|
الإسلام كرسالة إنسانية مقاربة في المشروع الثقافي الإسلامي من زاوية التحدي والاستجابة ج2
نبيل علي صالح
الحوار المتمدن-العدد: 4079 - 2013 / 5 / 1 - 08:43
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لاشك أن الأزمة الراهنة –وهي بالضرورة باتت أزمة متراكبة ومتداخلة من الاجتماعي إلى السياسي والاقتصادي- التي تمر بها مجتمعاتنا العربية والإسلامية هي قبل كل ذلك "أزمة ثقافية معرفية" بامتياز قبل أن تكون أزمة سياسية أو أزمة في الواقع السياسي القائم مع ما في هذا الواقع من سلبيات وتعقيدات وفوضى واضطرابات مقيمة تكاد لا تخلو منها دولة عربية وإسلامية معاصرة، لا تزال تؤثر سلباً على تنميتها الاقتصادية، وتساهم بقوة في عرقلة تطورها ونموها المعرفي التقني والعلمي.
والمشكلة الثقافية العربية والإسلامية التي نحن بصددها، ليست كائنة أو مركوزة في هوية المسلمين الثقافية التي يعبرون من خلالها عن انتمائهم (لرؤية كونية) ووعيهم لوجودهم الإنساني وانبعاثهم الحضاري الغني والمؤثر في عمق حركة الحضارات الإنسانية التي مرت في تاريخ العالم كله، بمقدار ما هي قائمة في طبيعة التعاطي مع تلك الهوية المعرفية والحضارية، وإدراك ضرورة تحسين شروط مشاركتها الخلاقة والمؤثرة في العالم المعاصر.. وأيضاً بمقدار ما هي (أي الأزمة) قائمة مع كثير من مواقع ومكونات ومعطيات هذا التراث الإسلامي الكبير والواسع الذي لم يتم التعامل معه بصورة منتجة وفعالة حتى الآن بالرغم من كل المشاريع النهضوية الحضارية التي انسكب فيها حبر كبير، والتي حاول منتجوها من كبار المفكرين، تقديم رؤى تراثية مستنيرة فعالة يمكن إثارة همم المسلمين على طريق النهوض.. بل لا زالت دراسة ووعي تلك التراث تدور وتنوس بين مدرستين متطرفتين للأسف، إحداهما تقرأه من زاوية العقل الغربي القائم على "المركزة" نفي الآخر، وقيمومة الثقافة الأوروبية، باعتبار (هذا الآخر) -حتى لو كان في السابق معطاء وقوياً وصاحب انجازات وتطبيقات، وله آثار دامغة معروفة- مجرد تراث ملحق يعيش في الحواشي لا في المتون، ولابد من تفكيكه وتعريته وإعادته إلى لحظته التكوينية الأولى.. وأخرى تعتبره أصلاً ومرجعية كبرى لكل الحضارة والثقافة الإسلامية –لا بل وللعالم أجمع- بكل ما فيه من تعقيدات وسلبيات، وما لحق به من سلوكيات وشوائب نتيجة بقائه كما هو بلا تجديد أو اجتهاد.. وبالتالي، ووفقاً لهذه المدرسة التقليدية، لا بد من قبول هذا الكم والخزين التراثي الهائل هكذا كما هو، بلا نقد ولا أدنى مساءلة عقلية أو حتى بلا مراجعة من داخل التراث نفسه الذي يحتوى على كثير من مظاهر النقد ودعوات المساءلة والمحاسبة الفكرية والعلمية.
