أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - التيار اليساري الوطني العراقي - نصف قرن على استشهاد القائد الشيوعي الخالد سلام عادل...نصف قرن والعراق يئن من جرائم الفاشية والحروب والاحتلال والقتل والظلم والقهر والفقر والنهب : ملف خاص في ذكر الاستشهاد الاسطوري















المزيد.....



نصف قرن على استشهاد القائد الشيوعي الخالد سلام عادل...نصف قرن والعراق يئن من جرائم الفاشية والحروب والاحتلال والقتل والظلم والقهر والفقر والنهب : ملف خاص في ذكر الاستشهاد الاسطوري


التيار اليساري الوطني العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 4024 - 2013 / 3 / 7 - 20:30
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    



نصف قرن على استشهاد القائد الشيوعي الخالد سلام عادل...نصف قرن والعراق يئن من جرائم الفاشية والحروب والاحتلال والقتل والظلم والقهر والفقر والنهب : ملف خاص في ذكر الاستشهاد الاسطوري

يطوي تاريخ 7 اذار 2013 نصف قرن من الزمان قد مر على الاستشهاد الاسطوري للشهيد الخالد القائد الشيوعي المقدام سلام عادل..خمسة عقود سوداء في تأريخ العراق الحديث , فالأنقلاب البعثي الفاشي الامريكي الصنع في 8 شباط 1963 .. قد فتح المعركة على كل الجبهات بين الشعب العراقي البطل والامبريالية العالمية ...عقود من الانظمة الفاشية والحروب والاحتلال والنهب , وإرادة الشعب لا تلين , خمسة عقود سقط خلالها وعلى طريق الكفاح الوطني التحرري ملايين العراقيين بين شهيد ومعوق ومهجر, خمسة عقود والحرب دائرة بين الامبريالية العالمية والشعب العراقي التواق الى بناء الدولة الوطنية العراقية وتحقيق نظام العدالة الاجتماعية... خمسة عقود وراية النضال تنتقل من جيل الى جيل من المناضلين الذين يسستشهدون حولها.. نصف قرن على استشهاد القائد الشيوعي البطل سلام عادل واسمه نجمة تتالق لامعة في سماء العراق, أما الفاشست والخونة والانتهازيين فالى مزبلة التاريخ... نصف قرن على الاستشهاد الاسطوري لسلام عادل ورفاقه الابطال والمعركة الوطنية والطبقية على اشدها....تزداد وتعانق النجوم الثورية في سماء العراق .. حسن سريع- خالد احمد زكي - محمد الخضري- علي جبار سلمان -ستار غانم والاف الشهداء من الشيوعيين العراقيين.. ونحن عن الطريق الذي اخترتم لا نحيد.. طريق النضال من اجل وطن حر وشعب سعيد

اننا إذ نخوض اليوم معركة تاريخية حفاظاً على وحدة الوطن وتطهيره من بقايا المحتل الامبريالي واذنابه . نثق ثقة مطلقة بشعبنا العراقي ووطنيته وقدرته على السير فيه حتى نهايتها المظفرة ولنا في مسيرة شعبنا الثورية ونضالاته اليومية الراهن خير حافز على السير الى امام رغم عظم المهمة .. لقدعبر القائد الشيوعي الشهيد سلام عادل في كلمة له عام 1956عن الثقة المطلقة بأنتصار الشعب العراقي على الاستعمار البريطاني قائلا

" لقد عرف عراقنا منذ القديم بأنه أرض العزة والكرامة ووطن الأفذاذ من رجال الحرية ورواد الفكر, وعرف شعبنا العراقي منذ القدم,بانه الشعب الذي استعصى على طغيان الحكام, وبطش الولاة , وبربرية الغزاة.فمنذ قرون,وثورات الجماهير وانتفاضات عبيد الأرض, تشتعل على أرض العراق .. في سهول الجنوب وعلى ذرى كردستان. لقد هزم الباطل في العراق مرة بعد أخرى, وأخفقت على مر الأزمان, كل السياسات التي أريد بها لهذا الشعب أن يستكين ويخضع,ويحني هامته تحت وقع سياط الغزاة والمعتدين.لقد ظل هذا الشعب أمينا لأمجاده التاريخية ولتقاليده النضالية. ومن جيل الى جيل كانت راية النضال تنتقل,وحولها يتساقط الشهداء.واليوم اذ يجهز الاستعمار الجديد بكل قوته وبمعونة أشر عملائه على الوطن والشعب,محاولا أن يطفئ جذوة الحرية في عروقه ويسخر من تاريخه, تنبري من بين الصفوف,كما انبرت في السابق, طلائع الأحرار من ابناء العراق, فتنزل الى ساحة الصراع قوية واثقة من نفسها,أمينة على تاريخ الوطن وتقاليد الاسلاف,مصممة تصميما لا رجعة فيه على دك صرح السياسة المعادية للشعب ,ورد كرامة الوطن الجريح.ان الشيوعيين العراقيين,الذين يحملون في قلوبهم آمال الأمة,ويجسدون في عملهم الكفاحي وفي ميزتهم الثورية أفضل سجايا المواطن العراقي الباسل الشهم , سيتابعون الى النهاية رسالتهم التاريخية التي وهب حياته ثمنا لها قائدهم ومؤسس حزبهم الشهيد يوسف سلمان يوسف - فهد- ورفيقاه حازم وصارم,حين اعتلوا اعواد مشانق الاستعمار البريطاني من اجل حرية العراق . ومئات القوافل من الشهداء, سيظل الشيوعيون العراقيون يتابعون سيرهم الدائب النشيط في الدرب المقدس الذي سلكه من قبلهم شعلان ابو الجون,والحاج نجم البقال,والخالصي والشيرازي وشيخ محمود ابو التمن وحسن الأخرس ومصطفى خوشناو ..سيظلون كما خبرهم الشعب ايام المحن , رجالا متفانين لا يعرفون الخور ولا التردد,أسخياء في البذل والتضحية,لا يضنون بحياتهم وحريتهم وأعز ما يملكون في سبيل حرية الشعب وعزة الوطن.ان عقرب الزمن يشير الى نهاية حكم الاحتلال وعملائه وشيكة لا محال
ان آفاق المستقبل القريب مفعمة بالأمل وأمام القوى الوطنية أن تعالج الموقف بيقظة تامة وبروح واثقة مقدامة ..وأن اقصى ما يكافح حزبنا من أجله هو أن يحقق التزاماته التي قطعها لجماهير الشعب, وأن يبرر الثقة العظمى التي وضعتها فيه, وأن ينهض بقسطه في هذا الواجب التأريخي النبيل."3

بعد اقل من عامين على كلمة القائد الثوري الشهيد سلام عادل هذه, فجر الشعب العراقي ثورته الخالدة , ثورة 14 تموز 1958 ليطيح بالحكم الملكي العميل ويحرر العراق من ربقة الاستعمار البريطاني , ثورة حققت منجزات كبرى للشعب والوطن.. وها نحن نجدد الثقة المطلقة بالشعب العراقي وطليعته اليسارية المقدامة, ونعلن بأن النصر آت , وراية الحرية المطرزة بالنجوم الثورية مرفرفة في سماء بلاد الرافدين لا محال.



انقلاب 8 شباط 1963 الأسود : هل كان بالإمكان تطوير ثورة 14 تموز 1958 من ثورة وطنية إلى ثورة وطنية ديمقراطية؟





توجت ثورة 14 تموز 1958 المجيدة كفاح الشعب العراقي المديد من أجل التحرر من الاستعمار البريطاني وتحقيق الاستقلال الوطني. وحين انتصرت الثورة، أجبرت على الدخول في صراع مع الإمبريالية الأمريكية التي أنزلت قواتها في الأردن ولبنان من أجل الإطاحة بحكومة الثورة الفتية. وتسارعت عملية اصطفاف القوى في خضم صراع عنيف تمثل القطب الأول بتحالف الحزب الشيوعي العراقي مع الزعيم عبد الكريم قاسم، وهو تحالف غير مرتب له ولم يعلن رسمياً، بل نشأ في مجرى الصراع مع قوى الردة السوداء التي تكالبت على الثورة، قوى قومية رجعية عربية وكردية مدعومة على الصعيد العربي من دولة الوحدة المصرية السورية، وعلى الصعيد العالمي من الإمبريالية الأمريكية والصين في خضم صراعهما مع الاتحاد السوفييتي.


مسيرة الأول من أيار 1959 المليونية


في الأول من أيار 1959 خرجت مظاهرة جماهيرية ضخمة، عرفت بمسيرة المليون من شعب تعداده السكاني آنذاك ثمانية ملايين، مما أرعب القوى الإمبريالية العالمية والقوى الرجعية في المنطقة والعراق، خصوصاً حين رفعت المسيرة شعار(عاش الزعيم عبد الكريم، حزب شيوعي بالحكم، مطلب عظيم). إن الشعار هذا لم يكن مفاجئاً للقوى الرجعية فحسب، بل فاجأ قيادة الحزب الشيوعي المشرفة على المسيرة أيضاً، مما استدعى الاتصال السريع بالشهيد سلام عادل قائد الحزب، الذي كان يشرف على هذا النشاط من موقع قريب هو مقر الاتحاد العام لنقابات العمال القريب من الباب الشرقي. علماً أن المسيرة كانت قد انطلقت من الباب الشرقي، فلم يرفع هذا الشعار حتى اقترابها من سينما روكسي في شارع الرشيد، حيث بدأت الجماهير بإطلاق هذا الشعار وترديده، وبعد تفكير قليل أعطى الشهيد سلام عادل موافقته على الاستمرار في رفع الشعار.


إن قرار سلام عادل التاريخي هذا سيغير مجرى تطور الأحداث بما فيها على صعيد استمرار قيادته للحزب، حيث سيتم إبعاده إلى موسكو هو ورفيقه الشهيد جمال الحيدري، وسيحل قرار سلام عادل بالموافقة على الاستمرار في رفع الشعار في المسيرة المليونية (عاش الزعيم عبد الكريم، حزب شيوعي بالحكم، مطلب عظيمي) بداية الانعطافة التاريخية في استراتيجية سلام عادل من أجل تطوير ثورة 14 تموز الوطنية، إلى ثورة وطنية ديمقراطية اعتماداً على كفاح الجماهير الشعبية. وقد كتبت الرفيقة ثمينة ناجي يوسف، زوجة ورفيقة الشهيد سلام عادل بهذا الشأن: «إن أوسع اشتراك للجماهير وخاصة العمال والفلاحين وهم الغالبية الساحقة، كان عاملاً رئيسياً في إفشال خطط الاستعمار وعملائه في إجهاض الثورة، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن القوى المعادية للثورة تمتلك ركائز هامة جداً داخل أجهزة السلطة وبالأخص في الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية والإدارية وانحياز عناصر من القوى اليمينية لأسباب مختلفة وفي ظروف متفاوتة وفي جميع المؤامرات الأربع الرئيسية إلى جانب قوى الردة، ومنهم من شغل مناصب مرموقة في السلطة كعبد السلام عارف ورفعت الحاج سري وناظم الطبقجلي وعشرات غيرهم». كتاب سلام عادل، سيرة مناضل، الجزء الثاني ص15.


لقد برهن انقلاب 8 شباط الأسود وقبله مؤامرة الشواف مدى أهمية أفكار الشهيد سلام عادل على أهمية مشاركة الحزب في الحكم كعامل ضروري في صيانة الاستقلال الوطني في أهمية استلام الحكم لقطع الطريق على مؤامرة القوى الرجعية ومن أجل إنقاذ الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم نفسه من التصفية، بعد أن اتخذ قرار إسقاط الحكومة الوطنية في الدوائر الاستخباراتية الأمريكية. ولعل المحادثة التلفونية الأخيرة، التي جرت أثناء مقاومة انقلاب 8 شباط الأسود بين الشهيدين الزعيم عبد الكريم قاسم وسلام عادل، تعطي معنى مؤثراً للإمكانية الواقعية في إفشال مخططات الإمبريالية والرجعية في الإطاحة بالنظام الوطني في حالة تسليح الجماهير والاعتماد عليها في التصدي للمؤامرة وفق برنامج وطني ديمقراطي. «واستمر سلام عادل بالاتصال تلفونياً بوزارة الدفاع بين فترة وأخرى، مستفسراً عن وضع الموجودين فيها، مقدماً اقتراحاته لهم. وقد ردّ عبد الكريم قاسم على أحد الاتصالات التلفونية التي أجراها سلام عادل مع وزارة الدفاع، وقال له بأننا أخطأنا مع الشيوعيين، وقدّم له الاعتذار قائلاً له إنه سيضعهم في المكان المناسب، واعداً بمعالجة الأخطاء التي ارتكبت بحق الحزب. لكن سلام عادل قطع حديثه بلباقة موضحاً له بأن الوضع حرج ويحتاج العمل السريع وعدم مناقشة الماضي، وطلب منه إذاعة بيان موجه إلى القوات المسلحة بصوته من الإذاعة السرية التي كان الحزب يعتقد بوجودها في وزارة الدفاع، يدعو فيها الجماهير إلى مقاومة الانقلاب وتسليم السلاح للجماهير». المصدر نفسه، ص339.


إن تراجع قيادة الحزب الشيوعي عن استراتيجية سلام عادل في تطوير الثورة ومن ثم اتخاذها قرار إبعاده مع رفيقه جمال الحيدري، مهد الطريق لانتصار قوى الردة، وهذا ما عبر عنه الشهيد سلام عادل في حوار مع الشهيد جمال الحيدري في خضم قيادتهما المقاومة الشعبية للانقلاب الفاشي. «قال جمال الحيدري إن الانقلاب كما يبدو قد بدأ منذ الصباح. فعلق سلام عادل قائلاً: كلا. لقد بدأ الانقلاب في منتصف تموز 1959، وسهلت الكتلة مروره». المصدر نفسه السابق، ص337.


ومن مفارقات القدر هي بقاء جميع أعضاء الكتلة هذه أحياء، رغم التصفية الدموية لسلام عادل ورفاقه والمئات من المناضلين، لتهيمن هذه الكتلة على قيادة الحزب، فتقود الحزب من انتكاسة إلى أخرى، بدأ بمصافحتها أيادي قتلة سلام عادل وإقامة التحالف معهم، مروراً بالسياسات الانتهازية المتواصلة حتى حولت الحزب من حزب جماهيري تخرج مسيرة مليونية في عراق تعداد سكانه ثمانية ملايين إلى حزب ضعيف معزول غير قادر على خوض منافسة حقيقية في أول انتخابات ديمقراطية في عراق 25 مليون مواطن. فالنتائج الأولية للانتخابات تشير إلى عدم تخطي الحزب الحد الأدنى من الأصوات لدخول الجمعية الوطنية.


لقد سقط نظام 8 شباط الأسود، بعد أن دمر العراق، وأسقطه في قبضة المحتل الأمريكي، الذي طالما حلم وعمل من أجل هذا الهدف. إن نظام البعث الفاشي، بعد أن قتل الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم، بحجة رفضه إقامة الوحدة الفورية مع مصر، فإن هذا الحزب وزعيمه العميل صدام حسين، أوصل العراق إلى الاحتلال وخطر التقسيم بعد 40 عاماً من الحكم الدموي.


بغداد المحتلة

8/2/ 2005




ما اشبه اليوم بالبارحة : الشهيد سلام عادل يحدد أهداف وقوى ودوافع مؤامرة الشواف 1959 وهي ذات القوى المتعاملة اليوم مع الاحتلال ضد حق الشعب العراقي في الحرية والتقدم






في 8 آذار "مارس" 1959 أعلن عبد الوهاب الشواف قائد حامية الموصل في شمال العراق (وهي محافظة حدودية مع سوريا) عن تمرده على السلطة المركزية في بغداد.عن أهداف وقوى ودوافع هذه المؤامرة تحدث سلام عادل في مقابلة صحفية أجرتها جريدة " اتحاد الشعب" الناطقة باسم الحزب الشيوعي العراقي ونشرتها في 30/3/1959. جاء فيها*:

سؤال- من المعلوم أن مؤامرة الخائن الشواف كانت حلقة من سلسلة المؤامرات الاستعمارية التي حيكت ولسوف تحاك ضد جمهوريتنا . فما هو - برأيكم - المخطط العام لتلك المؤامرات؟

جواب- إذا استعرضنا الأحداث الماضية منذ 14 تموز الخالد، نرى أن خطة المستعمرين كانت تعتمد في البدء على محاولة تدخل أنكلو أمريكي مكشوف لإسقاط الحكم الجمهوري الوطني في العراق. وقد فشلت تلك المحاولات لأن ثورة 14 تموز جاءت محكمة خاطفة ساحقة رؤوس النظام البائد، وحازت مساندة ومشاركة أوسع جماهير الشعب منذ لحظاتها الأولى. وكان العامل المساعد الحاسم في إحباط تلك المحاولات هو الموقف الحازم الصلب الذي وقفه صديق شعبنا العراقي والأمة العربية الاتحاد السوفياتي وإنذاره للمستعمرين، ومساندة سائر قوى الحرية والسلم في العالم.

وعلى اثر فشل خطة التدخل الخارجي، اتجه الاستعمار إلى العمل من الداخل، ولذا فان القوى الرجعية الداخلية دأبت على عرقلة سير الثورة الذي يستلزم تعبئة الشعب وتنظيمه وتسليحه، وتطهير أجهزة الدولة (المدنية والعسكرية...) بغية الحفاظ على مواقعها فيها. وعملت على تجميع قواها وتنظيم صفوفها، هي نفسها، تمهيدا للقيام بعمل تآمري موحد يستند إلى الضغط الخارجي والتهديد الاستعماري، السياسي والعسكري، ولكن سياسة القوى الوطنية التي استهدفت تعبئة الشعب وتطهير أجهزة الدولة ومنع الرجعية من تنظيم نفسها، والمحافظة على يقظة الشعب والجيش، والمواقف الصائبة لسيادة الزعيم عبد الكريم قاسم، كل ذلك أحبط سلسة من المؤامرات، دلت الوقائع بوضوح على أنها كانت بتدبير ومشاركة الأمريكان وسائر المستعمرين وعملائهم وأيتام العهد البائد والإقطاعيين وبعض الأوساط الرجعية العربية، وبوجه خاص، بعض حكام العربية المتحدة، فضلاً عن الارتباطات الصهيونية بهذه الشبكات التآمرية، تلك التي وضعت عليها اليد في حينه، وكشفت عنها مؤخراً جلسات محكمة الشعب.

إن تطور الأحداث، على هذا الشكل، أدى بأعداء الجمهورية مرة أخرى إلى إعداد خطط التدخل السافر والعدوان الخارجي على أسس جديدة من التعاون الأوثق بين كل القوى المعادية للجمهورية العراقية ولسياستها التحررية الديمقراطية، وإعطاء التآمر والعدوان صفة نزاع "عربي داخلي" أو "محلي إقليمي" على خلاف محاولات التدخل الاستعماري الأنكلو أمريكي المكشوف التي حدثت غداة 14 تموز . وكان أعداء الجمهورية يأملون من هذا الاتجاه الجديد - الاتجاه الاستعماري "المستعرب" - أن يؤدي أولاً: إلى شق الصفوف الوطنية داخل العراق. وثانياً: التمويه على الشعوب العربية وعلى القوى "المحايدة". ثالثاً: كما كانوا يأملون أنهم بذلك يستطيعون أن يخلقوا ظروفاً متلابسة تؤدي إلى إحراج الدول الصديقة وخاصة الاتحاد السوفييتي، ولوضع العقبات في طريق إبداء معونتها الحازمة للحفاظ على استقلال الجمهورية العراقية عندما تقتضي الضرورة مثل هذا العون.

ومن السهل أن يربط المرء بين نشاطات حلف بغداد العدواني (في دورتي كراجي وأنقرة) والتحشيدات العسكرية على الحدود الإيرانية والتركية وحركة الأساطيل الأمريكية والإنكليزية وزيارات راونتري وغيره، والمعاهدات الثنائية الأمريكية، بين هذا كله من جهة، ومن الجهة الأخرى النشاط المحموم الذي جاء على شكل حملة صليبية من قبل بض حكام الجمهورية العربية المتحدة ضد العراق وضد الشيوعية وضد الاتحاد السوفييتي.

ولقد كانت مؤامرة الشواف حصيلة هذا المخطط. وتدل المعلومات الكثيرة المتوفرة -قبل وبعد حوادث التمرد - أن المؤامرة كانت واسعة وتمتد خيوطها ومجال تنفيذها إلى مناطق أخرى غير الموصل. ولكن بفضل يقظة القوى الوطنية وتأهبها واتحادها تحت زعامة ابن الشعب البار عبد الكريم قاسم تم عزل المؤامرة وإجهاضها وإحباطها. وخرجت الجمهورية وهي أشد مراسا وأقوى ساعدا في مقارعة المستعمرين والمعتدين.

ولا شك أن محاولات التخريب والتآمر الاستعماري والعدوان ستستمر ما دامت جمهوريتنا تواصل السير في نهجها الوطني المستقل، وما دامت تعتمد على إطلاق قوى الشعب الخلاقة. وكما كان في الماضي، فان وعي الشعب ويقظته وتضامنه التام مع الجيش والحكومة، والتدابير الحازمة والسريعة، كل ذلك سيؤدي دون شك إلى تخطي العقبات مهما كانت والخروج منها برأس مرفوع وقدم ثابتة لا تتزعزع في طريق الحرية والتقدم والرفاه.

سؤال- كشفت مؤامرة الشواف الأخيرة عن أن بعض العناصر المنضوية تحت لواء جبهة الاتحاد الوطني، قد اشتركت بالمؤامرة، فما هو الموقف من هذه العناصر؟

جواب - إن هذه المسالة تمتد جذورها إلى الأيام الأولى لثورة 14 تموز. فقد ظهر بجلاء منذ تلك الأيام أن بعض القوى كانت سائرة في طريق تجاهل أهداف جبهة الاتحاد الوطني والتنكر لها ولمستلزمات التعاون مع القوى المؤتلفة فيها . فقد حاول البعثيون مثلاً الاستئثار بالحكم وتوجيهه وجهة حزبية ضيقة والاستئثار بالحريات العامة وتضييقها على القوى الأخرى . وذلك بغية حرف اتجاه الثورة وعرقلة مسيرتها في الاعتماد على أوسع الجماهير وضمان مصالحها. ونظراً لعمق وسعة الوعي الشعبي الوطني الذي كشفت عنه ثورة 14 تموز، وقوة الحركة الديمقراطية، فإنهم قدروا أن الاستعجال في ضم العراق للجمهورية العربية المتحدة يمكن أن يحقق لهم أغراضهم تلك. وعملوا بنشاط مفتعل محموم وفق هذا الاتجاه جاذبين حولهم، لا العناصر القومية اليمينية وحسب، بل أيضاً مختلف فئات الرجعيين الذين نظروا بهلع إلى مستقبل تطور الثورة في طريقها الوطني الديمقراطي.

وليس ببعيد عن الذاكرة الفعاليات والظواهر الرجعية التي مارسها وشجعها المرتد عبد السلام عارف ومن ورائه عملاء العهد البائد والإقطاعيون وغيرهم. ولما عجزوا عن تحقيق أهدافهم بأساليب العمل السياسي الصحيحة في ظل حكم وطني ديمقراطي وعجزوا عن كسب تأييد الجماهير لآرائهم وشعاراتهم - برغم أن كل الإمكانيات كانت متوفرة لهم، أكثر من توفرها لغيرهم - انزلقوا شيئا فشيئا في طريق التآمر والعنف لتحقيق أغراضهم ورغم إرادة الشعب ومن خلف ظهر جبهة الاتحاد الوطني وقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم . وكان من نتيجة ذلك أنهم كلما أوغلوا في السير في هذا السبيل، انعزلوا عن الشعب أكثر فأكثر، وانحدروا إلى درك العداء الصريح للجمهورية وخيانتها.

