أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسيبة هرّابي - اشتهاء














المزيد.....

اشتهاء


حسيبة هرّابي

الحوار المتمدن-العدد: 4111 - 2013 / 6 / 2 - 16:33
المحور: الادب والفن
    


"أَحْيَاناً ...يُلْقُونَ عَلَيْكَ القَبْضْ ....وَ أَنْتَ تَرْتَكِبُ الحُلْمْ"

محمود درويـــش






أين أخبّؤك الآن و قد بوغتّ بنفسي متلبّسة باقترافك....أين أخبّؤك و قد صار للعين بريق لهفة مكتومة...أين أخبّئ توقي لكلماتك تغازل معاجم معتّقة و تزلزل الأرض تحت أقدامي...أتحرّر من عنادي لأعترف أنّني حلمت بك طويلا في مراحل جدب الروح و قنوطها....حلمت بكلّك و لعنت خواطري طويلا...كنت أتصنّع الحياد في حضرتك لكنّني كنت من فرجات حيادي أتملّى تفاصيلك...و يظلّ أناي يترهّب متمنّيا التّحرّر من سرادق القبيلة ليتحسّس ملوحة الجسد... ملامحك تغازل في وحدتي صفحة ذاكرتي فتفشي لي أسرار الخلق الأوّل و البعث...و تفتح لي بوّابات على وجه الله و تستعيد ضحكتي بدائيّة الطفولة و بداهة الأشياء...و تفجّر لي في سواد شعري آلاف النّيازك...فتختزل نظرتي رحلات الصّيف و الشّتاء و أقطف النجم الورديّ و أصدّق الرؤى و خاتمات الحكايات...و أتخلّص نهائيا من رائحة الأزهار الميّتة التي علقت بي طويلا...و تحضرني كلّ الأساطير...تلك التي قرأت و سمعت...حكايات العظمة...ملاحم العشق و الموت...ترف الأمنيات و بذخ المعاني...ذلك التعلّق المكابد بما لن يكون...الويل لي منّي و منك...أراك كلّ يوم أقرب تتّحد بنبضي فتربكني...أستنشقك عبيرا يملؤني شبقا...و شطحات فيرديني أنا المريدة...أغمض عينيّ و أحلم..أتحسّس ملمس بشرتك تحت أناملي بما يبعث فيّ نشوة لذّة سرمديّة...في حلمي تصير كل الحروف الي تنطق بها نغما في صوتك يسكرني ثم يحتفي بثمالتي...أستزيد منه و منك...أقول لطيفك كن....فيكون...و يكون الكشف الأعظم....و آخذ بالأسباب أتشبّث بها...و أجدك في دمي تسكنني ...كرائحة التراب بعد المطر...كشجرة برعمت على حافة واد...و أشتهيك...أصابعك دافئة تعزف على جسدي سمفونية تدعوني إلى الالتحام بذرّاتك فأصدح بأنغام بدائيّة وحشيّة...كعواء الذئاب عند القمم....كنشيج الأمواج عند السفوح....بأنغام مسالمة سلسة كحفيف الأوراق مرت عليها نسمة ربيع...كوشوشات النجوم للقمر...تمرّر شفاهك ظامئة على مسامي... على جسدي...يتحرّق لهفة عليك....فنشتعل فتيل رغبة و جنون...شفاهك تقرؤني سطرا سطرا الى آخر نقطة على صفحتي كطفل يتقن المعاني و الأبجدية...كأنت تتقن حروفي و الجموح...فمك يجول بالجبين يحصي خطوطه فيحدثه كل خط عن ذات حلم و أمنية...فمك يتجول على مرتع الخدّين فيستسقي الغمازتين و يستظلّ قليلا...فمك يبطئ عند الشفتين يسبر تفاصيلهما يستكنه عندهما تاريخ الجمل ...فمك يطوف بالرقبة سبعا.....و سبعين يلعق شذراتها..فمك ينحدر بتؤدة الى الكتفين وهو يدرك أن الهلاك وشيك...أن الفناء وشيك...أن الانبعاث وشيك...فمك يجمح على برية الكتفين فيرتع بلا لجام...و يبحث عن درب خلاص..فيطوّح به ظهري و يرميه الى القبّتين...هناك يتبتّل..يبتهل...يتعبّد في محرابيهما...فمك يتسلق قبّة...قبّة...يروم بعض الرؤى فيكافؤ بحلمتين متحفّزتين تستجديان أسنانك تضيق عليهما...فتنصاع و تلبّي عضّا يلهبني...حَذِرًا ينحدر فمك يسلك سبيلا وعرا إلى تلّة البطن...ينقّب لسانك في عمق السرّة عن أسرار الأولين و الآخرين...عن كنوز حوّاء و ما تيسّر من الخلق المبين...تجنّ يداك تعتصر كل رياحيني...تستيقظ فيك كل الكائنات البدائية جدا و المتحضرة جدا ...تبحث عن نار لتحترق ماجوسا...و عن برد و سلام...تروم شفاء مني فلا تجده الاّ فيما يطالعك هناك من طريق طويل...فتشد رحالك الى هضبة فينوس الى ملتقى النهرين...و تتوجّس خوف الريفي من البلل لكنك تقرر التقام الثمرة بعد طول الرحلة ...فتدلي بدلوك و تلقى خصبا و حرقا و طوفانا...ملتقى النهران حيث لا أبقي عليك و لا أذر...تحتلّ كل خلية فيّ و تعلنني محميّة تابعة لجبروت حضورك فيّ...






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لست شاعرة
- صديقي ...
- أثوب الى نفسي...
- هذيان
- آخر البدايات
- عجز


المزيد.....




- إطلالة على ثقافة الصحة النفسية في مجتمعنا
- مقتل الفنان المصري سعيد مختار في مشاجرة
- الفرنسي فارس زيام يحقق فوزه السادس في بطولة الفنون القتالية ...
- الفيلم التونسي -سماء بلا أرض- يحصد النجمة الذهبية بالمهرجان ...
- الممثل بورتش كومبتلي أوغلو قلق على حياته بسبب -بوران- في -ال ...
- -أزرق المايا-: لغز الصبغة التي أُعيد ابتكارها بعد قرنين من ض ...
- وزير الثقافة الباكستاني يشيد بالحضارة الإيرانية
- تحقيق يكشف: مليارديرات يسعون لتشكيل الرواية الأمريكية لصالح ...
- زيارة الألف مؤثر.. بين تسويق الرواية والهروب من الحقيقة
- إبادة بلا ضجيج.. اغتيال الأدباء والمفكرين في غزة


المزيد.....

- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسيبة هرّابي - اشتهاء