أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيومي خليل - حق -واجب















المزيد.....

حق -واجب


سيومي خليل

الحوار المتمدن-العدد: 4102 - 2013 / 5 / 24 - 21:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




الواجب والحق يعملان بشكل مترابط كالقفا والوجه،ويؤثران في بعض تأثيرا دائريا متجاذبا ، يستدعيان بعضهما البعض وينفيان أيضا، *لا يجب علي إلا بعد أن يحق عليك* ، فنكون بهذا المعنى ضامنيين لحريتينا معا ، والدولة عليها حقوق كما لها واجبات ، وهي كثيرا ما تخل بما عليها لكنها لا تسمح فيما لها ، فيختل ميزان العدالة ويبدأ المواطن المقهور التفكير في وسائل آخرى لأخذ حقه ، وما حالات الإنتفاض التي يشهدها العالم العربي إلا نوعا من إلاحساس بخلل هذه المعادلة .

ومتى يكون الكيان السياسي قويا فتم هناك إعتراف بالحقوق التي عليه ،وليس العكس كما تفعل الأنظمة الشمولية ، ففرض الواجبات بقوة آليات العنف والترهيب لا تجعل الدولة قوية بل تجعلها مخيفة وتخلق الخشية منها التي سرعان ما تتحول إلى جرأة عليها فينتفض الشعب كمد التسونامي ، والواجبات إذا ما كثرت ترهق كالواجبات المدرسية التي يكرهها التلميذ إذا فاقت الحد ، وكثرة الواجبات تجعل المواطن يتحرر منها ولو بوسائل مبطنة غير واضحة لكنها تدل على عدم رضاه على قرارات الدولة .

وميزان معادلة الحق والواجب عليه أن يميل أحيانا إلى الحقوق وأحيانا إلى الواجبات وذلك وفق ما تمليه وضعيات معينة ، فالحرب وضعية إستثنائية تستدعي من الشعب أن يقدم الكثير من الواجبات ولا يناقش الحقوق حتى حين … لكن الأمر بالحرب أو بغيرها في الدول العربية كان يفرض الواجبات الكثيرة على الشعب ولا يساوي في الحقوق الممنوحة له ، وهنا يكمن الخلل الأكثر تأثيرا على السلم الإجتماعي ، وهو عدم التساوي في تقديم الحقوق لمكونات الشعب جميعا ، فالكيانات السياسية في الغالب تعمل وفق الحضوة التي تتوفر عليها بعض الطبقات من الشعب لديها ، وإذا إزدادت عدم ديمقراطية هذا الكيان إزداد التفريق في الحقوق .

وثقافة الواجب والحق عليها أن تبدأ من نواة المجتمع ، من الأسرة ، وتنتشر في الشارع وفي كل المؤسسات التربوية والإدارية … لكن هذا أبعد من نجمة الشعرى في الليل البهيم ، فنحن نرى في كل يوم وفي كل لحظة ، في الشارع وفي المقهى والإدارة … أن الواجب والحق يختلطان ، ويفرض على هذا أكثر من واجب ويعطى للآخر أكثر من حق ، والمسألة هرمية من قمة رأس سيادة الدولة إلى القاعدة العريضة من الشعب ، فالدولة تكيل بمكاييل مختلفة وليس لها نفس الطرح لنفس المسألة ؛ المعتقلون- مثلا- في المظاهرة الواحدة يقدم الأقل حمية سياسية إلى المحاكمة والآخر من له درع سياسي وقبلي … يخرج وهو يزأر زأرات الإنتصار .. الإنتصار على ماذا ؟؟ لا أعرف .

والمطلوب من أجل ضمان السلم الإجتماعي وجعل الدولة قوية تحترم المواطن وتحميه يتم على مستويين يخضعان لترتيب واحد كما جاء في العقد الإجتماعي *لجان جاك روسو* الفيلسوف الفرنسي ؛ المستوى الأول هو مستوى واجب الإنضباط لمن تم التعاقد عليه ليحكم الإختلاف ويدبره ويرعى مصلحة الجميع ، والإنضباط لا يعني ذلك الخنوع لما هو مجحف بل هو الإمتثال لمدبري الإختلاف بين مكونات الشعب والذين يمثلهم أفراد منهم ، وعدم الإنضباط يجب رؤيته في أوضاعه المختلفة ، فليس كل عدم إنضباط يبرر هجمات القمع والتنكيل ، فهناك أولا أسبابه وثانيا نتائجه التي ليس على نتيجة تدمير الوطن أن تكون منها وإلا وجب التدخل العنيف لحماية الوطن … والإنضباط يرتبط بالمستوى الثاني وهو حق الكرامة ، فكما قلنا الحق والواجب متداخلان ، فلزوم الإنضباط للدولة والعمل بقوانينها مرتبط بضمان الدولة حق كرامة المواطن ، والكرامة هنا متعددة الأطراف آخذة من السياسي والإقتصادي والإجتماعي والثقافي ،إذا لم تتحقق هذه الكرامة فلا شك لن يتحقق هذا الإنضباط ، والسلم الإجتماعي الذي نسعى إليه سيتكررعند أول صيحة جماعية للشعب المقهور .

وسبب الثورات يعود إلى هذا الخلل في معادلة حق وواجب ، وعندما يستفحل الخلل بشكل كبير ولا تهتم الدولة بمحاولة معالجته أو التقليل منه فإن النتيجة ستكون إما ما وقع في مصر أو تونس أو تلك الكارثة التي تشهدها سوريا ،والذي يزيد من صعوبة رتق شق السلم الإجتماعي في الغالب هو أن هذه المعادلة يتم اللعب بها حسب الأهواء وليس تسييرها بالقانون ، فيتم كما قلت توزيع الواجبات والحقوق بشكل غير متساوي ؛ أليس فرض ضرائب كثيرة ومرهقة على من لا يملك إلا القليل وإسقاطها عمن يملك الكثير بتوزيع غير عادل للواجبات تجاه الدولة ؟؟؟ أليس تشغيل إبن المسؤول من غير إمتحان ولا كفاءة هو توزيع غيرعادل ومخل بالحقوق ؟؟؟.