أما بالنسبة لنا، نحن الشيوعيين، فقد أكدنا منذ فجر 14 تموز على ضرورة تنشيط جبهة الاتحاد الوطني، وتعزيز وحدة القوى الوطنية على أساس صيانة الجمهورية والسير بها قدماً في طريق أهداف الثورة، وعملنا بكل ما كان في وسعنا لتعزيز هذه الوحدة برغم نظرة التمييز التي كنا ضحيتها، ونبهنا إلى الأخطار الناجمة من السياسات والمواقف الانقسامية، وأكدنا على ضرورة تآخي كل القوى المعادية للاستعمار والإقطاع استنادا إلى ضمان تكافؤ الفرص أمام كل القوى الوطنية في ما يتعلق بحقها في التمتع بالحريات والمشاركة في مسؤولية الحكم، وكنا ولا نزال - نبني رأينا هذا لا على أساس المغانم الحزبية الضيقة أو غير المشروعة، بل على أساس وعينا العميق لمستلزمات وحدة الصفوف الوطنية، ومن أجل صيانة الجمهورية ضد جبهة أعدائها المتربصين. وبالرغم من تنكر هذه العناصر لميثاق جبهة الاتحاد الوطني وتجاهلها لهذه الأسس السليمة لوحدة الصفوف، فإننا واصلنا بثبات وأمانة مهمة الشرف في الحفاظ على وحدة الصفوف ومساندة الجمهورية ولف الجماهير حول زعامة عبد الكريم قاسم . ووضعنا كل إمكانياتنا وطاقاتنا في هذا السبيل السليم. واليوم إذ تمر أكثر من ثمانية أشهر على ثورتنا الخالدة، يمكن لكل منصف مخلص أن يستعيد في ذاكرته الأحداث ليستخلص حقيقة أننا حافظنا بثبات على العهد الذي قطعناه حينئذ ولم ننحرف عنه قيد شعرة، ورغم الظروف المعقدة والأعاصير المتبدلة الاتجاه. وأكثر من ذلك أننا كنا نحذر تلك العناصر بالذات من مغبة الانزلاق في طريق التآمر ومعاداة الجمهورية، وننصحها بضرورة التمسك بالأساليب الديمقراطية السليمة في الدعاية لشعاراتها، وبأن الشعب العراقي الذي يتمتع بتجربة سياسية زاخرة ستكون له الكلمة الأخيرة في اختيار أو نبذ هذا أو ذاك. وقلنا، آنئذ لتلك العناصر بصراحة بأنها أمام مفترق طريق، أمام منزلق خطر قد يؤدي بها إلى أن تتحول من قوى سياسية وطنية إلى عصابات استفزازية لن يكون نشاطها نافعا لغير الاستعمار وعملاء الاستعمار.

ومع الأسف فإن عدداً كبيراً من تلك العناصر أنساق وراء توجيهات المغامرة الصادرة من وراء الحدود من جهات لم تقدر مسؤولياتها، ولم تبد الحرص اللازم على سمعتها الوطنية والقومية وانساقت وراء دوافعها الضيقة وخضعت لخداع المستعمرين وأضاليلهم. أقول مع الأسف ان تلك العناصر اندفعت أكثر فأكثر في طريق التآمر والتخريب والعداء للجمهورية، وبذلك وضعت نفسها خارج القوى الوطنية المخلصة، واستحقت غضب الشعب والجمهورية.

وبالطبع ينبغي أن لا يعني ذلك أن جميع المنتمين إلى حزبي البعث والاستقلال أو سواهم من الأفراد الذين يصطلح على تسميتهم "القوميين" قد انزلقوا إلى طريق التآمر والعداء للجمهورية. فهناك دون شك عدد من العناصر وخصوصا من الشباب الذين عملوا مع هذه الجماعات بدوافع الإخلاص التام للشعب والأمة العربية. منهم من كان لديه الوعي الكافي فلم ينسق أو يتلوث بأساليب التآمر والتخريب، ومنهم من سار شوطاً أو ساهم إلى حد ما في هذه الأساليب، ولكنه تنبه إلى مخاطر هذا السبيل المعادي للجمهورية والضار بالتضامن العربي والقومية العربية، فأظهر استعداده المخلص للتراجع وتصحيح موقفه.

وعلى هذا ينبغي ألا ينظر إلى جميع القوميين والمدعين "القومية" نظرة واحدة، وأن يفسح المجال في صفوف القوى الوطنية، لأولئك الذين يستطيعون أن يبرهنوا عملياً للجماهير على إخلاصهم لنظامنا الجمهوري المتجاوب مع قضيتنا القومية على أساس تحرري ديمقراطي سليم وشجبهم كل متآمر على هذا النظام . وهؤلاء الأخوان مدعوون من جانبهم إلى مساعدة الجمهورية في فعالياتها لكشف المتآمرين والمتربصين ومحاربتهم وإنزال العقاب الصارم العادل بهم .كما أن الجماهير مدعوة لمساعدتهم وجذبهم ثانية إلى صفوفها. إذ ليس في صالح الجمهورية التفريط بأولئك الصادقين في إخلاصهم، ومعاداتهم ومعاملتهم كغيرهم من المتآمرين والمخربين.

سؤال- كيف يمكن - في رأيكم - تنشيط جبهة الاتحاد الوطني وزيادة فعالياتها إلى مستوى ما يتطلبه الوضع الراهن؟

جواب - ان حزبنا انتهج على الدوام وبثبات سياسة الجبهة الوطنية. وأن الشعب العراقي، نتيجة لتجربته الطويلة في الكفاح الوطني، قد أدرك جيداً أهمية وحدة القوى الوطنية في النضال ضد الاستعمار.

وكانت كل الأحزاب والقوى الوطنية مقتنعة، قبل ثورة 14 تموز، بأن ليس باستطاعة أي حزب بمفرده أو أي جهة وطنية أن تأخذ على عاتقها مهمة تحرير البلاد وتحقيق الاستقلال الوطني. وغداة 14 تموز، عندما أصبحت الحلقة المركزية في النضال الوطني، هي صيانة الجمهورية، أعلن حزبنا بصراحة أن هذه المهمة هي الأخرى، لا يمكن تحقيقها بجهود حزب معين أو قوة معينة، وأن السبيل الوحيد لصيانة الجمهورية واستقلالها الوطني هو سبيل تظافر جهود كل الأحزاب والقوى الوطنية. وقد استرشد حزبنا بأمانة تامة وتمسك بقوة بهذه السياسة الوطنية. ورغم التطورات التي حدثت منذ 14 تموز حتى الآن، فإن هذا الاستنتاج ما يزال صائبا كل الصواب. ومن الواجب أن يتم الإقرار بصوابه والعمل بموجبه من جانب كل الأطراف وكل القوى الوطنية من الشعب والجيش على السواء.

إن جبهة الاتحاد الوطني مدعوة الآن إلى إعادة النظر جدية في بنائها وأسلوب عملها. فقد كانت جبهة الاتحاد الوطني - كما هو معلوم - قد تأسست في ظروف استعمارية قمعية بغيضة، وانتهجت سبل العمل السري الضيق. واكتفت بارتباطات ممثلي القوى الوطنية من الأعلى دون أن يكون لها مجال الاعتماد على المنظمات الجماهيرية التي هي الأخرى تجابه ظروف القمع والتضييق.

ولكن الأوضاع الراهنة تختلف اختلافاً جوهرياً - وخصوصاً بعد الانسحاب من حلف بغداد - في ظل جمهورية وطنية تعتمد على تنظيم الشعب وإرادته إلى حد بعيد. وهذا يستوجب أن تجري إعادة النظر في بناء الجبهة وأسلوب عملها، على أساس السياسة الديمقراطية التي عبرت عنها الغالبية الساحقة من جماهير الشعب والتي تحدد المعالم العامة لسياسة جمهوريتنا البطلة تحت زعامة ابن الشعب البار عبد الكريم قاسم.

إذاً هكذا كانت هي صورة البارحة، كما عبر عنها قائد وطني ثوري برؤية وطنية مسؤولة، زعيم ثوري قدم حياته جنباً إلى جنب مع الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم ورفاقهما وأخوتهما من قادة الحزب الشيوعي العراقي وقادة الجيش العراقي والآلاف من الشهداء من الشيوعيين والديمقراطيين العراقيين دفاعا عن ثورة 14 تموز المجيدة، في مقاومة انقلاب 8 شباط 1963 الفاشي، هذا الانقلاب الذي أشرفت على رعايته وتنظيمه المخابرات الأمريكية، ونفذته القوى القومية الشوفينية والعنصرية والقوى الدينية الرجعية المتحالفة مع بقايا الإقطاع.

ومر العراق بمرحلة طويلة بين صورة ثورة 14 تموز 1958 وصورة اليوم في مرحلة سقوط النظام البعثي الفاشي الثاني واحتلال العراق.

فما بين الانقلاب الفاشي الأول في 8 شباط 1963 واحتلال العراق في 9 نيسان 2003،استخدم حزب البعث الفاشي كرأس حربة بيد القوى الامبريالية العالمية، إذ رفع الشعارات اليسارية المزيفة لمواجهة المد اليساري الثوري المتصاعد في فترة الستينيات والسبعينيات، ضمن استراتيجية أمريكية لقطع الطريق على صعود اليسار الثوري الحقيقي من الوصول إلى الحكم.

ولما بدأ المد الديني في الصعود على حساب القوى القومية واليسارية معاً، خصوصاً بعد سقوط الشاه وخطف الثورة الشعبية الإيرانية من يد الطبقة العاملة والقوى الثورية لصالح القوى الإسلاموية، شن نظام البعث الفاشي بدفع من السيد الأمريكي أيضاً، حربه على إيران وتبرقع زعيمه ببرقع الدين عبر حملته الإيمانية سيئة الصيت، التي أضاع فيها المشيتين، فهو لم يعد يسارياً "مزيفاً" حسب المودة القديمة، ولا إسلاموياً "مزيفاً" وفق المودة الجديدة.

كان العراق وشعبه في مطحنة الاستراتيجية الإمبريالية الأمريكية على مدى تلك العقود الأربعة، الممتدة من الانقلاب الأمريكي الأول في 1963، مرورا بالانقلاب الأمريكي الثاني في 1968 حتى الاحتلال المباشر للبلاد في 2003.

لقد امتطت الإمبريالية الأمريكية القوى القومية العربية (البعث) والقوى القومية الكردية (البارزاني والطالباني) والقوى الإسلاموية الشيعية (آل الحكيم، بحر العلوم، والدعوة) والسنية (الحزب الإسلامي) والقوى الإقطاعية( على مستوى العراق كله)، امتطاء جماعياً كما في انقلاب 1963 أو امتطاء جزئياً كما في انقلاب 1968، وامتطاءً شاملاً متعدد الأوجه، معقد، لكنه مكشوف في 9 نيسان 2003.

إن صورة اليوم تعلن عن هويتها بالإبادة الجارية للشعب العراقي، التطهير العرقي والطائفي، التهجير المليوني للسكان، التدمير الشامل للبنية التحتية للبلد، النهب الشامل للثروات، وصولاً إلى الهدف النهائي، تقطيع أوصال الوطن إلى إقطاعيات طائفية عنصرية.

ان الطبقة العاملة العراقية المتحالفة مع الفلاحين وسائر الكادحين، ممثلة بحزبها الثوري، الحزب الشيوعي العراقي، هي القادرة بالتعاون مع كل القوى الوطنية المعادية للاستعمار والاحتلال، على مواجهة هذا المشروع الإمبريالي الجهنمي، وبالتالي إنقاذ الوطن من التقسيم وتحريره وإقامة دولة القانون والعدالة الاجتماعية.

الجمهورية العراقية الحرة الديمقراطية هي الهدف التي كافح من أجلها بنات وأبناء العراق الأبرار جيل تلو الجيل الآخر، منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة حتى يومنا هذا، مسيرة معمدة بدماء الشهداء الزكية من أجل وطن حر وشعب سعيد.

إن كلمات الشهيد سلام عادل التي نستعيدها اليوم بعد أربعة عقود من استشهاده، هي ذاتها التي صرخ بها بوجه الجلادين الذين أذاقوه أهوال العذاب حتى استشهاده مرفوع الهامة، مؤمن بالشعب العراقي واثق من النصر، إننا إذ نخوض المعركة التاريخية الكبرى، معركة وجود أو عدم وجود بلادنا، معركة الحرية في مواجهة العبودية، نجدد العهد للشهداء بأن دمائهم لن تذهب هدراً، ويم حرية الوطن والشعب لقريب، وما مصير الغزاة وعملائهم إلا مزبلة التاريخ.

* ثمينة ناجي يوسف - سلام عادل سيرة مناضل، الجزء الأول، ص266.








ما أشبه اليوم بالبارحة ( أحداث كركوك 14-16 تموز 1959والمادة 140 الاحتلالية التقسيمية):الشهيد الخالد سلام عادل- الانقلاب حدث ليس في 8 شباط 1963.. بل في 1959 وسهلت الكتلة مروره






تقع كركوك، وهي مركز نفطي، على بعد 180 ميلاً (280 كيلومتراً) إلى الشمال من بغداد. وكانت مدينة تركية بكل ما في الكلمة من معنى حتى ماض غير بعيد. وانتقل الأكراد تدريجيا من القرى القريبة إلى هذه المدينة. وتكثفت هجرتهم إليها مع نمو صناعة النفط. وبحلول العام 1959 كان الأكراد قد أصبحوا يشكلون حوالي ثلث السكان، بينما انخفض عدد التركمان إلى ما يزيد قليلاً عن النصف… وشهدت مدن تركية أخرى، مثل أربيل، عملية مشابهة. ولقد تكردت (أصبحت كردية) أربيل نفسها إلى حد كبير وحصل التغيير سلماً. أما أهل كركوك، فكانوا أصلب عوداً وحافظوا على روابط ثقافية حميمة مع تركيا وتوحدوا من خلال شعور أعمق بالهوية العرقية1.

وكان بطاطو قد تطرق إلى التوزيع الجغرافي للمجموعات العرقية-الدينية الأساسية ويقول في ذلك: "هناك على امتداد طريق البريد القديمة بغداد -الموصل- اسطنبول شريط من المستوطنات التركمانية منها تلعفر وداقوق وطوز خورماتو وقرة تبة، وهي شيعية، وآلتون كوبري وكركوك وكفري، وهي سنية".2

إن العودة إلى التاريخ في قضية كركوك قد تساعدنا على الوصول إلى حلول وطنية عراقية، بطابع إنساني أممي لمسألة كركوك، على خلاف الحلول المطروحة اليوم، خصوصاً الخيار الوارد في المادة 140، هذا الخيار المودي حتما إلى بلقنة كركوك، ومن ثم العراق كله.

أحداث كركوك 14 - 16 تموز 1959

لم يكن غريباً أن تستعيد القوى المعادية للحزب مجريات أحداث يوم الاستعراض التمهيدي.

في 5 تموز وفشلها في تحقيق هدفها في توجيه ضربة مباشرة للحزب وما تمخضت عنها تلك الأحداث من نتائج عكسية، وأن تستفيد من تجربتها وتحاول استعادة المبادرة التي فقدتها في "لحظة تاريخية" معينة ولمنع القوى التقدمية والحزب من امتلاك زمام المبادرة.

وقد شهدت تلك الفترة تلاقياً في الأهداف رغم اختلافها، بين القوى المعادية للثورة ككل وبين قوى اليمين البرجوازي وحدتها مؤقتا معادة الحزب والقوى الثورية التقدمية. وكان من نتائج ذلك التلاقي المؤقت افتعال أحداث كركوك في الذكرى الأولى لثورة تموز وهي من قبل تلك "الأعمال المدمرة" والتي "ستلقي مسؤوليتها على كاهل الشيوعيين"!! والـ "وشيكة الوقوع" كما حذرت جريدة الحزب "اتحاد الشعب" في أعدادها الصادرة في 16 و17 و22/ حزيران 1959 وقد وجدت السلطة في تلك الأحداث فرصتها المواتية لتوجيه ضربة عنيفة للحزب وحلفائه من خلال الإجراءات المبيتة التي اتخذتها بعد الأحداث مباشرة3.

ومن شهود العيان الذين نشروا شهاداتهم حول أحداث كركوك عضو الحزب الشيوعي العراقي عادل مصري (أبو سرود) الذي كان وقتها عضوا في لجنة المحلية في كركوك، يقول فيه" تقرر أن تكون ساحة المدرسة الثانوية مكان تجمع المشاركين في المسيرة. ومنها تنطلق عبر الشارع الرئيسي في - قوريه- ثم تمر أمام الثكنة العسكرية وتعبر الجسر قرب القلعة القديمة ثم الجسر الثاني وتتجه بعد ذلك عبر شارع أطلس حتى تنتهي قرب المدرسة الثانوية التي كانت قد انطلقت منها. وكذلك جرى تثبيت الشعارات والهتافات الرئيسية للمسيرة ووضعت قائمة بالمنظمات والهيئات التي ستشارك فيها وحدد موقع كل منها. وجرى التأكيد على تشديد الحراسة وعلى اليقظة إزاء محاولات التخريب التي قد تلجأ إليها الفئات المعادية خاصة من أوساط عملاء شركة النفط. وفي ما يتعلق بالطريق الذي اختير للمسيرة أرى من الواجب الإشارة إلى أن اللجنة المحلية قررت أن لا تعبر المسيرة الصوب الصغير إلى محلة -المصلى- التي يسكنها كثير من المواطنين التركمان وذلك تجنباً لأي احتكاك مع المتعصبين منهم الذين قد يندسون من خلال آلاف الناس في المسيرة. وبدأت المسيرة كما كان مقرراً.

قبل الظهر شهدت المدينة عرضاً عسكرياً لقطعات الجيش والقوات المسلحة الأخرى و... انطلقت بصورة نظامية تعلوها الشعارات المقررة وليس غيرها واجتازت شارعا في - قوريه - ثم الثكنة العسكرية وحسب المقرر لم تعبر الصوب الصغير بل اتجهت في الطريق المؤدي إلى شارع أطلس.. ولم يحدث أي أشكال قبل دخولها مرحلتها الأخيرة. كانت تتقدم المسيرة مجموعة من الأطفال بملابس بيضاء وهم يحملون الأزهار وجاء بعدهم أنصار السلام ورجال الدين ثم عمال النفط وأعضاء النقابات الأخرى والشبيبة والطلبة والجمعيات الفلاحية ورابطة الدفاع عن حقوق المرأة.. والتحق بالمسيرة جنود كثيرون وكان واضحاً، أن أبناء جميع القوميات المتعايشة في كركوك دون استثناء يشاركون فيها وكان هذا أكثر مما أثار حنق عملاء شركة النفط الذين فشلوا حتى اللحظة في القيام بأي عمل تخريبي ضد المسيرة. إلا أنهم وكما تبين فيما بعد، كانوا يبيتون لمجزرة ضد المواطنين العزل المشاركين في المسيرة السلمية فبعد دخول المسيرة شارع أطلس ومع وصولها كازينو الشباب وسينما أطلس انهالت عليها من السطوح الحجارة وقطع الآجر ثم سرعان ما انهمرت زخات الرصاص من سطح أحد المنازل المطلة على الشارع وفوجئ الناس بهذا العمل العدواني الغادر فتزاحموا متدافعين من الشارع الضيق وشق البعض طريقه مفتشاً عن مصدر النيران لإسكاته وفاض الشارع بالجموع التي راحت تزحف فوق بعضها في جو من الفزع والفوضى وتوالت المشاهد المفجعة خاصة منظر الأطفال الهلعين المولولين والأقدام تدوسهم.. وتطورت الأمور بسرعة ولم يمكن السيطرة عليها وانطلقت عناصر يبدو أنها مهيأة سلفاً من قبل عملاء شركة النفط تشيع وتؤجج الفوضى وتحرض الناس على كسر أبواب الدكاكين وعلى القتل والنهب وإشعال الحرائق خاصة من بعض المتاجر العائدة لمالكين من التركمان وغيرهم وبلغ هياج الناس حداً أصبح كل إنسان في الشارع أيا كان مهددا بالموت لمجرد أن يرتفع بوجهه إصبع اتهام مهما كان مصدره.

ولم ينجُ عدد من رفاقنا الشيوعيين وبعض التقدميين من محاولات القتل والسحل.. بيد أن العناصر المعادية لم تكف عن الاستفزاز والعدوان وبقي الرصاص يطلق من قلعة كركوك القديمة بصورة منقطعة طيلة ثلاثة أيام ولم يمكن إسكاته إلا بعد تمشيط القلعة من قبل الجيش والمقاومة الشعبية، وجاءت مشاركة المقاومة الشعبية في عملية التمشيط استجابة لطلب، تقدمت به قيادة الفرقة الثانية ولتوجيهات وصلت من بغداد بوضع حد لإجرام العناصر الرجعية المعدية للجمهورية.

إن ما حدث في كركوك وما تعرضت له مسيرة الذكرى الأولى لثورة تموز فيها، لم يكن غير عدوان آثم دبره عملاء شركة النفط وقوى الردة في المدينة4.

إذاً فإن الشهادة أعلاه وعشرات الشهادات الأخرى، وتطورات الأحداث السياسية لاحقاً، تثبت جميعاً دون أدنى شك، مسؤولية الشركات النفطية الاستعمارية عن أحداث كركوك، ومن جهته الباحث حنا بطاطو، قد خلص إلى استنتاج في دراسته الأكاديمية الموسوعية الحيادية لتأريخ العراق الحديث، يبرأ قيادة الحزب الشيوعي العراقي من أي مسؤولية عن أحداث كركوك فهو يقيم الأمر بـ "لا شيء آذى الشيوعيين بقدر ما فعلت أحداث كركوك الدموية في 14 -16 تموز- يوليو- ومع ذلك فقد أصبح مؤكداً الآن أن هذه الأحداث لم تكن من قبل زعمائهم ولا هم سمحوا بها5.

أما الشهيد الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم، فإنه بالرغم من استغلاله لأحداث كركوك ذريعة لاتخاذ إجراءات قاسية شاملة ضد الحزب الشيوعي العراقي بهدف تحجيم دوره المتنامي، فقد أعترف بخطئه في الساعات الأخيرة قبل استشهاده، عبر الاتصال الهاتفي الذي كان قد أجراه معه الشهيد سلام عادل زعيم الحزب الشيوعي العراقي لحظة قيادته المقاومة الشعبية لانقلاب الفاشيست، وحينما كان الزعيم الشهيد يتصدى للانقلابيين من مقره في وزارة الدفاع "واستمر سلام عادل بالاتصال تلفونياً بوزارة الدفاع بين فترة وأخرى مستفسراً عن وضع الموجودين فيها مقدماً اقتراحاته لهم. وقد رد عبد الكريم قاسم على أحد الاتصالات التلفونية التي أجراها سلام عادل مع وزارة الدفاع، وقال له بأننا أخطأنا مع الشيوعيين، وقدم له الاعتذار قائلا بأنه سيضعهم في المكان المناسب واعدا بمعالجة الأخطاء التي ارتكبت بحق الحزب، لكن سلام عادل قطع حديثه بلباقة موضحا له بأن الوضع حرج يحتاج العمل السريع وعدم مناقشة الماضي وطلب منه إذاعة بيان موجه إلى القوات المسلحة بصوته من الإذاعة السرية التي كان الحزب يعتقد بوجودها في وزارة الدفاع يدعو فيها الجماهير إلى مقاومة الانقلاب وتسليم السلاح للجماهير"6.

وكان موقف الكتلة اليمينية الانتهازية في قيادة الحزب، هو استغلال أحداث كركوك استغلال انتهازياً بشعاً، بهدف تصفية الحساب مع قيادة سلام عادل للحزب، والعمل على إبعاده، وهو ما عبر عنه الشهيد سلام عادل بعد عودته للوطن من فترة الإبعاد تلك، بجملته الشهيرة حينما قال له الشهيد جمال الحيدري: "ان الانقلاب كما يبدو قد بدأ منذ الصباح . فعلق الشهيد سلام عادل: كلا. لقد بدأ الانقلاب في منتصف تموز 1959 وسهلت الكتلة مروره6.

إن العدو الذي افتعل فتنة كركوك في تموز 1959، هو العدو ذاته الذي يبلقن كركوك بالمادة 140 سيئة الصيت، إنه الاستعمار والاحتلال والشركات النفطية الاحتكارية والعملاء المحليون.

