير وفيه تتمثل غريزة الموت ، وهنا نتوقف قليلا لكي نرى سيكولوجياً اين هو التوافق ؟ التوافق مع الذات اولاً ، والتوافق مع الآخر ثانياً ؟
يطرح علماء النفس مفهوم التوافق النفسي على انه توافق الفرد مع ذاته ، وتوافقه مع الوسط المحيط به ، وكلا المستويين لا ينفصل عن الاخر وانما يؤثر فيه ويتأثربه ، فالفرد المتوافق ذاتياً هو المتوافق اجتماعياً ، ويضيف علماء النفس بقولهم : التوافق الذاتي هي قدرة الفرد على التوفيق بين دوافعه وبين ادواره الاجتماعية المتصارعة مع هذه الدوافع بحيث لايكون هناك صراع داخلي .
اما التوافق الاجتماعي او التوافق مع البيئة الاجتماعية او الوسط المحيط فيعني قدرة الفرد على التكيف مع البيئة الخارجية – المادية والاجتماعية – والمقصود بالبيئة المادية ، كل ما يحيط بالفرد من عوامل وظروف طبيعية ومادية مثل الطقس ، الجبال ، الوديان ، الابنية ، وسائل المواصلات ، الاجهزة والالات ..الخ . اما البيئة الاجتماعية فتشمل العلاقات بالاخرين في اطار التعامل الانساني ، الالفة ، الثقافة ، التبادل الفكري ، المعايير الاحتماعية ، القيم والعادات ، الشعائر والطقوس ، الاهداف العامة والمصالح الانسانية المشتركة .. الخ
هذه المتغيرات الفردية الشخصية والاجتماعية العامة تضطرب تماماً عند الشخص العدواني الذي يؤمن بالعنف والقسوة والخشونة كاسلوب للتعامل وحل النزاعات الفردية والجمعية ، ونقيضه التام الذي يتمثل في سلوك التسامح والمسالمة وهو الذي يؤمن بمبدأ اللاعنف كسبيل لاقامة اسمى العلاقات مع النفس اولا ومع الآخر ثانياً .
فالشخص العنيف فقد التوافق الذاتي الداخلي وآختلت لديه بنفس الوقت العلاقة مع الآخر ، حتى انفصمت تلك الجدلية بينه وبين ذاته ، وبينه وبين الآخر ، بينما اللاعنف هو قمة التوافق النفسي مع الذات ومع الاخر .
ان البيئة الاجتماعية ذات طبيعة متغيرة ، وهي تتطلب من الفرد ان يعدل سلوكه حتى يمكنه التكيف معها بسبل مشروعة تجعله راضياً عن نفسه ، بعيداً عن مراجعة العقل وتأنيب الضمير ينعكس هذا على مجتمعه الذي يتعامل معه وحينها يكون راضياً عنه ، سعيداً به ، ولكن لا يعني هذا اطلاقاً ان يستسلم المتسامح او المسالم او اللاعنف للبيئة الفاسدة تحت مسمى التكيف الاجتماعي وانما عليه ان يسعى لتعديلها بالاساليب والوسائل المقبولة بعيداً عن التعصب وضيق الافق واللجوء الى القسوة ، بل الى الحوار وتعديل السلوك قدر المستطاع ، ومن مبادئ واليات اللاعنف الاجتماعية ، ان نجاح الفرد في التكيف الاجتماعي يعتمد على قدرته في تكوين علاقات اجتماعية صحية مرُضية له وللاخرين في وقت واحد ، تقوم اساساً على المحبة والتسامح والمودة وافتراض حسن النية في المقابل ، علاقة لا يشوبها الشك او العدوان او الاعتداء على الاخرين او عدم الاهتمام بمشاعرهم .
تطرح نظرية اللاعنف بعض اساليب التوافق النفسي – الاجتماعي من خلال سلوكيات معينة تتجسد في التآلف والتقارب واجتماع الكلمة وتمتين روابط المودة مع الاخر ، وانبات بذور الرحمة بين الناس ، ويعتقد معظم العقلاء من الناس ، انه جانب طبيعي واساس لنمو العلاقات بين الناس ، غرباء او اقرباء ، متزوجين او غير متزوجين ، رجال ا ونساء ، اطفال او مراهقين ، وعند اللجوء الى بعض هذه الاليات التي هي بحد ذاتها جزء صغير من الاسس العامة لتربية اللاعنف وتنشئة التكيف النفسي والاجتماعي القائم على المسالمة ، تهدف هذه الاليات الى تحقيق التوفيق والموائمة والانسجام بين البشر ، وتقوم على اسس التكيف والتحمل والتضحية ، حيث يضحي احياناً الطبيب من اجل انقاذ شخص لا يعرفه وربما لا تربطه صلة به ، او لا يتقارب معه في الدين او المذهب او الاتجاه او حتى الانتماء الوطني ، ولكن يتقبل ابداء المساعدة ، ويكون سبباً في حياة هذا الشخص .. انها صلة انسانية فحسب ، لاتحكمها المنفعة او الجاه الاجتماعي او المجد الذي سيحققه ..
ان من آليات اللاعنف .. ان يتنازل الانسان الواعي عن جزء من حريته للآخر او لصالح الطرف الاخر من اجل ان تستمر الحياة بدون عنف وتصفيات وتجنباً لكل المضاعفات اللاحقة والترسبات التي ربما تشعل حريقاً مدمراً بين الناس وتسمى هذه الالية " طلب الاسناد الاجتماعي " . ولكي تتحقق هذه الاليات بصورتها السهلة لابد من انها تقوم على اسس التوافق النفسي من منطلق نظرية اللاعنف من خلال :
- الجودة في العلاقة
- القدرة في العلاقة
لا يخفى على الجميع ان الانسان المسالم المتسامح يتمتع بصحة نفسية عالية ولديه قدرة متفوقة في التقييم ويدرك مدى سلوكه وانعكاسه على الاخرين ، وبه من صفات التفاعل والاداء بحيث ترضي الاخرين من الناس حتى باتت سمة الجودة في اداء العلاقات هي السمة الثابتة نسبياً والغالبة على سلوكه ، رغم انه يتعرض للكثير من الضغوط الخارجية لغرض الاثارة او محاولة ابعاده عن مساره الانساني في التعامل مع مشكلات الحياة بهدوء ، لكن مصادر الجذب والتأثير لا تأخذ مفعولها به اطلاقاً ، فلديه درجة عالية من الرضا عن اسلوب الحياة الذي يمارسه ، ولديه من الثقة بالنفس بحيث يدركها الاخرون دون عناء ، ولديه قناعة كاملة بالاكتفاء الذاتي النفسي وبدوره يكون هذا الاكتفاء منعكساً في العلاقة مع الاخرين .
اما القدرة العالية في العلاقات الاجتماعية فتنبع من فاعلية الاتصال مع الاخرين بحيث لا يوصف من قبل الاخرين ، كأنه مجامل او منافق او لا سمح الله بانه كاذب او متملق او مداح ، وانما يمتلك الاشباع النفسي الذاتي الشخصي الذي يمنحه احترام الاخرين دون مراءاة للاخرين . فهو يعرض المساندة للاخرين ويمنح القدرة العالية في تعزيز اداءات الاخرين دون اشعارهم بالضعف او التفوق . ان سلوك المسالم ، المتسامح يعد بحد ذاته مكافئات نفسية اجتماعية ناتجة عن قناعة تامة بالقدرة على المنح والعطاء ، انه يستطيع الاندماج في علاقات وثيقة صادقة مع الاخرين حتى كادت هذه القدرة ان تصبح سمة ثابتة من الدرجات النفسية في الجودة والاستقرار .

