أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إبراهيم ابراش - العرب: من مقاطعة إسرائيل إلى التطبيع المجاني معها















المزيد.....

العرب: من مقاطعة إسرائيل إلى التطبيع المجاني معها


إبراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 4108 - 2013 / 5 / 30 - 17:50
المحور: القضية الفلسطينية
    


عاد الحديث مجددا عن التطبيع مع الإسرائيليين بعد لقاء دافوس على البحر الميت وبعد مشاركة رجال أعمال فلسطينيين وشركات فلسطينية في معارض تجارية في إسرائيل،وفي ظل عالم عربي جديد يتشكل تحت الهيمنة الأمريكية.ولكن موضوع التطبيع ،ونقيضه المقاطعة، مطروح منذ قيام دولة إسرائيل،وبرز بشكل أوضح مع توقيع اتفاقات السلام بين مصر وإسرائيل وتلتها منظمة التحرير والأردن .الأمر الذي يتطلب تعريف التطبيع والعلاقة بينه وبين المقاطعة والفرق بين التسوية السياسية والتطبيع .
التطبيع يعني أن تكون أو تعود العلاقات طبيعية بين العرب وإسرائيل،بمعنى أن تكون علاقة كيان الاحتلال بالدول العربية تشبه علاقة دول العالم بعضها ببعض ،أو أن تعود العلاقات إلى ما كانت عليه قبل حرب 67 أو ما قبل 48.
لا يمكن أن تعود العلاقات إلى ما كانت عليه لأنه لم تكن هناك علاقات أصلا قبل 48 وكانت العلاقات بعد ذلك علاقات عداء لأن إسرائيل كانت وما زالت دولة قائمة على الاحتلال . ولا يمكن أن تصبح العلاقات بين إسرائيل والدول العربية طبيعية أي تشبه العلاقات ما بين دول العالم وبعضها البعض لأن ذلك يفترض أن نبحث عن الأسباب التي جعلت العلاقات بين إسرائيل والدول العربية غير طبيعية،وفي هذه الحالة سنجد أن الأسباب هي الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والأراضي العربية.إن أردنا أن تكون العلاقات طبيعية يجب إبطال السبب وهو الاحتلال ومادام السبب قائما إلى الآن ستكون عملية تطبيع العلاقات مع إسرائيل قبل حسم هذه الملفات نوعا من الاستسلام أو كأن العرب يعترفون بأنهم كانوا مخطئين في نهج تعاملهم السابق مع إسرائيل ويكون التطبيع رسالة من العرب لإسرائيل مفادها: نحن نعتذر عن سياستنا السابقة ، وهذه هي الخطورة بالنسبة للتسرع في عملية التطبيع .
لا شك أن إسرائيل استطاعت أن تحقق خطوة وهو التطبيع الرسمي : اتفاقيات سلام مع مصر،الأردن،ومنظمة التحرير الفلسطينية،ونتج عن ذلك سفارات ومكاتب تمثيل في المغرب وتونس و موريتانيا وقطر - مع انتفاضة الأقصى أغلقت مكاتب التمثيل في تونس والمغرب وموريتانيا - ، هذا تطبيع رسمي بين الدول والأنظمة ،وليس تطبيعا بين الشعوب ،فعلى هذا المستوى الأخير مازالت هناك ممانعة قوية وقد تزايد الرفض الشعبي العربي والإسلامي لإسرائيل في السنوات الأخيرة بل وصلت حالة الرفض والعداء لإسرائيل للشعوب الأجنبية وداخل أوروبا التي ارتفعت فيها أصوات كثيرة تطالب بمقاطعة إسرائيل، ،وهو الأمر الذي أثار إسرائيل ودفع قادتها للشكوى لواشنطن أن اتفاقات السلام مع الدول العربية بقيت محدودة الأثر .
كل ما وقعت إسرائيل من اتفاقات لم ولن تحقق السلام في المنطقة ، ولا يمكن أن يتحقق سلام إلا إذا اقتنع الشعب ( الشعب العربي ككل والفلسطيني على وجه الخصوص) بأن هذه الدولة تريد السلام ، ولن يقتنع الشعب بأن إسرائيل دولة تريد السلام بمجرد توقيع اتفاقيات تسوية لم تلتزم إسرائيل بها حتى اليوم ،السلام يتحقق وبالتالي يمكن أن يكون تطبيعا حقيقيا إذا أعادت إسرائيل الحقوق لأصحابها وعلى رأسها حق الفلسطينيين بدولة مستقلة وعاصمتها القدس وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين.
