أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إدريس الغزواني - أنتروبولوجية المدينة














المزيد.....

أنتروبولوجية المدينة


إدريس الغزواني

الحوار المتمدن-العدد: 4019 - 2013 / 3 / 2 - 01:45
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بعد بحثها عن موضع قدم داخل مدار الابستيمولوجيا و العلوم و كذا بعد تجاوزها مرحلة إثبات الجدوى و المشروعية المعرفية ، صارت الأنتروبولجيا تقدم نفسها خلال القرن العشرين، كفروع تخصصية قادرة على مواجهة مختلف تضاريس المجتمع بآليات الدرس و التحليل وكذا ميكانيزمات الخلخلة و السؤال رغم انهماكها في البحث و التنقيب . فما من حقل ابستيمولوجي إلا صار مستهدفا من قبل السؤال الأنتروبولوجي، و في ذلك تأكيدا على حساسية و أهمية الانتروبولوجيا كعلم يتسم من جهة بالحذر الإبستيمولوجي الذي يفترض نوع من الصرامة القصوى في تسييج المواضيع ، و من جهة ثانية بسعة الصدر و شساعة دوائر الانشغال ، فالأنتروبولوجيا تقترح نفسها كمعرفة لتفهم و تتفهم مختلف الظواهر الانتوبولوجية و الاجتماعية و في جميع تمظهراتها و سياقات انبنائها . و في هذا الإطار ستلوح الانتروبولوجيا الحضرية كفرع من فروع الانتروبولوجيا العامة ، تنشغل بالضرورة بكل ما له علاقة بالمدينة وما يروج فيها من تقلبات و تكهربات و كذا من ديناميات، سواء في علائقها الواقعية أو المفترضة مع المجتمع أو في تحليل و تتبع شروط إنتاجه و إعادة إنتاجه في الأنساق المجتمعية الأخرى ،فالمدينة لا تكون منعزلة عن الفعاليات و الظواهر و الحركات التي تعتمل و تختمر في رحاب المجتمع الأم , بل في غالب الأحيان توجد على تقاطع و تداخل معها .فلا وجود للمجتمع الصغير المتواجد داخل المدينة خارج تغطية وتحت حضانة ثقافة المجتمع الكبير المندمج فيه والمتفاعل معه .إن الأساس العلمي الذي دفعنا إلى الاعتراف بهذه الانتروبولوجيا الحضرية كتخصص معرفي هي كون المدينة تنتج قواعد و معايير وأنماط سلوك , أي أنها تنتج لنا ثقافة بالمعنى التايلوري للكلمة (و لنا مقال أخر في هذا الإطار) . فالمغرب قد عرف تعاقب العديد من الثقافات كالثقافة العربية ، الأمازيغية و الإسلامية هذا التداخل في الثقافات أعطى لنا المدينة القديمة بخصوصياتها العربية الأمازيغية الإسلامية ، وكذلك ظهرت ثقافات جديدة أضيفت لهذا المزيج من الثقافات جاء بها المستعمر كالثقافة الفرنسية و الثقافة الاسبانية، التي أعطت المدينة الاورومغربية أو المدينة الكولونيالية التي تعتبر أحسن ما أنجز في القرن الماضي. زيادة على كون المدينة تحتوي على أفراد يحملون ثقافة إن لم نقل ثقافات متعددة تختلف حسب طبيعة كل تجمع بشري. لهذا لا يسع للأنتروبولوجيا إلا أن تهرع جادة في تكريس جهودها العلمية في إطار ما يسمى بالانتروبولوجيا الحضرية بغية دراسة المدينة من الناحية الثقافية و تحليل العلاقة المفتعلة بين المدينة و السياق العام الذي تمتح منه .
من هنا ,تشكل الانتروبولوجيا الحضرية ثمرة تراكم عدد من الدراسات و التحليلات للمدينة خاصة لرواد مدرسة شيغاغو بأمريكا الذين جعلوا من المدينة موضوعا سوسيولوجيا و انتربولوجيا بمختلف جوانبها . و يمكن اعتبار أعمال "روبرت بارك" من بين الأعمال الرائدة في هذا المجال حينما اعتبر المدينة على أنها "مختبر اجتماعي" . ففي كتاب "مدرسة شيغاغو : ولادة الايكولوجية الحضرية" حاول مجموعة من الباحثين المنتمين لمختبر البحث في مجال العلوم الاجتماعية ك:بارك و بيرغس و ماكينزي و هالبوش ....إلى اعتبار المدينة ظاهرة اجتماعية بامتياز يقوم بدراستها الانتروبولوجيون و السوسيولوجين على السواء .فرغم وجود بعض المفارقات في تناول المدينة كظاهرة إلا أن هناك توافق و تم التأسيس لإيكولوجيا حضرية ترمي إلى دراسة المدينة و تحليلها وفق النموذج البيئي .من هذا المنطلق فمدرسة شيغاغو أخذت المبادرة و اعتبرت المدينة كوسط طبيعي و كمختبر اجتماعي تروم من خلالها البحث في الهوية المبنينة و الدينامية للمدينة .إن الانتروبولوجيا الحضرية سوف لن تخدم الثقافة الحضرية فقط بتقديم خلاصات حول شروط إنتاجها و إعادة إنتاجها ,بل ستخدم براديغمها الخاص, عبر تدشين مداخل جديدة لقراءة المدينة من خلال منتوجها الثقافي ، و هو ما يفيد علميا و عمليا في فهم و تفهم الأنساق المجتمعية عامة .لكن قبلا ما المدينة في رحاب العيادة الانتروبولوجية ؟ إن هذا السؤال هو الذي يعطي المشروعية المعرفية لهذه الانتروبولوجيا و هو الذي توجب الحاجة إليه هنا و الآن . إذا كانت الفكرة السائدة ترى أن المدينة هي نتاج حاجيات الإنسان المتنامية سواء الفيزيولوجية منها أو النفسية , فإن الأكيد يقول "باكو" أن "المدينة ليس فقط تجمع سكاني أو مجال من الطوب و الحجر و الاسمنت منتظم على شكل أحياء و أزقة و منازل بل هي أنساق من الثقافات و الأخلاق و القيم " .إن المدينة لا يجب أن ننظر إليها نظرة اختزالية و ذلك بحصرها في مدار اقتصادوي و تجاري و مورفولوجي فقط , بل ثمة جوانب ثقافية في المدينة في كونها تنتج قيم و عادات وأنماط سلوك أي أنها تنتج ثقافة .وهنا تجد الانتروبولوجيا الحضرية صدى لها في فهم و دراسة هذه الثقافة باعتبارها تشكل المرجع الأساسي لها. إن الانتروبولوجيا الحضرية تتوجه إلى المدينة بالدرس و التحليل كموضوع ، كقيمة و كممارسة ، فالمقاربة الموضوعية وفقا لهذا التقسيم تعني دراسة المدينة في اتصال كامل بكل الوسائط الثقافية و السياسية و الاقتصادية و المؤسسية التي تتيح الوصول إلى فهم المدينة في شموليتها. ختاما، و ما يتوجب التأشير عليه في حديث المشارب و المسارات هو أن الدرس الانتروبولوجي الحضري ما زال في بداياته إن لم نقل غائبا في المغرب ، بالرغم من كل التراكمات التي خلفها الباحثون في أمريكا و أوربا ، إنها البداية فقط والانتروبولوجيا الحضرية مؤهلة لمزيد من الاتساع الكمي و الكيفي على مستوى الأبحاث و الآليات و المقاربات ، خصوصا مع المكانة التي صارت تحتلها المدينة في المجتمع العالمي باعتبارها صناعة و استهلاكا .



