أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الحمد المندلاوي - سياحة غراب














المزيد.....

سياحة غراب


احمد الحمد المندلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4075 - 2013 / 4 / 27 - 22:48
المحور: الادب والفن
    


...خرج كعادته كل صباح الى ثنايا المدينة المكتظة بالنّاس،و ذات مبانٍ عالية أنيقة..في يوم ربيعي جميل؛ و لكن أفسده ضجيج المارّين، و أزيز العجلات،وإنبعاث الغازات الداكنة منها،حتى يشعر المرء أحياناً بالإختناق و التّقيؤ و الدّوار..
السائرون هنا ما بين من يهرع الى عمله ليباشر نهاراً جديداً،و من يؤوب الى منزله بعد أن سهر الليل في معمله ليطوي نهاره،و هكذا الناس في هرج و مرج مع نداء الباعة..و هو يحمل في جيبه قلماً صغيراً و دفتراً متواضعاً ليسجل فيه ما يراه طريفاً يجلب إنتباهه في المهجر وسط هذه المدينة الواسعة ، و كأن ليس في الدنيا غيرها من المدن،ولا يعلم من لغتهم إلا القليل لتدبير أموره اليومية فقط ..تبدو عليه علائم الغربة و الهجرة ،و هو يتأمل العودة الى بلاده مهما طال الزمن،وأن إشتعل الرأس شيباً، فلابدّ من الإياب بانقشاع الغيمة السوداء، و ببزوغ شمس الآمال،في تلك الربوع التي طالما تنفسَ من عبق نسيمها و ارتوى من سلسبيل مائها، إنّها سفر الوجود،و جنّة الحنين..سارت به الذّاكرة الى سنين الوداد و الصّفاء في تلك الدّيار ..ثمَّ دار في خلده سؤال:
أليس كذلك يا صديقي !!- و هو يخاطب نفسه -.
و تابع حديثه :
- دعني من هذا فما أقوله، و أتذكره يسري في دمائي ليل نهار بلا توقف مسرى الحياة..وها أفتتح نهاري هذا، و لأدوّن في هذا السجل البائس ما أراه مناسباً،قد يحاسبني إن لم أكتب فيه شيئاً فهذا زاده اليومي، و لا لي مسلٍّ غيره في هذا المهجر الممل و الثقيل على القلب،و لكن ليس مفرٌّ من ذلك فهو المعبر الى السعادة ..
إتكأ على اسطوانة في البهو،فلاحظ أحد الوجوه،و لكنّه يبدو و كأنه غريب نوعمّا..
- إذاً قد يكون هو الوالج في ملاحظاتي هذا النهار..فإذا بنقطة سوداء برزت في أعلى جبهته، كبرت النقطة شيئاً فشيئاً بحجم الجوزة، فإذا بغراب أسود يخرج منها متجهاً بسرعة الى شخصٍ ما ذي عيون جميلة، أخذ ينقرهما بشدة؛ يا للعجب و الشخص أخذ يفرك عينيه بشدّة بعدما أحس بان شيئاً غريباً داهمه،ولم يره..و لكنه يهشُّ شيئاً ما ، بدأ يتكلم مع نفسه:
- ما هذا يا إلهي؟؟..
واصفر لونه؛وأصابه الغثيان للحظات،و مضت بسرعة،و هو يسرع الخطى نحو أقرب مشفى للعلاج.
ورأى الغراب المشؤوم يشرع بالرجوع الى وكره النّتن،ولكن بالمقلوب مقزِّماً نفسه حتى عاد حبّة سوداء، ليدخل جحره ثانيةً،لمهمة جديدة بأمر من سيّده،وهو مبسمر في مكانه؛ و علت وجهَه صفرة، فاغراً فاهُ قليلاً،وكأنَّه ينتظر إياب شيءٍ ما خرج منه، و ليتركا المكان معاً !!.و لكنّه علمَ أنَّ ذاك الشيء ..هو الغراب الجوّال الذي أفسد على ذالك الشاب متعة التجوال في هذه العاصمة الجميلة.
وما زال يتأمّل هذا المشهد،و هو مُتكأ على تلك الأسطوانة المكسوة بقطع صغيرة من المرمر الأخضر الداكن..و هو يهمهم مع نفسه المثقلة بأمور كثيرة:
- أريد أن أتحدث مع هذا الرجل..و أخبره بما حدث،و ما رأيتُ،و الغراب المؤذي الذي في رأسه؛ و كيف قام بعملية قذرة مع ذاك الشّاب الوسيم و البرئ..ولكن كيف يتم ذلك!..ولا أجيد لغته،كما هو لا يجيد لغتي العربية و لا الكردية.
غادر ذو الغراب المكان بتثاقل.و عاد يخاطب نفسه- صديقه الأزلي-:
- لا عليَّ إلا أن أدوّن في هذا الدفتر المتواضع ما شاهدت هذا الصباح،و لكل شيء تفسير،و تعبير!!..

كتبت في المهجر- 1989م



#احمد_الحمد_المندلاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كانَ لي دارٌ هنا في مندلي..
- حلبجة جرح مستدام
- الكورد الفيليون في الركب الثقافي و الحضاري /القسم الأول
- قصيدة بمناسبة عيد المعلم


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الحمد المندلاوي - سياحة غراب