إن الاتفاقيات الموقعة المشار إليها هي اتفاقيات رسمية وباردة، وإسرائيل تشعر أنها ما زالت مرفوضة شعبيا . وقد حاولت أن تغطي على ذلك باستقطاب بعض أشباه المثقفين وبعض الانتهازيين في بعض الدول العربية،حيث ساعدت على تأسيس جمعيات في مصر والمغرب وتونس وموريطانيا وفلسطين تسمى جمعيات السلام ، تستقطب مجموعة من المثقفين المتطلعين للشهرة انطلاقا من قاعدة (خالف تعرف ) ليروجوا للسلام العربي الإسرائيلي وليمرروا الخطاب الإسرائيلي ووجهة النظر الإسرائيلية ، وبالرغم من أن إسرائيل جندت كل ما تملك من قدرات مالية وإعلامية من أجل ترويج الرؤية الإسرائيلية وإظهار أن المنطق الإسرائيلي هو الصحيح بينما وجهة النظر العربية والفلسطينية غير صحيحة ،فأنها فشلت في ذلك لان الأشخاص الذين وظفتهم لا مصداقية لهم في الشارع العربي ولأن ممارساتها على أرض الواقع لم تكن تتوافق مع ما كانت تروج من خطاب السلام .
إسرائيل حاولت في كل الاتفاقات التي وقعتها مع مصر ومع السلطة ومع الأردن أن تحول التطبيع الرسمي إلى تطبيع مع الشعب، لأن إسرائيل تفهم جيدا أن هناك فرقا ما بين اتفاقات سياسية وما بين التطبيع ، تعرف أن الاتفاقات الموقعة هي ما بين الحكومات وأن الاتفاقيات ما هي إلا التزامات دول وهي تريد الدخول إلى المجتمعات وتطبع العلاقات ثقافيا،من هنا نجد أنها في اتفاقيات كامب ديفيد و أوسلو، ووادي عربة ركزت على الخصوص على إزالة كل الأسباب أو حالات الكراهية أو العداء والحواجز النفسية التي تحول ما بين الشعبين . و للأسف هناك في نصوص هذه الاتفاقات ما يُلزم الطرف العربي على أن توقف وسائل الإعلام حملات التشكيك أو التشهير بإسرائيل وكل ما تعتبره إسرائيل مثيرا للأحقاد ضدها ، بل وصل الأمر إلى حد الطلب من الحكومات المصرية والأردنية والفلسطينية أن يعيدوا النظر في مناهج التعليم وسحب كل ما يمكن أن يثير الكراهية ما بين العرب و اليهود .
وأنا استغرب انه في الممارسة السياسية والدبلوماسية بين الدول عندما تقوم علاقات دبلوماسية تقتصر هذه العلاقة في البداية على الجانب الرسمي أي العلاقة بين الحكومات وفي المجالات التي تهم الدول،إلا في حالة إسرائيل التي تريد أن تفرض على الحكومات العربية أن تتدخل في أمور هي من اختصاص المجتمع المدني ،وذلك بان تلزم الحكومات العربية بان تفرض على المجتمع قيم وتوجهات تجاه الآخر ،وهذا الإملاء لا يكون في الدول الديمقراطية التي تحترم نفسها بل يتناقض مع أبسط قواعد الديمقراطية .
لذا من المهم جعل التطبيع معركة داخلية في كل مجتمع و لكل دولة من الدول العربية في هذا الزمن ، زمن الحلول الانفرادية وزمن التسوية الانفرادية وزمن انهيار البعد القومي للقضية والتبعية الكاملة للغرب ،وعندما أقول انه يدخل في إطار الشأن الداخلي بمعنى أن الموضوع يتعلق بسياسة الدولة من جانب وموقف الشعب والمجتمع المدني من هذه السياسة من جانب أخر.فعندما يقرر نظام عربي إقامة علاقات مع الكيان الصهيوني والسماح للإسرائيليين بالتجارة والسياحة وتبادل الزيارات بل وممارسة رقابة على ما يقول الناس وما يفكرون به ويزعم هذا النظام انه يتصرف بما تمليه المصلحة الوطنية وان قرار التطبيع قرار سيادي ،في هذه الحالة إذا عارض مواطن عربي التطبيع في دولة ما فسيبدو الأمر وكأنه تدخل في الشؤون الداخلية للبلد، وعليه أرى أن الجهة المخولة والقادرة على مواجهة التطبيع هي فعاليات المجتمع المدني داخل كل دولة،لأنهم الأقدر على تقدير إيجابيات وسلبيات التطبيع ،أنا يمكنني أن أتحدث عن مخاطر التطبيع بشكل عام دون ذكر دولة محددة .
