|
طبيعة الدولة و الجيش طبقية أم لا ؟
ناظم الماوي
الحوار المتمدن-العدد: 4026 - 2013 / 3 / 9 - 20:58
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
طبيعة الدولة و الجيش طبقية أم لا ؟
مقتطف من الفصل الثاني من كتاب" الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي مزيّف"
" لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !"
العدد 11
ناظم الماوي
الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي مزيّف ( الجزء الأوّل من الكتاب) .
إنّنا نؤكّد بأنّ الماوية مرحلة جديدة فى تطور الماركسية – اللينينية و بدون الدفاع عن الماركسية - اللينينية - الماوية و بدون البناء على هذه القاعدة يستحيل الإنتصار على التحريفية و الإمبريالية و الرجعية عموما .
( " بيان الحركة الأممية الثورية " لسنة 1984).
====== كلمة العدد 11:
فى هذا العدد و العدد التالي 12 سننشر كتاب " الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي مزيّف". فى العدد 11 ، نضع بين يدي القراء محتويات الجزء الأوّل من الكتاب وفى العدد 12 محتويات الجزء الثاني.
الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي مزيّف .
" و سيكون واجب القادة على وجه الخصوص أن يثقفوا أنفسهم أكثر فأكثر فى جميع المسائل النظرية و أن يتخلصوا أكثر فأكثر من تأثير العبارات التقليدية المستعارة من المفهوم القديم عن العالم و أن يأخذوا أبدا بعين الاعتبار أن الاشتراكية ، مذ غدت علما ، تتطلب أن تعامل كما يعامل العلم ، أي تتطلب أن تدرس و الوعي الذى يكتسب بهذا الشكل و يزداد وضوحا ، ينبغى أن ينشر بين جماهير العمال بهمة مضاعفة أبدا..."
( انجلز ، ذكره لينين فى " ما العمل؟ " ) .
============
" لقد منيت اشتراكية ما قبل الماركسية بالهزيمة . وهي تواصل النضال ، لا فى ميدانها الخاص ، بل فى ميدان الماركسية العام، بوصفها نزعة تحريفية... - ان ما يجعل التحريفية أمرا محتما ، انما هي جذورها الطبقية فى المجتمع المعاصر . فإن النزعة التحريفية ظاهرة عالمية... - ان نضال الماركسية الثورية الفكرى ضد النزعة التحريفية ، فى أواخر القرن التاسع عشر ، ليس سوى مقدمة للمعارك الثورية الكبيرة التى ستخوضها البروليتاريا السائرة الى الأمام ، نحو انتصار قضيتها التام..."
( لينين- الماركسية و النزعة التحريفية-)
" إنّ لكلمة برنشتاين المجنّحة :" الهدف النهائي ليس بشيء ، الحركة هي كلّ شيء " ، تعبّر عن طبيعة النزعة التحريفية خيرًا من عدد كبير من الشروحات المستفيضة . أن يحدّد المرء سلوكه تبعًا لأحداث الساعة ، لتغيرات الأمور السياسية الطفيفة ، أن ينسى مصالح البروليتاريا الجذرية و الميزات الجوهرية لمجمل النظام الرأسمالي و لكلّ التطوّر الرأسمالي ، أن يضحّي بهذه المصالح من أجل منافع وقتية ، فعلية أو مفترضة : تلك هي خطوط السياسة التحريفية ."
( لينين- الماركسية و النزعة التحريفية-)
" إن وجهة النظر الديمقراطية الشكلية هي بالضبط وجهة نظر الديمقراطي البرجوازي الذى لا يقبل بأن تعلوها مصالح البروليتاريا و النضال الطبقي البروليتاري ".
( لينين - الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي-)
" نحن لا نعتبر أبدا نظرية ماركس شيئا كاملا لا يجوز المساس به ، بل إننا مقتنعون ، على العكس ، بأنها لم تفعل غير أن وضعت حجر الزاوية لهذا العلم الذي يترتب على الإشتراكيين أن يدفعوه إلى الأبعد في جميع الإتجاهات إذا شاءوا ألا يتأخروا عن موكب الحياة."