فلم تتمكن صياغة المادة 140 الخادعة من إخفاء الهدف الحقيقي من وراء إصدارها، ألا وهو إثارة الفتن العصبية القومية المتخلفة في تقليد أعمى للسياسة البعثية القومية الشوفينية.

أن صناع فتنة كركوك الجديدة لا يتعلمون من التاريخ، فكركوك هي العراق المصغر المتآخي، وثروات كركوك النفطية، كثروات البصرة النفطية، وجميع الثروات العراقية، هي ملك للشعب العراقي، وما الطبقة العاملة المتحالفة مع الفلاحين وسائر الكادحين إلا حراس هذه الثروة وأصحاب الحق في توزيعها العادل.

إن تغير البنية الديموغرافية للمدن هو ظاهرة تاريخية موضوعية، والتبدل الذي طرأ على مدينة كركوك يدخل في هذا الباب، فالعامل الاقتصادي، وقبل أي عوامل أخرى، دينية أو اثنية، هو الأساس في حركة تطور مدينة كركوك في هذا الاتجاه أو ذاك، وفي صيرورتها التاريخية الراهنة.

إن نزوح فقراء الأكراد من الريف الكردي إلى كركوك، كان قد بدأ منذ لحظة اكتشاف النفط في مدينة كركوك، هذا الاكتشاف ( العامل الاقتصادي) الذي أعلن بأن مدينة كركوك تقع على أرض يكمن في باطنها ما يقدر بـ 6% من احتياطي البترول في العالم. وتزايدت هذه الهجرة الفلاحية الكردية هرباً من ظلم الأغوات الذين حولوا حياة الفلاحين إلى جحيم لا يطاق.

هذه الهجرة الفلاحية التي تعاظمت بعد ثورة 14 تموز 1958 وصدور قانون الإصلاح الزراعي، والتي لم تقتصر على الفلاحين الأكراد فحسب، بل شملت الفلاحين العرب في ريف الجنوب والفرات الأوسط، الذين نزحوا إلى البصرة (العامل النفطي أيضاً) والى بغداد العاصمة بحثا عن فرصة عمل، وهربا من جحيم الإقطاع أيضاً.

فإذا كانت هجرة الفلاحين الأكراد قد أثرت على التركيبة الديموغرافية من الناحية القومية (الأكراد – التركمان) لمدينة كركوك، فإن هجرة الفلاحين العرب إلى بغداد لعبت هي الأخرى دورا في تغيير التركيبة الديموغرافية لمدينة بغداد من الناحية المذهبية (شيعة - سنة)8.

إن كركوك التآخي قادرة على أن تكون المفتاح لإخراج العراق من النفق المظلم، وبالتالي استعادته لوجهه الحضاري المشرق، وجه بلاد الرافدين منبع الحضارة الإنسانية قاطبة، دعونا نأمل ونعمل من أجل تحقيق هذا الهدف العظيم9.

فخيار الفتنة في تموز 1959 أدى إلى ضياع ثورة الشعب، ثورة 14 تموز 1958 المجيدة، ومجيء نظام الردة والرجعية الفاشية، الذي ادخل العراق في دوامة القتل والتدمير على مدى أربعين عاماً، اختتمت باحتلال البلاد على يد أعتى قوى امبريالية استعمارية عرفها التاريخ الحديث.

أما الإصرار على تنفيذ خيار البلقنة في المادة 140 فسيمزق العراق إرباً إرباً، وتسيل انهار الدماء كما لم تجري من قبل، ولن يبقى من الثروات المتصارع عليها، إلا ما ينهب على يد الشركات الأمريكية الاحتكارية، وبعض الفتات الذي سيرمى بشكل سلاح لأمراء الإقطاع والطائفية والعنصرية.

***

المصادر

(1)حنا بطاطو "العراق – الكتاب الثالث، الشيوعيون والبعثيون والضباط الأحرار"، ترجمة عفيف الرزاز، مؤسسة الأبحاث العربية، الطبعة العربية الأولى – بيروت 1992 ص 224 .

(2)حنا بطاطو، العراق- الكتاب الأول، الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية من العهد العثماني حتى قيام الجمهورية"، ترجمة عفيف الرزاز، مؤسسة الأبحاث العربية- بيروت 1990، ص57-58.

(3) ثمينة ناجي يوسف، سلام عادل سيرة مناضل، الجزء الثاني، ص66.

(4)المصدر السابق، ص 68-69.

(5)حنا بطاطو. الكتاب الثالث، ص 223.

(6)ثمينة ناجي يوسف. سلام عادل سيرة مناضل، الجزء الثاني، وص 339.

(7)المصدر السابق .ص 337

(8)صباح زيارة الموسوي،الحوار المتمدن - العدد: 1837 - 2007 / 2 / 25 .

(9)المصدر السابق.








اغتيال تظاهرة 1 أيار 1959 المليونية على يد الكتلة الانتهازية والقوى القومية الرجعية - عربية وكردية - والإقطاعية العميلة أدخل العراق في أربعة عقود من الظلام



يقترن عيد العمال العالمي في الأول من أيار بشكل لا فكاك منه بالتظاهرة المليونية في عراق ثورة 14 تموز 1958 في أول عيد للعمال، بعد إسقاط العهد الملكي واستقلال العراق من الاستعمار البريطاني، خصوصاً وأن العام الأول من الثورة شهد انتصارات كبرى معروفة للجميع. يمكن القول بحق إن المظاهرة العمالية في الأول من أيار 1959 قد هزت العالم، ولا زال العراق يعاني من هذا الاهتزاز، ممثلاً بالاحتلال الاستعماري الجديد على يد ذات القوى الإمبريالية التي ارتعبت من المظاهرة المليونية، وبالتعاون مع ذات القوى الإقطاعية والقومية والرجعية التي حاربت ثورة 14 تموز المجيدة.

إذاً، فإنه لا يمكن على الإطلاق الفصل بين الأول من أيار ودور حزب الطبقة العاملة العراقية من جهة، ومصير العراق ككل من جهة أخرى. ولعل الاستعراض التاريخي المتواضع المقدم في هذه المساهمة لمناسبة عيد العمال العالمي 2005، يوصل إلى البرهنة على هذا الاستنتاج.

إن انتكاسة القيادة الثورية للحركة العمالية الثورية عبر إبعاد قائدها الشهيد سلام عادل ورفيقه جمال الحيدري إلى المنفى السوفييتي، ومن ثم هيمنة الكتلة الانتهازية على قيادة حزب الطبقة العاملة، كان في أساس توفير الفرصة لقوى الردة مدعومة من الإمبريالية الأمريكية، في قطع الطريق على تطور الثورة العراقية على يد الحزب الشيوعي العراقي من أجل إقامة نظام العدالة الاجتماعية.

وها نحن نشهد اليوم التحالف الأسود الاحتلالي – الطائفي – العنصري – الرجعي، يقطف ثمار تدمير العراق واحتلاله. وفي المقابل تعيش الطبقات الكادحة في أردأ حالات البؤس الإنساني، ومن جهتها، أي بقايا وتلاميذ الكتلة الانتهازية، رمت بنفسها في أحضان المشروع الإمبريالي تحت "بدعة التحرير" كعادتها بعيد العمال الخاص بها عيد "الصالونات" في مصير تراجيدي، بعد أن أدت سياستها الانتهازية المتواصلة، إلى تحويل حزب المسيرة المليونية إلى عصبة المقعدين اليتيمين.

إن العودة إلى الماضي يستهدف في الدرجة الأولى الأساسية التواصل على صعيد الذاكرة الحزبية من بين أجيال الشيوعيين المتعاقبة، والذاكرة الوطنية العراقية، والكشف عن رموز وقوى الحاضر على صعيد الصراع الطبقي والوطني وامتداداتها الوطنية، أي أصولها الطبقية، ودورها في القضاء على الحلم العمالي، بإسقاطها حلم ثورة 14 تموز المجيدة في إقامة دولة القانون والعدالة الاجتماعية.

كتبت الرفيقة ثمينة ناجي يوسف رفيقة وزوجة الشهيد سلام عادل، تصف التظاهرة المليونية، من موقع المساهم فيها، حيث كانت في الصفوف الأمامية للتظاهرة، كتبت: «لقد كتب الكثير عن تلك المظاهرة وملابساتها ومضاعفاتها، ونود الإشارة إلى أهم أحداثها ما لم يذكر في الكتب أو المذكرات التي نشرت إلى الآن حسب المعلومات المتوفرة. لأول مرة يرفع شعار مشاركة الحزب في الحكم في مظاهرات صاخبة أخذت تردد من الصباح إلى المساء شعار: عاش الزعيم عبد الكريم، حزب شيوعي بالحكم، مطلب عظيم.. لم تدرج قيادة الحزب، قبل المظاهرة شعار إشراك الحزب بالحكم ضمن الشعارات الأساسية للمظاهرة. وقد كان ظهوره بتلك الحدة والإلحاح مفاجأة للمسؤولين عن قيادتها أعضاء المكتب السياسي. إن عدم إدراج الشعار بين الشعارات الرئيسية التي حددها المكتب السياسي قبيل المظاهرة مباشرة طالباً من قيادة المظاهرة الالتزام بها كشعارات للحزب، يعني بالضرورة أن المطالبة بتلك الصورة، لم تكن أسلوباً من تكتيكات الحزب آنئذ في عمله لإزالة التناقض القائم بين تركيبة سلطة الثورة وقواها الأساسية» (ثمينة ناجي يوسف، سلام عادل.. سيرة مناضل، ج2، ص14).

إن الطبقة العاملة العراقية والجماهير المؤيدة لها، وبحسها الطبقي، رفعت الشعار، شعار المطالبة بحزب شيوعي في الحكم، متجاوزة بذلك تردد الكتلة الانتهازية في قيادة الحزب الشيوعي في دفع عملية الثورة الوطنية إلى ثورة وطنية ديمقراطية. تصف الرفيقة ثمينة ناجي يوسف مجرى تطور المظاهرة: «عندما انطلقت المظاهرة من الباب الشرقي لم يكن الشعار مرفوعاً، وعند بداية شارع الرشيد قرب سينما روكسي بدأت الجماهير بترديد الشعار. كنت وقتها ضمن موكب منظمة بغداد الذي يلي موكب قيادة الحزب، وفي مقدمتهم أغلب أعضاء المكتب السياسي.. كان سلام عادل في ذلك الوقت في مقر الاتحاد العام لنقابات العمال القريب من باب الشرقي ولكونه بعيداً عن المكان، عندما بدئ بترديد الشعار، فقد جاءت معرفته بذلك متأخرة، ونقل إليه الخبر محمد حسين أبو العيس المكلف من قبل المكتب السياسي بمسؤولية إدارة شؤون المظاهرة وضمان مسيرتها وفقاً لتوجيهات الحزب المقررة وبضمنها الشعارات. كان قد مضى وقت طويل على رفع الشعار، وأصبح أحد الشعارات السائدة عند اقتراب المظاهرة من مقر الاتحاد وعندها صعد أبو العيس لإخبار سلام عادل وأخذ رأيه في مواصلة ترديد الشعار. بعد تفكير قليل سأله عن رأي أعضاء المكتب السياسي وهم في مقدمة المظاهرة وعن رأيه شخصياً، فأكد له موافقتهم على مجريات الأحداث، وبعدها أعطى سلام عادل موافقته على الاستمرار فيه» (المصدر السابق، ص15-16).

يقيّم الرفيق سلام عادل الوضع داخل قيادة الحزب في هذه الفترة بالتالي: «يقول سلام عادل إن أخطاء الحزب عام 1959، التي هي في جوهرها ترتكز على الفهم الخاطئ لطبيعة البرجوازية الوطنية بما في ذلك عدائها للشعب.. لقد عانى الحزب منذ ذلك التاريخ ضغطاً خارجياً هائلاً. فتحت شعار مكافحة "الفوضوية" و"الحزبية الضيقة" و"مكافحة الإجرام" التأمت تدريجياً جبهة واسعة ضد الحزب وضد القوى الديمقراطية الثابتة من مختلف فئات وعناصر الرجعيين والإقطاعيين وأعوان العهد المباد وسائر عملاء الاستعمار وحلف السنتو، ومختلف الزمر القومية اليمينية والسلطة بأجهزتها وإمكانياتها، ومختلف أحزاب البرجوازية، بما في ذلك بعض الفئات البرجوازية التي تحمل عدة شعارات ديمقراطية كالوطني الديمقراطي والبارتي.. لقد استخدمت هذه الجبهة كل ما هو معروف لديها من الأساليب الدنيئة، وكل ما استطاعت القيام به ضد الحزب والحركة الديمقراطية وضد الجماهير الشعبية المخلصة.. أساليب خبيثة وملتوية للتسلل بأفكارها وشعاراًتها وعناصرها إلى داخل الحزب نفسه بغية فلّ وحدته وتفتيته، وعلى أمل القضاء عليه، وبوجه خاص تركزت هذه الجهود على قيادة الحزب نفسها. ونكثاً للأمانة الحزبية عمل بعض الرفاق على إعطاء صورة مشوهة عن الوضع في قيادة الحزب للأحزاب الشقيقة. كما عمل بعض الرفاق في جبهة تكتلية حاولت التنصل من الأخطاء التي ساهمت هي في مسؤوليتها، بينما هولت من تلك الأخطاء وحاولت تركيزها على ما دعته بـ "الجبهة المقابلة" وحاولت بمختلف السبل اللامبدئية فرض التذبذب والاستسلامية وإجراء تغيير في تركيبة قيادة الحزب» (مطالعة عمار - سلام عادل - في 2 سبتمبر 1962).

لقد أصدر الحزب بياناً على أعتاب الردة بتاريخ 25 كانون الثاني 1962، يوضح بجلاء أفكار وتوجهات سلام عادل بعد ما يقارب الستة شهور على عودته إلى الوطن من الإبعاد على يد الكتلة الانتهازية، بيان الحزب الشيوعي العراقي 25 كانون الثاني 1963، المصدر السابق ص184.

إن التظاهرة المليونية هذه عبرت عن مدى قوة ونفوذ الحزب الشيوعي العراقي بقيادة سلام عادل في صفوف الشعب العراقي عامة والطبقة العاملة والفلاحين والشغيلة خاصة. إن التقديرات المتواضعة عن هذه القوة تشير إلى التالي: «وصل توزيع صحيفتهم المركزية "اتحاد الشعب" إلى 23 ألف نسخة يومياً، مع أنه لم تكن هناك في العراق صحيفة تبيع أكثر من ألفي نسخة يومياً قبل ذلك بسنة واحدة.. وتضاعفت خلاياهم كذلك مرات عديدة. واستناداً إلى شيوعي مخضرم ورفيق لفهد، فإن الحزب صار يعد في ذروة الموجة 20 ألف عضو مسجل ومرشح. وهذا ما يتفق مع تقديرات البعثيين على العموم. وتنامت المنظمات المساعدة للحزب أو الجمعيات التي كانت تتحرك في مداره بإيقاع أسرع من ذلك. وكانت "رابطة الدفاع عن حقوق المرأة" تضم في 8 آذار، وباعترافها 25 ألف عضو. واستناداً إلى إحدى قياداتها فقد وصل العدد إلى 40 ألف عضو في منتصف عام 1959. وفي منتصف حزيران ادعى "اتحاد الشباب الديمقراطي العراقي" الذي رخص له في 29 آذار، قوة تصل إلى 84 ألف عضو. وقيل إن "المؤتمر الوطني للجمعيات الفلاحية" الذي عقد في يوم 16 نيسان في بغداد كان يمثل حوالي 2000 جمعية تضم أعضاء مجموعهم 250 ألفاً. وأعلن "الاتحاد العام للنقابات" في 8 تموز أنه يتحدث باسم 51 منظمة نقابية تضم 275 ألف عامل وحرفي من الأنواع كافة. إن الذين عاشوا تلك الفترة ما زالوا يتذكرون بشيء من الرهبة البحر اللامتناهي من الرجال الذين كان باستطاعة الحزب أن يجمعه خلال لحظات» (المصدر السابق استناداً إلى المصادر التالية: حنا بطاطو، الكتاب الثالث ص208، العراق "ثورة تموز في سنيها الأول" ص254، حديث مع سليم عبيد النعمان، شباط 1964، حديث أجري مع هاني الفكيكي، عضو القيادة البعثية عام 1963، حديث مع الدكتورة روز خدوري شباط 1964، تصريح زكي خيري عضو المكتب السياسي في 11 تموز 1959، اتحاد الطلاب العالمي).

إن وصول الحركة الثورية للطبقة العاملة العراقية ممثلة بالحزب الشيوعي العراقي بقيادة الشهيد الخالد سلام عادل، إلى هذه الذروة الجماهيرية، لم يكن أمامها إلا خيارين لا ثالث لهما، أولهما: التقدم إلى أمام واستلام السلطة، ومن ثم الانتقال بالثورة الوطنية العراقية إلى مرحلتها الأعلى الثورة الوطنية الديمقراطية، وثانيهما: التوقف والانكفاء والتراجع، الذي يوصل إلى الانهيار الشامل للحركة، ومن ثم العزلة عن الجماهير، وبالتالي توفير الفرصة للقوة المضادة للثورة لجر الأنفاس والانقضاض على النظام الوطني الجمهورية بقيادة الزعيم الوطني الشهيد عبد الكريم قاسم، وهذا ما تم بالضبط في انقلاب 8 شباط الأسود 1963.

إن تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي العسكرية ونفوذه في القوات المسلحة، وصلت هي الأخرى إلى الذروة، وحسب المعطيات التي أوردها حنا بطاطو كانت كالتالي:

«رتبة زعيم 3، رتبة عقيد 18، رتبة مقدم 27، رتبة رئيس أول 37، رتبة ملازم أول 52، رتبة ملازم ثان 64» (حنا بطاطو، الكتاب الثالث، ص210).

هذا إضافة إلى قوة المقاومة الشعبية التي وصلت إلى 25 ألف رجل في عام 1959 حسب المصدر السابق. وعشرات الآلاف من الجنود وضباط الصف الذين تنحدر غالبيتهم من أصول عمالية كادحة.

ولا بد هنا من التذكير بأن المظاهرة المليونية خرجت في وقت كان فيه تعداد الشعب العراقي لا يتجاوز الـ 8 مليون نسمة.

إن انتصار الكتلة اليمينية في قيادة الحزب الشيوعي العراقي والتي كان من أولى قراراتها إبعاد الشهيد سلام عادل إلى الاتحاد السوفييتي، مثل نقلة جوهرية في ترجيح الخيار الثاني في سياسة الحزب، خيار التراجع وانكفاء، ومن ثم كبح التحرك الجماهيري وإعاقة تطوره نحو الفعل الثوري المباشر. إن الفترة الممتدة بين أواخر آب 1961 وأواسط حزيران 1962، فترة إبعاد الشهيد سلام عادل، هي الفترة ذاتها التي شهد فيها الوضع السياسي العراقي تدهوراً نوعياً لصالح القوى المضادة للثورة.

لقد واصلت قوى الردة هذه عملها للإطاحة بثورة 14 تموز المجيدة، وبالتالي توجيه ضربة قاصمة للحركة الثورية للطبقة العاملة العراقية، وهذا ما تم في انقلاب 8 شباط الأسود 1963، الذي علق على حدوثه الشهيد سلام عادل بالقول: «قال جمال إن الانقلاب كما يبدو قد بدأ منذ الصباح، فعلق سلام قائلاً: كلا. لقد بدأ الانقلاب في منتصف تموز 1959 وسهلت الكتلة مروره» (ثمينة ناجي يوسف، المصدر السابق، ص337).

إن قائد الحركة الثورية للطبقة العاملة الشهيد سلام عادل، كان قد قيّم الانقلاب قبل أيام معدودة من وقوعه في قبضة الفاشيست واستشهاده مرفوع الرأس تحت التعذيب الهمجي. هذا التعذيب الذي تواصل لاحقاً بحق الشعب العراقي على مدى العقود الأربعة اللاحقة، على يد القوى الرجعية والبعثية الفاشية، ويتواصل اليوم على يد أسيادهم الأمريكان، بعد إسقاطهم للنظام الصدامي الفاشي واحتلال بلادنا في 9 نيسان 2003.

لقد قيّم الشهيد سلام عادل الانقلاب الفاشي في آخر رسالة كتبها: «إن الديكتاتورية السوداء الجديدة لم تأتِ للقضاء على الديكتاتورية كما تزعم، ولم تأتِ من أجل الوحدة والحرية والاشتراكية أو "العدالة الاجتماعية"، بل جاءت لتطعن شعارات الوحدة والحرية والاشتراكية والعدالة الاجتماعية. إن طبيعة الديكتاتورية السوداء الجديدة لا أن تسترها بغربال من الديماغوجية والتهويش. إنها طبيعة رجعية قومية يمينية شوفينية عنصرية طائفية. وبطبيعتها هذه تخدم بالدرجة الأولى الاستعمار والرجعية والإقطاع، إنها تمثل حركة ردة سوداء للنكوص لبقايا مكتسبات ثورة 14 تموز. إنها تحمل راية مهادنة الاستعمار الأمريكي والإنكليزي وشركاتهما النفطية. إنها تحمل راية تخريب الإصلاح الزراعي. إنها تحمل راية تخريب البقية الباقية من النزر اليسير من حريات الشعب ومنظماته ونقاباته وجمعياته المهنية والثقافية والاجتماعية، أنها تحمل راية تخريب المقاييس الوطنية وتشويه أهداف الحركة الشعبية وحرفها لصالح الاستعمار والإقطاع، أنه تحمل راية معاداة الشيوعية والديمقراطية والوطنية. راية ميثاق بغداد غلاة دعاة الاستعمار والعدوان والحرب، وفرض أبشع أساليب الحكم البوليسية الفاشية على بلادنا، إنها تحمل راية تدمير جيشنا الوطني جيش 14 تموز وتصفية عناصره الوطنية الأشد إخلاصاً للشعب والوطن. إنها سلطة معادية للقوميات والأقليات التي يتألف منه شعبنا، تحمل راية العداء القومي والطائفي وضد الشعب الكردي وضد الأقليات القومية والدينية والطائفية، إنها تحمل راية معاداة العمال والفلاحين، معاداة المثقفين والثقافة والعلم». (المصدر السابق ص 356).

وحمل الشهيد سلام عادل القيادة القومية الكردية المسؤولية أيضاً: «إن القوميين الأكراد حاربوا قاسم بصورة عمياء وطلبوا العون والمساندة من أية جهة لإسقاطه، وغازلوا القوميين العرب اليمينيين وتعاونوا معهم وتصوروا بان انقلاب 8 شباط 1963 كما لو انه انتصار لهم. ان هذه السياسة تنم عن ضيق الأفق القومي وقصر النظر البرجوازي. إنهم يجابهون عدوا أشرس من قاسم. ان مطامح الشعب الكردي تتعارض مع أهداف الانقلاب على خط مستقيم تماماً. ان قادة الانقلاب أذاعوا بعض الأقوال التخديرية ولكن حتى الأطفال باستطاعتهم ان يدركوا ان هذه الأقوال لا هدف لها سوى التخدير وكسب الوقت لتركيز سلطتهم ….ان القوميين الأكراد يتحملون مسؤولية خاصة من بين الحركة الوطنية في تهيئة الظروف المناسبة للانقلاب الرجعي الفاشي. (المصدر السابق، ص353).

كان للقوى الإقطاعية التي تعرضت مصالحها الطبقية الضيقة إلى ضربة كبيرة بإصدار حكومة ثورة 14 تموز 1958 قانون الإصلاح الزراعي، فعملت بكل الوسائل لإسقاط حكومة الثورة، وتوافق ذلك مع العقلية المعادية للديمقراطية لقيادة الجمهورية العربية المتحدة ليتكون حلف غير مقدس،ضم القوى القومية العربية والكردية المتعصبة في العراق، والقوى الإقطاعية والرجعية وبقايا النظام الملكي البائد، بإشراف ودعم مباشرين من قبل الإمبريالية الأمريكية، إذ يسجل إسماعيل عارف التالي: «ويحضرني الآن ما جرى في لقائي بالملحق الجوي الأمريكي بواشنطن في أواخر خريف 1985. فبعد حديث قصير أدخلت في روعه إنني متذمر من الوضع في العراق لكي اكتشف ما لديه من معلومات طازجة عن الأوضاع في المنطقة العربية إذ أنه قد عاد لتوه من سوريا فقال إن الوضع في العراق سينتهي قريباً». (إسماعيل عارف، أسرار ثورة تموز، ص286).