من جهة أخرى يلاحظ أن هناك نوعا من التمييع والارتجالية في التعامل مع موضوع التطبيع ، بحيث أن البعض يتعامل مع موضوع التطبيع من منطلق البراغماتية الخالصة ،السياسية أو المصلحية ،أو لتمرير موقف سياسي من العملية السلمية برمتها. لذا يجب أن نميز من جهة ما بين الموقف المبدئي من التطبيع وهو الموقف الذي يربط التطبيع بالمصالح الإستراتيجية للأمة العربية والإسلامية وقيمها الثابتة غير القابلة للمساومة ،ومن جهة أخرى الموقف من التطبيع الذي يُوظف لاعتبارات سياسية داخلية ولمجرد إحراج السلطة وتأليب الرأي العام ضدها. نعم ،هناك من يعارض التطبيع لأن التطبيع يتناقض في رأيهم مع المصالح الإستراتيجية للأمة ومع قيمها الوطنية والإسلامية،وموقف هؤلاء يعد تواصلا مع موقفهم المبدئي المساند للقضية الفلسطينية.في المقابل هناك من يؤيد التطبيع دون أن ينبني التأييد على خلفية سياسية أو بما يخدم مصلحة الأمة ،بل يؤيد هؤلاء التطبيع مع إسرائيل لأنهم يعتقدون أنهم بموقفهم هذا سيرضى عنهم النظام ،أو يكون موقفهم نكاية بخصمهم السياسي المحلي الذي هو دوما ضد الكيان الصهيوني وبالتالي يطبقوا مقولة (عدو عدوي صديقي) وهناك من يُطبع مع إسرائيل ليكسب رضا واشنطن ، ومن هؤلاء من يساند التطبيع لأنهم يأملون جني أرباح اقتصادية من خلال التعامل مع إسرائيل –مثلا في مصر كان المتحمسون للتطبيع جماعة الانفتاح أو القطط السمان من أصحاب رؤوس الأموال وسماسرة الشركات العالمية الكبرى الذين لا يهمهم إلا الربح المادي فقط- وخصوصا أن السفارات أو مكاتب الاتصال الإسرائيلية مستعدة لأن تقدم إغراءات مالية كتذاكر سفر أو حتى منح مالية ودعوات يسيل لها لعاب ضعاف النفوس ومن يتطلع إلى الشهرة ،ويمكن أن نضيف نوعا آخر من المطبعين وهم المتطرفون من الأقليات العرقية أو الدينية الذين يجدوا في إسرائيل حليفا لهم ضد ما يعتبرونه الهيمنة العربية أو الإسلامية.وفي الخليج اليوم تقود قطر قاطرة التطبيع من منطلق التبعية لواشنطن وبحثا عن مصالح وشراكات اقتصادية مع إسرائيل.
ما دامت إسرائيل غير جادة في تحقيق سلام فإن إنهاء المقاطعة والتسرع في التطبيع اليوم إنما يخدم إسرائيل أكثر مما يخدم القضايا العربية وخصوصا القضية الفلسطينية . لو أن إسرائيل التزمت بما وقعت من اتفاقات مع الفلسطينيين ، وكان يفترض الآن أن تكون هناك دولة فلسطينية بعد خمس سنوات من بداية الحكم الذاتي ، لو التزمت بموقفها في الاتفاق مع الفلسطينيين والتزمت بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة بالنسبة لسوريا ، لو التزمت بهذا، لكان اليوم من الصعب عليً أو على أي شخص آخر من معارضي التطبيع أن يعارض التطبيع بنفس الحماس، لو طبقت إسرائيل قرارات الشرعية الدولية فأن التطبيع سيحدث تلقائيا وبالتدريج ولكن بما أنها لم تقم بهذه الاستحقاقات فإن هذا الأمر هو الذي يعزز في الواقع من موقف دعاة المقاطعة ومعارضي التطبيع .
