أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامح حنا - المُراهِقة















المزيد.....

المُراهِقة


سامح حنا

الحوار المتمدن-العدد: 4064 - 2013 / 4 / 16 - 11:51
المحور: الادب والفن
    


شاهدته جالسا على أحد مقاعد مقاهي الرصيف في هامبورج يحتسي القهوة... وقد امسك بين أنامله بقلم يخط به حروفه العربية بسرعة عجيبة أبهرتها!...

اقتربت منه باسمة وقالت:
-أنت عربي ؟...صحفي ؟

نظر إليها من خلف نظارته الشمسية وأجابها:
-نعم... ولكن لست صحفيا... اكتب خواطري !...

جلست -دون أن تستأذنه- بالقرب منه وقالت وهي تجهد في اختيار مفرداتها العربية:
-من مصر ؟.

أجابها مبتسما:
-نعم تتكلمين العربية بلهجة مصرية أنت مصرية ؟.

فرحت من أجابته فلقد اعتبرتها قبولا بها وإطراءً:
-لا... أنا تعلمتها من "التلفزيون"... ثم تابعت أنت سائح أم طالب ؟.

أجابها:
-أنا فى رحلة عمل سأغادر غدا إلى النمسا .
قفزت من مكانها وقالت:
-صحيح احلم بتلك المدينة أتأخذني معك ؟.

تفاجأ من بساطة قرارها في الرحيل معه دون مقدمات ؟!!!... وتذكر مشقة وصوله إلى أول مطار أوروبي والسنين التي سبقتها للتحضير لحلمه وسفره لمتابعة أعمالة في الخارج وقال وهو يرمي ببعض القطع المعدنية ثمن قهوته على الطاولة:
-هكذا بكل بساطة !... بدون أن تعرفينني ؟.

سبقته خطوات عدة ثم عادت باتجاهه ضاحكة فرحة:
-أنت تشبه ممثلين السينما... دعني أتأملك... دعني انظر إليك... لطالما حلمت بالرحيل عن هذه المدينة... انتظر عابرا ليس كأي عابر... انتظر فارسا ليس كأي فارس... انتظر حبا...
وهي تقترب منه لتضمه تابعت:
-أنت حبي ؟؟؟.

اخذ بها من ساعديها وهو يبعدها عنه بلطف وقال:
-هل يعقل !؟... فتاة جميلة وفاتنة ومثقفة مثلك تفعل هذا ؟... هل يرضى اهلك على تصرفاتك؟... كم عمرك ؟.
وهو يهزها:
-بأي صف دراسي أنت... هاربة من المدرسة أليس كذلك ؟؟؟.

صاحت به وهي تبكي:
-منذ عشرة أيام وأنا أترقبك... أجثو هناك على المقعد الخشبي المقابل انظر إليك... منذ عشرة أيام ؟ أتفهم ؟.

منذ إن تعرفت إليك وصافحتك ... كنت تجلس بنفس المكان برفقة صديقك... وكنت أنا برفقة صديقته... لم تعرني اهتماما ؟... لماذا ؟... وهي تحاول أن تتخلص منه لماذا ؟... لماذا ؟.

وقف مشدوها وصامتا مما سمع !... ثم تابع المسير وهو ينظر إلى ارض الرصيف المرصوف بحجارة صغيرة ناعمة وبراقة وقال بصوت خافت يشبه الهمس:
-شيء جميل ونبيل أن نحب ولكن ألا تعتقدين بأنك تتسرعين بالحكم على مشاعر تعتمد على المظاهر ؟... أنت لم تعرفينني بعد ؟.

نظرت إليه فرحة وقد اعتبرت مجرد أن يستعيد حواره معها هو رضا وقبول بها:
-انظر مدرستي هناك ليست بعيدة علي اللحاق برفاقي حتى لا ينتبه احد لغيابي... أراك غدا... باي ... باي

في صباح اليوم التالي رن الهاتف في غرفته وسمع صوت صاحب الفندق يقول:
-صباح الخير سيدي يوجد فتاة جميلة تطلب الصعود لحجرتك هل اسمح لها ؟.

أجابه بشيء من الامتعاض والخوف:
-لا...دعها تنتظر سأنزل حالا.

وما إن وصل صالة الانتظار بالفندق حتى شاهدها تجلس هناك على احد المقاعد وقد وضعت إلى جانبها حقيبة سفرها ! ! ! ولمجرد أن رأته همت إليه مبتسمة وقالت وهي تقبله -على وجنتيه كما يفعل الأوروبيين- وكأنها تعرفه منذ زمن:
-أنا جاهزة... حقيبتي... هويتي الشخصية بعض الكتب والنقود ونظاراتي... انظر عندي نظارات ملونه وجميلة مثلك... متى نرحل ؟.

أجابها والعرق يتصبب من جبينه ويبلل بدنه وقد ذاب خجلا أمام هذا الموقف الجديد الذي لم يعهده من قبل:
-أنت مجنونة بلا شك ؟... كيف تفعلين هذا ؟... هل استأذنت اهلك ؟.

قالت بثقة:
-لا... أنا سأهرب معك لقد تركت ورقة لوالدتي... سأرحل عن هذه المدينة إنني لا أطيقها... أنت أملي الوحيد... أريد أن ارحل معك ؟

حاول أن يلهي نفسه بطلب القهوة وفطيرة (كرواسان):
-هل تأخذين القهوة معي ؟... خذي فطيرة لابد أن تكوني جائعة ؟

وهي فرحة أجابته:
-موافق إذا... متى موعد القطار ؟.