وكانت الجمهورية العربية المتحدة على علاقة وثيقة بما كان يجري من تآمر. وقلت له كيف تتعاون مع الرئيس عبد الناصر والولايات المتحدة في خصومة شديدة معه، فقال إن الأمور تبدلت، لأن الخطر الشيوعي في العراق قد استفحل وأصبح القضاء عليه من مصلحة الطرفين. (المصدر السابق ص 280).

وجاء على نفس الصعيد في تقييم لحنا بطاطو «وسبب معارضة شيوخ عشائر شمر من آل الياور الذين يعيشون في لواء الموصل لثورة 14 تموز ومشاركتهم في المؤامرة لإسقاطها هو صدور قانون الإصلاح الزراعي في الثلاثين من شهر أيلول 1958 الذي صادر معظم أراضيهم الزراعية في المنطقة. ويعتبر هذا القانون أحد الأسباب الرئيسية للتحرك المعادي للثورة. وكان أحمد عجيل الياور على علاقة وثيقة برجال العهد المباد فقد كانت عشيرة شمر تسكن في الصحراء على امتداد أنابيب النفط، أي أنهم حرس لشركات النفط ولحفظ الأمن في الصحراء للحكم الاستعماري في العهد المباد. وارتبط احمد عجيل الياور بعلاقة صداقة مع الوصي عبد الإله فقد كانا يدرسان معاً في كلية فكتوريا في الإسكندرية، وقبيل ثورة 14 تموز كان يجتمع به وبغيره من شيوخ العشائر. وكما أن أحمد عجيل الذي كان يخدم مصالح الإنكليز بالوراثة عن والده عجيل باشا الياور من أكبر رجال العشائر أي شيخ من شيوخ العشائر الذين اعتمد عليهم الانكليز واعتزوا بهم وحضر حفلات تتويج لملوك بريطانيا في لندن». (حنا بطاطو، الكتاب الثالث ص 183).

ومن جهته اعترف السيد عزيز محمد الذي تسلم قيادة الحزب بعد استشهاد سلام عادل ممثلاً عن الكتلة، التي لم يتعرض أي من أعضاؤها إلى الاعتقال أو التصفية، اعترف قبل ستة شهور من وقوع انقلاب 8 شباط 1963 الأسود، في اجتماع المكتب السياسي الذي عقد في 13 أيلول 1962 بعد عودة الشهيد سلام عادل من الإبعاد إلى موسكو، هذا الاجتماع المكرس لدراسة سياسة الحزب منذ 14 تموز 1958 حتى عودة قائد الحزب من الإبعاد، اعترف السيد عزيز بقوله: «إن عدم تلمسي لوجود هذه الكتلة يعود لأسباب كثيرة أهمها: ضعف يقظتي إزاء المفاهيم والتسلكات الانتهازية، وبكلمة أخرى ضعف وعيي الطبقي إزاء مفاهيم وأساليب العدو الطبقي … إنني أقلكم مواكبة وانغمار في عمل الحزب القيادي ….أن لدي آثار ضعيفة نسبية تجاه الرفيق عمار "سلام عادل" أي بقايا انطباع خاطئ بأنه متشدد أو متسرع في أحكامه أو تؤثر فيه بعض الظروف الطارئة. ويتضح لي الآن أكثر خطأ تلك الانطباعات التي ربما كانت ناجمة كآثار لنشاط كتلة المعارضة في قيادة الحزب. كل هذه المشاكل مجتمعة كانت ذا تأثير سلبي علي بحيث ضعفت يقظتي إزاء المفاهيم والتسلكات الغريبة وليس غريباً في هذه الحالة أن أفسر الأمور تفسيراً سطحياً وساذجاً كما ليس غريباً أن أتأثر في بعض المواقف دونما وعي، بالآراء التي يقدمها أحد أعضاء المعارضة "الكتلة الانتهازية". مثال ذلك مسألة تسفير الرفيق السكرتير التي تحمست لها وبقيت كذلك حتى النهاية، حتى إنني لم أقتنع بالنقد الذي توجهت به اللجنة المركزية إلى الذين طرحوا المسألة واستغربت من الحساسية التي أخذت ترافق أي مسألة متعلقة بدراسة الرفيق السكرتير أو تسفيره لأغراض الصيانة». (المصدر السابق ص 316).

ان مراجعة عامة لتركيبة القوى التي تعاقبت على الحكم منذ انقلاب 8 شباط 1963 حتى سقوط النظام البعثي الفاشي في 9 نيسان2003 واحتلال العراق، تثبت أنها ذات القوى الإقطاعية والرجعية والقومية اليمينية عربية وكردية، التي ارتمت في أحضان الاحتلال الأمريكي الذي أشار الشهيد سلام عادل إلى مؤامراته المتواصلة من أجل ضرب العراق وحركته الثورية، وتثبت المراجعة أيضاً على صعيد الحزب الشيوعي العراقي، بأن سياسة الانكفاء والذيلية الانتهازية للأنظمة المتعاقبة منذ ذلك التاريخ، تمت بقياد ة السيد عزيز محمد والكتلة الانتهازية ذاتها وبكل رموزها، والتي أوصلت الحزب إلى مرحلة التخلي الكامل عن الأهداف الاجتماعية والاقتصادية التي أنشئ من أجل تحقيقها، ولم يبق من حركة الطبقة العاملة إلا التمسك الديماغوجي باسم الحزب الشيوعي. إن 1 أيار تحول في عرف قيادة ما بعد الشهيد القائد العمالي الخالد سلام عادل إلى مناسبة للاحتفالات في القاعات المغلقة بعيداً عن الطبقة العاملة نفسها، احتفالات برعاية زعيمة الرأسمالية العالمية في أعلى مراحلها الإمبريالية الأمريكية، باعتبارها "محررة" لا محتلة.

إنه الوهم بعينه حين يتصور البعض بأن مجرى حركة التاريخ ستنقلب رأساً على عقب، فالإمبريالية وليبراليوها الجدد سوف لن يغيروا من حركة التاريخ السائرة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية في المجتمع البشري.

إن كلمات سلام عادل قبل أكثر من أربعين عاماً، نرى فيها واقع اليوم المرير، لكن الثقة بالشعب، تلك التي اعتمدها الشهيد سلام عادل في حربه الطبقية ستبقى الأقوى. إنها قراءة الشهيد سلام عادل قائد أكبر حزب عمالي في الشرق الأوسط، كلمة ترجع ساسة اليوم المنخرطين في عملية احتلال وتدمير العراق إلى أصولهم الفكرية والطبقية.




* مكتبة اليسار - فصول من كتاب يعد للنشر
عنوان الكتاب : اليسار العراقي توأم الدولة العراقية الحديثة
(1921-2011)
الكاتب : صباح زيارة الموسوي
تاريخ نشرالمادة : 1/5/ 2005

--------------------------------------------------------------------------------



ما اشبه اليوم بالبارحة -انقلاب 8 شباط 1963 البعثي الفاشي الاسود واحتلال العراق في 9 نيسان 2009 : شهادات وثائقية تبرهن على دور القوى الاقطاعية والدينية الرجعية في المرحلتين المناهض لتطلع الشعب العراقي نحو الحرية والتقدم-




ان مراجعة عامة لتركيبة القوى التي تعاقبت على الحكم منذ انقلاب 8 شباط 1963 حتى سقوط النظام البعثي الفاشي في 9 نيسان2003 واحتلال العراق، تثبت أنها ذات القوى الإقطاعية والرجعية والقومية اليمينية عربية وكردية، التي ارتمت في أحضان الاحتلال الأمريكي الذي أشار الشهيد سلام عادل إلى مؤامراته المتواصلة من أجل ضرب العراق وحركته الثورية، وتثبت المراجعة أيضاً على صعيد الحزب الشيوعي العراقي، بأن سياسة الانكفاء والذيلية الانتهازية للأنظمة المتعاقبة منذ ذلك التاريخ، تمت بقياد ة السيد عزيز محمد والكتلة الانتهازية ذاتها وبكل رموزها، والتي أوصلت الحزب إلى مرحلة التخلي الكامل عن الأهداف الاجتماعية والاقتصادية التي أنشئ من أجل تحقيقها، ولم يبق من حركة الطبقة العاملة إلا التمسك الديماغوجي باسم الحزب الشيوعي. إن 1 أيار تحول في عرف قيادة ما بعد الشهيد القائد العمالي الخالد سلام عادل إلى مناسبة للاحتفالات في القاعات المغلقة بعيداً عن الطبقة العاملة نفسها، احتفالات برعاية زعيمة الرأسمالية العالمية في أعلى مراحلها الإمبريالية الأمريكية، باعتبارها "محررة" لا محتلة.

إنه الوهم بعينه حين يتصور البعض بأن مجرى حركة التاريخ ستنقلب رأساً على عقب، فالإمبريالية وليبراليوها الجدد سوف لن يغيروا من حركة التاريخ السائرة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية في المجتمع البشري.

إن كلمات سلام عادل قبل أكثر من أربعين عاماً، نرى فيها واقع اليوم المرير، لكن الثقة بالشعب، تلك التي اعتمدها الشهيد سلام عادل ورفاقه الابطال في حربهم الطبقية ستبقى الأقوى. إنها قراءة الشهيد سلام عادل قائد أكبر حزب عمالي في الشرق الأوسط، كلمة ترجع ساسة اليوم المنخرطين في عملية احتلال وتدمير العراق إلى أصولهم الفكرية والطبقية.

الشهيد الخالد سلام عادل : ان القوميين الاكراد يتحملون مسؤولية خاصة في تهيئة الظروف المناسبة للانقلاب الرجعي الفاشي


ان القوميين الاكراد حاربوا قاسم بصورة عمياء وطلبوا العون والمساندة من أية جهة لاسقاطه, وغازلوا القوميين العرب اليمينيين وتعاونوا معهم وتصوروا بأن انقلاب 8 شباط 1963 كما لو أنه انتصار لهم .ان هذه السياسة تنم عن ضيق الأفق القومي وقصر النظر البرجوازي. انهم يجابهون عدوا اشرس من قاسم. ان مطامح الشعب الكردي تتعارض مع أهداف الانقلاب على خط مستقيم تماما. أن قادة الانقلاب أذاعوا بعض الاقوال التخديرية ولكن حتى الاطفال باستطاعتهم أن يدركوا أن هذه الاقوال لا هدف لها سوى التخدير ,وكسب الوقت لتركيز سلطتهم.

ان قادة الانقلاب وأعوانهم كانوا يضغطون على قاسم باعتباره لا يقمع الحركة القومية الكردية بالقسوة والشدة اللازمة . كانوا ولا يزالون يطمحون الى قمع عسكري أشد دموية وقسوة ضد الشعب الكردي . ان منشوراتهم حتى قبل انقلابهم بايام اعتبرت حركة القوميين الاكراد حركة أستعمارية مشبوهة.

ان القوميين الاكراد ييتحملون مسؤولية خاصة من بين الحركة الوطنية في تهيئة الظروف المناسبة للانقلاب الرجعي الفاشي رغم ان المسؤولية الأولى والاساسية تتحملها دكتاتورية قاس



--------------------------------------------------------------------------------

كان الشهيد سلام عادل قد تصدى بشكل مبكر للافكار الانعزالية القومية الضيقة وحذر من آثارها التدميرية على كفاح الشعب العراقي عامة والشعب الكردي خاصة

( فنظرة الانعزال القومي المظللة بين مثقفي البرجوازية الصغيرة الكردية لها جذور تأريخية واجتماعية متشعبة وهي تجد التشجيع كل التشجيع من القوى المعادية لوحدة الشعب العراقي بعربه وأكراده ضد الاستعمار الأنجلو أمريكي وصنائعه المحليين. وما لم يقف الوطنيون والقوميون الصادقون من الأكراد والعرب وفي مقدمتهم الشيوعيون موقفا حازما وصريحا ازاءها, وفي الدفاع عن الوحدة الشعبية المتينة فأنها ستؤثر لا في حرف نضال جماهير الشعبين العربي والكردي عن طريقها الصحيح الوحيد للتحرر الوطني والقومي وحسب بل يمكن أن تتسلل الى صفوف المناضلين الطليعين الشيوعيين ايضا.) سلام عادل - رد على مفاهيم برجوازية قومية و تصفوية - آب 1957



وبعد أن أستعرض الرفيق الشهيد سلام عادل الجهود التي يبذلها الحزب على صعيد التثقيف وتعميق الوعي الطبقي للحفاظ على وحدة الحزب الطبقية وتركيبته الوطنية الاممية , هذه الجهود التي اثمرت انعطافا لدى الرفاق المعنيين استنادا الى قوة المبادئ , وانهيار الافكار الخاطئة وتمسكهم بسياسة الحزب الصحيحة , فقد اعلن الرفيق الشهيد سلام عادل ( ولكن ذلك لم يجعل من المسألة شيئا منتهيا بل الأمر على العكس فقد تنبه الحزب بقوة الى ضرورة رفع كفاحه الفكري ضد الافكار الغريبة التي تحيطنا فتشكل ضغطا مستمرا يرمي الى صرف المنظمات والرفاق في تطبيقهم لسياسة الحزب.. وعندما تتسلل مثل هذه الافكار الى خيرة رفاقنا في كردستان فأن ذلك يعني أن هنالك خطرا لا يمكن الاستهانة به من جرائها خصوصا في الظروف الحادة والمتشابكة التي تمر بها حركتنا الوطنية والتي يحاول فيها المستعمرون اليائسون التشبث بكل شئ للخروج من أزمتهم والحفاظ على نفوذهم ومصالحهم الاستغلالية الجشعة ...وليس عبثا أن ينشط الآن صنائع المستعمرين وخصوصا صنائع الأمريكان والخونة والجواسيس لتحفيز " حركة قومية " كردية في الظاهر وتخدم الاستعمار في الواقع حركة لا يمكن أن يكون نشاطها باي حال من الأحوال الا خيانة صريحة لقضيتنا الوطنية ولقضية الشعب الكردي نفسه الذي ليس أمامه مطلقا سوى طريق الكفاح المشترك مع الشعب العربي في العراق ومع سائر الاقليات القومية فيه من اجل الاستقلال والتحرر الوطني والديمقراطية. والشعب الكردي لا يمكن أن يسير وراء حركات مشبوهة تستهدف استبدال شكل الاستعمار بآخر اشد ضراوة وبشاعة منه يتسلم فيه الزمام صنائع الأمريكان وخدمهم وهو لا يمكن أن يستعيض عن تحرره الوطني الناجز في عراق حر مستقل تمارس فيه قوميتاه الرئيستان العربية والكردية حقوقا ديمقراطية متساوية بحركة انفصالية تسير دواليبها دسائس المستعمرين الأمريكان أو باستقلال مزيف يضع الشعب الكردي مرة ثانية أمام مهمات التحرر الوطني من الاستعمار وصنائعه .) سلام عادل - رد على مفاهيم برجوازية قومية و تصفوية - آب 1957

اما قضية العلم العراقي المفتعلة اليوم من قبل القيادة الاقطاعية الكردية , والتي ارتضت بتغييره مع الاحتفاظ بالتعديل الصدامي " الله واكبر" , فهي متاجرة قومية عنصرية لتستر على الارتباط بالاحتلال الامريكي , وهي , اي قضية العلم, ليست بجديدة , بل تمتد لاكثر من نصف قرن , وقد فضح الشهيد سلام عادل نفاق القيادة الاقطاعية الكردية السياسي بهذا الشأن قائلا ( وفي أحد المهرجانات الدولية حمل الوفد العراقي من الأكراد العلم الكردي لا العراقي" اذ لا يهمهم أمر العراق " وكذلك سبق أن رفض المحامين الأكراد العراقيين الاشتراك في مؤتمر المحامين العرب لأنه ...مؤتمر محامين عرب !! عازلين أنفسهم عن ميدان من ميادين التضامن الكفاحي ضد الاستعمار بين الاقطار العربية .) -سلام عادل - رد على مفاهيم برجوازية قومية و تصفوية - آب 1957


--------------------------------------------------------------------------------



رفض الرفيق الشهيد سلام عادل فكرة الاكتفاء بالمناقشة الحزبية الداخلية , بحجة ان مناقشتها علنا قد تتعارض مع دعوة الحزب الشيوعي العراقي الى تقوية لحمة القوى الوطنية , واعتبر هذا الراي خاطئ ( هذا الرأي خاطئ من الأساس وذلك :

أولا - ان البارتي يصر ويوغل في سلوك خاطئ معاد لحزبنا ولافكار الماركسية اللينينية وتبني سياسة انتهازية تزرع البلبلة والتشويش في صفوف المناضلين وتؤدي بحركة الشعب الكردي الى الانحراف نحو الانعزالية فالانفصالية. وان حمل البارتي على التخلي عن هذه الافكار وتلك السياسة هو بحد ذاته تقوية واضحة للحركة الوطنية والقومية .

ثانيا: لأن مجهود حزبنا من اجل الجبهة الوطنية الموحدة لا يتنافى ولا يتعارض مع كفاحه الفكري الخاص من اجل توضيح وتثبيت افكاره وسياسته التي تتفق تماما مع مصلحة حركتنا الوطنية والقومية وبالتالي تخدم تطورهما ومستقبلهما ولا يتنافى مع ابداء راينا في طبيعة الأحزاب القائمة ومع نقدنا لمواقفها وآرائها الخاطئة.

ثالثا: لأن حزبنا في موقفه هذا لا يتخلى بل يتمسك بحرص أكثر بآرائه ومقترحاته الانشائية الواردة في هذا الكراس حول اعادة النظر في علاقة حزبنا بما يكفل تجنب منظماتها في كردستان أخطار المماحكة والتنافر ومن اجل التقدم بخطوة جديدة في سبيل الجبهة الوطنية الموحدة في العراق.

ونحن ننتهز هذه الفرصة للتأكيد مرة أخرى بأننا على استعداد تام لمد أيدينا لكل من يمد لنا يدا واحدة اذا كان الأمر يتعلق بخدمة جماهير شعبنا العراقي ومصلحة تحرر وطننا من طغيان الاستعمار وعملائه الرجعيين . )- المصدر السابق

( من المؤسف حقا أن لا يدرك الأخوان البارتيون ان الاستعمار العالمي وعلى راسه أمريكا هو الذي يعمل ابدا للتفريق بين الشعوب وفق سياسة فرق تسد. وأن لا يدركوا أن واجب المناضلين المخلصين لقضايا شعوبهم أن يعملوا أبدا على النقيض مما تنطوي عليه هذه السياسة من اعاقة لحركة الشعوب المناضلة. فالبارتي بمفاهيمه ونشاطه انما يعزل نشاط الشعب الكردي عن مجرى النضال العام للشعب العراقي باسره ويسعى لابقائه في قوقعة القومية البرجوازية...يتحدث البارتي... عن نفط كركوك باعتباره نفطا " كرديا " الا يحمل ذلك مفهوما يؤدي الى اثارة النزاعات القومية حول عائدية النفط في نفس الوقت الذي تستمر فيه شركة " الآي بي سي" في نهبه كما تستمر شركات استعمارية أخرى في نهب ثرواتنا الوطنية الأخرى وفي نفس الوقت الذي يستوجب رص صفوف الشعب العراقي بكافة قومياته في النضال من اجل طرد المستعمر وشركاته وملحقاته من عراقنا الحبيب. ويتحدث أيضا عن وهمية مشاريع الاعمار بالنسبة لكردستان " ويقصد الأكراد فقط " ولكن هذه المشاريع ... " تحمل بعض النفع للعراق العربي " ! ويدعو الأمة الكردية بقيادته لتخليص كردستان الملحقة بالعراق قسرا من براثن حكومة العراق " ويفهم من سير الكلام حكومة العراق العربية طبعا أما الاستعمار فلا شأن له بعد كأنما ليس هو المسؤول عن الاوضاع السيئة القائمة ! وهو يدعو الأكراد وليس العراقيين بأسرهم ... لتحرير كردستان فقط وليس العراق ! " ومن أجل الحصول على الحرية والاستقلال لكردستان " ولا يهمه استقلال العراق! وهذا الاستقلال كما يبدو ينتزع من العراق وليس الاستعمار !" وبذلك يتسنى شد أزر " اخواننا" العرب في العراق العربي " شكرا بالنيابة عن العرب والأكراد " . أية انفصالية صارخة تلك تفوح من هذه العبارات فاين هو الكفاح المشترك بين الأكراد والعرب وكافة الاقليات القومية في العراق للتحرر من نير الاستعمار والرجعية الحاكمة ليست هي عربية فقط بل مزيج من شائن عملاء الاستعمار والاقطاعيين العرب والأكراد .)- سلام عادل - رد على مفاهيم برجوازية قومية و تصفوية - آب 1957


--------------------------------------------------------------------------------


اما قضية العلم العراقي المفتعلة اليوم من قبل القيادة الاقطاعية الكردية , والتي ارتضت بتغييره مع الاحتفاظ بالتعديل الصدامي " الله واكبر" , فهي متاجرة قومية عنصرية لتستر على الارتباط بالاحتلال الامريكي , وهي , اي قضية العلم, ليست بجديدة , بل تمتد لاكثر من نصف قرن , وقد فضح الشهيد سلام عادل نفاق القيادة الاقطاعية الكردية السياسي بهذا الشأن قائلا ( وفي أحد المهرجانات الدولية حمل الوفد العراقي من الأكراد العلم الكردي لا العراقي" اذ لا يهمهم أمر العراق " وكذلك سبق أن رفض المحامين الأكراد العراقيين الاشتراك في مؤتمر المحامين العرب لأنه ...مؤتمر محامين عرب !! عازلين أنفسهم عن ميدان من ميادين التضامن الكفاحي ضد الاستعمار بين الاقطار العربية .) - سلام عادل - رد على مفاهيم برجوازية قومية و تصفوية - آب 1957


يقولون بأننا ( الحزب الشيوعي) حاولنا الانفراد بالثورة وحرفها . ومعروف البهتان في هذا القول . ان الحزب الشيوعي هو الوحيد الذي لم يشارك في الحكومة من بين أحزاب الجبهة , فاين الانفراد وأية شعارات نحن رفعناها خارجة عن شعارات جبهة الاتحاد الوطني ؟ , شعارات ثورة 14 تموز . أن نضالنا لم يتجه الا بالضبط لتحقيق أهداف الجبهة , أهداف الثورة المتفق عليها من قبل الجميع . ويصح هذا القول طوال نضال الحزب حتى انقلاب 8 شباط الرجعي . تمسكا بالنضال بصورة ثابتة لتحقيق مهمات الثورة في صيانة وتعزيز الاستقلال الوطني وارسائه على اساس ديمقراطي , بما فيها الحقوق الديمقراطية للشعب الكردي , ومن أجل تقوية التضامن العربي ضد الاستعمار والرجعية والصهيوينة , وتقوية العلاقات مع البلدان الاشتراكية , وتنشيط التصنيع وحماية تطوير الاقتصاد الوطني وضد الاستعمار والشركات النفطية الاحتلكارية , وضد الاقطاع والرجعية وضد الدكتاتورية.
ومنذ ثورة 14 تموز فان الانقلابيين كانوا يمثلون حركة نكوص عن أهداف الثورة , أهداف جبهة الاتحاد الوطني التي صادقوا عليها وعملوا تحت لوائها في العهد الملكي . فقد حاولوا فرض دكتاتورية عسكرية منذ الايام الاولى للثورة , وحملوا راية العهد الملكي والاستعمار , راية مكافحة الشيوعية واستندوا في ذلك الى الاقطاعيين والرجعيين .وكان لا مناص لاية قوة وطنية مخاصة لأهداف ثورة 14 تموز أن تقف ضدهم . ومن كان أكثر اخلاصا من الحزب الشيوعي الذي رفع راية الكفاح ضد مؤمراتهم الرجعية القذرة؟ اننا عبأنا الشعب والقوى الوطنية ضد المؤامرات ولكن السياسة الرسمية لم نكن نحن مسؤولين عن تفاصيلها , فهي لم تكن من وضعنا باي حال, كحزب خارج الحكم . ونحن ايدنا وساندنا خطها العام الصحيح ضد الاستعمار وضد الاقطاع والرجعية وضد أية حركة ردة.