إذن التطبيع يعني إنهاء حالة المقاطعة بكل أشكالها،السياسية والاقتصادية والثقافية التي كان العرب يفرضونها على إسرائيل. ربما كانت إسرائيل قادرة على تحمل المقاطعة الاقتصادية ، لأن إسرائيل كانت تعتمد في كل ما تحتاجه على الغرب وعلى غالبية دول العالم ،بل يمكن القول إن ما كانت تخسره إسرائيل من المقاطعة العربية تعوضها عنه أمريكا وبأموال عربية ! كانت المقاطعة السياسية والثقافية أخطر على إسرائيل من المقاطعة الاقتصادية ، بمعنى أن إسرائيل كانت تجد من يعوضها عن الخسائر الاقتصادية الناتجة عن المقاطعة العربية ولكنها لا تستطيع أن تجد من يعوضها عن حالة العداء العربي وحالة عدم الاعتراف بها من جيرانها .المقاطعة السياسية والثقافية الشعبية هي ما يثير إسرائيل ومعها الولايات المتحدة .
إنه من المبالغة القول بأن التطبيع وإقامة علاقات مع إسرائيل سيحقق مصالح ومنافع اقتصادية للدول العربية التي تطبع مع إسرائيل، فماذا ستستفيد الدول العربية من إسرائيل ؟ ماذا يوجد عند إسرائيل ولا يوجد عند غيرها ؟ الدول العربية كما نعلم ،خصوصا التي تُطبع أو تسعى إلى التطبيع ، كلها تابعة للغرب وصديقة للولايات المتحدة الأمريكية ،وإسرائيل هي صنيعة الغرب وتعيش على المساعدات الغربية والأمريكية خاصة، التكنولوجيا الإسرائيلية هي جزء من تكنولوجيا الغرب، الخبرات الإسرائيلية هي خبرات الغرب، إذا كان التطبيع مع إسرائيل فيه فائدة لماذا نلجأ لإسرائيل التي هي تابعة للغرب صديق وحليف الأنظمة العربية؟ أو بشكل آخر ما الذي لدى إسرائيل لتقدمه للعرب ولا يوجد لدى الغرب ؟.إذن الأمر ليس أمر مكاسب وطنية حقيقة، بل هي مواقف سياسية يتم تقديمها لواشنطن من خلال الاعتراف بإسرائيل، مقابل إغراءات مالية أمريكية أو اتفاقات امن وحماية.
يجب التمييز بين موقف الدول المحيطة بإسرائيل والتي تحتل هذه الأخيرة أراضيها - مصر ، الأردن ، السلطة الفلسطينية ، سوريا - وبين مواقف الدول العربية غير المعنية مباشرة بالصراع ،الأولى موقفها مختلف لأنها لا يمكن أن تستعيد الأرض المحتلة دون أن تعترف بإسرائيل، فهذه الدول تطلب من إسرائيل أن تنسحب من الأرض ،وإسرائيل تقول: نعم سأنسحب ولكن أريد المقابل . بينما الدول المُطبِعة من غير دول الطوق فإن إسرائيل لا تحتل أراضيها ومن المفترض أن يكون موقفها مساندا لموقف الدول المعنية بالصراع، بمعنى أن تضع سياساتها في خدمة الدول العربية المعنية وتجعل من التطبيع ورقة لخدمة القضية الأساسية وهي القضية الفلسطينية .
عندما انطلقت اتفاقيات التسوية وطرح موضوع الشرق الأوسط الجديد من قِبل شمعون بيرس 1994، كانت إسرائيل تلوح خلال الوعود التي أعطتها للفلسطينيين وتقول سننسحب من الأراضي ونطبق القرار رقم 242 ومبدأ الأرض مقابل السلام ، وهي بالفعل كانت تريد أن تقدم تنازلات صغيرة للفلسطينيين مقابل أن تحصل على أشياء كبيرة بانفتاحها على العالم العربي ، هنا يمكن أن نضع الصورة على الشكل التالي، كان موقف المفاوض الفلسطيني و حتى السوري في المراحل الأولى يقول للإسرائيليين ، نحن مفتاح إسرائيل إلى الشرق الأوسط والعالم العربي فإن انسَحبت من الأراضي العربية المحتلة سنفتح أمامك أبواب العالم العربي والإسلامي،من هنا كان لدى المفاوض الفلسطيني والسوري واللبناني ورقة وهذه الورقة هي التطبيع .الذي حدث للأسف، أن إسرائيل نكصت عن كل وعودها ومع ذلك انفتحت أمامها أبواب العالم العربي من خلال الهرولة إلى التطبيع ، وبالتالي لم تعد إسرائيل اليوم مجبرة على تقديم تنازلات للفلسطينيين .