طبعاً، هاتان مدرستان مغاليتان، من دون أدنى شك، نشأتا في ظل غياب كبير للتفكير النقدي العقلاني عند كليهما.. وفي ظل استحضار مناخ الصراع والتصارع بين الحضارات والثقافات الكونية القائمة، خاصة منها الحضارة الغربية والحضارة الإسلامية.. وهذا الصراع -الذي لا يزال قائماً للأسف، مع تمظهرته المتنوعة والمختلفة بين حين وآخر- لا يحدث إلا عندما تحاول إحدى الثقافات القائمة فرض نموذجها الحضاري المعرفي والسلوكي على الآخر، واعتباره ثقافة عظمى، وباقي الثقافات ثقافة صغرى، عليها أن تدور حول الثقافات الأكبر. وهذا هو –في حقيقة الأمر– واقع حال الثقافة الغربية تجاه الثقافات الأخرى في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.. إنها الثقافة الغربية التي تضع نفسها في المركز، والثقافات غير الغربية في الأطراف.
وقد ساعد الاستشراق (دراسة وتحليل وتفكيك تراث الشرق خاصة الإسلامي منه) الذي قامت به نخب الثقافة والحضارة الغربية لمعظم "الثقافات الطرفية!" تفكيكاً وحفراً معرفياً، على ترسيخ مقولة "مركزية الثقافة الغربية"، عندما استلم المستشرقون زمام المبادرة في هذا المجال، وانطلقوا –كمقدمة للاستعمار والانتداب ووضع اليد على موارد وثروات الشرق- لدراسة وتمحيص مجمل تراث الشرق عموماً والتراث الإسلامي على وجه الخصوص.. حيث وضع الغرب ثقافته (باعتبارها الثقافة المحورية العظمى) في موقع المراقِب، وباقي الثقافات الأخرى في وضع المراقَب.. وتضاعفت الصور النمطية التي صاغها المركز عن الأطراف، بحيث أصبحت حقائق راسخة بديلة في الوعي المركزي (النخبوي) والثانوي (الشعبي) الغربي عموماً.. وأسدل ستار من النسيان المقصود على الماضي التاريخي للثقافات الصغرى (بحسب وصف الثقافة الغربية) نتيجة لسطوة وسائل إعلام المركز، وضعف وسائل وأدوات إعلام الأطراف، وأصبح الحاضر شبه مقضي عليه.
وبهدف مواجهة هذا الترهل الثقافي الذي استثمر واستفاد من القوة العلمية الغربية ومنها الإمبراطوريات الإعلامية الصاعدة، في محاولتها فرض النموذج الثقافي والحياتي الغربي على الشعوب كلها، وتزيينها لقيمه ونمط حياته وعوائده وتقاليده، لابد من القيام إعادة التركيز على قيم ومبادئ الثقافة الإسلامية، واستثمار كل ما لدينا من إمكانات لتسليط الأضواء على الآثار الاجتماعية العملية لتلك القيم، حيث أنه ففي الوقت الذي تقوم فيه ثقافتنا الإسلامية على ركيزة الإيمان بالله تعالى، والالتزام بدينه الحنيف، والسعي الصادق في الحياة لنيل رضاه في الدنيا والآخرة، والتفكير بشؤون الدين والدنيا ليقوم بذلك التوازن العادل والرائع بين الروح والمادة الذي تجسده الآية الكريمة وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولاتبغِ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين يراد لنا أن نستسلم وننهار أمام طغيان عالم المادة والابتذال والانسحاق أمام اللحظة الآنية الفارغة، ونذهب إلى حضيض المادة والتنافس الوحشي على المكاسب والمنافع المادية الخاصة من دون أية مراعاة لقوانين الحياة والطبيعة الإنسانية التي نفهمها نحن كمسلمين في إطار مجموعة من التكاليف والالتزامات الشرعية المقدسة التي طلب الله تعالى أن نعمل بها، ونسير بهديها في أداء متكامل وواع لا يفسد الآخرة، ولا يؤدي إلى التهلكة والانزلاق إلى متاهات المادة والغريزة.