انهم يعارضون بالدرجة الاولى سير الامور في العام الاول من الثورة ويصبون سخطهم على تلك الفترة بينما الجماهير الشعبية الكادحة وسائر القوى الديمقراطية والوطنية هي اكثر اعتزازا بتلك الفترة بالذات التي كانت اكثر تجاوبا مع أهداف جبهة الاتحاد الوطني , أهداف ثورة 14 تموز المتفق عليها من قبل الجميع.

أنهم يتبجحون الان بمعارضة الدكتاتورية وهذا بهتان , ففي الاشهر الاولى من الثورة التي يعادونها بشكل خاص كانت الجماهير تمارس عمليا الكثير من حقوقها الديمقراطية وكانت المبادرة الشعبية ذات شأن سياسي في مسيرة الثورة . وليس عبثا أن تحققت في تلك الفترة خيرة منجزات الثورة , القضاء على الحكم الاستعماري وانتهاج سياسة مستقلة , صدور قانون الاصلاح الزراعي والعمل السريع لتطبيقه , الخروج من حلف بغداد ومن الاتفاقيات الثنائية مع بريطانيا , عقد اتفاقيات اقتصادية وثقافية متعددة مع البلدان الاشتراكية والبلدان المستقلة مما يعزز استقلالنا الوطني ويطور اقتصادنا الوطني , قيام نقابات وجمعيات مهنية واجتماعية ... الخ انهم يعادون هذه الفترة اكثر من غيرها يينما هم ساندوا دكتاتورية قاسم منذ اواسط 1959 وكانوا ادواته المنفذة ضد الشعب والقوى الديمقراطية في كل القطاعات . وهذا كان شانهم طوال أكثر من ثلاث سنوات ونصف خدما اذلاء للدكتاتورية .ان انقلاب 8 شباط لم يحصل الا لغرض دكتاتورية أشد وطأة على الشعب ومختلف قومياته وطبقاته الوطنية , وعلى كل القوى الديمقراطية. ان الذين كافحوا بعناد ووعي ضد دكتاتورية قاسم , وفي طليعتهم الشيوعيون , كافحوا ببسالة ضد الدكتاتورية في جميع قطاعات الحياة السياسية والمجتمع . ليس عبثا أن قدم الشيوعيون وسائر الديمقراطيين مئات الشهداء وسجن واوقف منهم عشرات الالوف من المناضلين من أجل صيانة الاستقلال الوطني وضد الدكتاتورية , وقدموا التضحيات التي لم تشهدها بلادنا حتى ابان الحكم الملكي الاستعماري , ان سجون قاسم ملئت بآلاف المناضلين الديمقراطيين ضد الدكتاتورية ولم تكن تحوي منهم سوى افراد قلائل وعشرات ممن يعتقلون لبضعة أيام ثم يطلق سراحهم على اساس قاعدة " عفا الله عما سلف "التي كان يحرص قاسم أن يتخذها أسلوبا في علاقاته معهم . ان لآلاف المناضلين ضد الدكتاتورية من الشيوعيين والتقدميين الشجعات قد قبعوا سنوات في سجون قاسم وجاء الاتقلاب الرجعي الفاشي ليضيف اليهم آلافا جديدة ومضاعفة وليغتالوا في الشوارع والبيوت والثكنات آلافا آخرين من المناضلين ضد الدكتاتورية السوداء الجديدة الأشد بشاعة ورجعية , خادمة الاستعمار والاقطاع

ان الدكتاتورية السوداء الجديدة لم تات للقضاء على الدكتاتورية كما تزعم , ولم تأت من أجل الوحدة والحرية والاشتراكية أو " العدالة الاجتماعية " ان طبيعة الدكتاتورية السوداء الجديدة لا يمكن أن تسترها بغربال من الديماغوجية والتهويش. انها طبيعة رجعية قومية يمينية شوفينية عنصرية طائفية.وبطبيعتها هذه تخدم بالدرجة الأولى الاستعمار والرجعية والاقطاع, انها تمثل حركة ردة سوداء للنكوص ببقايا مكتسبات ثورة 14 تموز انها تحمل راية مهادنة الاستعمار الامريكي والانكليزي وشركاتهما النفطية , انها تحمل راية تخريب الاصلاح الزراعي , تخريب علاقات التعاون النزيه المتبادل بين بلادنا وبين الاتحاد السوفييتي والبلدان الاشتراكية ,انها تحمل راية تخريب البقية الباقية من النزر اليسير من حريات الشعب ومنظماته ونقاباته وجمعياته المهنية والثقافية والاجتماعية , انها تحمل راية تخريب المقاييس الوطنية وتشويه أهداف الحركة الشعبية وحرفها لصالح الاستعمار والاقطاع , انها تحمل راية معاداة الشيوعية والديمقراطية والوطنية . راية ميثاق بغداد . غلاة دعاة الاستعمار والعدوان والحرب , وفرض ابشع اساليب الحكم البوليسية الفاشية على بلادنا , أنها تحمل راية تدمير جيشنا الوطني جيش 14 تموز وتصفية عناصره الوطنية الاشد اخلاصا للشعب والوطن. انها سلطة معادية للقوميات والأقليات التي يتألف منه شعبنا , تحمل راية العداء القومي والطائفي وضد الشعب الكردي وضد الاقليات القومية والدينية والطائفية , أنها تحمل راية معاداة العمال والفلاحين, معاداة المثقفين والثقافة والعلم.

ان السبب الرئيسي الذي أدى الى سيطرة الانقلابيين على الحكم هو العزلة التي أصابت تدريجيا دكتاتورية قاسم عن الشعب وعن القوى الوطنية. ولكن الانقلاب الرجعي الراهن يبدأ بعزلة اشد من تلك العزلة التي انتهت اليها دكتاتورية قاسم . ولا بد لمثل هذا الحكم المعزول أن يجابه نهايته السريعة جدا على يد شعبنا المجاهد الباسل. وبتضافر سائر طبقاته وقومياته وقواه الوطنية والديمقراطية وبالدرجة الأولى بتحالف العمال والفلاحين وسائر الكادحين والمثقفين والثوريين عربا وأكرادا وغيرهما وبالقيادة الحازمة الواعية للطبقة العاملة والحزب الشيوعي.

ان المتآمرين الخونة ينهجون الآن السبيل نفسه الذي انتهجه المغامرون أعداء الشعوب على مر التاريخ انهم يتصورون أن الارهاب والبطش يمكن أن يخيف الشعب , يمكن أن يرعب القوى الوطنية والديمقراطية الثابتة والمخلصة , يمكن أن يرهب الشيوعيين الأبناء البواسل لطبقتنا العاملة المكافحة ولشعبنا العظيم ولا يحتاج الى برهان جديد بأن من المستحيل فرض حكم غادر على الشعب بالنار والحديد وبأساليب الاعتقال والتشريد والتقتيل الجماعي.

ان الشعب لا يمكن افناؤه , أو فل ارادته , والمغامرون والخونة والذين يحاولون حكم الشعب رغم ارادته هم الذين دائما مصيرهم الفناء والدمار. والفاشست الانقلابيون الجدد المنعزلون كليا عن الشعب سيجدون مثل هذا المصير بصورة عاجلة وسريعة وبشكل استثنائي) المصدر السابق



حدد الشهيد سلام عادل أهداف وقوى ودوافع مؤامرة الشواف 1959 ,وهي ذات القوى المتعاملة اليوم مع الاحتلال ضد حق الشعب العراقي في الحرية والتقدم
في 8 آذار " مارس " 1959أعلن عبد الوهاب الشواف قائد حامية الموصل في شمال العراق عن تمرده على السلطة المركزية في بغداد.عن أهداف وقوى ودوافع هذه المؤامرة تحدث سلام عادل في مقابلة صحفية أجرتها جريدة " أتحاد الشعب" الناطقة بأسم الحزب الشيوعي العراقي ونشرتها في 30/3/1959. جاء فيها


الشهيد الخالد سلام عادل: حاول البعثيون ..الاستئثار بالحكم وتوجيهه وجهة حزبية ضيقة والاستئثار بالحريات العامة وتضييقها على القوى الأخرى . وذلك بغية حرف اتجاه الثورة وعرقلة مسيرتها في الاعتماد على أوسع الجماهير وضمان مصالحها

سؤال- كشفت مؤامرة الشواف الأخيرة عن أن بعض العنااصر المنضوية تحت لواء جبهة الاتحاد الوطني , قد اشتركت بالمؤامرة , فما هو الموقف من هذه العناصر؟

جواب - ان هذه المسالة تمتد جذورها الى الايام الأولى لثورة 14 تموز . فقد ظهر بجلاء منذ تلك الايام أن بعض القوى كانت سائرة في طريق تجاهل أهداف جبهة الاتحاد الوطني والتنكر لها ولمستلزمات التعاون مع القوى المؤتلفة فيها . فقد حاول البعثيون مثلا الاستئثار بالحكم وتوجيهه وجهة حزبية ضيقة والاستئثار بالحريات العامة وتضييقها على القوى الأخرى . وذلك بغية حرف اتجاه الثورة وعرقلة مسيرتها في الاعتماد على أوسع الجماهير وضمان مصالحها. ونظرا لعمق وسعة الوعي الشعبي الوطني الذي كشفت عنه ثورة 14 تموز , وقوة الحركة الديمقراطية , فانهم قدروا أن الاستعجال في ضم العراق للجمهورية العربية المتحدة يمكن أن يحقق لهم اغراضهم تلك . وعملوا بنشاط مفتعل محموم وفق هذا الاتجاه جاذبين حولهم , لا العناصر القومية اليمينية وحسب , بل ايضا مختلف فئات الرجعيين الذين نظروا بهلع الى مستقبل تطور الثورة في طريقها الوطني الديمقراطي.

وليس ببعيد عن الذاكرة الفعاليات والظواهر الرجعية التي مارسها وشجعها المرتد عبد السلام عارف ومن ورائه عملاء العهد البائد والاقطاعيون وغيرهم . ولما عجزوا عن تحقيق أهدافهم بأساليب العمل السياسي الصحيحة في ظل حكم وطني ديمقراطي وعجزوا عن كسب تأييد الجماهير لآرائهم وشعاراتهم - برغم أن كل الامكانيات كانت متوفرة لهم ,أكثر من توفرها لغيرهم - انزلقوا شيئا فشيئا في طريق التآمر والعنف لتحقيق اغراضهم ورغم ارادة الشعب ومن خلف ظهر جبهة الاتحاد الوطني وقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم . وكان من نتيجة ذلك أنهم كلما أوغلوا في السير في هذا السبيل , انعزلوا عن الشعب أكثر فأكثر , وانحدروا الى درك العداء الصريح للجمهورية وخيانتها. نصوص من مقابلة الشهيد - صحيفة اتحاد الشعب

أما بالنسبة لنا , نحن الشيوعيين , فقد اكدنا منذ فجر 14 تموز على ضرورة تنشيط جبهة الاتحاد الوطني وتعزيز وحدة القوى الوطنية على اساس صيانة الجمهورية والسير بها قدما في طريق أهداف الثورة , وعملنا بكل ما كان في وسعنا لتعزيز هذه الوحدة برغم نظرة التمييز التي كنا ضحيتها , ونبهنا الى الأخطار الناجمة من السياسات والمواقف الانقسامية وأكدنا على ضرورة تآخي كل القوى المعادية للاستعمار والاقطاع استنادا الى ضمان تكافؤ الفرص أمام كل القوى الوطنية في ما يتعلق بحقها في التمتع بالحريات والمشاركة في مسؤولية الحكم , وكنا ولا نزال - نبني راينا هذا لا على اساس المغانم الحزبية الضيقة أو غير المشروعة , بل على أساس وعينا العميق لمستلزمات وحدة الصفوف الوطنية ومن أجل صيانة الجمهورية ضد جبهة أعدائها المتربصين . وبالرغم من تنكر هذه العناصر لميثاق جبهة الاتحاد الوطني وتجاهلها لهذه الأسس السليمة لوحدة الصفوف , فاننا واصلنا بثبات وأمانة مهمة الشرف في الحفاظ على وحدة الصفوف ومساندة الجمهورية ولف الجماهير حول زعامة عبد الكريم قاسم . ووضعنا كل امكانياتنا وطاقاتنا في هذا السبيل السليم. واليوم اذ تمر أكثر من ثمانية أشهر على ثورتنا الخالدة , يمكن لكل منصف مخلص أن يستعيد في ذاكرته الأحداث ليستخلص حقيقة أننا حافضنا بثبات على العهد الذي قطعناه حينئذ ولم ننحرف عنه قيد شعرة , ورغم الظروف المعقدة والاعاصير المتبدلة الاتجاهز وأكثر من ذلك اننا كنا نحذر تلك العناصر بالذات من مغبة الانزلاق في طريق التآمر ومعاداة الجمهورية , وننصحها بضرورة التمسك بالاساليب الديمقراطية السليمة في الدعاية لشعاراتها , وبأن الشعب العراقي الذي يتمتع بتجربة سياسية زاخرة ستكون له الكلمة الاخيرة في اختيار أو نبذ هذا أو ذاك. وقلنا , آنئذ لتلك العناصر بصراحة بأنها أمام مفترق طريق , أمام منزلق خطر قد يؤدي بها الى أن تتحول من قوى سياسية وطنية الى عصابات استفزازية لن يكون نشاطها نافعا لغير الاستعمار وعملاء الاستعمار.

ومع الاسف فان عددا كبيرا من تلك العناصر انساق وراء توجيهات المغامرة الصادرة من وراء الحدود من جهات لم تقدر مسؤولياتها ولم تبد الحرص اللازم على سمعتها الوطنية والقومية وانساقت وراء دوافعها الضيقة وخضعت لخداع المستعمرين وأضاليلهم. اقول مع الاسف ان تلك العناصر اندفعت أكثر فأكثر في طريق التآمر والتخريب والعداء للجمهورية , وبذلك وضعت نفسها خارج القوى الوطنية المخلصة , واستحقت غضب الشعب والجمهورية.

وبالطبع ينبغي أن لا يعني ذلك أن جميع المنتمين الى حزبي البعث والاستقلال أو سواهم من الأفراد الذين يصطلح على تسميتهم " القوميين" قد انزلقوا الى طريق التآمر والعداء للجمهورية . فهناك دون شك عدد من العناصر وخصوصا من الشباب الذين عملوا مع هذه الجماعات بدوافع الاخلاص التام للشعب والأمة العربية . منهم من كان لديه الوعي الكافي فلم ينسق أو يتلوث بأساليب التآمر والتخريب , ومنهم من سار شوطا أو ساهم الى حد ما في هذه الاساليب , ولكنه تنبه الى مخاطر هذا السبيل المعادي للجمهورية والضار بالتضامن العربي والقومية العربية , فأظهر استعداده المخلص للتراجع وتصحيح موقفه.

وعلى هذا ينبغي الا ينظر الى جميع القوميين والمدعين " القومية " نظرة واحدة , وأن بفسح المجال في صفوف القوى الوطنية , لأولئك الذين يستطيعون أن يبرهنوا عمليا للجماهير على اخلاصهم لنظامنا الجمهوري المتجاوب مع قضيتنا القومية على اساس تحرري ديمقراطي سليم وشجبهم كل متآمر على هذا النظام . وهؤلاء الأخوان مدعوون من جانبهم الى مساعدة الجمهورية في فعالياتها لكشف المتآمرين والمتربصين ومحاربتهم وانزال العقاب الصارم العادل بهم .كما أن الجماهير مدعوة لمساعدتهم وجذبهم ثانية الى صفوفها .اذ ليس في صالح الجمهورية التفريط بأولئك الصادقين في أخلاصهم , ومعاداتهم ومعاملتهم كغيرهم من المتآمريين والمخربين

--------------------------------------------------------------------------------


الشهيد الخالد سلام عادل :انهم لا يطبقون سياسة الاستعمار والرجعية وحسب , بل يطبقون سياسة غلاة الاستعماريين دعاة الحرب والعدوان وسياسة الاحلاف العسكرية العدوانية)1
لم ندافع عن الدكتاتورية , دافعنا عن مكتسبات الثورة ضد الردة , ضد دكتاتورية سوداء اشد فضاعة تجاه الشعب , تجاه العمال والمثقفين الثوريين وسائر القوى الديمقراطية.

انهم يهاجمون قاسم لا بسبب دكتاتوريته , بل ساندوا دكتاتوريته بكل قواهم طيلة ثلاث سنوات ونصف , أنهم يهاجمون وطنية قاسم وعدائه للاستعمار لصالح الاقطاع والرجعية وبالتالي لصالح الاستعمار
.

ان معاداة الشيوعية هي سياسة استعمارية , سياسة غلاة دعاة الحرب المستعمرين , هي السياسة الرسمية للأحلاف العسكرية, أنهم يطبقون الآن ذات السياسة وبحماس كبير , أنهم يعادون جميع الأحزاب الديمقراطية والوطنية , بما في ذلك الأحزاب البرجوازية , انهم لا يطبقون سياسة الاستعمار والرجعية وحسب , بل يطبقون سياسة غلاة الاستعماريين دعاة الحرب والعدوان و سياسة الاحلاف العسكرية العدوانية.
يقول المتآمرون بأن حركتهم هي امتداد لثورة 14 تموز , وأنها جاءت لتعديل الانحراف. وهذا بهتان واضح.ان أهداف ثورة 14 تموز يجسدها ميثاق جبهة الاتحاد الوطني , التي كانت تضم الاحزاب الاربعة والمستقلين , والتي ايدها والتف حولها العسكريون في العهد الملكي . ان اهداف الجبهة معروفة وهي اسقاط حكم عملاء الاستعمار والخروج من ميثاق بغداد وضد الاحلاف , أنتهاج سياسة وطنية مستقلة محبة للسلام والتضامن مع البلدان العربية المتحررة واعادة تقوية العلاقات مع البلدان الاشتراكية , التصنيع , الاصلاح الزراعي , حكم ديمقراطي و وحريات ديمقراطية لجميع القوى القوى الوطنية والشعبية . هذه هي أهداف الجبهة , أهداف ثورة 14 تموز . وبعد الثورة مباشرة عمل القوميون على الزوغان عن هذه الاهداف وادخال شعارات الوحدة وفرض الدكتاتورية ومعادة الشيوعية ... الخ . أين هذه الشعارات من أهداف ثورة 14 تموز , من أهداف الجبهة ؟.


--------------------------------------------------------------------------------


كانت ثورة 14 تموز نقطة تحول في المسيرة الثورية التاريخية للشعب العراقي. وكانت انتصارا هاما وكبيرا وان لم يكن نهائيا للثورة الوطنية الديمقراطية. أنها انتزعت السلطة من أيدي الإقطاعيين وحلفائهم من كبار البرجوازيين والبيروقراطيين ووضعتها في أيدي البرجوازية الوطنية (الوسطى) والملاكين الأحرار وفئات من البرجوازية الصغيرة. وأسقطت النظام الملكي الرجعي العميل وأقامت جمهورية وطنية ديمقراطية مستقلة ذات سيادة. وقوضت الهيمنة العسكرية والسياسية للاستعمار بالانسحاب من منظمة حلف بغداد وإلغاء الاتفاقية الثنائية مع كل من بريطانيا وأمريكا, وتحرير العملة العراقية من قيود الإسترليني وإقامة علاقات التمثيل الدبلوماسي والصداقة والتعاون المتبادل في المجالات الاقتصادية والثقافية مع الاتحاد السوفياتي والدول الاشتراكية الأخرى, واتبعت سياسة التعاضد والتضامن مع حركة التحرر العربي والعالمي. وفيما بعد استرجعت 5,99 بالمئة من أراضي الامتيازات النفطية التي كانت تغطي كل مساحات العراق تقريبا وتحتكرها شركات النفط الاحتكارية أ. ب. سي. كما تحققت خطوة هامة كبرى بسن قانون الإصلاح الزراعي رغم نواقصه. وصفى نظام الأراضي الأميرية الإقطاعي في لواء العمارة في أيام معدودات بفضل مشاركة جماهير الفلاحين الفعالة في عملية الإصلاح. وفي الوقت نفسه فسحت الثورة المجال نسبيا أمام التطور الصناعي والاقتصادي في البلاد. وكان دور الجماهير ونضالاتها ملموسة في تحقيق الكثير من هذه الإنجازات

لذلك فقد استطاعت الجماهير في الشارع بقيادة حزبنا. أن تنتزع من حكومة الثورة المترددة بعض المكاسب الثورية الهامة الأخرى. فتحت راية الدفاع عن الجمهورية ضد أعدائها وتطوير الثورة وتحقيق المطامح المشروعة للشغيلة والكادحين و كافة الفئات الشعبية, واصل حزبنا تنظيم الجماهير وتعبئتها سياسيا فانتصبت المنظمات الجماهيرية الجبارة وتحققت لها شرعيتها بعد أن كانت منظمات سرية لعدة سنوات. ومنها نقابات العمال وجمعيات الفلاحين واتحاد الطلبة واتحاد الشبيبة ورابطة الدفاع عن حقوق المرآة. كما تشكلت فرق المقاومة الشعبية, وظهرت إلى العلن الصحافة الديمقراطية الثورية والشيوعية. وانتزع العمال حقوقا اقتصادية مغتصبة من أرباب العمل منذ سنين طويلة وتحققت بعض المكتسبات الأولية بالنسبة للشعب الكردي والمرآة. وفوق كل شيء تمتع الكادحون لأول مرة بحرياتهم واسترجعوا كرامتهم الإنسانية التي سحقها الاستعماريون والإقطاعيون والبرجوازيون الرجعيون والموظفون البيروقراطيون دهرا طويلا تحت الأقدام. ورفعوا رؤوسهم عاليا على مضطهديهم ومستغليهم عاليا في أعراس الثورة تلك, بينما فضح خونة الشعب والجلادون والعملاء الرجعيون. فتذوق الشعب الكادح سعادة العهد الظافر, عيد الجماهير الحقيقي فلا عجب أن تذكر الرجعية مسيرات الشعب المهرجانية بهلع وجزع. لقد قاد حزبنا ملايين الكادحين ودربها في معارك وطنية وطبقية ونظم أعظم حركة سياسة ثورية في تاريخ العراق المعاصر خلال أشهر معدودات, ورفع الوعي الثوري في صفوف القوات المسلحة على نطاق واسع.) الحزبالشيوعي العراقي - المؤتمر الوطني الثاني -ايلول 1970



