أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف الأخضر - لعنة الصنم














المزيد.....

لعنة الصنم


يوسف الأخضر

الحوار المتمدن-العدد: 4061 - 2013 / 4 / 13 - 23:06
المحور: الادب والفن
    


انزوى المكان في حيز صغير لا يقبل حقيقتان، و تلعثم الوقت متحسرا على نفسه في مشهد احتقار و شنآن، كان بودي أن أكسر النوافذ الزجاجية من حولي، حتى نتنفس من هوائهم الغني بأكسجين الحياة. منازلنا لا تقبل حقيقتان، فقط هي الهوية تحرك سكوننا من حين لآخر، نبتغيها ماضيا و حاضرا و مستقبلا، فإن فقدنا كل شيء تبقى فكرتنا عن كل شيء متربعة عرشنا الميت، فنحن نحيي الميت على رفاث قاتله، و نحمي آثارنا و نعبد الماضي اللعين، نتربص كل عابر سبيل حتى نطعمه من جوعنا، نختزل كل حقيقة معقدة أو ننكرها لعلةِ تعارضها مع إحساس دفين، لا نقبل الشك إلا لتأكيد الخيانة كل مرة. يأسرني منظر الفُلك و يهوي بكل حقيقة قائمة، تذوب كل الجبال الثلجية بداخلي بلفحة شمس قاضية، أيحق للبصر أن يتوه و يعلن غيضه؟ ما لسمعنا لا ينصت؟ تذوقوا مرّكم لتتبينوا معنى غزارة الكلمات، سارعوا لاحتلال القبور لتدركوا أسلوب الحياة، لقد تمدد كل جسد و تعرى في كفن الموت، تلازمه الحياة كأنها تراجيديا إغريقية، فيبلغ الإنسان مرتبة أخاف عليه من إنسانيته فيها، لم يحن وقت المجهول و لا الإكترات باللامعقول حتى نشمل بعطفنا كل المعلوم، و نصيغ منه فائدة تعم الجميع.

تختزل هوياتنا كرها لحاضر مختلف عنها، لأننا تعودنا أساليب مكر الكلام واحتلال قلاع المدن، و انطلقنا من وسط التاريخ فاحتكرناه لأنفسنا كأنه استخلاف من رب يسكن السماء. الهوية مستقبل و ليس ماضي، إنها ما سيكون الإنسان و ليس ما كان، يولد الجبن من أرحام رفاث القبور، فيكبر فينا ممتطيا أجسادنا المتعبة كأنها خيول تتسابق في مضمار حضرة رب السماء. إن احتضار هوياتنا انتصار لجنس الإنسان، وتقدير له في اتساعٍ آخر للمكان، ففي تجاوز الحدود شجاعة آسرة قاتلة للنفوس الضعيفة. لم يعد يهم الأصل في حضرة الغياب، لن يكون هنالك ماضي يحفظ حاضراً أو أمس يقرر كيف للغد أن يكون، إن تراتب الزمان واحد يسير وفق خط رفيع في اتجاه مجهول، فما لنا لا نفرق بين محمدا و محمودا إلا بالكتاب المقدس؟ لا نعرف كنه الأشياء إلا وفق أجندة المشرع الأول؟ فلا يحلو لنا العيش إلا بانتسابنا لأحد الأنبياء و الرسل؟

اقتنصوا غيضكم المكمم بأرق الاختزال و انقضوه في حضرة الاغتيال، سارعوا لإثبات مجدنا القادم كأنه ريح عاتية تعم أرض الصديق و العدو، لطالما مسنا هوس التاريخ فنسينا حاضرنا و تركناه يتلضّى بنار الاختزال، لن تُبنى قط حضارة على أنقاض الانتظار، لأن من يهاب مصارعة الثيران فعليه بمدرجات الاحتماء، لا جبن في احتراس الأخطار لكن الجبن عندما ننزوي بها إلى غرفة الاحتضار. يجب التطلع للأمام، و الكف عن دعوة السماء، إن الهداية كناية، والتوكل للإنسان أشرس خيانة، باسمك أنت أيها الإنسان امتلكت الطبيعة لغتها، و وهبت لكل معنىً فيها ألفاظها و أسمائها، إن شأنك لعظيم، و تقديرك لصائب، عند كل آخر طريق بداية طريق جديد، و إلا لما كان للسراب معنى وسط الصحراء القاحلة. لقد تعوّدت الطيور الارتحال كلما اشتدّ جوعها، و احتلّت أرض الدفئ بعد الصقيع، تطلق أجنحتها للريح بعد كل نذير، ليس للهوية لديها شأن و لا مصير.

إن الصنم لقاتل لعوب، يستفز الإنسان كلما انزوى بعتقه نحو المجهول، كلما تطاولت أنامله على حضرة الصنم تبسّم باقتدار العلّيين و سحب سيفه من غمده، أيتطاول العبد الضعيف على سيده؟ أيجرؤ اقتباس المقولات من غير كتبه؟ قل كتابي هوّيتي و احتضر بين الصفوف المقاتلة! واعلن انسحابي كلما اشتد القتل و لا تقل أن الصنم يحب لعباده الموت! إن الإنسان الذي يصبو إلى حريته تكسر كل معنى للهوية بخلجه، و انشغل بزهده عن صنم التاريخ و قيوده، فسارعت أحقاده للزوال و الفتور، غير آبه باحتلال مزرعة أمست ملكه. فالهوية انشغال فارغ من أي استفادة و صنم وهمٍ يشغل فراغ الإنسان في حربه الدائمة على جنسه.



#يوسف_الأخضر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القمر
- هل لكل موضوع عنوان ؟
- الوعي و الواقع
- المدينة المتفاضلة
- السيد المارد
- الغريق و المنقذ


المزيد.....




- افتتاح معرض فن الخط العربي بالقاهرة بتعاون مصري تركي
- عام فني استثنائي.. 5 أفلام عربية هزت المهرجانات العالمية في ...
- صناع فيلم -الست- يشاركون رد فعل الجمهور بعد عرضه الأول بالمغ ...
- تونس.. كنيسة -صقلية الصغيرة- تمزج الدين والحنين والهجرة
- مصطفى محمد غريب: تجليات الحلم في الملامة
- سكان غزة يسابقون الزمن للحفاظ على تراثهم الثقافي بعد الدمار ...
- مهرجان الكويت المسرحي يحتفل بيوبيله الفضي
- معرض العراق الدولي للكتاب يحتفي بالنساء في دورته السادسة
- أرشفة غزة في الحاضر: توثيق مشهد وهو يختفي
- الفنان التركي آيتاش دوغان يبهر الجمهور التونسي بمعزوفات ساحر ...


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف الأخضر - لعنة الصنم