( لينين –" برنامجنا "-)
===========
" التحريفية أو الإنتهازية اليمينية ، هي تيّار إيديولوجي برجوازي أشدّ خطرا من الجمود العقائدي. إنّ المحرفين أي الإنتهازيين اليمنيين ، يتشدّقون بالماركسية و همأيضا يهاجمون " الجمود العقائدي" . و لكن ما يهاجمونه إنّما هو بالضبط خلاصة الماركسية . إنّهم يعارضون المادية و الديالكتيك أو يشوهونهما ...".
( ماو تسي تونغ – حول المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب" 27 فبراير 1957)
--------------
" إن الجمود العقائدى و التحريفية كلاهما يتناقضان مع الماركسية . و الماركسية لا بد أن تتقدم ، و لا بد أن تتطور مع تطور التطبيق العملى و لا يمكنها أن تكف عن التقدم .فإذا توقفت عن التقدم و ظلت كما هي فى مكانها جامدة لا تتطور فقدت حياتها ، إلا أن المبادئ الأساسية للماركسية لا يجوز أن تنقض أبدا ، و إن نقضت فسترتكب أخطاء . إن النظر إلى الماركسية من وجهة النظر الميتافيزيقة و إعتبارها شيئا جامدا، هو جمود عقائدي ، بينما إنكار المبادئ الأساسية للماركسية و إنكار حقيقتها العامة هو تحريفية . و التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية . إن المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية . و الذى يدعون اليه ليس بالخط الإشتراكي فى الواقع بل هو الخط الرأسمالي ."
( ماو تسي تونغ : خطاب فى المؤتمر الوطنى للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية "12 مارس/أذار 1957 "مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ" ص21-22).
" تعلمنا تجارب الصراع الطبقي فى عصر الإمبريالية بأن الطبقة العاملة والجماهير الكادحة لا تستطيع إنزال الهزيمة بالبرجوازيين وملاك الأراضي المسلحين إلا بقوّة البنادق ."
( ماو تسى تونغ )
---------------------------------
" على الشيوعيين أن يكونوا مستعدين فى كلّ وقت للتمسّك بالحقيقة ، فالحقيقة ، أية حقيقة ، تتفق مع مصلحة الشعب. وعلى الشيوعيين أن يكونوا فى كلّ وقت على أهبة لإصلاح أخطائهم، فالأخطاء كلّها ضد مصلحة الشعب ".
( ماو تسى تونغ- 1945) ===================================================
مقدّمة :
منذ بضعة أشهر ، أنجزنا كرّاسا أفردناه لحزب " يساري" تأسس فى أوت 2012 ، الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد و الآن نصبّ إهتمامنا على حزب حديث الولادة هو الآخر ، الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد الذى أنهى أشغال مؤتمره التوحيدي فى مطلع شهر سبتمبر 2012 وهو إفراز لعملية وحدة بين حزبين قانونيين موجودين على الساحة السياسية هما حركة الوطنيون الديمقراطيون و حزب العمل الوطني الديمقراطي ( تيار الوحدة ؛ فى حين واصل التيّار الآخر مساره نحو الإلتحاق بمستنقع " نداء تونس" و أضرابه).
و يندرج مجهودنا هذا فى إطار تطبيق شعار مزيد الوضوح الإيديولوجي و السياسي فى صفوف " اليسار" فى القطر والفرز بين الماركسية و التحريفية بما هي فكر برجوازي يتقنّع بقناع الماركسية . فهدفنا كشيوعيين حقيقيين هو الشيوعية و تحرير البروليتاريا و الإنسانية جمعاء من كافة أنواع الإضطهاد القومي و الطبقي و الجندري و هدف الماركسية المزيفة التى ننقد و نفضح هو خدمة أعداء الكادحين و تأبيد الإضطهاد و الإستغلال و ليس القضاء عليهما.
و سنحكم على أصحاب حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد حسب كلمات للينين فى " ما العمل؟" ، " لا على أساس البزّة البراقة التى يخلعونها على أنفسهم بأنفسهم ، لا على أساس اللقب الطناّن الذى ينتحلونه لأنفسهم ، بل على أساس سلوكهم و على أساس ما يدعون إليه فى الواقع "، و فى هذا العمل تحديدا و جوهريّا على أساس وثائقهم هم بالذات .