وقد عاد بعض الهدوء إليه وشعر بأنه لابد سيسيطر على الموقف بحنكته المعتادة، فلقد تلقى الصدمة الأولى وامتصها بكل رباطة جأش وعليه أن يبحث عن حل ينقذها وإياه من ورطة لم تحسب لها أي حساب:
-يعني أنت جاهزة... أنت تعرفين بأنك ترتكبين خطأ كبيرا بهروبك لأنك تحت السن القانونية أولا... ثانيا لا يحق لنا ومن اجل لحظات حب وجنون عابرة أن نحطم قلوب والدينا الذين تعبوا من اجل أمننا وصحة أبداننا وعقولنا وحصولنا على نجاحنا في الحياة... لا يصح أن نتجاوز قيمنا وأخلاقنا وعاداتنا ونرمي بمشاعر الآخرين خلف ظهورنا من اجل نزوة عابرة... أليس كذلك ؟.

عليك أن تتحلي بالصبر وتفكري بعقلك لتلجمي نداء القلب فهو وان كان صادقا لا بد وان يخطئ !!!.

أجابته بامتعاض وهي تنظر إليه بعيونها الكبيرة بشيء من التحدي:
-أخطأت بحبي لك ؟

قاطعها:
-ليس هذا ولكن أحسني استخدام هذه المشاعر النبيلة أحسني الحب... ولا تسببي به الأذى للآخرين ؟
- أنت لا تحبني إذا ؟.
- ليس هذا... المقصود والديك... إخوتك... أصدقائك... مقربيك... لا يصح أن يكون حبنا سببا في تعاستهم... هناك وسائل لإرضاء الجميع.
- كيف ؟... ها... قلي ... كيف ؟
- سأتعرف إلى والديك... اعرفهم بنفسي... واخطبك منهم... وهكذا يكون لديك الوقت الكافي لكي تتعرفين علي أكثر ولكي احبك أنا أكثر ؟ !.

فرحت ببراءة بعرضه هذا لأنها لابد كانت مترددة في حسم الأمر واتخاذ القرار ورأت فيه فرصة لكي تحتفظ بحبها ولا تخسر محبيها وأعجبت بكلامه الهادئ المليء بالدفء والصدق وقالت:
-تأتي حقا لتتعرف إلى والدي وتزورنا ؟.

أجابها والألم يعصر قلبه:
-هيا لأنقلك إلى المنزل لابد أنهم قلقون عليك... أعدك سأتصل لكي أأخذ موعدا واحضر لزيارتكم... أعدك.

هو يعرف تمام المعرفة بان إيصاله لها إلى منزلها -رغم عواقبه الآنية البغيضة عليها- سيضعها في أمان... وصدق حدسه عندما جاءه صوت والدتها -العنيف له- من خلال الهاتف الذي وعدها به !.

وما إن أغلق السماعة حتى شعر بنشوة لنصر أراده وظفر به !... فذهب لينتظرها أمام مدرستها وقد احضر لها قطة صغيرة من الوبر الناعم !... ولمجرد إن شاهدته ركضت إليه لترتمي بين ذراعيه وهي تضمه وتبكي:
-اعرف انك اتصلت بهم وبأنك تحبني... لقد أخذت نصيبي من التأنيب... وهي تبتعد عنه وتمسح دموعها
-انظر لقد أعطتني والدتي خاتم خطبتها ووعدتني أن اخطب لك متى انتهيت من دراستي ؟ !.

أجابها وهو يخفي دموعه خلف نظاراته الملونة:
-انظري لقد أحضرت لك هدية.

أخذت القطة فرحة بها وأجابته وهي تضمها:
-إنها أجمل هدية تلقيتها في حياتي... هاك عنواني لقد حضرته لك... وهي تمد يدها بورقة زهرية اللون... ثم استدارت بعد إن خطفت قبلة طبعتها على شفتيه لتنضم إلى مجموعة من رفاقها -كانوا قد تجمعوا يترقبونها- حيث استقبلت بالتصفيق والتقبيل... ورحلت معهم وهي تشير له مودعة ملوحة بلعبتها رمز حبها وتتراقص معها ببراءة الأطفال.

تساءل وهو يعود متجها نحو محطة القطار (لابد وان الله يحب هذه الفتاة ويكرم أهلها... وبأنها ولاشك ستعترف يوم ما بحسن صنيعي بأن رددتها إلى أهلها... إلى أصدقائها... أو بكل بساطة إلى طفولتها ومراهقتها لكي تعيشها على أكمل وجه)

وبأنه ولاشك وبما يتمتع به من حكمة الكبار- وكما عهد نفسه دائما- ضرورة لابد منها لإيجاد التوازن المطلوب بين الخير والشر... وبأنه إذا ما سعى لحمايتها فهو بذلك يحمي نفسه وأولاده يوما ما !.

وتذكر قول والدته جوابا على استغرابه لاهتمامها بفطور عمال يعملون في ورشة لا تخصها (إن هذا لا ينتقص مني ولا من قدري وقيمتي إنني افعل هذا من أجلكم من اجل أولادي ليحميكم الله ويرسل لكم من يحن ويعطف عليكم... هكذا استرد عملي.)

فضحك وهو يحدث نفسه (لابد إن والدتها تشبه أمي)



#سامح_حنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقاء
- عودة
- لن تتركه
- ماندو
- سؤال إمرأة


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامح حنا - المُراهِقة