أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دارا كوردو - النّازح..














المزيد.....

النّازح..


دارا كوردو

الحوار المتمدن-العدد: 4086 - 2013 / 5 / 8 - 16:53
المحور: الادب والفن
    


(1)
" مِن تلك القرية الصغيرة، الصغيرةَ جداً إلى درجةِ تكادُ تغرقُ بماءِ غيمةٍ صغيرةٍ لصيفٍ حاملٍ، تهطلُ عليها وهي كطفلةٌ صغيرةٌ تبكي و تستحمُّ وتشجُّ الماء بالدّمعِ شجَّاً، صغيرةً أكادُ أحملها على ظهري و أهربُ بوجهيَ الشاحبِ، دون أنْ أتجرّأ على النَّدمِ و العزفِ عن القرارِ المحتومِ، كمّن ينظر الى طليقته مودّعاً إياها بلا كلماتٍ توثِّق عِناقهما و المكان لتغوص الحادثة وتموت في ثنايا ذاكرةٍ خاليةٍ من آثارِ عذاباتِ الفراقِ، و الغريقُ الذي يودِّعُ السماء ويغوصُ إلى عمقِ ماء البحرِ وهو يُردِّد الصلاة وحدها".
(2)
راكضاً بجوار المكان أتلمسه ببطئٍ شديد أستغرق مزيداً من الوقت اللازم، إلى أن أصبح الركض عنيفاً تجاوزت به تلك المسافة الطويلة ووصلتُ، أفشيتُ بسرّي كلّه دفعةً واحدةً دون ترجمةَ كلماتهِ المستوحات بالكرديةِ إلى بحرِ الشمالِ الهائمِ على وجههِ الباردِ و البربريّ، العصيِّ عن السباحةِ فيه، بدبلجةِ بعضٍ من تمتماتي و أنا وحدي ككوثلٍ بشريٍّ بآخرِ سلالةٍ منه، أكادُ أغرقُ في عرضِ البحرِ بنسلي بلا أثر، أردِّد سيرةً ذاتيةً ممزوجة من الكرديةِ بالعربية وأنا بصددِ أنْ أغادرَ جزءاً آخر من الحياة، بعد أنْ رأيتُ نفسي في وجه ذاك البحر النائم، لم يستيقظ بقدومي الى حافته!!.
(3)
وبالرغم من بقاء كل شيئ سوريٍّ خلفي، إذ بدا المستقبل هناك بسماءٍ لا يصلحُ البقاء تحت سقفها، لم يكن يُشبهُ البيت الريفيَّ الطينيِّ البسيط المكسوِّ بالقشِّ، لم يعد هناك صوت فيروز والقهوة وأصوات الباعة، بدأ الأمان أليماً يشبه الموت تماماً وكأنه يصرخُ في وجهي و بكلمات غامضة، معصية على الولوج في قراءتها كإمرأةٍ أتقاء، حقاً لم أكن هناك، أبقيتُ"جسد دارا"على سريري وكتبت بحواجبه عبارةً الشائعة (المكان مغلق، لسنا موجودون هناك) تركت جسدي هناك وركبت القطار مجاناً تجولتُ شوارع كوبنهاجن بلا تذكرة!!، كشعاعٍ خرجتُ بطيفيِ الى جانب تلك النافذة المغلقة، إستنشقت هواءً من بعيد، من بعيد.. كان خيال الهواء!!.
(4)
علاوةً على صمتيَ الوحيد بيني و بين نفسي في ذاك القطب الباردِ، كان عليِّ أنْ أصمتَ في غرفةِ قطارٍ ضيّقةٍ، لم يكن بوسعي سوى أنْ أبوحَ بما تيسّر لي من بعضِ التمتمات عبر النافذة، ألوّح بيداي للمارة أضحكُ بصمتٍ إنتقاماً لذلك الصمت الذي إعتلى كتف صمتي وكاد يخنقني، وأنا جالسٌ أمنع بعناديَ الكرديٍّ شلّالاً من الآهاتِ كان ينبعُ من بين آصابعي، لم يكن بوسعي سوى أنْ أبوحَ بشوقي مجدداً لذاك المكان، إنّه وحامُ أمي الذي أنبت عنقود الحنين هذا على كتفي.
(5)
(ومن هناك الى هنا مررتُ دون أن يشعر أحدٌ...بإنِّي أنزحُ!).



#دارا_كوردو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- « أزمة القيادة و ممارسة السلطة» لدى الأحزاب الكردية *في سوري ...
- «أُلهانيّة العالم الإفتراضي»
- «الصراع الكردي- الكردي»...في سوريا
- « فدرلة سوريا....الخيار الأمثل »
- «عسكرة المرأة الكردية» و«حزب الإتحاد الديمقراطي»


المزيد.....




- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دارا كوردو - النّازح..