أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبداللطيف زرغيلي - قطاع الصناعة التقليدية بمدينة وزان















المزيد.....

قطاع الصناعة التقليدية بمدينة وزان


عبداللطيف زرغيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4032 - 2013 / 3 / 15 - 13:45
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يبرهن التطور الذي عرفه قطاع الصناعة التقليدية بمدينة وزان عن تأزمه، ففي الوقت الذي زاد فيه عدد السكان ما بين 1994 و2004 ب 48.5٪ نجد أن هذا القطاع عرف تراجعا نسبيا، أي أنه وقع نفور السكان من هذه المهن، إذ أنه أصبح غير مرغوب فيه لأنه لا يغطي الحاجيات ومتطلبات السكان ولا يستجيب لطموحاتهم. إلا أن هذا التطور يختلف من نشاط لآخر.
رغم ضعف التطور الإجمالي لمجموع هذه المهن، فإنها عرفت تحولات هامة على صعيد كل مهنة لكن الملاحظات الأساسية هي كون بعض المهن عرفت تطورا وأخرى تراجعا وأخرى إندثارا.
I-المهن التي عرفت تطورا:
إن القطاعين الأساسيين اللذين عرفا تطورا ملحوظا هما النجارة والخياطة. وترتبط النجارة بالإستهلاك المنزلي، في حين يقترن تطور الخياطة بإبداع الملابس النسوية أساسا. فقد تطور النشاط الأول ب 8.8٪ خلال عقدين من الزمن مما يفسر التهافت على هذا القطاع، فانتشار السكن وظهور أحياء جديدة استدعت استهلاك الخشب إضافة إلى الإهتمام الذي أصبحت الأسر توليه للتجهيز، إذ أصبح يشكل مادة ضرورية في المنزل، ولا يمكن لأية أسرة أن تستغني عنه مع العلم أن تسرب المواد الخشبية الجاهزة قليل، ورغم وجود بعض المستودعات التي توفر الأثاث الخشبي الجاهز يظل الطلب عليها ضعيفا، تستهلكه بعض الأسر المحظوظة الدخل إضافة إلى إرتفاع أثمنته مما يجعل الإنتاج المحلي ذا الصبغة التقليدية يستجيب لحاجيات السكان المحليين والريفيين هو الذي يطغى. ولم تعرف المدينة أي إستقرار لورش كبير يمكن أن يعوض هذا الإنتاج أو ينافسه.
أما الخياطة فنجدها ترافق النجارة من حيث التطور لكن تختلف عنها من حيث الخصوصية. فالخياطة تستجيب لزبناء متنوعين وتتميز بتنوع إنتاجها، فهو موجه للرجال والنساء، سواء أكان منتوجا عصريا أو تقليديا. إلا أن تطور الخياطة ب 18 محلا لا يبرهن عن حركتها لكن من خصوصيات هذا النشاط هو رغم ضيق المحل يمكن أن يستوعب ثلاثة إلى أربعة صناع. وبالفعل تعرف محلات هذا النشاط خاصة خياطة الجلباب والملابس النسوية تكدسا هائلا مما يعني أن التطور أكثر مما نتصوره.
وفي المقابل عرفت خياطة جلابيب الرجال تقلصا أمام تراجع إنتاج الخرقة الوزانية، لذا ظلت خياطة الملابس النسوية تستوعب معظم هذه المحلات، فطموحات المرأة في الحصول على ملابس عصرية خاصة القفطان يفوق مثيله لدى الرجال.
ومن سلوكيات المرأة الوزانية التباهي بالملابس الفاخرة خلال المناسبات والحفلات، وهذا ما يجعل هذا القطاع سريع التطور. ويرافقه في ذلك الأنشطة النسوية مثل الطرز وخياطة الأقمصة التي تظل عملا منزليا.
وتجدر الإشارة إلى أن تطور هاتين المهنتين رافقهما تطور إقتصادي لصناعهما. فالنجارة تعرف تفاوتا صارخا بين صناع يملكون أهم إمكانيات ورساميل هامة، وأخرين محدودي الإمكانيات ينتجون تبعا للطلب. أما الخياطة فمن الملاحظ أنها تستوعب يدا عاملة ريفية مهمة، وغالبا ما يقطن أصحابها بأحياء التعمير الذاتي. وتتميز هذه المهنة بعدم إستقرار أصحابها، إذ يهجرون المدينة لفترة ويعودون إليها لفترة أخرى، وبالموازات مع هذا التطور عرفت باقي الأنشطة تراجعا أثر على حركة المدينة.
II-المهن التي تعاني من التراجع:
تعتبر الحياكة أهم قطاع يعاني من الأزمة بحكم التقلص الواضح لعدد محلاته إذ تراجع بنسبة 11.5٪ خلال العقدين الأخيرين، فبعدما كان يمثل 44.7٪ من مجموع الأنشطة في بداية القرن، أصبح حاليا يمثل 26.7٪.