إننا نتصور أن نجاح ثقافتنا العربية الإسلامية في التوفيق المذكور سابقاً –كشرط أساسي لاستعادة دورها الحضاري الرائد بين أمم وثقافات العالم. (أي التوفيق بين الوظيفة والمدنية ومثيلتها الحضارية)– يكمن في العمل الدؤوب على إيجاد المناخ الصحي اللازم لإعادة التوازن الثقافي الإسلامي إلى طبيعته الحقيقية.. وذلك من خلال القيام بمراجعة شاملة وواعية لمنظومة القيم والمعايير الناظمة لحركة هذه الثقافة، وإعادة ضبطها أو صياغتها على ضوء معطيات الواقع المعاصر، وطبيعة التغيرات المتسارعة الحاصلة في القاعدة الاجتماعية، أعني بها: نمو التقنيات والمعارف العلمية الجديدة، ونمو القوى الاجتماعية والاقتصادية. وبذلك يمكن المحافظة على استقرار، وتفتح ثقافتنا الأصلية في أجواء العولمة الثقافية الراهنة بصورة تحفظ التوازن الاجتماعي الأساسي، وتضمن تحقيق متطلباته في الواقع العام.
وهنا بالذات –ومن أجل استقرار، وتفتح هذه الهوية الثقافية الأصيلة التي ليس لنا من دونها وجود وحركية فاعلة في العالم– لا بد من تأسيس هذا البناء على المعطيات التي تساهم في إدماج الثقافة الإسلامية الأصلية في الحركة التاريخية العالمية، ورفع وتائر مشاركتها في بناء الحضارة البشرية، وتوجيهها، وهدايتها.. والهوية التي لا تتوفر فيها هذه العناصر الدافعة والمحركة للبناء الحضاري العام، تتحول بسرعة إلى خيالات وأوهام وأحلام وردية سرعان ما تتحطم عليها آمال الناس المؤمنين بها، وتدفعهم نحو خيارات مغايرة لها تماماً.
طبعاً هذا الأمر لن يتحرك في خط الواقع العملي المليء بالتحديات والأشواك من دون توافر شروط ومقدمات ضرورية خاصة بالثقافة المسيطرة حالياً (ثقافة المركزة الغربية والأمريكية التي تنشر قيماً عابرة للقارات خالية من معالم ومعاني الروح والمعنى والغائية)، وهي –بالحد الأدنى– أنْ تلعب هذه القيم العولمية دورها الطبيعي في اعترافها بتنوع وتوازن الثقافات الإنسانية، ودفعها باتجاه إيجاد مناخات وفضاءات حوارية هادئة ومتوازنة من موقع الند للند، وليس من موقع الفرض والهيمنة والإلغاء، والسعي للاستفادة من تجارب وخبرات الآخرين في المجالات كلها، والابتعاد عن إلباس الثقافة الإنسانية المتنوعة رداءاً واحداً يُعبر عن أسلوب التنميط القسري (المفروض حالياً).
ولابد لهذا الحوار أن ينطلق من خلال ما يسمى "بتوازن الثقافات" وتساويها، سواء كانت ثقافات مركزية أو ثانوية. حيث يجب أن نمتلك كل ثقافة العناصر والإمكانات الأساسية التي تؤهلها للبدء بإجراء حوار جدي مع الأخر، أقلها الاعتراف بوجوده، والأخذ منه، وإعطاؤه ..الخ، على أساس من الحكمة والوعي، والحق في المعرفة واستخدام قوانينها، وحق الأمم والشعوب في ممارسة حريتها وقيمها بما يتناسب مع وعيها بثقافاتها، وبحيث لا يؤدي ذلك إلى التصادم والصراع العنيف مع ثقافات الآخرين .
أما بالنسبة للعلم والمعرفة العلمية، فإن العلم نتاج عالمي إنساني مشترك لا حدود له على مستوى التواصل والاحتكاك والانتفاع.. أما الهوية الثقافية فليست عالمية أو كونية، وإنما هي تعبير خاص عن الواقع الحضاري الذاتي الفردي والقومي لهذه الحضارة أو تلك، وكلما كانت (تلك الثقافة) متينة في التعبير عن ارتباطها بجذورها وتراثها وقيمها، كلما كانت متميزة، وقادرة على العطاء والإنتاج، والنفاذ من النطاق الإقليمي إلى النطاق العالمي.