و لسنا من هواة إطلاق الشتائم و القذف و لا من هواة أسلوب السباب و إنّما ديدننا هو إستخدام سلاح النقد الماركسي و الخوض فى أعماق أفكار و مقولات المجموعة التى نسلّط عليها الأضواء لنظهرها على حقيقتها ، عارية ، دون المساحيق التى تخدع الكثيرين من الذين يتأثّرون بالكلام المعسول و المنمّق و الأوهام البرجوازية الصغيرة و ينسون أن الشيوعية علم يجب أن يدرس و نتائجه فى صفوف البروليتاريا و الشعب يجب أن تروّج .
و نحن كماديين جدليين لا ننطلق من فراغ لنصدر الأحكام و لا نحن نرجم بالغيب بل منطلقنا على الدوام هو الواقع الموضوعي و وثائق المجموعة التى ننقد و التى عليها نطبّق علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية - اللينينية - الماوية ليكون تحليلنا و تلخيصنا تحليلا و تلخيصا علميين نعتمدهما فى الصراع فى سبيل الخطّ الإيديولوجي و السياسي الصحيح الذى بوسعه أن ينير لنا و للمناضلين و المناضلات و للبروليتاريا و بقيّة الطبقات الشعبية طريق التحرّر الحقيقي و ليس الوهمي .
و نحن نعوّل على رحابة صدر القرّاء ليسمحوا لنا باللجوء إلى كمّ لا بأس به من الإستشهادات بأقوال رموز الشيوعية لا سيما لينين و ماو تسى تونغ و نتوقّع من الذين ننقدهم أن ينتفضوا ضد إستعمالنا لل" كتب " التى نراها متضمّنة لتحاليل وتلاخيص نظرية علمية لحقائق موضوعية من تجربة البروليتاريا العالمية بمختلف أوجهها و تكتسي بالغ الأهمّية فى علم الثورة البروليتارية العالمية و يرونها حجر عثرة أمام مشروعهم التحريفي . ففى هذا الجدال ضد من يدعون الماركسية- اللينينية فى حين أنّهم يطمسونها ويشوّهونها ، لا مناص من عرض الآراء الحقيقية للينينية كمرحلة ثانية فى تطوّر الماركسية و الماوية كمرحلة ثالثة فى تطوّرها و لا مناص من إبراز ما سعى و يسعى التحريفيون إلى قبره و طمره و إهالة التراب عليه من مبادئ الشيوعية الثورية و بذلك يلبّي عملنا هذا حاجة مزدوجة : دحض التحريفية و التعريف بالشيوعية الحقيقية ، الشيوعية الثورية .
و بحثا عن منتهى الوضوح الممكن ، فصّلنا مسائل الخطّ الإيديولوجي و السياسي التى سنتناول بالبحث تفصيلا فتوصّلنا إلى التخطيط التالي لعملنا هذا الذى لن يُعنى إلاّ بأمّهات المسائل أمّا تلك التى نعدّها ثانوية الآن فقد نناقشها فى مناسبات أخرى :
مقدّمة :
I- هل الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي ؟
1- من هو الماركسي الحقيقي؟ 2- تحطيم الدولة القديمة أم ترميمها و تحسينها ؟ 3- الشيوعية أم الإشتراكية هي المشروع البديل ؟ 4- الأممية البروليتارية أم مجرّد التضامن العالمي ؟
II- هل الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب لينيني ؟
1- طبيعة الدولة و الجيش طبقية أم لا ؟ 2- الديمقراطية الطبقية أم الديمقراطية " الخالصة " ؟ 3- حزب لينيني أم سفينة نوح ؟ 4- النظرية الثورية أم الأفكار الرجعية و البرجوازية السائدة ؟
III- هل يطبّق الحزب الوطني الديمقراطية الموحّد المادية الجدلية أم المثالية الميتافيزيقية ؟
1- المبادئ الشيوعية أم البراغماتية ؟ 2- جمع الإثنين فى واحد أم إزدواج الواحد؟ 3- تحليل مادي جدلي للواقع أم تحليل مثالي ميتافيزيقي؟ 4- الحرية : نشر الحقائق الموضوعية أم الأوهام الديمقراطية البرجوازية ؟
VI- "الهوية الفكرية والطبقية للحزب الوطني الديمقراطي الموحّد": حزب تحريفي برجوازي.