#إدريس_الغزواني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واقع الإعلام المغربي
- ضيف و حوار : الدكتورة عائشة التاج
- سوسيولوجيا المغرب بين الماضي و الحاضر
- سوسيولوجيا الجنسانية العربية
- سوسيولوجيا المثقف العربي لدى عابد الجابري
- محددات العقل السياسي الجابري العربي عند الجابري
- لنغير سلوكنا


المزيد.....




- فرصة ذهبية نادرة: جزيرة اسكتلندية خاصة وقلعة منسية للبيع
- رئيس CIA الأسبق لـCNN: الحرب بين إسرائيل وإيران -لم تنته بال ...
- إحياء طقوس الإنكا القديمة في مهرجان إنتي رايمي في بيرو وسط ح ...
- تظاهرات في تل أبيب.. دعوات لإبرام صفقة تعيد الرهائن وتُنهي ا ...
- كيف استقبل الفلسطينيون في غزة خبر وقف إطلاق النار بين إسرائي ...
- أكبر مستشفيات إسرائيل تعمل تحت الأرض بعد وقف إطلاق النار
- خامنئي يظهر في كلمة مسجلة لأول مرة منذ وقف إطلاق النار، ووزي ...
- غارة إسرائيلية على جنوب لبنان ومقتل العشرات في غزة وسط تعثر ...
- ما أبعاد الخلاف بين ترامب وإسرائيل بعد وقف إطلاق النار مع إي ...
- أمسية حوارية حول الثورات والديون الفلاحية من الماضي إلى الح ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إدريس الغزواني - أنتروبولوجية المدينة