أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الحمد المندلاوي - نبؤة جمرة..!!














المزيد.....

نبؤة جمرة..!!


احمد الحمد المندلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4099 - 2013 / 5 / 21 - 09:20
المحور: الادب والفن
    


...كان واقفاً في رأس الحارة كعادته يتأمل ما حوله في الشارع كيف ما يشاء.. و حيث ما يشاء ..حركة الناس..العربات..البضائع..عودة الطلبة..عبث الصبيان ..ثرثرة الفتيان؛ هذا ما تعود عليه منذ سنين بعد الانتهاء من عمله المضني،ثم يعود لمنزله المتواضع في نهاية الحارة،هذا ما يسميه البعض بسياحة الفقراء..فليس لهم القدرة المالية للتجوال على السواحل و رمال الشواطئ، وتناول المرطبات مع أفراد أسرته، و لو في مرّة واحدة في السّنة..و فجأة في تلك المغربية (في ساعة الغروب) و الشمس..(نزلَتْ تجرُّ الى الغروبِ ذيولا - مبتولا) و هو في منتصف الطّريق لاح له في الأفق جمرة صغيرة ملتهبة في كبد السّماء،تلمع بلونها القاني؛ و كأنّها تنذر بشيءٍ مخيف يعمُّ أرجاء البلاد؛ وقلوب العباد..
أصابه ذعر شديد، و أخذ يتحدّثُ مع نفسه قائلاً:
- ما هذا يا إلهي!!..لأول مرّة ألمح مثل هذا الشّيء الغريب في سمائنا التي تكتنز الكثير من خلجات نفوسنا و آمالنا المنتحرة بمِدى الصمت و أسياف السكوت..
أخذَت الجمرة تقترب..تقترب،و تقترب منه بالذّات، و كلما إقتربَتْ كبر حجمها و زاد لمعانها ..و تتطاير شَرارُها فِي الأفق..فقال بصمت و هلع:
- يا إلهي ما الخبر؟؟..أيُّ سرٍّ في أمرِ هذع الجمرة؟؟..
بينما هو يتحدث مع نفسه،و يسرع بالخطى نحو داره ،لاهثاً ..
اقتربَتْ منه الجمرة كثيراً حتى أحسَّ بتوهجها..بل لامسَتْ بدنه الضعيف المنهك،أخذ يصرخ بأعلى صوته طالباً النّجدة:
- الجمرة .. الجمرة..
و يطرق باب داره بشدّة كي يترك الجمرة خلفه، و يتخلص من حرارتها القاتلة، هرع أبناؤه لفتح الباب؛ و هو يصرخ:
- الجمرة ..الجمرة، وهو ينظر بعينينِ حمراوينِ الى ذويه .. فارتمى على عتبة الدّار القديمة التي ورثها عن أبيه،و استحوذَتْ عليه تلك الجمرة من كلِّ الجهات و تغلغلَتْ في كلّ أطرافه ..و هو يصرخ بقوة:
- الجمرة .. الجمرة.. تقتلني، تحاصرني لقد تغلغل في كل بدني ..ما بكم إطفؤوها ..إخمدوا نارها،و شرارها..
وأبناؤه في ذهول.. هنا صرخ أحدهم:
- ما نرى شيئاً يا أبتاه !!..لم نَرَ شيئاً !!..
و كرر الآخرون الكلام:
- ما نرى شيئاً يا أبتاه !!..لم نَرَ شيئاً !!..
الأب مرعوباً:
- انظروا ألا تبصرون ..خيمة من النار، بل جبل، بل بحر !! الآن أنا في وسط هذه الجمرة الكبيرة التي غطّت حتى الدّار و الحارة و البلد ..
فوقع مغشياً عليه من الصّراخ، و الغثيان،و الهذيان،وأحاطه أبناؤه ،و أبناء الحارة بتعجب..من هذه الحالة الغريبة و الفريدة ، وإذا بصوت خفي يطرقُ سمعه ، ويهمسُ في آذان قلبه:
- إنهضْ (يا فلان) لا تخفْ ..لستَ أنتَ المراد و المقصود،و لا أريد لكم الهلاك ..إنَّـها جمرة السّعادة لكم، ستحرق كلَّ ما بكم من البؤس و الشّقاء..و تحرق الأدغال و الأشواك،لتنمو الرّياحين و الأزهار في كلّ البقاع..وتُملأ الربى ببيادر القمح،و أطباق البلح..
ظهرتْ إبتسامة عريضة على وجهه الشّاحب،وهو لا يزال في غيبوبته ..
ومن حوله في عجب من أمره،فقال أحد ذويه :
- يا لها من حادثة عجيبة!!.
وقال أحدهم بهمس:
- لابدّ من شيء يحدث في هذه البلاد!!..
استفاق من غيبوبته مبتسماً..يردّد مع نفسه و بصوت هادئ :
- إنَّها نبؤة .. نبؤة الجمرِة!!..

بغداد – 2000م



#احمد_الحمد_المندلاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تداعيات سَفْرة
- الهوره: الغناء الكوردي الأصيل
- حلبجة يا أميرتي الغالية
- مامه دوو كورز - ذو هراوتين
- الكُرسي و القبلةُ المؤجلةُ
- سياحة غراب
- كانَ لي دارٌ هنا في مندلي..
- حلبجة جرح مستدام
- الكورد الفيليون في الركب الثقافي و الحضاري /القسم الأول
- قصيدة بمناسبة عيد المعلم


المزيد.....




- ليدي غاغا تتصدر ترشيحات جوائزMTV للأغاني المصورة لعام 2025
- عشرات الإعلاميين والفنانين الألمان يطالبون بحظر تصدير السلاح ...
- بين نهاية العباسي وأواخر العثماني.. دهاليز تظهر أثناء حفر شا ...
- ظهور جاستن ببير مع ابنه وزوجته في كليب أغنية Yukon من ألبومه ...
- تونس: مدينة حلق الوادي تستقبل الدورة الرابعة لمهرجان -نسمات ...
- عشرات الفنانين والإعلاميين يطالبون ميرتس بوقف توريد الأسلحة ...
- حكايات ملهمة -بالعربي- ترسم ملامح مستقبل مستدام
- مسرحية -لا سمح الله- بين قيد التعليمية وشرط الفنية
- أصالة والعودة المرتقبة لسوريا.. هذا ما كشفته نقابة الفنانين ...
- الذكاء الاصطناعي التوليدي.. ضربة موجعة جديدة لقطاع الإعلام ا ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الحمد المندلاوي - نبؤة جمرة..!!