1- عن الماركسية - اللينينية . 2- عن الإشتراكية العلمية . 3- عن " التداول السلمي على السلطة عبر الإنتخابات". 4- عن النظرية العامة للثورة و" الخصوصية ".
V- الثورة الوطنية الديمقراطية و تكتيك الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد الذى يبتلع الإستراتيجيا :
1- طريق الثورة الوطنية الديمقراطية بين الماركسية و التحريفية. 2- المسألة الديمقراطية غائبة والجبهة الوطنية مائعة. 3- التكتيك الذى يبتلع الإستراتيجيا. 4- إلى أين تفضى الأوهام الديمقراطية البرجوازية ؟ : دروس التجارب العالمية.
IV- مغالطات الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد فى قراءة الصراع الطبقي فى تونس :
1- تداخل مفزع فى المفاهيم. 2- لأغراض إصلاحية يتمّ تشويه الفهم اللينيني للوعي و العفوية. 3- أوهام حول طبيعة الدولة و الجيش . 4- أوهام حول الدين و الأصولية الدينية. 5- أوهام حول المجلس التأسيسي .
IIV- جملة من أخطاء الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد فى قراءة الصراع الطبقي عربيّا و عالميّا :
1 - طبيعة الأنظمة فى الأقطار العربية. 2- الكفاح المسلّح. 3- القوى التى تعزّز موقع حركات التحرّر.
IIIV- ماضى الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد و حاضره و مستقبله :
1- بصدد ماضي هذا الحزب. 2- بصدد حاضره. 3- بصدد مستقبله.
خاتمة :
ملاحق : 1- الديمقراطية القديمة و الديمقراطية الجديدة. 2- طليعة المستقبل ينبغى أن نكون! 3- رسالة مفتوحة إلى أنصار حركة الوطنيون الديمقراطيون. جانفي 2013 ================================================== II - هل الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب لينيني ؟
هنا أيضا لن نتطرّق إلى مختلف أوجه اللينينية فى علاقة بهذا الحزب الوليد و إنّما سنقتصر على أوجه أساسية معبّرة تسمح لنا بكشف النقاب عن حقيقة علاقة هذا الحزب باللينينية ، علاقة تنافر مثلما لمسنا آنفا مع الماركسية .
1- طبيعة الدولة و الجيش طبقية أم لا ؟
راينا أن لينين من مبرزي أفكار ماركس بشأن تحطيم الدولة القديمة و إنشاء دولة جديدة على أنقاضها تجسّد دكتاتورية البروليتاريا كمرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية و رأينا أن الحزب الموحّد يتنكّر لضرورة تحطيم الدولة القديمة رغم أنّه يتكلّم عن نظام الإستعمار الجديد .
قال لينين : " برأي ماركس ، الدولة هي هيئة للسيادة الطبقية ، هيئة لظلم طبقة من قبل طبقة أخرى ، هي تكوين " نظام" يمسح هذا الظلم بمسحة القانون و يوطده، ملطّفا إصطدام الطبقات." ( لينين " الدولة و الثورة " ، دار التقدّم موسكو ، الطبعة العربية ، الصفحة 8).
