أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حاتم بن رجيبة - اليسار التونسي وعقدة التدخل الأجنبي














المزيد.....

اليسار التونسي وعقدة التدخل الأجنبي


حاتم بن رجيبة

الحوار المتمدن-العدد: 4015 - 2013 / 2 / 26 - 21:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اليسار التونسي وعقدة التدخل الأجنبي

لكم أدهشني بيان حزب العمال بإمضاء الجيلاني الهمامي يندد فيه بالتدخل الفرنسي في مالي متهما إياها بالإمبريالية ونيتها الخسيسة في استغلال خيرات البلاد ودول الجوار المنجمية كما لم يفته أن يعرج على التدخل الغربي في ليبيا ليكيل له نفس التهم.

لم أستعب هذا الكلام ذلك أنني خلت هذا الخطاب من اختصاص بعض المبحرين على شبكة الفايس بوك . خلت هذا الخطاب الشعبوي والخشبي حكراً على نفوس هائجة وغاضبة تفتح لكيانها الجائش بمشاعر الحنق والإندفاع متنفساً من خلال الشتم والسب واللعن .

لم أكد أتعافى من الصدمة حتى قرأت مقالاً للأخ بيرم ناجي في هذا الموقع المحترم ينتقد فيه نصاً للمفكر عزمي بشارة دعا فيه لضرورة التدخل الأجنبي في سورية . لقد كان النقد لاذعاً إلى حد وصف بيرم لعزمي بشارة بالمثقف الكارثة . تحولت الصدمة إلى رجة نظراً لاحترامي الكبير للمفكر بيرم ناجي وإعجابي اللامتناهي بقدراته التحليلية و بموضوعيته وأسلوبه العلمي الدقيق .

أتكون عواطف سنوات الدراسة الجامعية وشعارات الحرب الباردة المنددة بالإمبريالية الغربية قد استيقظت في كيان المفكر الرصين والموضوعي ؟

أيمكن القول أنه في داخل كل يساري معاصر كيان ماركسي دوغمائي ومتحجر ؟

أنا أرى تعاطي اليسار الكلاسيكي التونسي مع معضلة التدخل الأجنبي في الصراعات الداخلية دوغمائياً وإيديولوجيا بشعاً .

الدوغمائية مردها انعدام المرونة ودراسة كل تدخل وكل صراع على حدة و تعميم وجهة نظر مرتبطة بصراع معين على كل الصراعات المماثلة مما يؤدي إلى الجمود الفكري عند منعه من الغوص في التفاصيل والخاصيات التي لا يجوز تجاوزها والسهو عنها .

البشاعة مصدرها العواقب الكارثية جراء هذا التعميم ، فالحديث يكون عامة عن مئات الآلاف من الموتى و الملايين من المآسي .

لا شك أن العديد من التدخلات الأجنبية في صراعات قومية أو محلية لم تجلب إلا الدمار والمجازر والأمثلة لذلك عديدة أذكر من بينها حرب الثلاثين سنة في أوروبا (1616 - 1648) عندما تدخلت قوى القارة في صراع محلي بألمانيا ليتحول إلى حربٍ دينية بين الكاتوليك والبروتستان ثم إلى صراع نفوذ لتصل الخسارة البشرية إلى اندثار ثلثي سكان بعض المقاطعات الألمانية . كذلك تدخل الولايات المتحدة والصين والإتحاد السوفياتي في الصراع الداخلي في فياتنام (1957 -1975)مخلفا مليوني ضحية . لا ننسى أفغانستان بتدخل باكستان والسعودية وإيران والولايات المتحدة ...ليستمر القتل والإرهاب إلى حد هذه الساعة .

لكن في المقابل ألم يسمح تسليح بلجيكيا للجبهة الوطنية الرواندية وتدخلها الغير مباشر بإيقاف مجازر الإبادة الجماعية لأقلية التوتسي من طرف الهوتو ليصل عدد الضحايا إلى 800 ألف في غضون 100 يوم فقط ؟

ألم ينه تدخل القوات الفيتنامية في كمبوديا سنة 1979 إبادة الخمير الحمر للشعب الأعزل من أجل تحقيق الشيوعية الأغرارية بتكلفة 2,2 مليون روح ؟

ألم يضع تدخل حلف الناتو حداً للإبادة الجماعية للمسلمين في يوغوسلافيا من طرف الصرب ؟

ألم يتسبب تدخل سوريا في نهاية الحرب الأهلية الطائفية في لبنان ؟

فكما كان ولا يزال التدخل الأجنبي السبب الرئيسي في استفحال الحروب الأهلية والتقاتل في العديد من الصراعات الداخلية فإنه ساهم ويساهم في وقف العديد من المجازر وإنقاذ الملايين من الموت والتعذيب والمجاعة والحرمان .

كيف ليساري هدفه سعادة البشرية ورفاه المهمشين والضعفاء أن يسمح لنفسه بالسكوت عن إزهاق مئات الآلاف من الأرواح خوفاً من الإمبريالية والمطامع الإستعمارية وبحجة حق الشعوب في حل نزاعاتها الداخلية بنفسها ؟ أليس هذا سادية وتهكماً ؟

بأي حق يتطاول المنصف المرزوقي والجيلاني الهمامي وبيرم ناجي من على كراسيهم المريحة وأمام شاشات حواسيبهم في غرفهم المكيفة على المضطهدين والجوعى والمهددين في حياتهم وكرامتهم وشرفهم في سوريا ومالي وليبيا ؟

بأي حق تتهكمون على الغارقين أثناء غرقهم وعلى المذبوحين أثناء تصككهم وعلى الجوعى أثناء تقطع أمعائهم وعلى ذوي العزة حين ينكل بهم الزبانية ؟

ليبيا ليست أفغانستان ومالي ليست فياتنام وكمبوديا الخمير الحمر ليست الصومال والعراق ليس البوسنة و الهرسك ...

متى يجوز التدخل ومتى لا يجوز يبقى مرتبطاً بالوضعية الخاصة لكل صراع .

لو كانت منظمة الأمم المتحدة ديمقراطية بالقدر الكافي في اتخاذ قرارات التدخل لكان التحكم إلى رأي المجتمع الدولي الحل الأقرب إلى الصواب . لكن إلى أن يتحقق ذلك يبقى المهددون بالإبادة والمجازر تحت رحمة قوى وكائنات مفعمة قلوبها بالرحمة والإنسانية والتآزر ومكتنزة بالعقلانية والشجاعة وتحمل المسؤولية .



#حاتم_بن_رجيبة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنقلاب على الشرعية ونتائجه


المزيد.....




- ما حقيقة وجود -الزئبق الأحمر- في المومياوات المصرية؟
- -أكسيوس-: الولايات المتحدة أبلغت إسرائيل بعدم مشاركتها مباشر ...
- بغداد: نلتزم بحماية البعثات الدبلوماسية
- طهران: لن نخضع للتهديد والإملاءات
- مجلة: انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي سيؤدي إلى انهياره ...
- قافلة العدالة لفلسطين تجوب أوروبا للضغط على حكوماتها
- -قافلة الصمود- لكسر حصار غزة تواصل زحفها نحو الشرق الليبي
- مخاوف أميركية من -الرد الإيراني-.. كلمة السر -البالستي-
- بحضور كيم.. تدشين المدمرة -المتضررة- بعد إصلاحها
- أمريكا.. تفاصيل واقعة إخراج سيناتور بالقوة من مؤتمر صحفي لوز ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حاتم بن رجيبة - اليسار التونسي وعقدة التدخل الأجنبي