وترتبط أزمة المدينة إلى حد ما بهذا القطاع نظرا لعلاقته المتداخلة مع مهن وقطاعات أخرى كالفلاحة خاصة تربية المواشي والدباغة إلى غير ذلك. ولا تظهر أزمته في تقلص عدد المحلات وإنما في تسريح يد عاملة مهمة، كان لابد لها أن تبحث عن ملجإ في أنشطة أخرى. ومن المعلوم أن هذا القطاع كان مستهدفا من طرف الإستعمار، فتسرب المنتوجات الأجنبية وجد إقبالا من لدن السكان خاصة وأن الملابس الأجنبية "تستجيب" في شكلها لطموحات الفرد. وهكذا تراجع هذا القطاع رغم الفترات الإستثنائية التي عرفها مثل الحرب العالمية الثانية، على إثر تشجيع السلطات الفرنسية على إنتاج "برتيزة" (نوع من الجلباب)، لكن ذلك لم يكتب له الإستمرار إذ سيعرف ضربة قاسية أواخر الستينات بعد دخول القطن كمادة أساسية للسوق. فقد وقع تغيير جذري للمواد المستعملة التي أصبحت كلها أجنبية، ولم يحافظ على الإنتاج المحلي سوى نسبة ضعيفة من الصناع بل حتى المواد المحلية أصبحت تمتزج بالمواد الأجنبية مما زاد في تأزم الإنتاج. وأكثر من ذلك إن إنتشار المواد الأجنبية بسرعة وجد صدرا رحبا من لدن الكثيرين الذين كان رأسمالهم ضعيفا، وحبدوا الإستمرار في العمل وذلك باللجوء إلى إستعمال المواد الأجنبية في جميع مراحل الإنتاج.
وقد ظهرت بوادر إنتعاش بهذا القطاع في بداية السبعينات عن طريق إنتاج "الكبوط"، إلا أن هذا لم يستمر بحكم عدم تردد السياح بكثرة على المدينة. وظلت الوضعية على هذا الحال، إلى أن أنشئت تعاونية الدرازة أواسط السبعينات.
ومن الملاحظ أن الإنتاج يعرف حاليا تطورا إذ أصبح ما يسمى "المسلولة" ذات وزن هام، إذ يهتم بإنتاجها معظم الصناع مما يوحي بالعودة إلى إستعمال المواد المحلية الأصيلة لكن رغم ذلك تظل تعاني من كثير من الصعوبات. وقد تجلت إنعكاسات هذا القطاع على مدينة وزان بشكل واضح، فقد كان يشغل في بداية الستينات حوالي 4000 إمرأة1، التي تقوم بغزل الصوف وأكثر من 530 صانعا ومتعلما. فقد شكل فعلا قوة إقتصادية داخل المدينة، حيث كانت معظم الأسر تجني رزقها من وراء هذا القطاع، فتراجع عدد النساء تم لحساب الطرز وصنع القميص، أما تقلص الصناع فقد طعم التجارة والخدمات.
ويتلو هذا القطاع الدباغة التي تقلصت بشكل كبير، فقد مثل هذا القطاع مع بداية القرن 13.3٪ من مجموع المهن في حين لا يمثل حاليا سوى 4.9٪، إلا أن تراجعه إرتبط بفترة ما قبل السبعينات بحكم تسرب المنتوجات العصرية خاصة الأحدية والشربيل التي تتنوع من حيث الجودة والأثمنة، ومع بداية السبعينات كان هذا القطاع قد تحمل عبء المنافسة، وبقي في تراجع إلى حد الأن. وغالبا ما يتوقف صناعه عن الإنتاج لمدة طويلة وينشطون في فترة معينة.
أما قطاع الحدادة فتقلص عدد محلاته إرتبط بفقدانه للزبناء الحضريين حيث لازالت علاقته وطيدة بالسكان الريفيين الذين لازالت حاجياتهم متوقفة على الإنتاج التقليدي. ورغم وجود تفاوت في حدة أزمة هذه المهن تظل كثير من المشاكل تجمع بينها.
III-المهن التي إنذثرت وانقرضت:
ظلت الصناعة التقليدية بمدينة وزان، إلى حدود بداية القرن العشرين، تشكل العمود الفقري للإقتصاد الحضري لهذه المدينة، إذ كانت هي الأساس لظهور واستمرار عدد كبير من الأنشطة التجارية والخدماتية، كما كانت بضائعها تغدي علاقات مدينة وزان الإقتصادية على المستوى الجهوي والوطني والخارجي.
ورغم موقع الصناعة التقليدية من الإقتصاد الحضري لمدينة وزان فإن الصناع لم يكونوا ليستفيدوا بدرجة كافية من الثروة التي يخلقونها بعملهم. ذلك أن التجار بمدينة وزان سيطروا على هذا القطاع مبكرا وفرضوا أنفسهم كوسطاء بين المنتج والمستهلك منفردين بجزء كبير من القيمة المضافة وفائض القيمة الناجمين عن العمل الصناعي. فظلت الأوضاع الإجتماعية للصانع التقليدي بمدينة وزان تتأرجح بين الكفاف والإزدهار؛ فهو، كما يقول المثل المأثور في القطاع، ״مرة قنديل ومرة منديل״.
وانطلاقا من النصف الثاني من القرن التاسع عشر، دخلت الصناعة التقليدية بمدينة وزان في مسلسل من المصاعب المزمنة التي تتخبط فيها إلى حد الأن. فعلى إثر إنهزام المغرب في حربي إسلي وتطوان، اضطر إلى توقيع كعاهدات مع الدول الأوربية فتحت بنودها الإقتصادية البلاد على مصراعيها في وجه التجارة الدولية، فكان أن أغرقت السوق الداخلية بالبضائع الصناعية المتميزة بوظيفتها وانخفاض أثمانها2. نجم عن هذا، تدريجيا تقلص سوق الصناعة التقليدية بموازاة مع إقبال السكان على البضائع المستوردة نتيجة لتغير أنماط إستهلاكهم. فنتج عن ذلك دخول الصناعة التقليدية بمدينة وزان في أزمة، لم تتميز بالإستمرارية والشمولية لكنها كانت حادة على بعض الحرف بالمدينة أدت إلى إنقراضها واندثارها مثل مهن: البرماية، القصدرية، السقاية، صناعة الصابون، السمارة، السراجة.



#عبداللطيف_زرغيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التراث والبحث الأثري بالمغرب
- دور التعاونيات في التنمية المحلية


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبداللطيف زرغيلي - قطاع الصناعة التقليدية بمدينة وزان