ماركسيّا و لينينيّا ، الدولة ليست جهازا محايدا بل هي جهاز لسيطرة طبقة ( او طبقات) على طبقة ( أو طبقات أخرى) و دولة الإستعمار الجديد فى تونس دولة طبقية تمثّل و تخدم مصالح الكمبرادور و الإقطاع المتحالفين مع الإمبريالية العالمية . بيد أنّ هذا الحزب الجديد و قياداته المتقلّبة مع كلّ ريح ينزعون عن الدولة طابعها الطبقي كلّما عنّ لهم ذلك خدمة لخطّ الحزب الإيديولوجي و السياسي الإنتقائي . فالهدف الذى يكرّرونه هو " تفكيك الدكتاتورية " و آليّاتها ما يملى علينا التوقّف وقفة لنقول لأصحاب هذا الحزب : أيها المحترمون متى لم تكن الدولة " دكتاتورية " ؟ كلّ دولة أداة قمع و سيطرة طبقية و بالتالي دكتاتورية ، و حتّى الدولة الإشتراكية الحقيقية ذاتها التى تسمّى دكتاتورية البروليتاريا أداة قمع و سيطرة طبقية و إن كانت تختلف عن الدول الأخرى فى كونها تسعى جاهدة من أجل تجاوز الإختلافات الطبقية و علاقات الإنتاج و العلاقات الإجتماعية و الأفكار المتناسبة معها ، التى أفرزت الإنقسام إلى طبقات و من ثمّة هي تسعى جاهدة من أجل إضمحلالها و إضمحلال أي جهاز مختصّ فى القمع الطبقي .
" إن أشكال الدول البرجوازية فى منتهى التنوع ، و لكن كنهها واحد : فجميع هذه الدول هي بهذا الشكل أو ذاك و فى نهاية الأمر ديكتاتورية البرجوازية على التأكيد . و يقينا أن الإنتقال من الرأسمالية إلى الشيوعية لا بد و أن يعطى وفرة و تنوعا هائلين من الأشكال السياسية ، و لكن فحواها ستكون لا محالة واحدة : ديكتاتورية البروليتاريا ."
( لينين " الدولة و الثورة " ، دار التقدّم موسكو ، الطبعة العربية ، الصفحة 37 ).
هذه واحدة تضيئ فى الثوريين و الثوريات نور الحقيقة فى المجتمع الطبقي و إليها نضيف أيها "المحترمون" الذين يجب أن يشكّ من يبحث عن الحقيقة فى صفاء طويتكم أنّ مفهومكم للدكتاتورية و الديمقراطية مفهوم برجوازي مبتذل يجعل الدكتاتورية و الديمقراطية يتنافيان مثاليّا و الحال أنّهما تناقض / وحدة أضداد و نشرح فنقول إنّ كلّ دكتاتورية ديمقراطية و كلّ ديمقراطية دكتاتورية فديمقراطية سادة العبيد ديمقراطية للسادة و دكتاتورية ضد العبيد و ديمقراطية البرجوازية ديمقراطية لهذه الطبقية و قد توسّعها لحلفائها أو تضيقها إلى فئة مهيمنة داخل هذه الطبقة ، وهي فى نفس الوقت دكتاتورية ضد البروليتاريا و الطبقات الكادحة بوجه خاص. و دكتاتورية البروليتاريا هي دكتاتورية البروليتاريا و حلفائها ضد البرجوازية خاصة و الرجعيين عامة وهي فى نفس الوقت ديمقراطية فى صفوف الشعب . لذلك صار الكثير من الشيوعيين الحقيقيين يعتمدون مصطلحات الديمقراطية / الدكتاتورية البرجوازية و دكتاتورية / ديمقراطية البروليتاريا كتعبير أدقّ مادي جدلي عن وحدة أضداد / تناقض عن طبيعة الدولة الطبقية التى تمسك بزمامها البرجوازية و تلك التى تمسك بزمامها البروليتاريا .
و فى تاريخ الماركسية - اللينينية - الماوية ، قد سبق و أن إستعمل كلّ من لينين و ماو تسى تونغ مفهوم الدكتاتورية الديمقراطية و من ذلك :
- " يقينا أنّ الدروس المستخلصة من التجربة الألمانية ، التى أنارها ماركس ، لا يمكن لها أن تقودنا إلى أي شعار من أجل إنتصار حاسم تحرزه الثورة غير شعار الديكتاتورية الديمقراطية الثورية للبروليتاريا و الفلاحين " .
( لينين " خطّتا الإشتراكية – الديمقراطية فى الثورة الديمقراطية "، فقرة " المفهوم البرجوازي المبتذل عن الديكتاتورية و مفهوم ماركس عنها " ).
