أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن الجبوري - العاشق الكبير














المزيد.....

العاشق الكبير


حسن الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 4067 - 2013 / 4 / 19 - 20:10
المحور: الادب والفن
    


كان يجلس على طريق عملي , عجوز طاعن بالسن , ملتحي بلحية بيضاء ناعمة وجميلة , وبشرة تميل للبياض ووجه يحمل بين تقاطيعه اسرار كثيرة , ظل في هذا المكان وكأنه بسمار دق من زمن بابل . تعودت كل يوم أن اراه منذ الصباح , بل حتى إنني في بعض الاحيان أخرج فجراً وأمر من أمام محرابه وأجده يتعبد , لكن عبادته كانت من نوع أخر , عبادة عاشق من المحاربين القدامى في معارك الهوى والعشق , سألت عنه بعد ان أمضيت أشهر وأنا على هذه الحال , أراه يوميا عند ذهابي للعمل وعند خروجي منه , أخذني فضولي وسألت عنه , فقال لي أحد الطاعنيين في السن , من تقصد , قلت له الرجل الكبير صاحب اللحية البيضاء الذي يجلس على حائط المدرسة الابتدائية , قال نعم عرفته انه ( ابو ناجي ) ! قلت له وأين ناجي ؟ فضحك الرجل بقهقهة ثمل بعدها من كثر السعال الذي اختزل مدى تدهور اعضاءه التنفسية . وحين استقر بعد أن شرب ماءه , نظر الي وقال ( ابو ناجي ) يعني البريطاني ! وليس له ابن ! قلت له كيف ؟ الم يتزوج ؟ قال : عند دخول الاحتلال البريطاني في الجنوب كان ( كريم ) شاب صغير وجميل , عمل معهم ولمدة طويلة , وتعرف على فتاة بريطانية أحبته بجنون واحبها إلى درجة العبادة , وعند خروج الاحتلال قالت له اذهب معي الى بريطانيا العظمى لنعيش سوية . فلم يكن من كريم إلا أن نظر الى المدى وهو يوزن بين حب في الغربة وبين حياة تحمل سلفه وحياته ومستقبل مجهول في بلاد ابو ناجي .. فنظر اليها وقال : ابقي هنا معنا وسأفعل لك كل ما تريدية ونذهب بزيارات الى بلدك واهلك , فنظرت اليه حبيبته وهي تغرغر بدموع الوجع والرحيل وقالت لا , فحياتي هناك , حينها قال كريم لها وهو يختنق بعبراته : وحياتي هنا . ومنذ ذلك الحين رقد كريم في سبات مع الزمن منذ الصباح إلى المساء وهو يعيش مع أحلامه التي تقطعه عن عالمنا , فيضنه الناس مجنون , وهو مجنون لكن بالعشق , وبعد هذا السرد من قبل الشيخ التفت الي وسألني سؤالا كبيرا , قال لي : ياترى من احب اكثر حبيته أم أرضه ؟؟؟؟ .. وتفاجئت بالسؤال الذي يعبر عن قصة كبيرة يختزلها الزمن بكلمتين . وعند نهاية الحديث ذهبت الى البيت وانا افكر بكريم , ما هذا الكائن ؟ ترى كم احبها لدرجة الجنون ؟ ولماذا فضل ارضه عليها ؟ من الذي جننه هي أم ارضه واهله ؟؟ . اسئلة ظلت تعيش معي كل يوم وانا اراه يوميا عند ذهابي وعودتي . وفي يوم كئيب وملبد بالغيوم لم أرى ( العاشق الكبير ) وسرت الى عملي وانا اتسأل , انها المرة الاولى منذ اربع سنوات , ترى لماذا وماذا حصل ؟ وعند نهاية العمل رجعت الى البيت وعزمت ان اذهب عند العصر الى بيته , وذهبت الى حارته وسألت اطفال الحارة , اين جدو كريم ؟ فقالوا ( كريم المخبل ) ! قلت نعم أين قالوا في ذلك الاتجاه , ومشيت الى زقاقه ودخلت في الدربونة التي يوجد فيها بيت العاشق , وحينها صعقت وأنا أرى مجلس العزاء وجادر المأتم وصوت القرأن وهو ينشد فوق روح ( كريم , العاشق الكبير ) , فجلست وتأملت في نظراته التي كانت لاتميل ابداً وكأنه يرى حبيبته هناك جنبه ويتكلم معها , ونهظت مغادرا , حزيناً , كئيباً , احمل ألم فراق ( العاشق ) واحمل الم ذلك السؤال : من أحب اكثر حبيبته أم ارضه وأهله ؟






#حسن_الجبوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صُدفة
- الابداع على مستوى الفرد
- تساؤلات من رحم العراق
- اسطورة بابلية
- قطار من ورق
- درب التبانة
- يوم الرحيل
- سؤال للروح
- مناجاة كلكامش
- قافلة الجراح
- شذى
- ثورة الروح
- عشق اسطوري
- نزيف في اخر العصور
- قصيدة بغداد
- قصيدة
- قبور غريبة
- أخطاء الصالحين


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن الجبوري - العاشق الكبير