يجب الخروج من عدم إرتباط الحق بالواجب ، فهما لا يكونان إلا معا ولا يعملان بشكل يضمن السلم الإجتماعي إلا وهما مترابطان ،أما إذا تم إستحضار أحد الطرفين دون إستحضار الطرف الآخر فالنتيجة إما تكون القهر والظلم وإما التسيب والسلطوية حسب فائض الحقوق دون أداء الواجبات .. وهذا ما يحدث في بعض سياساتنا المعالجة لبعض الملفات العالقة .

الدولة لا تقوم كيفما كان نظام حكمها الذي تسير به الشعب إلا على مجموعة من الواجبات التي يقدمها الشعب عن قناعة وتراض ، وهذه الواجبات هي ضامنة بقاء الدولة وعدم زوالها ، وما يجعل حكم الدولة يكون له نمط سياسي واحد هو مقدار آدائها للحقوق التي عليها للشعب ، فإذا ما أدت هذه الحقوق التي عليها بشكل متساوي على الجميع فنظامها ديمقراطي … فهل هذا الأداء للحقوق بهذا الشكل يتم في المغرب أم ما زال هناك الكثير من العمل والجهد ؟؟؟.

في كل الأحوال .. ميزان معادلة الواجب والحق في المغرب يبقى أقل من المأمول ، وأحيانا ما تسقط هذه المعادلة في النقيض فيهمل أحد طرفيها والنتيجة تكون ظلما أو إعلاء فئة على القانون ، لكن على العموم تبدو المعادلة إذا ما خرجنا من هذه التفاصيل تمسك بأغلب خيوط السلم الإجتماعي ، لكنها لا تمسكها جميعا ، وهذا الأمر يستدعي إعادة النظر في المعادلة من جديد والعمل على توزيع الواجبات والحقوق بشكل متساوي .
ما يشهده المغرب من إصلاحات دستورية وإقتصادية هو أحد عوامل إعادة التوازن إلى معالة الحق والواجب ، ورغم كون الإصلاحات الدستورية لا تمس إلا النخبة المثقفة والمسيسة إلا أن لها دورا أساسيا في توزيع الواجبات والحقوق ، لكن المستوى الإقتصادي هو الذي يؤسس لهذه المعادلة وهو من يمس أغلب الشرائح الإجتماعية والذي يفهمه الجميع ، فبدون إصلاحات إقتصادية مهمة وجذرية ترفع من مستوى المعيشة وتقل من نسبة الفقر والهشاشة الإجتماعية لا يمكننا التفاؤل خيرا لصحة السلم الإجتماعي ، فالإختلافات الإجتماعية والعرقية واللغوية التي توجد بالمغرب يجب إخمادها بالرفاه الإقتصادي والعدالة الإجتماعية والحرية ، ودون أسباب منع ظهور الإختلاف وخصوصا السبب الإقتصادي فإن السلم الإجتماعي الذي كثيرا ما جعل المغرب إستثناء عريبا سيتعرض لضربات لا قبل له بها .

على الأطراف جميعا ، الشعب والمسؤولون .. أن يساهموا في نقلة نوعية للمغرب ، وعلى الأحداث التي يشهدها العالم العربي في هذه الآونة أن تكون دافعا للشروع في تغيير سلمي للأوضاع القائمة التي لا تصلح إلا لفئة قليلة من المغاربة ، ومرة آخرى لا تسقطوا صالح الوطن من حساباتكم التي تعرفون كيف لا تنسونها وتستحضرونها في كل مؤامرة … رفقا بنا .. رفقا بالسلم الإجتماعي .



#سيومي_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في إرتقاب إمانويل كانط
- عقد عن الإنفجارات
- طلاق الأغلبية
- الشيخ الحداثي جدا .
- سياسة الإستجداء والبكاء
- أنا اتحرش أنا موجود
- خطاب الأزمة
- بالألوان
- أنا أومن لأن ذلك مناقض للعقل GREDO QIA ABSRDM--باللغة اللاتي ...
- كي لانموت
- مدننا الهاوية
- دردشة عن الفراغ
- الشرعية التاريخية والديمقراطية وآخرى غيرها
- تعلمك العتمة
- الوجود أم الفكر أي تجاوز ممكن ؟؟؟
- من يراهن على القمر ولا يحترق ؟؟؟
- المحلي والكوني في كتابة العقد


المزيد.....




- سعودي يوثق مشهد التهام -عصابة- من الأسماك لقنديل بحر -غير مح ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل ضرباته ضد أهداف تابعة لحماس في غزة
- نشطاء: -الكنوز- التي تملأ منازلنا في تزايد
- برلين تدعو إسرائيل للتخلي عن السيطرة على غزة بعد الحرب
- مصر تعلن عن هزة أرضية قوية في البلاد
- روسيا تحضر لإطلاق أحدث أقمارها لاستشعار الأرض عن بعد (صور)
- -حزب الله- يعلن استهداف ثكنة إسرائيلية في مزارع شبعا
- كييف: مستعدون لبحث مقترح ترامب تقديم المساعدات لأوكرانيا على ...
- وسائل إعلام: صواريخ -تسيركون- قد تظهر على منظومات -باستيون- ...
- رئيس الوزراء البولندي: أوروبا تمر بمرحلة ما قبل الحرب وجميع ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيومي خليل - حق -واجب