- " إن الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية تتطلب قيادة الطبقة العاملة ، لأنها هي الطبقة الوحيدة النافذة البصيرة و أكثر الطبقات إنكارا للذات ، كما أنها أكثر الطبقات حزما فى الثورة . و يبرهن تاريخ الثورات بأكمله على أن الثورة تفشل إذا كانت بدون قيادة الطبقة العاملة و أنها تنتصر إذا قادتها هذه الطبقة."
(ماو تسى تونغ - " الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية "، 30 يونيو – حزيران 1949 ، المجلّد الرابع ، الصفحة 41).
- " إنّ دولتنا هي دولة الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية التى تقودها الطبقة العاملة و تقوم على أساس التحالف بين العمّال و الفلاحين ."
( ماو تسى تونغ -" حول المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب " 27 فبراير - شباط 1957).
يركّز الحزب الموحّد ، من منطلق برجوازي صغير ، على الدكتاتورية و يدعو إلى تفكيكها دون تحديد طبيعتها الطبقية و دون فهم أنّها ديمقراطية أيضا لمن كان يتمتّع بها و إن ضاقت حدودها أحيانا. فبن علي مارس الدكتاتورية ضد جماهير شعبها و لكن هذه الدكتاتورية هي دكتاتورية التحالف الطبقي الحاكم المتحالف مع الإمبريالية العالمية و ليست دكتاتورية خارج الطبقات ، تغيّر شكلها و نطاقها على مرّ السنين . فغبيّ من ينسى أن بن علي إستطاع فى فترة ما أن يوحّد و يجمع حوله ليس الكمبرادور و الإقطاع و الإمبريالية العالمية فحسب بل إستطاع أيضا أن يخدع و يجلب إلى دائرة حكمه و برامجه و سياساته و لو أنّها لا وطنية و لا ديمقراطية و لا شعبية جوهريّا ، شرائحا مختلفة من البرجوازية الصغيرة و فئات من الجماهير الكادحة بفعل الأوهام التى بثّها و القمع الذى توخّاه فتمكّن من توسيع جبهة حكم دولة الإستعمار الجديد و من تعبيرات ذلك مثلا " الميثاق الوطني". و من لا يرى هذا أعمى بعيون إنتهازية .
لكن هذا الوضع لم يستقرّ و لم يستمرّ و إضطرّ بن علي إلى ممارسة الدكتاتورية حتى المفتوحة منها ضد من مارس معهم سابقا الديمقراطية و فرض عليه تطوّر الصراع الطبقي ( دون الدخول فى التفاصيل) تقليص دائرة الديمقراطية فى جبهته و توسيع إطار القمع و مركزة أكثر فأكثر للسلطة فى دائرة آخذة فى الضيق و العزلة بلغت أشدّها قبيل الإنتفاضة الشعبية التى ضغطت فأتت ما يعتبره البعض معجزة أي كسرت نواة السلطة العليا التى غدت معزولة و حرقت أوراقها ففرّ بن علي هاربا ليفسح المجال لإعادة هيكلة الدولة التى لم تسقط و لم تتحطّم بل أصيبت برجّة أسقطت رأسها و ظلّت أعمدتها قائمة و قادرة على إنتاج لا رأسا آخر وحسب بل رؤوسا إن لزم الأمر و بالسرعة المطلوبة .
و الجيش عماد هذه الدولة التى لم تتحطّم ظلّ دون مساس وهو يتحكّم من خلف الستار غالبا و بسفور أحيانا فى لعبة إعادة هيكلة دولة الإستعمار الجديد و إن لزم الأمر يتولّى الحفاظ على مصالح الطبقات الحاكمة و الإمبريالية العالمية بالطرق التى يرونها صالحة لا يستثنون منها طريقا. و إمكانيات إنقلاب عسكري إن إستعصى الأمر على القوى السياسية و الشرطة التحكّم فى مجريات الصراع الطبقي واردة و لا نقول إنّها متأكّدة الحصول ، على نطاق ضيّق محلّي أو جهوي أو نطاق واسع قطري هذا ما لا نغامر بالتنبؤ به إذ هو رهين معطيات كثيرة ، متداخلة و معقّدة .