لذلك طالما أن الثقافة –بشكل عام– معادلات اجتماعية، وتوازنات (وتوجهات) فكرية وحضارية، وممارسات تفتح آفاقاً وإمكانيات جديدة للانفتاح والعمل تتعين حدودها، وترسم معالمها الأساسية حسب بُعد وعمق وأصالة التوازنات التي تخلقها، فيجب على ثقافتنا الإسلامية –التي تتميز بإنسانيتها وعاميتها وتعاملها واستيعابها لثقافات الآخرين– أن تواجد عناصر جديدة خاصة بطرق وآليات تفاعلها مع الواقع الراهن. أي أن تبدع وسائل تكيفها الذاتي في داخلها، ووسائل تكيفها مع المجتمع الدولي ككل العمل المستمر على اجتراح حلول جذرية صائبة للمشاكل والمسائل الجديدة والمستجدات الحديثة.
إن هذا الشرط النوعي يحتاج إلى ظروف جديدة مؤاتية كي يتم العمل به، ومحاولة تحقيقه على أرض الواقع. لأن الظروف السائدة حالياً في بيئتنا السياسية والاجتماعية العربية لا تسمح -للأسف- بإظهار اجتهادات واعية ومسؤولة في هذا المجال. إنها ظروف ومشاكل وتعقيدات وجود كم هائل من قيم التعصب والعدوانية والخرافة والتقليد والفوضى..الخ. وهذه المشاكل ليست ناتجة –في تقديري– عن التخلف الذي نعيش في أجوائه حالياً، أو عن هيمنة مواقع التاريخ، والتمسك بالتراث والفكر الإسلامي، أو عن نقل علوم الغرب.. ولكن السبب الأساسي يعود –في تقديري- إلى وجود تلك القيم السلبية المهترئة المعبرة عن الثقافة وهي تعود أصلاً إلى طبيعة العقلية السلطوية السائدة عندنا، عقلية النخبة القائدة والمخططة والمنظرة للتحول والتحرر الثقافي. أي السياسة الثقافية التي أخذت على عاتقها تحقيق المهمة (مهمة النهضة والتقدم والرقي) منذ بداية القرن الماضي على الأقل.. هذه السياسة التجهيلية المقصودة والممنهجة هي التي أدت إلى استمرار مواقع وشخوص ورموز ومعاني "التجهيل" و"الخرافة"، كما أدت إلى تحويل "العلم الغربي" إلى خرافة أيضاً.. أي قتلت روحه النقدية المنهجية لتجعل منه سحراً ودواءً جاهزاً ووصفات وقوالب وعقائد جامدة، حولته من بحث وتدقيق إلى مسبقات عقائدية أيديولوجية، ومن طريقة في العمل والمنهجية والدراسة(مفتوحة الاحتمالات)إلى وسيلة لفرض موقف أو مذهب أو فكر، وبالتالي تكوين سياسة ثقافية رسمية واحدة تهدف إلى إيجاد أرضية صالحة لتكوين نخبة مستلبة ضائعة ومعزولة عن الشعب والأمة، وبعيدة كل البعد عن تحقيق أي هدف ثقافي للأمة على صعيد وضع المستوى الثقافي والسياسي العام للشعب وتوحيده، وتعميق تواصله الواعي مع تاريخ الأمة ومشاعرها النفسية ونسيجها العقائدي الاجتماعي الإسلامي كشرط مسبق لتحقيق أي مشروع أو مركب حضاري للنهضة.. (طبعاً، لهذا السبب بقيت القوى والنخب الفكرية العلمانية –على اختلاف مشاربها وانتماءاتها وعقائدها وتياراتها– معزولة ومبتورة تماماً عن جماهير الأمة بصورة عامة، لأنها لم تعبر عن وجدانها وذاتها الحضارية الفاعلة، بل تعاطت معها بنوع من العنصرية الفوقية.. ولم تنجح تلك النخب -التي استلمت الحكم في صورة