أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حاتم بن رجيبة - ماهية الفن














المزيد.....

ماهية الفن


حاتم بن رجيبة

الحوار المتمدن-العدد: 4048 - 2013 / 3 / 31 - 21:40
المحور: الادب والفن
    



الشمس لم تبرز منذ أكثر من أسبوع ، برد قارس وأشجار مجردة سوداء ، صمت رهيب خارج الحجرة، كل ما ذكرت لا ينتج إلا الكآبة والضجر والقرف لولا هذه الموسيقى الرائعة لشباب الراب التونسي بكلمات خارجة عن المألوف و إيقاعات سريعة وقوية و انسجام ممتع يزيل قبح الطبيعة في الخارج والروتين القاتل .

اتصل بي قريب على أمواج الواب فوصفت له ما دار بخلدي شاكراً الفن الذي ينسينا قرف الحياة واللامعنى فيها فيجعلنا نواصل العراك بكل تفاؤل رغم وضوح الأبسوردية والتفاهة . أعجبه تفسيري للفن وبما أنه مختص فيه فقد روى لي كيف أجاب على تساؤل صديق له عن ماهية الفن ب:،، الفن هو كامن في كل نشاط واهتمام إنساني تمرق إليه متى تعمقت في ذلك النشاط أو الإختصاص لتتعدى الحرفية إلى رتبة الفنان ،،. أقر أن تعريفه هذا كان تلقائياً دون تحضير وتخمين .،،

يخطئ من يعتقد أن الفن مرتبط بالفنون السبعة المتعارف عليها .

النجار يمكن أن يكون فناناً كذلك البناء والحداد والخياط وكل الحرفيين كما المعلم والأستاذ والطبيب وكل الموظفين حتى المومس يمكن أن تكون فنانة .

الفن يشمل كل الأنشطة الإنسانية ويتعدى الجمال رغم أنه عنصر مهم فيه و الأخلاق أيضاً فهناك من يبرع في الكذب والتحيل والسرقة حتى يصبح فناناً في مهنته .

الفن ليس موهبةً ربانية كما يدعي الكثيرون بل هو نتاج لعمل مضن وتمرين قاس وانضباط وتفانٍ في حذق نشاط ما .

عنما تتمكن من مهنتك وتتعمق فيها وتحذقها حذقاً متقدماً تصبح خبيراً فيها. مرتبة الخبير هذه لا يرقي إليها إلا نخبة قليلة و مجتهدة ومواضبة . هي مرحلة ضرورية تسبق الإرتقاء إلى رتبة الفنان التي بدورها تكون حكراً على نخبة ضيقة ضمن زمرة الخبراء .

هذه الصفوة القليلة تتعدى الحذق إلى درجة الإبداع . لكن ما معنى الإبداع ؟

الإبداع هو إنتاج الجديد وتخطي التقليد والمحاكاة .هذا الإبداع يسبقه دائماً التمكن الكامل من الصنعة أو النشاط مع حب وولع واضح واقتناع كامل مما يولد طاقات إضافية هي مصدر الجمال والروعة ما يصبغ طابع الخصوصية والإنفراد في العمل للفنان والإعجاب لدى المتقبل. فالمرأة التي تلم بتقنيات الإغراء والنكاح كما تكون ولعةً بهما مع تاريخ حافل في التمرين والممارسة تجعل منها مهيئةً لبلوغ مرحلة الإبداع والفن في نشاط الجنس (أعتذر عن هذا المثال لكنه يخرج بنا عن النمطية و تضييق الفن على الموسيقى و الكتابة ألخ )كذلك الحال بالنسبة للكذاب والنادل في الحانة والممثل ...

المصيبة التي حبت بها الطبيعة الإنسان هي ولادة الوعي والقدرة على التفكير المبهم لديه . هاتان الطاقتان اللتان ينفرد بهما عن الكائنات الحية الأخرى تجعلانه يتفطن إلى بلادة وركاكة وجوده . ذكاؤه يفضح تفاهة سعيه وعمله ودوره في الحياة . بوعيه يدرك أنه يحيى لأجل الحياة فقط . هو يعيش ويعاني لأجل البقاء وعدم الزوال حاله كحال كل المخلوقات البدائية . كل هذا الذكاء والفطنة لأجل البقاء فقط ؟ هذه الحقيقة المرة هي صفعة لكل إنسان يخمن بموضوعية ونزاهة في معنى وجوده . الدين والخمر والمخدرات بكل أنواعها إنما هي وسائل لطمس هذه الحقيقة المرة والكارثية لكائن خال نفسه متميزاً ومصطفى وفاعلاً . كذلك الفن هو مسكن و مخدر للألم الوجودي . لولاه لاستحال هذا الوجود مضجراً إلى حد الإنتحار . الفن هو في آخر الأمر يخدم البقاء فلولاه لزال الإسان واندثر .

ما يميزه عن المسكنات الأخرى هو خلوه من الأعراض الجانبية القاتلة التي تصاحب المسكنات الأخرى .

الفن ينسي الأبسورد واللامعنى دون اللجوء إلى تدمير الذات والموت كما يصاحب ذلك الإلتجاء إلى الدين والمخدرات .

هذه هي الوظيفة الأساسية للفن أما التعليم والتربية وتمرير القيم والأخلاق فهي لا تنحصر فيه وإنما يمكن أن تمرر عبره . فيكون هو كالحامل أو العربة .

دعك من الدين والمقدس والأفيون والميسر ... فلن تقودك هذه الموبقات إلا إلى الموت والألم واعشق الفن فسينسيك قرف الوجود ويهديك السعادة والفرح .



#حاتم_بن_رجيبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعريب المواد العلمية ؟ ضرورة ؟
- الإنسان عاش جل حياته حيواناً
- أسباب تشبث الإنسان المعاصر بالدين
- اليسار التونسي وعقدة التدخل الأجنبي
- الإنقلاب على الشرعية ونتائجه


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حاتم بن رجيبة - ماهية الفن