و عليه ، لسنا نغالي إذا قلنا إنّ الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد يطمس شأنه شأن فرسان الأممية الثانية خلال الحرب العالمية الأولى الذين فضح لينين تحريفيتهم ، طبيعة الدولة الطبقية و ينشر الأوهام البرجوازية حولها و بتشديده على " تفكيك الدكتاتورية " و عدم شرحه للجماهير الواسعة طبيعتها الطبقية و علاقتها بالديمقراطية الطبقية لإنارة العقول بالحقيقة من أجل تغيير العالم ثوريّا وهو أمر يحتاج إليه قبل كلّ شيء و أكثر ما يحتاج إليه شعبنا ، يغرس مسمارا آخر فى جسد دكتاتورية البروليتاريا إذ كيف سيدافع ( و لو إفتراضا لأنّ دكتاتورية البروليتاريا غائبة من قاموسه ) هذا الحزب عن دكتاتورية البروليتاريا / دولة الإشتراكية كمرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية ، وهو ما ينفكّ يشجب " الدكتاتورية " بصورة عامّة ؟
و الواقع المعيش ما يفتأ يكذّب أطروحات هذا الحزب بشأن الموضوع الذى نحن بصدده كما بشأن عدّة مواضيع أخرى سبق و أن تناولناها أو سنتناولها لاحقا . فدكتاتورية دولة الإستعمار الجديد لم يقع تفكيكها وهي تعمل و تواصل عملها إلى اليوم و قد كوت نارها الجماهير الشعبية فى البلاد بطولها و عرضها ؛ فى المنازل و الشوارع و الأحياء و المدن و حتى مناضلي و مناضلات هذا الحزب ذاته ؛ و أكثر من ذلك هي تستعيد عافيتها بعد أن إرتجّت بها الأرض نوعا ما و ما سقطت ، و لكنّها ما تفكّكت و الدولة التى يقف الجيش عنصرها الرئيسي عمادا لها هي التى تمارس هذه الدكتاتورية ضد جماهير شعبنا و تمارس أيضا الديمقراطية فى صفوف من يخدمها فى الوقت الراهن ومن لا يعمل على الإطاحة بها و هي صفوف قد تضيق و تتوسّع حسب مقتضيات هذه الدولة و الظروف الداخلية والخارجية التى تمرّ بها . ودون محو الفروقات، لا ننسى أن دولة الإستعمار الجديد سبق و أن إستعملت لعبة الديمقراطية و الإنفتاح فى بداية ثمانينات القرن العشرين و سرعان ما إلتجأت مجدّدا إلى القمع المفضوح أو المتستّر بوتائر و على نطاقات شتّى و كان للجيش دور فى ذلك كما يعلم من درس أو شهد تلك الفترة من "العهد البورقيبي".
من يتخيّل أنّ فى المستعمرات و أشباه المستعمرات و المستعمرات الجديدة ثمّة إمكانية وجود ديمقراطية برجوازية على النمط الغربي حيث غالبا ما تتسع الديمقراطية إلى الطبقات الوسطى و البرجوازية الصغيرة و حتى إلى شريحة الأرستقراطية العمالية مع إستعمال الدكتاتورية السافرة و القمع المسلّح إن خرجت نضالات البروليتاريا و الجماهير الشعبية إلى حدود عن السيطرة ، فواهم و مريض لا يرجى شفاؤه خاصة إذا كانت له عيون ليرى ما يجرى فى العالم . غالبا ما يكون شكل الحكم فى المستعمرات و أشباه المستعمرات و المستعمرات الجديدة دكتاتوريّا مفضوحا و دمويّا إن لزم الأمر بالنسبة للطبقات الحاكمة و أحيانا و لمدد قصيرة تتمّ عملية " إنفتاح ديمقراطي" للتنفيس و المغالطة و تجميل وجه الدولة و إعادة هيكلتها سرعان ما تتلوها حملات قمع الدولة البوليسية التى لا تتورّع عن اللجوء للرصاص و المجازر الجماعية إن إقتضي الأمر و تجارب القطر و أقطار عربية أخرى و الفليبين و الشيلي و بلدان أمريكا اللاتينية و غيرها تنهض شاهدا على هذا . الديمقراطية القديمة لم تعد ممكنة فى المستعمرات و أشباهها و المستعمرات الجديدة ، الديمقراطية البرجوازية لم تعد ممكنة فى هذه البلدان فى عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية . و ما ظلّ ممكنا هو الديمقراطية الجديدة وبهذا المضمار مفيد للغاية الإطلاع على ملاحق هذا العمل التى يحتاج إليها أشدّ الحاجة من يريد حشد قواه والإنكباب على بحث الفروقات بين الديمقراطية القديمة و الديمقراطية الجديدة بهدف رفع الوعي الطبقي الشيوعي الثوري.