المشاريع القومية واليسارية عموماً على مدار ستين عاماً- في تهيئة أجواء النهضة لمجتمعاتها، أو تحقيق الشروط الأساسية للنهضة والتنمية المطلوبة.. وفي رأيي أن السبب أساساً يعود إلى افتقادها قوة الرعاية والحاضنة أو "البيئة الشعبية"، ولهذا بقيت عاجزة عن تحقيق قيم التواصل والمد والاستيعاب، وفشلت في كسب ود ورضا الشارع عندنا لأنها خاطبته فوقياً واستعلائياً بلغة غير لغته، وثقافة غير ثقافته، وقيم غير قيمه، وأفكار بعيدة عن سياقات وضوابط حضارته ومبادئه التي نشأ عليها، والتزمها فعلاً وقولاً، وظلت تعيش معه في لا وعيه ولا شعوره حتى لو أعلن ظاهرياً خلاف ذلك، فبقيت تلك الدعوات الفكرية والأيديولوجية –القومية واليسارية وغيرها- معزولة عن هذا الإنسان المسلم، قابعة في فضائها أو في سجنها التغريبي، ولاحقاً دفّعت مجتمعاتنا الأثمان المادية والمعنوية الباهظة جراء خياراتها الثقافية والأيديولوجية الفاشلة والعقيمة.
طبعاً لا يعني نقدنا للثقافة الغربية التي نظرت بدونية لثقافات الآخرين، ومنها ثقافتنا الإسلامية، عدم الاعتراف بما حققته من مكاسب وانجازات كثيرة في ميادين العلم والمعرفة وشتى حقول الإبداع التقني والعلمي الإنساني، ولا يعني أن لا ننظر بإيجابية واعتراف بوجود مبادئ وقيم مهمة وصحيحة في هذا العصر تمكنت تلك الثقافة من تأسيسها، ولعل من أبرزها: مبدأ وقيمة الحرية والتعددية السياسية (الديمقراطية)، والاعتراف بالآخر، وشرعة حقوق الإنسان بغض النظر عن مشكلة الانتقائية وازدواجية المعايير التي يمارسها الغرب (وأمريكا) في تطبيق هذه الشعارات، واستخدامها مطية لشن الحروب وإثارة الفتن هنا وهناك.
من هنا فإننا بحاجة ماسة –في مجال البحث عن علاقة متوازنة وطبيعية مع العولمة الثقافية تأخذ بقيم الانفتاح لا الانغلاق– إلى تعميق الحس الثقافي النقدي لمفاصل الإهتراء الحضاري والسياسي القائمة في داخل تركيبتنا السياسية والحضارية، من أجل تحديد المسؤوليات السياسية والثقافية، والمباشرة الجدية في استدعاء الحلول الجديدة المناسبة. بهذا الوعي النقدي يتقدم المجتمع، وتتكامل الثقافة والفكر، وتتقدم السياسة والاجتماع السياسي المدني، وبه أيضاً يمكن أن نواجه ثقافة المركزة الغربية بوعي وثبات وتحليل ونقد علمي وموضوعي هادف ينطلق -قبل كل شيء- من داخل ثقافتنا الإسلامية نفسها التي نعتز ونفخر، ذلك لأنه سواء تعلق الأمر بالمجال الثقافي أو بالمجال السياسي (المؤسس لمناخ العمل الثقافي والعلمي الصحيح والمتوازن المطلوب)، أو بغيرهما، فمن المؤكد أنه لولا وجود مظاهر التراخي والكسل والضعف الداخلي –التي تضج بها ساحتنا العربية والإسلامية الداخلية– لما استطاع الفعل الخارجي أن يمارس تأثيره البالغ بالصورة التي تجعل منه خطراً ماحقاً (في نظر الكثيرين) يهدد الكيان والهوية والتراث.. مضافاً إليه ركوننا إلى التراث القديم، وتلقينا له بلا دراسة ولا مراجعة حقيقة.
