شاكر فريد حسن
الحوار المتمدن-العدد: 4024 - 2013 / 3 / 7 - 11:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لكل مهنة اسرارها وخفاياها ، ومهنة ماسح الاحذية ينظر اليها البعض كمهنة بسيطة وهامشية لا تحتاج للخبرة والتجربة والدراية ، بالرغم من اهميتها ، لكن الحقيقة انها تحتاج الى موهبة وذوق وخبرة .
وقد انتشرت هذه المهنة في مدن وبلدان العالم ، وخاصة عالمنا العربي وتخصيصاً في لبنان وسوريا ومصر ، حيث كنا وما زلنا نجد عدداً من ماسحي الاحذية على الارصفة والطرقات والازقة ونواصي الشوارع والاماكن المزدحمة بالناس ، بانتظار من يطلب مسح وتلميع وطلاء حذائه . وهنالك من ذاع صيته من ماسحي الاحذية فاصبح مقصداً للرؤساء والاطباء والمحامين والموظفين والمهندسين واساتذة الجامعات ومعلمي المدارس .
وبالرغم من تراجع عدد الزبائن في العقود الاخيرة ،وذلك لتغيير نوعية الاحذية ، ونتيجة اقبال الناس على انتعال الاحذية الرياضية بدلاً من الاحذية الجلدية ، التي لا تحتاج الى تلميع ، فهنالك ممن لا يجدون عملاً يلجأون للتكسب من هذه المهنة الشريفة .
انني اسوق هذه المقدمة لكي اصل للحديث عن مواطن امريكي يدعى البرت ليكسي ، يعمل في تلميع الاحذية ويكسب قوت يومه من عرق جبينه ، قرب مستشفى للاطفال منذ اكثر من ثلاثين عاماً ، ويتقاضى خمسة دولارات عن كل حذاء يقوم بطلائه ، لكن ثمة العديد من زبائنه كانوا يعطونه البقشيش ، وبدوره كان يجمع هذا البخشيش ، الذي يتراوح بين خمسة اوسبعة دولارات ، ويتبرع به لمعالجة الاطفال الذين لا يقدر اهلهم من دفع تكاليف المستشفى ، وقد بلغت قيمة تبرعاته على مدى 32 عاماً الـ (200) الف دولار .
وهذا الامر ان دل على شيئ فيدل على كرم وسخاء انساني واخلاق عالية وطيبة عظيمة ،قلما نجدها في هذا الومن الرمادي الاصفر ، الذي تلاشت فيه المحبة، وغابت القيم والاخلاق، وتراجعت اعمال الخير والمساعدات الانسانية.
ان هذا المواطن الامريكي البسيط الكادح ، الذي يجلس الساعات الطوال على ارصفة الطرقات والشوارع تحت اشعة الشمس الحارقة والامطار الغزيرة بانتظار من يرغب بتلميع حذائه ، وكسب قوت يومه ، قد قام بهذا العمل الانساني والخيري العظيم يستحق منا التقدير والاحترام .
اننا اذ نحني رؤوسنا وهاماتنا احتراماً واجلالاً لهذا الانسان الشريف والبسيط السخي والمعطاء ، صاحب القلب الرؤوف والاحساس الصادق ،ونقول :لامثال هؤلاء الناس البسطاء والشرفاء تصنع التماثيل !
#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