#ناظم_الماوي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إغتيال شكرى بلعيد : إكرام الشهيد و فضح الأوهام الديمقراطية ا
...
-
هل الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي ؟ الفصل الأوّل
...
-
تحطيم الدولة القديمة أم ترميمها و تحسينها ؟ مقتطف من الفصل ا
...
-
الشيوعية أم الإشتراكية هي المشروع البديل ؟ مقتطف من الفصل ال
...
-
من هو الماركسي الحقيقي ؟ مقتطف من الفصل الأوّل من كتاب- الحز
...
-
الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي مزيّف ( مقدّمة ال
...
-
مغالطات كبيرة فى مساحة صغيرة من أحد قادة الحزب الوطني الإشتر
...
-
جدلية النضال السلمي و النضال العنيف .
-
العنف ماركسيا .
-
إلغاء الإضراب العام بتونس : قتلتنا الردّة إتّحاد الشغل يحمل
...
-
بصدد عنف الجماهير: باطل يا حزب موحّد باطل ! - باطل يا حزب -
...
-
تونس – سليانة : الموقف التحريفي المخزي لبعض فرق - اليسار- من
...
-
الأممية البروليتارية و الثورة الماوية فى الهند !
-
حزب من الأحزاب الماركسية المزيّفة : الحزب الوطني الإشتراكي ا
...
-
الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد : أليس حزبا ماركسيّا م
...
-
طريق الثورة : طريق ثورة أكتوبر أم طريق الثورة الصينية فى الأ
...
-
لا فرق لدي البلشفي / الخوجي بين الثورة و الإنتفاضة، بين الوه
...
-
نضال ماو تسى تونغ ضد تيتو و خروتشوف
-
ماو تسى تونغ أشرس المدافعين عن ستالين دفاعا مبدئيّا
-
لينين و ستالين بصدد الثورة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات
...
المزيد.....
-
صوفيا ملك// الاستعدادات الحربية للإمبريالية الأطلسية وصراع إ
...
-
البوليساريو تتبنى هجوما على السمارة في الصحراء الغربية والجي
...
-
ب? توندي س?رک?ن?ي د?ستگيرکردني ه??سو?اواني نا?ازي د?ک?ين ل?
...
-
زهران ممداني... يساري مسلم يهزّ نخبة نيويورك
-
استمرار شرارة انتقام النظام المخزني من عائلة قتيل جهاز الأمن
...
-
رائد فهمي: المتغيرات تؤكد أهمية السير على طريق التغيير الشام
...
-
لا حادث… بل جريمة نظام
-
موعد نزال جيك بول ضد خوليو سيزار تشافيز والقنوات الناقلة
-
استمرار الحراك في مدينة مالمو/ السويد تضامنا مع الشعب الفلسط
...
-
كيف تصدّى المسلمون والشيوعيون لمحاولات طمس البوسنة؟
المزيد.....
-
الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي
...
/ مسعد عربيد
-
أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا
...
/ بندر نوري
-
كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة
/ شادي الشماوي
-
الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة:
...
/ رزكار عقراوي
-
متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024
/ شادي الشماوي
-
الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار
/ حسين علوان حسين
-
ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية
/ سيلفيا فيديريتشي
-
البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية
/ حازم كويي
-
لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات)
/ مارسيل ليبمان
المزيد.....
|