أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناهد بدوي - نزار قباني يعتذر من شبيهته، بيروت!















المزيد.....

نزار قباني يعتذر من شبيهته، بيروت!


ناهد بدوي

الحوار المتمدن-العدد: 1162 - 2005 / 4 / 9 - 12:43
المحور: الادب والفن
    


في نيسان تكتمل الدائرة، لحرب أهلية في لبنان، وغياب شاعر شامي رسم دائرة كبيرة وسعت البلاد من المحيط إلى الخليج وجعل مركزها دمشق وبيروت.
في نيسان تكتمل الدائرة، فيما بيكار العالم يخط اليوم دائرة جديدة يشترك العالم كله في حدودها ويجعل مركزها دمشق وبيروت.
مسكين شهر نيسان، فهو يئن تحت ثقل خطيئتين عظيمتين، ذكرى الحرب الأهلية اللبنانية، وذكرى غياب نزار قباني. ذلك الشاعر الدمشقي الذي ضاقت مدينته عليه فحمل عشقه لها،حمل ياسمينها وورودها الجورية ورحل إلى شبيهته الوحيدة آنذاك في عام 1966، رحل إلى بيروت. فحضنته وحضنها.
كانت قامته كبيرة في زمن صغير.. كانت قامته رمزا لنهضة مبكرة، لكن عمق التخلف والاستبداد الاجتماعي والسياسي أبى إلا أن يحاول تحطيمها. وكانت قامة بيروت أكبر من عواصمنا، كانت رمزا لنهضة مبكرة أبى كل صغير إلا أن يحاول تحطيمها.
كان مصير بيروت حرب أهلية حطمت منشآتها ومقدراتها ولكنها لم تستطع تحطيم روحها المتوثبة. وكان مصير نزار قباني المنافي التي حطمت استقرار حياته ولكنها لم تستطع تحطيم شعره المتوثب.
في نيسان عاش الشبيهان المصير نفسه، دخلت بيروت سرداب الموت وحيدة والعالم كله يتواطأ عليها. وفي نفس الشهر، بعد أعوام كثيرة، دخل نزار قباني مدينته وحيدا هامدا لا يستطيع أن يشم الفل المختلط بعبير أمه الذي اشتاقه، عاد في جنازة لا تليق بالشعب الذي خبأ دواوينه في حنايا القلب. هذا الشعب الذي لاذ في البيوت كي لا يرمى في الزنازين. كانت جنازته لا تليق بمملكة شعره الواسعة وبروحه المتمردة التي ترفرف علينا الآن.
كان شعر نزار قباني يبنى لنا عالما من الحرية. ويحاول أن يهجي لنا، نحن المكبلين بكل أنواع السلاسل، حروفا أعدنا تشكيلها بما يشبهنا، فليعذرنا شاعرنا الكبير فقد شكلناها حسب معرفتنا ودرجة نضجنا. كان يهجي لنا "د ي م ق را ط ي ة"، فكانت تصلنا كلمة "دي" على أنها الطريقة الذي كان الأب عندنا يسوق بها أولاده، والزعيم عندنا يسوق بها شعبه. "م ق ر" رأينا فيها حروفا صالحة لإقامة مقرات العسكر والأجهزة وأدوات القهر. "ط ي ة" فهمناها وصفا لحالة يجب صناعتها وإتقان بناء الشخصية المطوية، كي لا تتحرك مقرات العسكر ضد القامات المفرودة. كان نزار قباني يصرخ بنا وبشكل مبكر ونحن نحاول البحث عن الفرح:
من أين يأتينا الفرح؟
وكل مايحدث في حياتنا
مسلسل استبداد
الوطن استبداد
والهجرة استبداد
والصحف الرسمية استبداد
والشرطة السرية استبداد
والزوجة استبداد
وعشقنا لامرأة جميلة جدا
هو استبداد!!
وكانت بيروت ترسل لنا الحروف ذاتها على ذات الترددات. فهمناها في ذلك الزمن أيضاً حسب معرفتنا. فلتعذرينا يا بيروت، فقد كان نورك أسطع من قدرة أحداقنا. شكلنا حروفك على شاكلتنا. وقلنا لك "دي" ولكنك لم تستجيبي، بعثنا لك كل مقرات العسكر لكنك لم تستجيبي، حاولنا طيك ورميك كورقة دخان، لكنك لم تستجيبي، فكان لا بد من تحطيمك.
معجزة نزار قباني كانت في قدرة شعره في أن يكون متاحا لكل فئات البشر. ومعجزة بيروت كانت في قدرة قلبها في أن يكون أيضا، متاحا لكل فئات البشر. كيف لا والقاهرة كانت مركز "الثورة"، ولكن الثوار كانوا يلجؤون إلى بيروت!. دمشق كانت مركز الفكر الوحدوي ولكن الوحدويين تعرّفوا على إخوتهم العرب في مقاهي بيروت!، كيف لا والمقاومة ظلت تهيم من المحيط إلى الخليج، لا تجد مكانا لها، إلى أن جاءت واستقرت في بيروت، حتى الآن. كيف لا والفكر والشعر والسياسة والحب هربت كلها، من المحيط إلى الخليج، من قيظ الأنظمة ولجأت تتفيأ ظل تلك الأرزة الصغيرة الفاتنة التي كانت أوسع وأجمل من كل الغابات المحيطة.
تعالوا نعتذر من نزار قباني، لأننا كنا جاحدين ولم تكن جنازته تتسع المحيط والخليج كما كان شعره.
تعالوا نقم حفلة اعتذار جماعية من بيروت، حفلة اعتذار عن كل من أخطأ في حقها، لكي لا تعود الحرب الأهلية. ولكي تعود لنا وردتنا الجورية. فلنعتذر منها نحن السوريين واللبنانيين والفلسطينيين والعراقيين وسائر أمة العرب، نحن الذين تصارعنا على أرضها فدفعت هي الثمن خراباً و نحن لم ننتصر!. فلتعتذر منها فرنسا وأمريكا وسائر أمم الغرب لأنهم استعملوها ورقة للمساومة ودفعوها ثمنا لمصالحهم، أكثر من مرة. لتعتذر إيران واليابان وسائر الأمم من بيروت!.