من هنا، نؤكد بأن نجاحنا نحن المسلمين في إعادة الاعتبار العملي لهويتنا الحضارية الإسلامية، هوية الروح والمعنى والهدفية والمثل الأعلى، لا يكمن في الهروب من استحقاقات ومتطلبات مشاركتنا الفاعلة في العالم لتأمين ظروف قوية لإعادة إدماج هويتنا الحضارية في العالم المعاصر من موقع قيمنا ومفاهيمنا الأصيلة، وعدم الانغلاق على أفكارنا ورسالتنا، والابتعاد عن معطيات العصر وتجنب مواجهة تحدياته، وهمومه، وتعقيداته.. لأن تغيرات الحياة المتسارعة، وتحديات العصر القائمة تقتحم أجواءنا بكل بساطة وقوة، من كل حدب وصوب، ودون أي استئذان.. فما هي هذه المشاركة الفاعلة؟ وكيف يمكننا تحقيقها من خلال هويتنا الحضارية الإسلامية؟... وهل قدم المسلمون في السابق نماذج وطروحات عملية وتطبيقية واضحة لهذا النجاح الثقافي "الهوياتي" الإسلامي؟!
هذا ما سنحاول الإجابة عليه في الحلقة الثالثة والأخيرة من دراستنا هذه..
#نبيل_علي_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإسلام كرسالة إنسانية مقاربة في المشروع الثقافي الإسلامي من
...
-
من تداعيات أحداث 11 أيلول 2001 م العرب بين مطلب النهوض الحضا
...
-
ولاية الفقيه بين الجمود والثبات أو الانفتاح والتجديد
-
الأميركيون فرحون بالتغيير، فماذا عن العرب؟!
-
المعارضات العربية بين حق الحرية ومنطق الاستئصال
-
نظرية الحركة الجوهرية والتكامل النفسي بين العلم والفلسفة الق
...
-
نظرية الحركة الجوهرية والتكامل النفسي بين العلم والفلسفة الق
...
-
نظرية الحركة الجوهرية والتكامل النفسي -القسم1
-
نظرية الحركة الجوهرية والتكامل النفسي-القسم 2 والاخير
-
العقل وماهية الإدراك العقلي
-
ضرورة الانتظام العربي والإسلامي في عالم الحداثة والتنوير
-
المفاعل النووي السوري بين الحقيقة والوهم..
-
المقاومة الوطنية والإسلامية.. ومعادلة الصراع الاستراتيجي ضد
...
-
محنة الاستبداد السياسي والاجتماعي في العالم العربي - القسم ا
...
-
الفساد في العالم العربي معناه، دوافعه وأسبابه، نتائجه وعلاجه
-
إلى الصدر الصغير: العراق بين الدولة المدنية أو الدولة الطائف
...
-
محنة الاستبداد السياسي والاجتماعي في العالم العربي 1/2
-
الإعلام العربي بين واقع التضليل وطموح التغيير
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسير هدفا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في بلدة رب
...
-
تحديث تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر نايل سات وعرب سات
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان: استهداف تجمعا لافراد وآليات الا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان: استهداف تجمعا لآليات الاحتلال ف
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة كريات شمونة بصلية
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصفها حيفا المحتلة بصلية صا
...
-
أول تعليق للجيش الإسرائيلي على غارة استهدفت بلدة ذات غالبية
...
-
نزليها وفرحي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة بيبي 2024 الجديد ع
...
-
مجاهدو المقاومة الإسلامية اللبنانية يدكون معاقل كيان الاحتلا
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|