قد يقول قائل لقد انتهى زمن قومية وإسلامية القضية الفلسطينية والدول اليوم تتصرف حسب المصلحة ،وهذا قول به شيء من الصحة، ولكن السياسة ليست فقط مصالح اقتصادية آنية ولكنها مصالح اقتصادية وإستراتيجية بعيدة المدى وهي مواقف والتزامات أخلاقية أيضا وخصوصا إذا كان الأمر يتعلق بدول تربطها قيم مشتركة . فعندما تقرر أية دولة غربية مقاطعة دولة ما بزعم أنها إرهابية أو سياستها تهدد مصالح الغرب ،تهب دول أوروبا لتساند أمريكا حتى ولو تضررت اقتصاديا،والعكس صحيح ، لأن هناك شعور بوحدة الحال وقيم مشتركة أهم من المصالح الاقتصادية الآنية، فكيف الحال بالنسبة للدول العربية التي يفترض أن يكون ما يربطها بعضها ببعض أقوى مما يربط دول الغرب ببعضها ،فما يربط الدول العربية هو التاريخ المشترك والانتماء المشترك والدين المشترك واللغة والعادات والتقاليد ،فهل يعقل أن تُسبق بعض الدول علاقاتها مع إسرائيل على علاقاتها مع بعضها البعض؟ وهل يُعقل أن تطبع بعض الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل فيما علاقاتها بشقيقات عربيات مقطوعة أو متوترة؟ وهل يُعقل أن تحشد الجيوش وتوظف الأموال لمحاربة نظام عربي ولا تُحشد وتوظف لمحاربة إسرائيل؟.
اليوم وبعد كل ما جري خلال العقد الأخير، من احتلال للعراق واحتلال غير مباشر لأكثر من دولة عربية وهيمنة مباشرة علي بقية الدول العربية في ظل ما يسمى بالربيع العربي، وانشغال الجيوش العربية بحفظ امن الأنظمة ومواجهة التهديدات الداخلية وتراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية لأدني درجات سلم الأولويات عند الأنظمة، ومع تكرار تبادل الزيارات بين مسئولين إسرائيليين ومسئولين عرب، ولقاءات ومعانقات في أكثر من مؤتمر دولي وإقليمي، وفتح متبادل لمكاتب تمثيل اقتصادية وثقافية وإعلامية بشكل علني أحيانا وسري حينا آخر، وحضور وفود شبابية وطلابية وأكاديمية لملتقيات تشارك فيها إسرائيل باسم السلام والتعايش الخ، وفتح غالبية الفضائيات العربية أبوابها مشرعة أمام المسئولين الإسرائيليين من سياسيين وعسكريين ليقولوا ما يريدون، واندماج قسري للاقتصاديات العربية في العولمة الاقتصادية بما تمليه من فتح للحدود ووقف للمقاطعة الاقتصادية علي أسس سياسية... بعد كل ذلك هل توجد مقاطعة عربية رسمية وحقيقية لإسرائيل؟وهل ما زالت إسرائيل متخوفة ومتضررة من المقاطعة العربية وبالتالي متكالبة علي التطبيع؟.
الواقع المؤسف اليوم أن الأنظمة العربية في زمن الانكشاف العربي أو ما يسمى بالربيع العربي لم تعد تعادي أو تقاطع إسرائيل، ولا تستطيع أن تعاديها ما دامت هذه الأنظمة أصبحت أداة طيعة بيد الولايات المتحدة والنظام الدولي الجديد، والحقيقة أن هناك تفاهما ما بين غالبية الأنظمة العربية والولايات المتحدة علي أن تضع هذه الأنظمة حدا لمقاطعة إسرائيل بطريق متدرجة وسرية إن كان ضروريا، ولا تقف عائقا أمام المطبعين من سياسيين واقتصاديين وإعلاميين، ولا بأس مقابل ذلك أن تستمر هذه الأنظمة بالحديث عن المقاطعة ورفض التطبيع. ومع ذلك فحالة الكراهية والعداء الشعب لإسرائيل على حالها بل وتتزايد مع مرور الأيام .