ان سلوك اللاعنف هو سلوك التكيف والتوافق النفسي والاجتماعي الامثل في كل المواقف حتى ان آثار هذا السلوك تظهر في :
- الجودة المرتفعة مع الاستقرار الدائم في العلاقات مع الاخرين .
- الجودة المرتفعة مع الاستقرار الدائم مع النفس – الذات .
- الجودة المرتفعة مع الاسرة والابناء .
- الجودة المرتفعة والرضا عن الذات بالمعتقد والايمان بالله وبالقدر المحتوم .
- الآداءات المنخفضة في التفكير في ايذاء الآخر او ايقاع الضرر به مهما كانت الاسباب الداعية الى ذلك لاي كائن بشري مهما كان جنسه او دينه او انتماؤه او اتجاهه او معتقده .
هكذا هي سلوكيات المسالمين ، المؤمنين باللاعنف كطريق انساني يحقق الاهداف على مختلف توجهاتها ، انها رؤية واسعة متعددة الابعاد من منظار واحد ، هو رؤية اللاعنف لكل البشر دون استثناء ، وهي الرؤية التي تلاقي الاستحسان الاجتماعي من الجميع .



#اسعد_الامارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الارهاب ..نزاع ضد الابرياء
- المعقول واللامعقول في العنف
- لِمَ العنف في العراق
- المرأة ..مدورة* الاحزان
- كيف يعالج الدماغ المعلومات
- الاحباط والضغوط النفسية
- انفعالات العنف
- اسلام ضد الاسلام


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسعد الامارة - اللاعنف قمة التوافق النفسي