تعالوا نحاول استعادة ذاتنا وقوتنا وإنسانيتنا، ونعتذر منها بكل جرأة، كما فعل صنوها نزار قباني حين اعتذر منها في أكثر من قصيدة. حين اعتذر منها خاصة في قصيدته الجميلة التي تحمل عنوان: "ياست الدنيا يا بيروت" وهي مناسبة جداً كنص اعتذار عنا جميعا.
يا ست الدنيا يا بيروت
يا ست الدنيا يا بيروت...
من باع أسوارك المشغولة بالياقوت؟
من صاد خاتمك السحري،
وقص ضفائرك الذهبية؟
من ذبح الفرح النائم في عينيك الخضراوين؟
من شطب وجهك بالسكين،
وألقى ماء النار على شفتيك الرائعتين؟
من سمم ماء البحر، ورش الحقد على الشطآن الوردية؟
ها نحن أتينا.. معتذرين.. ومعترفين
أنا أطلقنا النار عليك بروح قبلية..
فقتلنا امرأة كانت تدعى (الحرية)...
2
ماذا نتكلم يابيروت..
وفي عينيك خلاصة البشرية
وعلى نهديك المحترقين.. رماد الحرب الأهلية
ماذا نتكلم يا مروحة الصيف، ويا وردته الجورية؟
من كان يفكر أن نتلاقى يا بيروت وأنت خراب؟
من كان يفكر أن تنمو للوردة آلاف الأنياب؟
من كان يفكر أن العين تقاتل في يوم ضد الأهداب؟
ماذا نتكلم يالؤلؤتي؟
يا سنبلتي..
يا أقلامي..
يا أحلامي..
يا أوراقي الشعرية..
من أين أتتك القسوة يا بيروت،
وكنت برقة حورية؟
لا أفهم كيف انقلب العصفور الدوري..
لقطة ليل وحشية..
لا أفهم أبدا يابيروت
لا أفهم كيف نسيت الله..
وعدت لعصر الوثنية..
3
قومي من تحت الموج الأزرق، يا عشتار
قومي كقصيدة وردٍ..
أو قومي كقصيدة نار
لا يوجد قبلك شيء.. بعدك شيء..مثلك شيء..
أنت خلاصات الأعمار..
يا حقل اللؤلؤ..
يا ميناء العشق..
وياطاووس الماء..
قومي من أجل الحب، ومن أجل الشعراء
قومي من أجل الخبز، ومن أجل الفقراء
الحب يريدك.. يا أحلى الملكات..
والرب يريدك.. يا أحلى الملكات..
هاأنت دفعت ضريبة حسنك مثل جميع الحسناواوات
ودفعت الجزية عن كل الكلمات..
4
قومي من نومك..
ياسلطانة، يا نوارة، يا قنديلا مشتعلا في القلب
قومي كي يبقى العالم يابيروت..
ونبقى نحن..
ويبقى الحب...
قومي ياأحلى لؤلؤة أهداها البحر
الآن عرفنا مامعنى..
أن نقتل عصفورا في الفجر
الآن عرفنا مامعنى..
أن ندلق فوق سماء الصيف زجاجة حبر
الآن عرفنا..
أنا كنا ضد الله.. وضد الشعر..
5
ياست الدنيا يابيروت..
ياحيث الوعد الأول.. والحب الأول..
ياحيث كتبنا الشعر..
وخبأناه بأكياس المخمل..
نعترف الآن.. بأنا كنا يا بيروت،
نحبك كالبدو الرحل...
نعترف الآن بأنك كنت خليلتنا
نأوي لفراشك طول الليل...
وعند الفجر، نهاجر كالبدو الرحل
نعترف الآن.. بأنا كنا أميين.ز
وكنا نجهل مانفعل..
نعترف الآن، بأنا كنا من بين القتلة..
ورأينا رأسك..
يسقط تحت صخور الروشة كالعصفور
نعترف الآن..
بأنا كنا- ساعة نفذ فيك الحكم-
شهود الزور..
6
نعترف أمام الله الواحد..
أنا كنا منك نغار..
وكان جمالك يؤذينا..
نعترف الآن..
بأنا لم ننصفك.. ولم نعذرك.. ولم نفهمك..
وأهديناك مكان الوردة سكينا..
نعترف أمام الله العادل...
أنا راودناك..
وعاشرناك..
وضاجعناك..
وحملناك معاصينا..
ياست الدنيا، إن الدنيا بعدك ليست تكفينا..
الآن عرفنا.. أن جذورك ضاربة فينا..
الآن عرفنا.. ماذا اقترفت أيدينا..
7
الله يفتش في خارطة الجنة عن لبنان..
أعطيني كفك يا جوهرة الليل، وزنبقة البلدان
نعترف الآن..
بأنا كنا ساديين، ودمويين..
وكنا وكلاء الشيطان
ياست الدنيا يا بيروت..
قومي من تحت الردم، كزهرة لوز في نيسان
قومي من حزنك..
إن الثورة تولد من رحم الأحزان
قومي إكراما للغابات..
وللأنهار..
وللوديان..
قومي إكراما للإنسان..
إنا أخطأنا يا بيروت..
وجئنا نلتمس الغفران..
8
مازلت أحبك يابيروت المجنونة..
يانهر دماء وجواهر..
مازلت أحبك يابيروت القلب الطيب..
يابيروت الفوضى..
يا بيروت الجوع الكافر.. والشبع الكافر..
مازلت أحبك يا بيروت العدل..
ويا بيروت الظلم..
ويا بيروت السبي..
ويا بيروت القاتل والشاعر..
مازلت أحبك يا بيروت العشق..
ويا بيروت الذبح من الشريان إلى الشريان..
مازلت أحبك رغم حماقات الإنسان..
مازلت أحبك يا بيروت..
لماذا لا نبتدئ الآن؟
---------------------
ملاحظة: أقترح أن تنشر القصيدة كلها لأنها تعبر كثيراً عن هذه المناسبة المزدوجة.
إذا لم يكن هناك متسعا لها كلها أقترح نشر المقطعين رقم 1 و 3 على الأقل.