ثورة الردة

احتفظ الاستعمار واحتكاره النفطي منذ 14 تموز بموقعه المسيطر على حياة البلاد الاقتصادية وبالتالي بأدوات التأثير على حياتها السياسية وبالأخص شبكة عملائه المنتشرة في مختلف الأوساط في الدولة والمجتمع. وبدأ برسم المخططات التأمرية وهي تضم في إطارها الإقطاعيين والعملاء والرجعيين من أعداء الشيوعية والديمقراطية ودفع في شراكها مختلف أجنحة القوميين داخل العراق وفي البلدان العربية الأخرى هذه الفئات التي وضعت خصومتها مع الحكم القائم عهد ذاك ومع القوى الثورية التي يمثلها حزبنا فوق جميع الاعتبارات والمصالح الوطنية والقومية ومقتضيات النضال ضد الاستعمار. وواصل الإمبرياليون والرجعيون نشاطهم التآمري وفق هذا المخطط. والتقت نشاطاتهم هذه مع النشاطات التآمرية للفئات القومية سواءا بادراك من الأخيرة أو دون أدراك. وفي ظرف الصراع الدائر في كردستان تم انقلاب الردة في شباط 1963 بواجهة بعثية - قومية. وذلك بعد إصدار القانون رقم (80) الذي يقضي باسترجاع 99,5 بالمئة من أراضي العراق الخاضعة لامتياز شركات النفط الاحتكارية وأعداد لائحة قانون شركة النفط الوطنية. أن حكم الردة تمتع منذ اللحظات الأولى بعطف ومساندة القوى الإمبريالية والرجعية في العالم كله, وقد قبر لائحة قانون شركة النفط الوطنية في المهد. والغي قانون الأحوال الشخصية, وجمد قانون رقم (80), كما جمدت الاتفاقية الاقتصادية العراقية - السوفياتية وفتح الباب على مصراعيه أمام الرساميل الأجنبية الاحتكارية. ودشن عهده بالهجوم على الحركة الديمقراطية مركزا هجومه على الحزب الشيوعي العراقي. وأعلن البيان رقم (13) الذي يبيح قتل الشيوعيين وأبادتهم. فأطلق العنان للحرس القومي الفاشي بإباحة القتل والسلب والنهب وهتك الأعراض. وفتحت معسكرات الاعتقال التي ضمت عشرات الألوف من الوطنيين وجرت ممارسة سياسة التعذيب والتصفية الجسدية. واستشهد المئات من الكوادر الشيوعية والعسكريين الثوريين ومئات الأعضاء وقتل السكرتير الأول للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي سلام عادل والعديد من أعضاء اللجنة المركزية والمكتب السياسي تحت التعذيب. وتم سلب المكتبات العمالية وجرى شن الغارات البوليسية "الزركات" على الفلاحين. وبعد أشهر من الهدنة مع قادة الثورة الكردية والتي استثمرت لتصفية أخر بقايا الديمقراطية شهدت البلاد أفضع حرب تدميرية ضد الشعب الكردي في العراق. وفي مثل هذه الظروف نهض حزبنا الشيوعي باندفاع إلى المساهمة الفعلية في الثورة الكردية المسلحة حيث خاض الأنصار الشيوعيون معارك بطولية حققوا فيها أروع الانتصارات, كما شهدت البلاد أعنف صراع ضد قوى التحرر على المسرح العربي. هذه هي ثمرة الانقلاب الفاشي في 8 شباط 1963, وبكلمة أخرى إرجاع مسيرة الثورة إلى الوراء سنوات عديدة. ولكن المقاومة الجماهيرية الواسعة منذ اللحظات الأولى بقيادة الحزب الشيوعي بهدف صيانة الجمهورية واستقلال البلاد ومكتسبات ثورة تموز, واستمرار المقاومة وبخاصة الانتفاضة البطولية في معسكر الرشيد في 3 تموز 1963 والحملة العالمية ضد الحكم الرجعي الجديد, ومقاومة الشعب الكردي البطولية, وتدهور الوضع السياسي والاقتصادي زاد في عزلة الحكم وحطم الحلف بين الرجعيين والقوميين والبعثيين على الصعيدين الداخلي و العربي, وأزيحت بعض الفئات ذات الانتماءات القومية من الحكم. وبالتالي أشتد التناقض الداخلي داخل أجنحة البعث نفسه وبين المدنيين والعسكريين حتى انتهت الواجهة البعثية على أثر انقلاب فوقاني في تشرين الثاني 1963)الحزب الشيوعي العراقي - المؤتمر الوطني الثاني - ايلول 1970


عند اتصال الشهيد سلام عادل بالزعيم المحاصر في وزارة الدفاع: ردّ عبد الكريم قاسم على أحد الاتصالات التلفونية التي أجراها سلام عادل مع وزارة الدفاع، وقال له بأننا أخطأنا مع الشيوعيين، وقدّم له الاعتذار قائلاً له إنه سيضعهم في المكان المناسب، واعداً بمعالجة الأخطاء التي ارتكبت بحق الحزب
لقد برهن انقلاب 8 شباط الأسود وقبله مؤامرة الشواف مدى أهمية أفكار الشهيد سلام عادل على أهمية مشاركة الحزب في الحكم كعامل ضروري في صيانة الاستقلال الوطني في أهمية استلام الحكم لقطع الطريق على مؤامرة القوى الرجعية ومن أجل إنقاذ الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم نفسه من التصفية، بعد أن اتخذ قرار إسقاط الحكومة الوطنية في الدوائر الاستخباراتية الأمريكية. ولعل المحادثة التلفونية الأخيرة، التي جرت أثناء مقاومة انقلاب 8 شباط الأسود بين الشهيدين الزعيم عبد الكريم قاسم وسلام عادل، تعطي معنى مؤثراً للإمكانية الواقعية في إفشال مخططات الإمبريالية والرجعية في الإطاحة بالنظام الوطني في حالة تسليح الجماهير والاعتماد عليها في التصدي للمؤامرة وفق برنامج وطني ديمقراطي. «واستمر سلام عادل بالاتصال تلفونياً بوزارة الدفاع بين فترة وأخرى، مستفسراً عن وضع الموجودين فيها، مقدماً اقتراحاته لهم. وقد ردّ عبد الكريم قاسم على أحد الاتصالات التلفونية التي أجراها سلام عادل مع وزارة الدفاع، وقال له بأننا أخطأنا مع الشيوعيين، وقدّم له الاعتذار قائلاً له إنه سيضعهم في المكان المناسب، واعداً بمعالجة الأخطاء التي ارتكبت بحق الحزب. لكن سلام عادل قطع حديثه بلباقة موضحاً له بأن الوضع حرج ويحتاج العمل السريع وعدم مناقشة الماضي، وطلب منه إذاعة بيان موجه إلى القوات المسلحة بصوته من الإذاعة السرية التي كان الحزب يعتقد بوجودها في وزارة الدفاع، يدعو فيها الجماهير إلى مقاومة الانقلاب وتسليم السلاح للجماهير».(ثمينة ناجي يوسف،سلام عادل - سيرة مناضل ص339


لقد قيّم الشهيد سلام عادل الانقلاب الفاشي في آخر رسالة كتبها: «إن الديكتاتورية السوداء الجديدة لم تأتِ للقضاء على الديكتاتورية كما تزعم، ولم تأتِ من أجل الوحدة والحرية والاشتراكية أو "العدالة الاجتماعية"، بل جاءت لتطعن شعارات الوحدة والحرية والاشتراكية والعدالة الاجتماعية. إن طبيعة الديكتاتورية السوداء الجديدة لا أن تسترها بغربال من الديماغوجية والتهويش. إنها طبيعة رجعية قومية يمينية شوفينية عنصرية طائفية. وبطبيعتها هذه تخدم بالدرجة الأولى الاستعمار والرجعية والإقطاع، إنها تمثل حركة ردة سوداء للنكوص لبقايا مكتسبات ثورة 14 تموز. إنها تحمل راية مهادنة الاستعمار الأمريكي والإنكليزي وشركاتهما النفطية. إنها تحمل راية تخريب الإصلاح الزراعي. إنها تحمل راية تخريب البقية الباقية من النزر اليسير من حريات الشعب ومنظماته ونقاباته وجمعياته المهنية والثقافية والاجتماعية، أنها تحمل راية تخريب المقاييس الوطنية وتشويه أهداف الحركة الشعبية وحرفها لصالح الاستعمار والإقطاع، أنه تحمل راية معاداة الشيوعية والديمقراطية والوطنية. راية ميثاق بغداد غلاة دعاة الاستعمار والعدوان والحرب، وفرض أبشع أساليب الحكم البوليسية الفاشية على بلادنا، إنها تحمل راية تدمير جيشنا الوطني جيش 14 تموز وتصفية عناصره الوطنية الأشد إخلاصاً للشعب والوطن. إنها سلطة معادية للقوميات والأقليات التي يتألف منه شعبنا، تحمل راية العداء القومي والطائفي وضد الشعب الكردي وضد الأقليات القومية والدينية والطائفية، إنها تحمل راية معاداة العمال والفلاحين، معاداة المثقفين والثقافة والعلم». (المصدر السابق ص 356


--------------------------------------------------------------------------------

( ورغم خسائر الحزب الجسيمة خلال الايام الاولى من الانقلاب حيث اشارت التقديرات الى أن عدد شهدائه خلال تلك الأيام قد وصل الى حوالي 5000 شهيد واعتقل 29 ألفا من الشيوعيين واصدقاء الحزب . وقد تمكن سكرتير الحزب سلام عادل وثلاثة من أعضاء المكتب السياسي وهم جمال ومحمد صالح العبلي من الاختفا ء اضافة الى عدد من أعضاء اللجنة المركزية وقيادة منطقة بغداد وكوادرها من الاختفاء وتنظيم التراجع ولم شتات المنظمات الحزبية واعادة الصلة بها وبالتنظيمات في منطقة الفرات الأوسط والمنطقة الجنوبية واقليم كردستان كما سلمت مطبعة الحزب السرية وظلت تطبع البيانات والمنشورات في تلك الايام الصعبة , لذلك بدا سلام عادل في الرسالة التي كتبها " ملاحظات أولية " متفائلا بسرعة القضاء على الانقلاب) ثمينة ناجي يوسف:سلام عادل - سيرة مناضل-الجزء الثاني-ص 357



--------------------------------------------------------------------------------

شهادات

--------------------------------------------------------------------------------

كان للقوى الإقطاعية التي تعرضت مصالحها الطبقية الضيقة إلى ضربة كبيرة بإصدار حكومة ثورة 14 تموز 1958 قانون الإصلاح الزراعي، فعملت بكل الوسائل لإسقاط حكومة الثورة، وتوافق ذلك مع العقلية المعادية للديمقراطية لقيادة الجمهورية العربية المتحدة ليتكون حلف غير مقدس،ضم القوى القومية العربية والكردية المتعصبة في العراق، والقوى الإقطاعية والرجعية وبقايا النظام الملكي البائد، بإشراف ودعم مباشرين من قبل الإمبريالية الأمريكية، إذ يسجل إسماعيل عارف التالي: «ويحضرني الآن ما جرى في لقائي بالملحق الجوي الأمريكي بواشنطن في أواخر خريف 1985. فبعد حديث قصير أدخلت في روعه إنني متذمر من الوضع في العراق لكي اكتشف ما لديه من معلومات طازجة عن الأوضاع في المنطقة العربية إذ أنه قد عاد لتوه من سوريا فقال إن الوضع في العراق سينتهي قريباً». (إسماعيل عارف، أسرار ثورة تموز، ص286).



وكانت الجمهورية العربية المتحدة على علاقة وثيقة بما كان يجري من تآمر. وقلت له كيف تتعاون مع الرئيس عبد الناصر والولايات المتحدة في خصومة شديدة معه، فقال إن الأمور تبدلت، لأن الخطر الشيوعي في العراق قد استفحل وأصبح القضاء عليه من مصلحة الطرفين. (المصدر السابق ص 280).



وجاء على نفس الصعيد في تقييم لحنا بطاطو «وسبب معارضة شيوخ عشائر شمر من آل الياور الذين يعيشون في لواء الموصل لثورة 14 تموز ومشاركتهم في المؤامرة لإسقاطها هو صدور قانون الإصلاح الزراعي في الثلاثين من شهر أيلول 1958 الذي صادر معظم أراضيهم الزراعية في المنطقة. ويعتبر هذا القانون أحد الأسباب الرئيسية للتحرك المعادي للثورة. وكان أحمد عجيل الياور على علاقة وثيقة برجال العهد المباد فقد كانت عشيرة شمر تسكن في الصحراء على امتداد أنابيب النفط، أي أنهم حرس لشركات النفط ولحفظ الأمن في الصحراء للحكم الاستعماري في العهد المباد. وارتبط احمد عجيل الياور بعلاقة صداقة مع الوصي عبد الإله فقد كانا يدرسان معاً في كلية فكتوريا في الإسكندرية، وقبيل ثورة 14 تموز كان يجتمع به وبغيره من شيوخ العشائر. وكما أن أحمد عجيل الذي كان يخدم مصالح الإنكليز بالوراثة عن والده عجيل باشا الياور من أكبر رجال العشائر أي شيخ من شيوخ العشائر الذين اعتمد عليهم الانكليز واعتزوا بهم وحضر حفلات تتويج لملوك بريطانيا في لندن». (حنا بطاطو، الكتاب الثالث ص 183



اكتشاف الخميني عمالة محسن الحكيم للسافاك الشاههنشاهي


تحالف الشاه والمخابرات الامريكية ومحسن الحكيم للاطاحة بحكومة ثورة 14 تموز 1958 في انقلاب 8 شباط الاسود

تقرب الشاه من محسن الحكيم ، باعلانه تاييد مرجعية الحكيم من خلال برقية التعزية التي بعث بها الشاه للحكيم معزياً بوفاة بوفاةالمرجع الاعلى السيد حسين البروجردي عام 1961، التي فهمت على انها تفضيل للحكيم على غيره من المراجع .(فهمي هويدي : ايران من الداخل ، ص : 27 )




اكتشاف الخميني عمالة محسن الحكيم للسافاك الشاههنشاهي

جاء السيد الخميني لاجئا للعراق , وكان مثلنا لايعرف مدى تورط السيد في خطط السافاك , فزارالسيد في بيته وحاول السيد الخميني ان يبعث فيه روح الحماس للآنتصار للدين اينما كان, وضرب مثلا بسقوط مئات من
العلماء في تركيا ضد اتاتورك دفاعا عن الدين , وسوف لن ينساهم الشعب التركي . فأجابه السيد محسن بأستهزاء ظاهر : اتريدنا ان نموت حتى يذكرنا الناس!! . فضحك الحضور واحمر وجه السيد الخميني لهذه المفاجأة غير المتوقعة من السيد فقال له عليك ان تتذكرشهادة جدك الحسين (ع) . فأجابه السيد بنفس اللكنة من الأستهزاء : ولماذا لاتذكر جدك الحسن (ع) عندما صالح معاوية حقنا للدماء . فنهض السيد الخميني وخرج من البيت غير مودع من قبل السيد الحكيم. وحوصر السيد الخميني وقوطع وظل مراقبا من قبل السافاك بأشراف الحكيم نفسه , واشتكى السيد الخميني لله عز وجل قائلا ( لست ادري اي ذنب اقترفت لابتلى بالنجف في آخر عمري , فكلما تحركت خطوة واجهني معمموالنجف بالمعارضة والعراقيل ( ثورة الخميني ـ حميد روحاني ج2 ص492)هذا اللقاء هو لقاء بين اخوة في الدين والمذهب واعداء في السياسة والمصالح والأنتماء , لم يعرف الخميني ان هذا اللقاء هو بين ممثلي الشاه وممثلي الثورة الأيرانية الصاعدة. وهذا اللقاء ترتب عليه عدم زيارة السيد مهدي الحكيم لايران بعد الثورة , فضلا عن عدم استقبال السيد الخميني لاي عضو قيادي من اعضاء حزب الدعوة ( المقال محنة السيد الصدر سيفصل امور اخرى) , فهو كما بينت الأوراق التي اطلع عليها السيد الخميني ينتمون للنظام السابق . وواقعا فأن الدين لاعلاقة له لامن قريب ولا من بعيد بتلك المصالح مهما طالت اللحى وكبرت العمائم .وهذا التصرف العنيف من قبل السيد هو تصرف متأصل لاعلاقة له بالسماحة التي تسبق اسمه , فعلاقته بالعلماء والمحيطين به كانت علاقة متوترة ومصلحية , فعلاقته بالحمامي والزنجاني والجزائري والبغدادي وكاشف الغظاء اقل مايقال عنها علاقة عدائية يعرفها اهل النجف , وخلدت ذاكرتهم القويه احداثا لاتليق بعالم على هذا المستوى . كما كانت علاقته باهل النجف سيئة ايضا فلم يستطع ان يكوّن جماهيرية له في هذه المدينة , وكان كل المحيطين به ممن يعتاشون على عطاياه, وقد أخطأ بمحاربة غير التابعين له برزقهم , فحاول مثلا منع السيد جابر اغائي من العمل , وهو خطيب حسيني شجاع فرد له الكيل . وحاول منع فاضل الرادود بحجة ميوله السياسية , وقد فضحه فاضل من على المنبر واتهمه بأنه وراء حادثة تسميم السيد محمد سعيد الحبوبي في بيت طالب العنزي , وان تقرير الطبيب الهندي يثبت ذلك , وقد ورد ذلك في جريدة هي من ارشيف فاضل الرادود والعهدة على فاضل. واشتكى السيد بمرارة للسيد جواد شبر قائلا : لقد قضينا على الشيوعيين بالبعثيين , فكيف سنقضي على خدام المنبر الحسيني من اصحاب الألسنة الطويلة كفاضل وعبد الحسين وشهيد ابي شبع ومن لف لفهم ؟وتصرف مع بعض رجال الدين تصرفا مقززا , كأرسال الشقاوات لضرب بعضهم كما اسلفنا في المقال السابق , ولم يراع خدمة الشيخ محمد الشبيبي للمنبر الحسيني فترة زادت على الخمسين عام ,وهو والد المناضل المرحوم حسين الشبيبي, فحرم شراء بيته الذي عرض للبيع نظرا للحاجة المادية القاهرة للعائلة بسبب سجن محمد علي ومحمد الشبيبي ناشرا الدعاية من ان هذا البيت نجس , وعندما ارتد الراغبون عن الشراء , اشتراه السيد لنفسه بسعر بخس لاسكان السيد باقر الحكيم , ولغرض تطهيره من النجاسة, طلب من بلدية النجف تزويده بسيارة الأطفاء لغسل الارض بعد تهديم البيت !!! .