وأخيرا وفي حالتنا الفلسطينية ونظرا للتداخل بين الفلسطينيين والإسرائيليين فإن رفض التطبيع بالمطلق وإن كان مستحبا ومطلوبا فإنه صعب المنال ،ولكن يجب انتهاج سياسة المقاطعة كشكل من أشكال المقاومة الشعبية وذلك على عدة مستويات :
1- إن توقف المقاومة والصدام مع إسرائيل واستمرار المفاوضات العبثية ،سيشجع البعض على إعادة التطبيع مع إسرائيل .
2- إعادة النظر بشكل وأهداف التنسيق الأمني مع إسرائيل وخصوصا بعد تهرب إسرائيل من استحقاقات السلام.
3- مقاطعة المنتوجات الإسرائيلية بقدر الإمكان وخصوصا المصنعة في المستوطنات،وهذا يتطلب إعادة النظر ببروتوكول باريس الاقتصادي.
4- مقاطعة أكاديمية للجامعات الإسرائيلية التي تمارس التمييز ضد الفلسطينيين.
5- مقاطعة المؤتمرات واللقاءات التي يشارك فيها صهاينة لا يعترفون بحق الفلسطينيين بالاستقلال وهذا دور السلطة الفلسطينية .
6- محاصرة بل والضرب على يد رجال الأعمال الفلسطينيين الذين يقيمون علاقات وشراكات اقتصادية مع إسرائيل تحت عنوان الحل الاقتصادي أو السلام الاقتصادي،فهؤلاء الرأسماليين لا يعبرون عن رأسمالية وطنية بل رأسمالية انتهازية تريد تضخيم ثرواتها على حساب معاناة وحقوق الشعب الفلسطيني.
7- عدم مشاركة شركات ورأسماليين فلسطينيين في المعارض الاقتصادية الإسرائيلية .
8- مقاطعة المؤسسات البنكية والمصرفية الإسرائيلية ،من خلال عدم إيداع الأموال بها.
9- شبك علاقات مع المؤسسات المدنية والشخصيات الاعتبارية والأكاديمية في العالم والتي تقاطع إسرائيل .
10- الحذر من السلام الاقتصادي الذي تروج له واشنطن وتل أبيب ويتساوق معه البعض في السلطة الفلسطينية، لأن تحت عنوانه ستجرى عمليات تطبيع وشراكات سياسية بين الفلسطينيين والعرب وإسرائيل على حساب الحقوق السياسية الثابتة.



#إبراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا شرعية لنظام سياسي بدون وجود معارضة
- مصالحة فلسطينية كجزء من عملية تسوية برعاية أمريكية
- واشنطن تتحدث عن سلام في فلسطين وتحشد لحرب على سوريا
- غزة لا تمنح صكوك غفران لاحد
- تغيرات الهوية في المشهد السياسي العربي وتأثيره على خياري الم ...
- العصر الذهبي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط
- ما بعد قبول استقالة سلام فياض
- اتفاقية الوصاية الأردنية على المقدسات وعلاقتها بالتسوية
- إشكالية المسألة الانتخابية في مناطق السلطة الفلسطينية في ظل ...
- انتخاب مشعل والقمة العربية والتنافس على التمثيل الفلسطيني
- مهرجان غزة : الانتفاضة الوطنية المغدورة
- متغيرات البيئة التمكينية للمصالحة الفلسطينية
- غزة تستنهض الوطنية الفلسطينية مجددا
- البيئة التمكينية والفرص المتاحة للمصالحة الفلسطينية
- انجازات تحتاج إلى حاضنة وطنية
- هل الدم الفلسطيني رخيص لهذا الحد؟؟
- حرب الهدنة الإستراتيجية وترسيم الحدود
- المطلوب عقلانية فلسطينية وبطولة عربية للرد على العدوان الإسر ...
- دور المجتمع المدني الفلسطيني في الدفاع عن القضايا الوطنية
- الانقسام الفلسطيني وتأثيره على المشروع الوطني


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إبراهيم ابراش - العرب: من مقاطعة إسرائيل إلى التطبيع المجاني معها