#ناهد_بدوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهدف: تفريق اعتصام الوسيلة: تحريض -مدنيين- على العنف
- نداء للمشاركة من التجمع العالمي المناهض للحرب
- المنتدى الاجتماعي العالمي الخامس ممنوع دخول السوريين!
- وثيقة المنتدى العالمي للإصلاح الزراعي
- هواء الحرية الثقيل
- ماذا فعلنا بهذا البلد
- العاصفة رفع قانون الطوارئ في حالة الطوارئ فقط!!!
- الباب الأخير
- المرسوم رقم 6 نكث صريح‏ للعقد مع طلاب الهندسة
- عبد الرحمن منيف أيها الشرق الأوسط وداعاً
- هنيئا لك أيتها المرأة المحجبة في فرنسا
- لنغفر ليوسف إدريس قسوته علينا
- الجدار العازل في فلسطين في عصر انهيار الجدران!!؟
- منبر يساري حر في زمن ندرت فيه المنابر اليسارية الحرة والمنفت ...
- اعتذار من نزار قباني
- سياحة في العيون الحرة
- الخيارات الاقتصادية في سورية والحركة النقابية الحقيقية
- المنطقة العربية بين مطرقة املاءات دافوس وسندان التأخر والركو ...
- الديمقراطية حاجة موضوعية في بلادنا مخاطر للاحتلال الأمريكي ع ...
- الشباب ضمير البشرية في مناهضة العولمة والحرب


المزيد.....




- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت
- من الكوميديا إلى كوكب تحكمه القردة، قائمة بأفضل الأفلام التي ...
- انهيار فنانة مصرية على الهواء بسبب عالم أزهري


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناهد بدوي - نزار قباني يعتذر من شبيهته، بيروت!