محمد باقر الحسيني


السيد محسن الحكيم و مواقفه السياسية

محمد باقر الحسيني

لم يقدم احد من قادة الشيوعية عقيدتهم على انها عقيدة ايمانية , وهي في نفس الوقت لا تدعو للايمان بالغيبيات التي يؤمن بها الناس, وبعض من اعضاء الحزب,بل يترك العضو يحدد اختياراته الايمانية , فهذه الاحزاب متكونة من المسلم والمسيحي واليهودي والصابئي , ولم يدان او يطرد من اعضاء الاحزاب العلمانية عضوا يلتزم باداء الطقوس الدينية , فهذه نزيهة الدليمي العضو البارز في تنظيمات الحزب الشيوعي تصلي وتصوم لحد الان ( عادل حبه الحوار المتمدن) . وبقي عدد كبير من الشيوعيين على هذا المنوال, وقد ذكرت في الحلقة السابقة ان عدد من رجال الدين والشعراء الحسينيين والرواديد وخدمة الروضة الحيدرية وعدد كبير من ابناء العلماء كانوا اعضاءا او اصدقاءا للحزب الشيوعي , وهذه حقيقة معروفة في النجف او في مناطق العراق الاخرى. ولم يقل المتدينون من الجهة الاخرى ان فتوى الشيوعية كفر والحاد صادرة عن دافع ديني , فالشيوعية ولدت قبل ولادة السيد محسن الحكيم باكثر من اربعين سنة , وعايشها السيد وحصل على درجة الاجتهاد , ونشر رسالته العملية ولم يكفرها , بل ان الخالصي الاب قد تراسل مع لينين نفسه , وكان الميرزا رضا الشيرازي صاحب جريدة بين النهرين على اتصال بالبلاشفة , وتدرب الحاج نجم البقال بطل وقائد ثورة النجف عام 1918 مع الشيوعيين في سجون روسيا القيصرية , بعد ان اسرته القوات القيصرية في المعارك مع القوات التركية على جبهة القفقاس , وكان حينذاك جنديا بالجيش التركي. والاكثر من ذلك ان السيد نفسه قد توسط للسيد موسى الحلو لاطلاق سراح ابنه الشيوعي المسجون في سجون نوري السعيد كما قلنا في المقال السابق , واليكم ما قاله المحامي حسن شبر احد مؤسسي حزب الدعوة( ان فتوى السيد الحكيم في كفر الشيوعية قد صدرت بعد مجابهة قاسم للشيوعيين بما يقرب من سبعة اشهر . مع انه من المفروض فيه (شرعا) ان يتصدى الى كل فكر ضال , وانه ليس من الشجاعة ان ينتظر ما يقوله رئيس دولة ليقولوا مثله ( ملتقى البحرين ) . لقد رفع عمر بن العاص القرآن على اسنة الرماح , وقال الامام علي (ع) لا نحتكم للقرآن لانه حمال اوجه , وما هذا الا حق يراد به باطل , فكيف جرت الاحداث وصدرت هذه الفتوى؟ . كانت سنة 59 من السنين العسيرة على مناهضي الثورة , فلم تك لهم نشاطات جماهيرية تذكر , عدا مراقبة الاخطاء التي تقع بها السلطة والحزب الشيوعي , فليس من المناسب الصراع من الموقع الاضعف, لذلك يجب رص الصفوف وتنظيم القوى والتحالفات افضل ما يمكن , فطلب السيد من المفكر الكبير والفيلسوف الخالد الشهيد محمد باقر الصدر (رحم) تأليف جبهة فكرية سياسية , تجسدت بكتاب السيد ( فلسفتنا ) واعقبه بعد حين بكتاب ( اقتصادنا) , وكان من المؤمل ان يفتح السيد الصدر النقاش الفكرى والمبدأي للوصول لقناعات تخدم المذهب والدين , للوصول الى نظرية مثلى للعدالة الاجتماعية , مزيجة بضماخ الثورة الحسينية , ولم لا والشارع والعامة من الناس اصبحوا يتداولون المفاهيم السياسية والفلسفية , ويتناقشون في المناطق الشعبية كالعمارة والسور والشوافع والبراق والمشراق مقولات الحق والواجب والتضحية بالذات من اجل المجموع , وتصدح اصوات النساء والملالي ( حدودة وفلحة) في مواكب العزاء الحسيني باشعار ضد امريكا والاستعمار , وفتحت على عجل مدارس محو الامية للرجال والنساء والتي يغلب عليها طابع التطوع الشعبي , فما الذي تغير في نفوس الناس؟ لقد تلقف السيد الشهيد هذا التبدل والقابلية للتغيير وقرأ الواقع وقارن ووجد ان الحوزة مثلا لم تهتم مطلقا بموضوع محو الامية وتعليم الناس , ولم تهتم مثلا بفتح جامع واحد في مدينة كبيرة كالحي (الكوت) مثلا ولغاية عام 1947, فهيأ للعمل الفكري . لقد قال السيد فضل الله ان السيد الشهيد كان يحترم الفلسفة الماركسية , ولكنه يختلف معها وهذا حق. وقرأ السيد الخميني كتاب الدولة والثورة للينين كاملا , واستفاد منه في تشكيل حرس الثورة وارسل رسالة فكرية لقادة الكرملن , وكانت فكرة السيد الشهيد تكوين معلمين دعاة لمناقشة الفكرة بالفكرة , لكن السيد محسن الحكيم كان في واد آخر , فقد اهمل اولا تكليف السيد الصدر , وامره بعد ذلك والسيد مهدي الحكيم بترك حزب الدعوة نهائيا!! . فهذا الاتجاه يؤدي الى تعليم الايمان والوصول بالمؤمن لدرجات سامية من الصفاء والنور وغسل القلوب عن ما يدنسها ,وبعض من هذه القيم قد دفعت اعضاء من حزب الدعوة بعدئذ ان يواجهوا الموت بكل بطولة وجسارة , وكان هذا في رأى السيد ما يشبه المثل (عرب وين وطنبورة وين) , فالمهمة جاهزة وهو الانقضاض على قاسم وما يمثله هذا الشخص القادم من اب سني وام كردية فيلية شيعية يمثل فسيفساء العراق ومتحالف فوق ذلك مع الحزب الشيوعي ويحب الفقراء , لقد أركن مشروع السيد الصدر في اعلى الرفوف من مكتبة السيد الحكيم , وفتح كتاب الجريمة السياسية الدينية , وكان من المؤمل اغتيال الزعيم في( 7/10/1959) وشوهد السيد وهو يؤدي الصلاة بكل نشاط ويدعو في نهايتها بكل خشوع , للشباب المكلفين باغتيال الزعيم بالنصر وانهاء الظلم والظالم , ورفع هذه الغمة عن هذه الامة وسالت دمعة حرى على خده الكريم ورفع يديه وقال امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء وكررها ثلاث. لقد فشلت محاولة اغتيال قاسم , وفشلت الامال وانطلقت المظاهرات وسيطر الشيوعيون على الشارع بدون منازع , وانفلت الناس بالبحث عن المتآمر المعروف والمحتضن , وصاحب ذلك كثير من الاخطاء , كانت لها قيادة السيد بالمرصاد , فبعد ان امتصت الصدمة جرى التفكير بطرق اخرى , فهذا ميلاد الحسين(ع) قادم 3 شعبان المصادف يوم 31/1/1960, ولابد من التهيئة الجيدة له ,خاصة وان الزعيم تلكأ في تجذير الثورة , واراد ان يحد من نفوذ الحزب الشيوعي المتزايد, والتجأ الى قاعدة للمناورة سميت بعفا الله عما سلف, فتلقف السيد هذه الاشارة بذكائه المعروف, وركز الهجوم على الحزب الشيوعي , فكان ميلاد الحسين (ع) تظاهرة لابراز القوى والعضلات, وكانت المشاركة السياسية لقوى الثورة المضادة واضحة , وتشير القصائد الى التوجهات الجديدة والاصطفاف المختلف , فكانت القصائد تطلب من الزعيم مواجهة المد الكافر ، وتدعو الى الشعارات التي طرحها البعثيون ، والمطالبة بالوحدة العربية , وكان هذا المهرجان هو الاستعراض العام الذي كان محميا بقوه رسمية من اعضاء البعث , وبه تمت الاتصالات لان تتخذ المرجعية دورها في حماية بيضة الاسلام , ولابد من الحذر كي لا يذهب الجهد هباء كما حدث في محاولة اغتيال قاسم , وجرى التشاور وكان الرأي المسنود من ايران ان تكلف المرجعية العربية بهذا الجهد المبارك , كي لا تتعرض المرجعية من اصول ايرانية للتسفير او التضييق او المواجهة مع العامة , وهم لا حول لهم ولا قوه ولا يعرفون حزب البعث , ويفتقدون للشقاوات لحمايتهم . فتطوع الشيخ مرتضى آل ياسين بكتابة فتوى لقياس ردة الفعل وهي ( الانتماء الى الحزب الشيوعي من اعظم المحرمات التي يشجبها الدين , وتنبؤ عنها شريعة سيد المرسلين , هدانا الله جميعا الى صراط المستقيم الذين انعم عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) ( انظر الملتقى الاسلامي20/7/2001) . فلم ينتبه احد لا لاسم الشيخ ولا للمضمون ولا للشكل , فقد قال احد الشعراء بأننا ظاهرة صوتية ونميل للاختصار والوضوح والنبرة العالية , والفتوى هي على الاحوط بالون للاختبار. كان اللاعب الامريكي على الخط , فقد روى لي المحامي حسون سميسم عام 69 واكد هذه الرواية المحامي جواد عبد الحسين ان دفعة كبيرة من المال وصلت لمصرف الرافدين في النجف مرسلة من تركيا باسم السيد, وارسل قاسم ضباطا للتحقيق مع السيد الذي قال بانها حقوق شرعية, واستلمها السيد مهدي , وقد ذكر هذه الحادثة عبد الكريم قاسم نفسه ( الحديث للمحامي جواد عبد الحسين) عندما اجتمع مع وفد انصار السلام في بغداد. وبعد اسبوع من ذلك كتب السيد فتواه الشهيرة ( بسم الله الرحمن الرحيم . لا يجوز الانتماء للحزب الشيوعي فان ذلك كفر والحاد او ترويج للكفر والالحاد. اعاذكم الله وجميع المسلمين عن ذلك وزادكم ايمانا وتسليما , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) وهي مؤرخة بتاريخ 17 شعبان 1379 المصادف 15/2/1959 , وكان الجو مهيبا عدد كبير من الناس والصحفيين في بيت السيد , وتعالت كلمات الله اكبر, وكان الاستاذ الاديب والمثقف حميد المطبعي واقفا خارج بيت السيد وشاحذا فرشاته , واشترى لهذه المناسبة الجليلة عددا من علب الدهان الاسود , لوشم حيطان النجف بوشم يذكره على الدوام بذلك الماضي الاسود , وكتب على حائط مدرسة الخليلى وقرب بيت السيد مباشرة وبخط فارسي رشيق فتوى السيد , وشطب على شعار وطن حر وشعب سعيد اينما واجهه ذلك , وضحك ملئ فمه على حمامات السلام البيضاء المرسومة على الحيطان , واباح لنفسه حرية الاختصار , فهو اديب واعرف من السيد بالموسيقى الداخلية للجملة الشعرية وكتبها (قال الامام الحكيم الشيوعية كفر والحاد) .لقد نشر بعض الكتاب اخبارا عن اشتراك عدد من العلماء , باصدار فتاوي مشابهة كالخوئي والشيرازي والتبريزي والشاهرودي والشيرازي , دافعها هو التمسح بفتوى الحكيم , والادعاء بما ليس لهم , فالفتوى كما اسلفنا ليست دينية وان لبست اللباس الديني , وقد حاول السيد مهدي الحكيم التنصل منها , في فترة من حياته , متهما اخيه محمد رضا بأخذ الختم من السيد وطبعه على الفتوى دون ارادة السيد محسن . ولقد جربت محاولات ان تؤخذ الفتوى من السيد حسين الحمامي قبيل وفاته وفوتح بهذا الغرض واجابهم بان هذا الافتاء سوف يستغل من قبل الاحزاب الاخرى لابادة الطائفة الشيعية . حيث ان عدد كبير من اعضاء الحزب الشيوعي هم من الطائفة الشيعية , وقد عبدت هذه الفتوى الطريق لصعود القيادات الطائفية للسلطة , كما افتى العالم السني طه جابر العلواني فتوى مضادة تحرم دماء الشيوعيين !! .قلنا فيما مضى ان اللاعب الامريكي كان على الخط المباشر , فقد تفاجأ خادم السيد بزيارة السفير الامريكي ( انظر حيدر البغدادي موقع براءة ) وتواجده في غرفة الاستقبال بعد اسبوع من صدور الفتوى , ولم يكن السيد عالما بموعد الزيارة , وكان التوقيت مهم جدا فقد بدأ الزعيم بالتفاوض مع الشركات البترولية , والافق ملبد بالغيوم , والخسائر التي ستمنى الشركات بها كبيرة , والشاه لديه تجربة من ايام مصدق , لذلك سيكون التحريم المجرد قاصرا عن اداء المهمة , ولابد من العمل المباشر , باستغلال الجبهة الناصرية , وجبهة الكويت , والضباط الذين استغلوا طيبة قاسم وتردده . فاندمج الاقطاع بالبعث والبعث بالمرجعية والمرجعية بالخطط الشاهنشاهية الامريكية البريطانية , وافضت لولادة المولود المسخ (14 رمضان) . وكان نتيجة هذا السفاح الفتوى الثانية التي اعطاها السيد بدون ان يرمش له جفن (الشيوعيون مرتدون وحكم المرتد هو القتل وان تاب , والشيوعيون نوعان الاول من آمن بها وحمد بها ولا يرجع عنها , فحكمه كما جاء اعلاه والنوع الثاني من اعتبرها تقدمية ومعاونة المحتاجين , وهؤلاء يحجزون ويفهمون ويعلمون الصح من الخطأ . فأن تابوا يطلق سراحهم . وان اصروا عليه فحكمهم كما جاء اعلاه) . اعطى السيد هذه الفتوى لعبد الغني الراوي عام 63 الذي يريد تطبيق الحكم الاسلامي بحق 9000 شيوعي في نقرة السلمان و2600 في سجون الشرطة , وقد عرف السيد هذه الارقام قبل ان يكتب السيد مهدي الحكيم بيده تلك الفتوى , وتصوروا ذلك يأتي مسؤول ما ويطلب من السيد فتوى بقتل 11600 منهم 70% شيعة وتعطى لهم هذه الفتوى من اعلى سلطة دينية , وما زال حكم الفتوى نافذ !!! ولم يلغى من قبل مرجع اخر لحد الان !!, انني اطالب من هذا الموقع من جميع علمائنا الافاضل بالبراءة من هذه الفتوى لانها ليست شرعية , واعتبار ضحاياها شهداء رفعوا الى جانب الانبياء والقديسين والمخلدين في الجنة , وتعويض عوائلهم من الحقوق الشرعية التي يستحقونها . كما ارجو من الموقع ان يوجه رسائلا مباشرة للعلماء الافاضل لبيان رأيهم الديني كي لا يظهر من يفاجأنا في المستقبل ويريد تطبيق هذه الفتوى بحق فئة من اطياف الشعب العراقي .

(أما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض )

27/4/2007
النجف


لم يرسل محسن الحكيم برسالة تأييد
بعد قيام ثورة 14 تموز لكنه لم ينس ارسال برقية تهنئة وبهجة
لانقلابيي 14 رمضان التي قتلت شهيدا صائما وابنا بارا للشعب العراقي

فبعد وفاة السيد جواد البرجوردي في قم دعم شاه ايران مرجعية الحكيم , لاضعاف المعارضة الدينية في ايران , ونقل المرجعية خارج ايران لتوفير مسافة مآمونة , وكانت الطريقة المعتمدة في ترشيح مرجع ما , هو ان يرسل شاه ايران برقية تعزية موجهة للعالم الذي يرغب الشاه ترشيحه لهذا المنصب , ويكون صاحب البرقية هذا هوالاكثر حظا في نيل المرجعية . فالسيد محسن الحكيم لم يكن الاعلم او الاكبر سنا , فقد كان السيد محمد حسين الحمامي حيا يرزق ,وكان هو صاحب المرجعية العامة بعد وفاة السيد الاصفهاني في العراق , وكان بجانبه التبريزي والشاهرودي والشيرازي , لكن السيد الحكيم كان الابرز في التعاطي مع سياسة الشاه كما سيآتي تبيانه , فهو الذي حطم المرجعية التقليدية وادخل السياسة والسياسيين لعرينها , واصبح بيت السيد يشبه احد مقرات الاحزاب , وقد شبه احد طلاب الصدقات بيت السيد تشبيها بليغا عندما قال بان السيد قد (سد باب الفقراء وفتح باب الوزراء ) , ومنه انطلقت جماعة العلماء والحزب الجعفري والشباب المسلم وحزب الدعوة , ومنه ذهب البعثيون وتسلمواالحكم في بغداد في رمضان باعتراف الكل , ونفس البيت الذي استقبل فيه السفير امريكي لاول مرة في تاريخ المرجعية اضافة الى ميشيل عفلق والبكر ورشيد مصلح علم 63 بعد بيان13.
السيد محسن الحكيم وعبد الكريم قاسم : يستغرب المتتبع لتصرفات الحكيم آبان حكم قاسم موقف وتصرفات السيد اتجاهه , فمنذ قيام الثورة تصرف السيد سلبيا اتجاهها , فلم يرسل مثلا رسالة تآييد بعد قيام الثورة , في حين ارسل السيد الحمامي والبغدادي والشيخ كاشف الغطاء وعدد آخرمن العلماء من مناطق العراق المختلفة برقيات تهنئة مختلفة المضامين , لكن السيد الحكيم لم ينس ارسال برقية تهنئة وبهجة لانقلابيي 14 رمضان التي قتلت شهيدا صائما وابنا بارا للشعب العراقي اضافة للمجازر التي افتتحها عهد البعث والسيد ايضا لم ينس ارسال برقية لايقاف اعدام الطبقجلي وزملائه واخرى لايقاف اعدام السيد قطب واخرى لايقاف قانون الاحوال الشخصية , واخرى بحرمة الحرب في كردستان بعد ان تحالف مصطفى البرزاني مع الشاه ضد عبد الكريم قاسم

محمد باقر الحسيني






--------------------------------------------------------------------------------


نص فتوى محسن الحكيم الصادرة بتوجيه من شاه ايران والتي استند اليها قطعان الحرس القومي في مذابحهم ضد الشيوعيين والديمقراطيين العراقيين

( بسم الله الرحمن الرحيم . لا يجوز الانتماء للحزب الشيوعي فان ذلك كفر والحاد او ترويج للكفر والالحاد. اعاذكم الله وجميع المسلمين عن ذلك وزادكم ايمانا وتسليما , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته )
وهي مؤرخة بتاريخ 17 شعبان 1379
المصادف 15/2/1959


--------------------------------------------------------------------------------


اندمج الاقطاع بالبعث والبعث بالمرجعية والمرجعية بالخطط الشاهنشاهية الامريكية البريطانية , وافضت لولادة المولود المسخ (14 رمضان ) . وكان نتيجة هذا السفاح الفتوى الثانية التي اعطاها السيد بدون ان يرمش له جفن


ان اللاعب الامريكي كان على الخط المباشر , فقد تفاجا خادم السيد بزيارة السفير الامريكي ( انظرحيدر البغدادي موقع براءة ) وتواجده في غرفة الاستقبال بعد اسبوع من صدور الفتوى , ولم يكن السيد عالما بموعد الزيارة , وكان التوقيت مهم جدا فقد بدا الزعيم بالتفاوض مع الشركات البترولية , والافق ملبد بالغيوم , والخسائر التي ستمنى الشركات بها كبيرة , والشاه لديه تجربة من ايام مصدق , لذلك سيكون التحريم المجرد قاصرا عن اداء المهمة , ولابد من العمل المباشر , باستغلال الجبهة الناصرية , وجبهة الكويت , والضباط الذين استغلوا طيبة قاسم وتردد ه . فاندمج الاقطاع بالبعث والبعث بالمرجعية والمرجعية بالخطط الشاهنشاهية الامريكية البريطانية , وافضت لولادة المولود المسخ (14 رمضان ) . وكان نتيجة هذا السفاح الفتوى الثانية التي اعطاها السيد بدون ان يرمش له جفن ( الشيوعيون مرتدون وحكم المرتد هو القتل وان تاب , والشيوعيون نوعان الاول من آمن بها وحمد بها ولايرجع عنها , فحكمه كما جاء اعلاه والنوع الثاني من اعتبرها تقدمية ومعاونة المحتاجين , وهؤلاء يحجزون ويفهمون ويعلمون الصح من الخطأ . فأن تابوا يطلق سراحهم . وان اصروا عليه فحكمهم كما جاء اعلاه ) . اعطى السيد هذه الفتوى لعبد الغني الراوي عام 63 الذي يريد تطبيق الحكم الاسلامي بحق 9000 شيوعي في نقرة السلمان و2600 في سجون الشرطة , وقد عرف السيد هذه الارقام قبل ان يكتب السيد مهدي الحكيم بيده تلك الفتوى , وتصورا ذلك يأتي مسؤول ما ويطلب من السيد فتوى بقتل 11600 منهم 70% شيعة وتعطى لهم هذه الفتوى من اعلى سلطة دينية , ومازال حكم الفتوى نافذ !!! ولم يلغى من قبل مرجع اخرلحد الان !!,

محمد باقر الحسيني




مكتبة اليسار - فصول من كتاب يعد للنشر*
عنوان الكتاب : اليسار العراقي توأم الدولة العراقية الحديثة
(1921-2011)
الكاتب : صباح زيارة الموسوي

تاريخ نشرالمادة : 2004-02-08



في ذكرى الاستشهاد الاسطوري لسلام عادل على يد البعث الفاشي : القتلة في قفص اسيادهم الامريكان … الكتلة الانتهازية في خدمة الامبريالية الامريكية … رفاق سلام عادل عن الدرب لن نحيد


صباح زيارة الموسوي

2006 / 3 / 10

في ذكرى الاستشهاد الاسطوري لسلام عادل على يد البعث الفاشي : القتلة في قفص اسيادهم الامريكان … الكتلة الانتهازية في خدمة الامبريالية الامريكية … رفاق سلام عادل عن الدرب لن نحيد

في كلمته امام مؤتمر لندن عام 1954 للاحزاب الشيوعية في الاقطار الواقعة تحت نفوذ الاستعمار البريطاني خاطب الشهيد سلام عادل الحضور بقوله ( ان النفط يسيل ممتزجا بدماء العمال , وتسيطر على النظام الحالي زمرة من اللصوص باعت وطننا الى الاستعماريين) يعلق الحزب الشيوعي البريطاني في معرض تأبينه للشهيد سلام عادل بعد ورود خبر " اعدامه" في 7 اذار 1963( لكأن كلمات سلام عادل هذه تبعثه من القبر. ان كان له قبرا …. ان الزمن الذي كان فيه الاستعمار يستطيع استخدام الملوك العرب مخلبا له, قد ولى وانقضى . فالأدوات الجديدة الان هم أولئك القادة العرب المتخفين وراء شعارات اشتراكية زائفة. وهذا بدوره ستار مفيد يستخدمه الاستعمار الامريكي في اضعاف النفوذ البريطاني في العراق وتشديد قبضته على موارد النفط كما فعل بعد اسقاط مصدق في ايران عام 1953…. ان موت سلام عادل , سكرتير الحزب العام, هو من بين الخسائر الاخيرة . وقد تسربت الانباء في الاسبوع الماضي في انه لم يعدم وانما عذب حتى الموت . وقد اقتلعت عيناه قبل الموت. حقا ليس من حد لسفالة عصابة القتلة هذه ! … لقد كان سلام عادل قائدا شيوعيا شابا مقداما
ومحبوبا) ويضيف الحزب الشيوعي البريطاني في معرض تقييمه لطبيعة انقلاب 8 شباط 1963 الاسود ( ان التباين بين عامي 1958 و1963 دليل لا يحتاج الى ايضاح . فقد استقبلت ثورة تموز 1958 الوطنية داخل العراق بحماس وغبطة وبمظاهرات اسبشارية واسعة. ولكن الاستعماريين ارتعبوا بشدة. وانزلت القوات الامريكية في لبنان والبريطانية الاردن. ولكنهم لم يجرأوا على المخاطرة بعدوان مباشر . ولكن في شباط 1963 كان الوضع معكوسا , اذ أن الاستعماريين هم الذين عبروا عن الغبطة والحماس بينما داخل العراق لم تخرج اية مظاهرة تأييدية . والتجأ النظام الجديد الى اعلان منع التجول وشن ارهاب شامل) ما الذي نستنتجه من الكلمات الهامة هذه , وقبل الدخول في
مجال طرح الاستنتاجات علينا التوقف عند تقييم الشهيد البطل سلام عادل لانقلاب البعث الامريكي الفاشي , لقد علق سلام عادل على قول الشهيد جمال الحيدري له " ان الانقلاب كما يبدو قد بدأ منذ الصباح1 "
فعلق الشهيد سلام عادل قائلا : ( كلا. لقد بدأ الانقلاب في منتصف تموز 1959 وسهلت الكتلة مروره) 2 (وسرعان ما خط الرضي بيانا تم لصقه على الجدران عندما لم تكن الساعة قد تجاوزت العاشرة الا قليل, كما تم توزيعه باليد وتلاه خطباء الحزب . وكانت لهجة البيان قاسية وشديدة الانفعال . وجاء فيه: الى السلاح! اسحقوا المؤامرة الرجعية الامبريالية!
أيها المواطنون , ياجماهير شعبنا العظيم المناضل , أيها العمال والفلاحون والمثقفون وكل الوطنيين والديمقراطيين الآخرين !
قامت عصابة حقيرة من الضباط الرجعيين والمتآمرين بمحاولة يائسة للاستيلاء على السلطة استعداد لاعادة بلدنا الى قبضة الامبريالية والرجعية. وبعد أن سيطروا على محطة البث الاذاعي في ابو غريب وانكبوا على انجاز غرضهم الخسيس, فأنهم يحاولون الآن تنفيذ مجزرة بحق ابناء جيشنا الشجاع .
ياجماهير شعبنا المناضل الفخور ! الى الشوارع ! طهروا بلدنا من الخونة !
الى السلاح دفاعا عن استقلال شعبنا ومكتسباته!
شكلوا لجان دفاع في كل ثكنة عسكرية وكل مؤسسة وكل حي وكل قرية…
سيلحق الشعب , بقيادة قواه الديمقراطية, الخزي والهزيمة بهذه المؤامرة الجبانة , كما فعل بمؤامرات الكيلاني والمتآمرين الآخرين!
الى الأمام الى الشوارع ! اسحقوا المؤامرة والمتآمرين)3

لكن الانقلاب الفاشي قد نجح لاسباب عديدة اهمها:

اولا: دور الكتلة الانتهازية التي اعاقت تطور مسيرة الحزب التصاعدية , وشلت دور التنظم العسكري

ويقيم ابوسعد هنا هذا الامر بالتالي :ان اهم أسباب النجاح الذي حققه الانقلابيون هو بسبب:
1ـ عدم تبليغ اللجنة العسكرية ومسؤولي الخطوط بالانقلاب
2ـ عدم مساهمة عدد من أعضاء اللجنة المركزية المعروفين بالمقاومة في بغداد وبقاؤهم في بيوتهم يوم الثامن من شباط
3ـ سيطرة الافكار الاستسلامية الذيلية للسلطة بسبب افكار الكتلة الانتهازية اليمينية على جزء غير قليل من التنظيمات وقيادة الحزب وشيوع ما أطلق عليه بالدفاع السلبي أي عدم الفهم الواضح لخطة الطوارئ . ولا شك ان الكتلة وافكارها التخاذلية الأستسلامية قد عاثت فساد بالحزب4

ثانيا : الموقف الخياني للحزب الديمقراطي الكردستاني : يقول زكي خيري بهذا الشأن " واعاق موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني المؤيد للانقلاب , عددا من المبادرات التي كانت قيادة الاقليم للحزب الشيوعي تحاول القيام بها , لدعم المقاومة في بغداد, ومنها علىسبيل المثال
استخدام الاذاعة لاذاعة بيانات الحزب منها وحث الشعب العراقي وابناء القوات المسلحة لاحباط المؤامرة " 5

و" شل الحزب الديمقراطي الكردستاني استخدام قوى الحزب وامكانياته المدربة على السلاح في كردستان اضافة الى الوحدات العسكرية المؤيدة للحزب جراء وقوفه الى جانب الانقلابيين"6

ثالثا: موقف الرجعية دينية واقطاعية المناوئة لانجازات الثورة خصوصا الاصلاح الزراعي وقانون النفط 80 وقانون الاحوال الشخصية , فالرجعية الدينية ممثلة بمحسن الحكيم اصدرت فتاوى تحرم صلاة الفلاح في ارضه الحاصل عليها بموجب قانون الاصلاح الزراعي وفتوى ابادة الشيوعييين وغيرها , كما سهل الاقطاع وصول الدعم والسلاح للمتأمرين من جهة الحدود السورية

رابعا : دور فرعون مصر في تقديم كل اشكال الدعم للاطاحة بثورة تموز ودعمه اللامحدود لقطعان البعث تحت شعار اقامة الوحدة العربية المزعومة

اليوم , وبعد اربعة عقود ونيف على الانقلاب الفاشي يمكننا ان نثبت الاتي

اولا : ان دخول الامبريالية الامريكية للمنطقة لتحل محل الاستعمار البريطاني الفرنسي جاء عبر افتعال انظمة " تقدمية" مزيفة معادية للديمقراطية وحقوق الانسان

ثانيا : ان الكتلة اليمينية الانتهازية المبعدة من قيادة الحزب ابان قيادةالشهيد سلام عادل التأريخية قد عادت بشكل لا شرعي وسيطرت على قيادة الحزب بعد ان سهل الانقلابيون هروبها من العراق , وكانت اولى خطواتها ودماء الشهداء لم تجف بعد , الاعلان عن خط اب 1964 القاضي بحل الحزب الشيوعي العراقي اسوة بالحز ب الشيوعي المصري لضمه الى حزب عارف الرجعي . وواصلت هذه القيادة الانتهازية سياستها الذيلية للانظمة الرجعية حتى حولت الجلاد صدام حسين الى " كاسترو العراق" وهاهي تعلن افلاسها التام بعد ان تفسخت خلال تواجدها في المنفى , فالتحقت بالسيد الامريكي علنا , جهارا, لتطبيق المرحلة الثالثة في المخطط الاستعماري في المنطقة , ونعني به التعاون المباشر مع الامبريالية الامريكية تحت شعار " الديمقراطية" المزيفة للسيطرة التامة على مقدرات المنطقة , بعد ان كانت المرحلة الاولى , هي مرحلة الاستعمار البريطاني الفرنسي المباشر وغير المباشر المدعوم بانظمة ملكية عميلة , وكانت المرحلة الثانية , هي مرحلة الهيمنة الامريكية بعد الاستقلال وافول القوى الاستعمارية القديمة , سيطرة عبر انظمة جمهورية شعاراتية دكتاتورية , كان ابرز الامثلة عليها هو نظام البعث الفاشي في العراق

ثالثا : الانخراط العلني للقوى الرجعية دينية واقطاعية في المشروع الامبريالي الجديد محاولة الوصول به ومعه وباسم الطائفية والعنصرية الى تقسيم العراق الى امارات اقطاعية طائفية , يشاركها في مشروعها القذر هذا القيادة الاقطاعية الكردية ممثلة بقطبيها الطالباني والبارزاني

رابعا: انهيار المدرسة القومية العربية بعد ان ركب موجتها حزب مصنع امبرياليا لهذا الهدف , ونعني به حزب البعث الفاشي و الذي افقد كل مفردات المشروع القومي من محتواه التاريخي كالوحدة العربية و سقوط رموز هذا الحزب في العراق في فخ المخطط الامبريالي الامريكي طوعا , وهاهم قادة البعث يرزحون في قفص اسيادهم بعد انتهاء الحاجة لهم

خامسا : السقوط المروع للمدرسة الانتهازية في الحزب الشيوعي العراقي في احضان المشروع الامبريالي الامريكي الجديد " الديمقراطية " وهاهي رموز هذه المدرسة تتحول الى ابواق للعدو الطبقي دون اي رتوش " ثورجية" كما عهدناه في العقود الماضية

ان رفاق البطل سلام عادل , الذين ساروا على درب مؤسس الحركة الثورية العراقية الشهيد الخالد فهد , سوف لن يحيدوا عن الدرب الذي سار عليها كل المناضلين الثوريين من اجل تحقيق مصالح الطبقات الكادحة , الدرب الطبقي الجذري المفضي حتما الى اقامة العراق الديمقراطي في ظل دولة القانون والعدالة الاجتماعية , فسنمضى ونمضى الى ما نريد وطن حر وشعب سعيد

ان المعركة اصبحت سهلة وصعبة في آن , فانها سهلة لوضوحها من حيث القوى المكونة للثورة , قوى الشعب العراقي وفي طليعتها الطبقات الكادحة التي تعيش ابشع اشكال الاضطهاد في تاريخنا الحديث على يد المحتل والعملاء والانتهازيين. وصعبة لكون العدو الطبقي العالمي , اي الامبريالية الامريكية , يجثم على ارضنا وصدورنا بقواته وجنوده وعملاؤه الطبقيون جميعا من الرجعية الدينية الاسلاموية والاقطاعية مرورا بالقوى الاقطاعية الكردية وانتهاء بالقوى الانتهازية وفي المقدمة منها بقايا المؤسسة اليمينية الذيلية المنخرطة على الجبهتين المعاديتين للشعب والوطن , جبهة الاحتلال وعملاؤه , وجبهة فلول البعث والقوى الارهابية

الشهيد سلام عادل يقيم انقلاب 8 شباط 1963 الامريكي البعثي الاسود

يقيم الشهيد سلام عادل الانقلاب الفاشي في اخر رسالة كتبها حملت عنوان ( ملاحظات أولية) موجهة الى لجان المناطق والألوية :

ان انقلاب ( الردة) في 8 شباط قد بدأ فكريا وسياسيا واقتصاديا منذ اواسط 1959 حينما تصرف قاسم بما يشبه الاستسلام للقوى السوداء التي أخذت تسترجع المواقع واحدا بعد آخر, في الجيش والدولة والحياة الاقتصادية والمجتمع , ومنذ ذلك الحين فان الخط البياني لتفاقم التهديد الرجعي, وتفاقم أخطار الردة قد تموج لعدة فترات صعودا ونزولا, ولكن كخط عام بقى يتصاعد . وفي 8 شباط 1963 أسقطت الرجعية الفاشية السوداء حكم قاسم واستولت على الحكم )7

ويتحمل المسؤولية بدرجات متفاوتة كل اولئك الذين ساندوا ردة قاسم منذ أواسط عام 1959 , وحملوا شعارات ضد ما
دعوه " بالفوضوية" و " الحزبية الضيقة" . ووقفوا موقف التأييد أو المساهمة أو تجاهلوا خطر النشاط الرجعي والعصابات الفاشية التي ذر قرنها منذ ذلك الحين)8

ان القوميين الأكراد حاربوا قاسم بصورة عمياء وطلبوا العون والمساندة من أية جهة لاسقاطه , وغازلوا القوميين العرب اليمينين وتعانوا معهم وتصوروا بأن انقلاب 8 شباط 1963 كما لو انه انتصار لهم . ان هذه السياسية تنم عن ضيق الافق القومي وقصر النظر البرجوازي . انهم يجابهون عدوا ا شرس من قاسم . ان مطامح الشعب الكردي تتعارض مع أهداف الانقلاب على خط مستقيم تماما . ان قادة الانقلاب أذاعوا بعض الاقوال التخديرية ولكن حتى الأطفال بأستطاعتهم أن يدركوا أن هذه الأقوال لا هدف لها سوى التخدير , وكسب الوقت لتركيز سلطتهم .ان قادة الانقلاب وأعوانهم كانوا يضغطون على قاسم بأعتباره لا يقمع الحركة القومية الكردية بالقسوة اللازمة . كانوا ولا يزالون يطمحون الى قمع عسكري أشد دموية وقسوة ضد الشعب الكردي . ان منشوراتهم حتى قبل انقلابهم بأيام اعتبرت حركة القوميين الأكراد حركة استعمارية مشبوهة . ان القوميين الاكراد يتحملون مسؤولية خاصة من بين الحركةالوطنية في تهيئة الظروف المناسبة للانقلاب الرجعي الفاشي)9

ان الدكتاتورية السوداء الجديدة لم تأت للقضاء على الدكتاتورية كما تزعم , ولم تأت من أجل الوحدة والحرية والاشتراكية والعدالة الاجتماعية , ان طبيعة الدكتاتورية السوداء الجديدة لا يمكن أن تسترها بغربال من الديماغوجية والتهويش . انها طبيعة رجعية قومية يمينية شوفينية عنصرية طائفية. وبطبيعتها هذه تخدم بالدرجة الاولى الاستعمار والرجعية والاقطاع, انها تمثل حركة سوداء للنكوص ببقايا مكتسبات ثورة 14 تموز لنها تحمل راية الاستعمار الامريكي والانكليزي وشركاتهما النفطية, انها تحمل راية تخريب الاصلاح الزراعي ….. انها تحمل راية تخريب المقاييس الوطنية وتشويه اهداف الحركة الشعبية وحرفها لصالح الاستعمار والاقطاع , انها تحمل راية معاداة الشيوعية والديمقراطية والوطنية . راية ميثاق بغداد. غلاة دعاة الاستعمار والعدوان والحرب , وفرض أبشع اساليب الحكم البوليسية الفاشية على بلادنا , انها تحمل راية تدمير جيشنا الوطني جيش 14 تموز وتصفية عناصره الوطنية الاشد اخلاصا للشعب والوطن . انها سلطة معادية للقوميات والاقليات التي يتألف منها شعبنا ,انها تحمل راية العداء القومي والطائفي وضد الشعب الكردي وضد الاقليات القومية والدينية والطائفية , أنها تحمل راية معاداة العمال والفلاحين , ومعادة المثقفين والثقافة والعلم. ) 10


في ذكرى الاستشهاد الاسطوري للخالد سلام عادل , وفي ظل الاحتلال والفرهود والخيانةلا يسعنا الا ان نستعيد كلمات الشهيد سلام عادل
المفعمة بالثقة بالشعب رغم حجم الكارثة الماسوي الناتج عن انقلاب البعث الامريكي الفاشي الاسود( ان الشعب لا يمكن افناؤه , أو فل ارادته, والمغامرون والخونة والذين يحاولون حكم الشعب رغم ارادته هم الذين دائما مصيرهم الفناء والدمار . والفاشست الانقلابيون الجدد المنعزلون كليا عن الشعب سيجدون مثل هذا المصير بصورة عاجلة وسريعة وبشكل استثنائي) 11

فهل هناك حاجة لكلمات اخرى لوصف الواقع الامبريالي اللصوصي الراهن الذي لا يمثل سوى استعادة للعهد الاستعماري ولكن باسلوب القرصنة المكشوفة وبايدي عبيده من العملاء العلنيين


ان حزب فهد وسلام عادل ,حزب الكادحين , يقف في طليعة المعركة التاريخية الكبرى التي يخوضها شعبنا , والنصر حليف شعبنا العراقي المجيد , اما الخذلان فهو من نصيب المحتل واعوانه


المجد والخلود للشهيد سلام عادل في ذكرى استشهاده , فانت ورفاقك الخالد الى الابدفي سماء بلادنا

الخزي والعار للخونة والعملاء القابعين في مزبلة التأريخ تحت اقدام سيدهم المحتل


الهوامش
-----------
1ـ ثمينة ناجي يوسف,سلام عادل - سيرة مناضل ج2 ص337
2ـ حنا بطاطو - الكتاب الثالث ص 292
3ـ ثمينة ناجي يوسف - نزار ناجي يوسف , سلام عادل - سيرة مناضل ج2 ص 337
4ـ المصدر السابق - ص345
5ـ المصدر السابق- ص344
6ـ المصدر السابق ص 347
7ـ المصدر السابق ص 352
8ـ المصدر السابق ص353
9ـ المصدر السابق ص353
10ـ المصدر السابق ص 356
11ـ المصدر السابق ص 357



بين تموزين …3 تموز 1963. الجندي القائد الثوري حسن سريع يقتحم السماء ...8 تموز 1901 يوم ميلاد ابن الشعب البار الشهيد الخالد فهد- ....8 تموز1979 تنبثق منظمة سلام عادل في الحزب الشيوعي العراقي ردا على الارهاب البعثي الصدامي والهروب اليميني الانتهازي -اليسار العراقي توأم الدولة العراقية الحديثة*



كان انقلابيو 8 شباط الأسود 1963 في لحظات النشوة الواهمة، وكانت قطعانهم لم تزل تجوب المدن وتقتحم البيوت بحثاً عن الشيوعيين، وزاد من وهم النصر المزيف وقوع قائد الحزب البطل سلام عادل في قبضة الفاشست واستشهاده مرفوع الرأس، هو ورفاقه الأبطال تحت التعذيب البعثي الوحشي. وزاد من اغتباط قطعان الحرس اللاقومي هروب العناصر اليمينية الانتهازية، وعليه استنتج قادة القطعان الفاشية بأن الأمر قد استتب للنظام الفاشي المدعوم أمريكياً وناصرياً وعشائرياً كردياً.

صحا عدد من قادة الانقلاب ووزرائه من حلم النشوة هذا ليجدوا أنفسهم في قبضة العريف حسن سريع الابن الأصيل للشعب والحزب، الذي اقتحم السماء في الإقدام على حركة عسكرية جريئة، استهدفت إنقاذ ثورة 14 تموز المجيدة ’ لا أحد يعلم ما دار في رأس القائد الجندي لحظة اتخاذ قراره الشجاع هذا، لكن الأمر المؤكد، أن الجندي القائد أراد أن يرد الاعتبار للجيش العراقي الباسل، وأن ينقذ حزبه من الإبادة. حين سمع حسن سريع حكم الإعدام بحقه ورفاقه الأبطال، لم يرمش له جفن، ليستشهد باسم العراق والشعب العراقي.

الشهيد الخالد القائد التأريخي حسن سريع

استشهد ابنا بارا لحزبه وشعبه العراقي في مواجهة زمرة 8 شباط 1963 العميلة . ضاربا المثل الثوري في مواجهة الروح الانهزامية الجبانة لزمرة عزيز محمد...نص المادة

حلت في الثالث من تموز 2003 الذكرى الأربعون للانتفاضة الاسطورية للجنود الشيوعيين ضد طغمة الفاشست من انقلابيي 8 شباط 1963، واذ نستعيدها، انما نعيد للأذهان المعاني و الدلالات التاريخية العميقة التي تحققت باندلاع الانتفاضة، فكانت بحق دفعا جديدا وزخما ثوريا أعادت الثقة الى النفوس، وبعد ان توهم الفاشست ان بامكانهم تصفية الحزب الشيوعي بكوادره وقيادته بعد حملة سوداء شنتها اجهزة البعث لتحقيق هذا الهدف. فبادر الشهيد الخالد حسن سريع ورفاقه الابرار بما امتلكوه من وعي ثوري وطبقي كبيرين، ليلقنوا ويعطوا درسا بليغا للدكتاتورية الفاشية , بان ليس هناك قوة على الارض قادره على تصفية الشيوعيين.

لم تكن انتفاضة معسكر الرشيد بقيادة الشيوعي البطل الشهيد حسن سريع ردا على الانقلابيين الفاشست فحسب , بل كانت ردا على انهزامية زمرة عزيز محمد الانتهازية , وترسيخا اصيلا للخط الثوري للقيادة التأريخية الاولى قيادة الرفيق الشهيد الخالد فهد ورفاقه والقيادة الـتأريخية الثانية قيادة الشهيد الخالد سلام عادل ورفاقه

وعلى الرغم من الفشل العسكري الذي آلت اليه نتيجة الانتفاضة لاسباب تنظيمية وعسكرية، الا ان حركة 3 تموز التي قادها الجنود الشيوعيون واصدقاؤهم تظل حية في ذاكرة العراقيين كحلقة مهمة من حلقات الصراع ضد كل اشكال العنت و الصلف الديكتاتوري. وعلامة بارزة في مسيرة النضال الوطني من اجل عراق ديمقراطي حر ينعم فيه شعبنا بحياة حرة كريمة. ويكتسب احياء ذكرى هذا العمل المجيد في تاريخنا النضالي اهمية خاصة بعد سقوط نظام صدام الدموي واحتلال بلادنا من قبل الامبريالية الامريكية. اهميتها في مغزاها المعبر عن الارادة الحرة للشعب العراقي من اجل التحرر واقامة دولة العدالة الاجتماعية


اقوال ماثورة للشهيد الخالد حسن سريع

او في احضان فلول البعث الفاشي تحت شعار في قول حق يراد به باطل

لقد ظلت القيادة اليمينية التصفوية تتجاهل ذكر وتمجيد حركة حسن سريع، لأن الحركة تقدم البرهان على إقدام القاعدة الثوري، وانهزامية المؤسسة اليمينية التي اغتصبت قيادة الحزب بعد فقدانه لقيادته الثورية.

لقد تجنبت المؤسسة الانتهازية الإشارة، مجرد الإشارة إلى الاستشهاد البطولي لقائد الحزب الشهيد سلام عادل، طيلة فترة التحالف الذيلي مع البعث، وينسحب الأمر ذاته على حركة الجندي القائد حسن سريع شهيد الجيش العراقي من أجل عراق حر ديمقراطي…شهيد الحزب الشيوعي العراق من أجل إقامة نظام العدالة الاجتماعية...، شهيد الشعب العراقي من أجل الكرامة الوطنية.


إننا ندعو كل من يمتلك معطيات عن حركة الشهيد حسن سريع ورفاقه، المساهمة في تمجيد هذا الفعل الثوري العظيم في تاريخ شعبنا وحركتنا الثورية وجيشنا العراقي الباسل.

حين نعود إلى عام 1979، والحملة الإرهابية التي شنها نظام صدام حسين الفاشي ضد الحزب الشيوعي العراقي، سنلاحظ هروب ذات القيادة اليمنية الانتهازية من جديد، وترك القاعدة والكادر الحزبي فريسة لآلة القتل الإرهابية لطغمة صدام، تحت شعار (دبر نفسك رفيق!!). لم تكن مفارقة أن يغادر أعضاء المؤسسة اليمينية الانتهازية عبر المطار ونقاط الحدود بجوازات سفر عراقية رسمية ممنوحة من النظام الفاشي نفسه، فقد حرصت زمرة صدام على إبقاء أعضاء القيادة على قيد الحياة للاستفادة منهم مجدداً حين تتطلب الضرورة.

في أجواء الحملة الإرهابية هذه كان هناك رفاق، يعملون من أجل وقف تدهور وضع الحزب، رفاق قرروا تحدي الطغمة الفاشية والقيادة الهاربة معاً. وبعد لقاءات في ظروف أمنية في غاية الخطورة خصوصاً الاجتماعات المحصورة بين 3 تموز و8 تموز 1979، كان الانبثاق الشيوعي الأصيل، الوريث الشرعي لحزب فهد وسلام عادل وحسن سريع ورفاقهم الأبرار. حيث أعلن عن تأسيس منظمة سلام عادل في الحزب الشيوعي العراقي على أرض بغداد في 8 تموز 1979، ويوزع البيان رغم انف النظام الفاشي وأجهزته القمعية، في وقت توهموا فيه بأنهم قد قضوا على رفاق فهد وسلام عادل، معلنة بأنها ليست بانشقاق، أو تكتل داخل الحزب، بل هي منظمة ضغط تحل نفسها بانتهاء مهمتها، تعمل على الجمع بين أسلوبي الكفاح الثوري من داخل الحزب وخارجه للإطاحة بالقيادة الانتهازية الهاربة، تمهيدا لإعادة بناء حزب فهد - سلام عادل، ليكون قادراً على قيادة كفاح الشعب العراقي من أجل إسقاط النظام البعثي الفاشي.

لقد أعلن عن تأسيس المنظمة في بيان مؤرخ في 8 تموز، يوم ميلاد مؤسس وقائد الحزب الشيوعي العراقي الرفيق الخالد يوسف سلمان يوسف - فهد- الذي استشهد في 14 شباط 1949 على يد الحكم الملكي العميل للاستعمار البريطاني هاتفا (الشيوعية أقوى من الموت وأعلى من أعواد المشانق) تاركاً وصيته التاريخية (قووا تنظيم حزبكم قووا تنظيم الحركة الوطنية)، مسجلاً كلماته المعبرة الشهيرة (لقد انغمرت في النضال الوطني قبل أن أكون شيوعياً، وبعد أن صرت شيوعيا، لم أجد في الحقيقة ما ينافي أو يتمايز مع معتقدي الوطني قبل أن أكون شيوعياً وبعد أن صرت شيوعياً، سوى أنني صرت أشعر بمسؤولية أكبر إزاء وطني وأنا شيوعي). وتسمى المنظمة م. سلام عادل لتشكل امتداداً للتاريخ النضالي المشرف لقائد الحزب الشهيد سلام عادل، ولقطع أية صلة بتاريخ القيادة الانتهازية اللاحقة ودورها في تدمير حزب فهد - سلام عادل.

ملاحظة: سينشر نص البيان في سلسلة مقالات - أوراق أمام مؤتمر اليسار الوطني الديمقراطي، كما ستنشر وثيقة توسل قيادة عزيز محمد لقبول صدام وزمرته استمرارهم في التحالف الذيلي رغم المذابح في عام 1979.

المجد والخلود للشهيد القائد الثوري حسن سريع

الخزي والعار للبعث الفاشي

العار لخونة الحركة الشيوعية العراقية


صباح زيارة الموسوي
بغداد - العراق المحتل
2003

تاريخ نشرالمادة 2005 / 7 / 2







مرثية للشهيد سلام عادل- مظفر النواب



لحظة أن سَـمَلوا عينيك العاشقتين
أضاء النفق المظلم بالعشق الأحمر
واحتـُضِر الموت
قال رفاقك لم تتوجع
إلا رجفة صبر
وتوجعَ مما غارَ السفودَ بعينيك
الكونُ وصاحَ الصمت
أدرتَ عماك المبصرَ للشعب
أعطيتَ بيانَ الصمت
وتقويمك فاجتمع الوقت
قال الشاهدُ كنتَ كطفل يبحث عن شيء
وضحكتَ لمجهول
هذا المجهولُ أخافَ الجلادين
رأوا أنكَ كالطودِ الشامخ لم تهوِ
قبّل جبهتك النجف الأشرف وارتفع البيت
آن إذن صمتك كان سقوطَهم سلفاَ
لم يحتملوا أن تنظر بالسفودين إليهم
واقتادوك وظلَّ المشهدُ
ظلَّ مكانُك منتصب القامة
أرعبهم أن عماك يضاعف عينيك بدون حدود
أخذوك إلى الليل وهم يرتجفون كأنكَ أنتَ تعاقبهم
فعلا أنت تعاقبهم
فعلا أنت نهايتهم
لا نعرف أين دفنت
ولكن نسمع صوتك في الأمطار
وبين شجيرات الرمان
وأعشاش حفاة العمال
وساعة يولد للبصرة مولود
والآن لدي استفسار شرس
كيف امتدت باسم الشعب يدٌ
لتصافح من غرس السفود بعينيك
صافحتِ السفلة
غسلوا كف القاتل من عينيك
وبعض قـبـّل مثل كتاب الله يديك
لابد مسحتهم من تاريخ بلاد النهرين
وستمطر يا سيد يا نائم في المجهول بلا عينين
يظهر قبرك بين العشب
وتنزل قطرة طل
أبدعها الصبح لبؤبؤ عينيك الحالمتين
نقف الآن بإجلال ليس لأن الفولاذ شيوعي
ليس لأن مكانك يزداد شموخاً منذ ثلاثين سنة
لكن حين استفردت وصاح السفود بعينيك
رشفت الصبر بصبر
واتجهت بوصلتا عينيك الداميتين إلى الشعب




#التيار_اليساري_الوطني_العراقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مكافأة القتلة من منتسبي اجهزة القتل والاغتصاب البعثية الفاشي ...
- تحرر الجماهير العراقية المضطهدة من خداع اصحاب العمائم هو الخ ...
- بعد خصام طويل حرامية بغداد وحرامية اربيل يتقاسمون ميزانية ال ...
- أزمة محاصصة الحكم ومحاصصة المعارضة : ثلاث عقود ولم يتعلم ساس ...
- اللعب على «الطائفي» أبعد الجماهير عن «الطبقي» ودفعها إلى «صر ...
- الشهيد الخالد علي بوتو جُبل من طينة عراقية معطاء*
- تظاهرات الموصل والانبار وصلاح الدين والخطوة الوطنية المطلوبة
- انهيار نظام المحاصصة الطائفية الاثنية الفاسد والخيار اليساري ...
- ايها الوطنيون العراقيون : انتبهوا الى ما يجري في العراق- فال ...
- اليساري العراقي بين مناضل داخل وخارج, أم مناضل -حسن- وأخر -خ ...
- غَيّر بالأحمر..فإلارادة الشعبية طريق الشعب لإنتزاع حقوقه
- هل كان تأسيس منظمة سلام عادل بقرار من عزيز محمد !؟ او الرفيق ...
- المدن العراقية تغرق مطراً وحيتان الفساد يغرقون تخمة وفلول ال ...
- يتخاصمون فيتحاصصون كل حسب خدمته للسيد المحتل والطرف الاقليمي ...
- انهيار نظام المحاصصة الطائفية الاثنية بالموت السريري لمبادرة ...
- هل يبيح الاختلاف الايدولوجي مع حزب الله الانتقال الى خندق ال ...
- قلنا الثورات قادمة ..قالوا أنتم حالمون...قلنا الثورات مستمرة ...
- بلاد الرافدين بين حاكمين : الأزمة الراهنة التي تتخبط فيها ال ...
- الشهداء خالدون ابداً :ومن جيل الى جيل كانت راية النضال تنتقل ...
- بن لادن البعثي وحسن نصر الله الشيوعي-اليسار العراقي توأم الد ...


المزيد.....




- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب ...
- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - التيار اليساري الوطني العراقي - نصف قرن على استشهاد القائد الشيوعي الخالد سلام عادل...نصف قرن والعراق يئن من جرائم الفاشية والحروب والاحتلال والقتل والظلم والقهر والفقر والنهب : ملف خاص في ذكر الاستشهاد الاسطوري