أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - الامتنان والشكر لهاتفي المحمول














المزيد.....

الامتنان والشكر لهاتفي المحمول


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 3994 - 2013 / 2 / 5 - 21:51
المحور: كتابات ساخرة
    


لم يكن مخترعو الهاتف المحمول يظنون بأنه سيتحول من هاتف محمول في الجيب إلى شريحة تدخل في أجسادنا وتصبح إحدى جيناتنا!
لم يكن مخترعوه قد استعدوا لمفاجآت المستخدمين الذين تمكنوا بعد جعله أغلى وأكثر التصاقا بهم من زوجاتهم وأبنائهم أن يصبح علاجا وداء في وقت واحد!
فهو مسؤول عن توسيع حناجرنا، وإزاحة ملمات صدورنا، نهرب إليه كلما وقعنا في ضائقة، نستدعي به الآخرين ليبثوا مكنونات نفوسهم، فقد أزال حواجز المكان والزمان، وأزالت الأصواتُ المنبعثة من ميكروفوناته وسماعاته بُعدَ الزمان والمكان.
ووفرت على صانعيه ومبتكريه جيوشَ الرقباء وكتائب الجواسيس وفيالق العيون الراصدة، وأصبحت الأوطان كلُّها مجرد أصواتٍ وحواراتٍ، ينقلها الهاتف المحمول إلى الغرف فتتحول إلى ملفاتٍ وشرائط تسجيل.
ولكن أهم مميزات الهاتف النقال أنه ينقذني كثيرا عندما أضطر لحضور حوار عقيم، ونقاشٍ سقيم فيدقُّ حينئذٍ أقول وأنا أهرب من الحوار العقيم:
ما أعظمك أيها الهاتف المحمول، فأنت دائما منقذي من السفسطات والخطابات والتعليقات والأغاني التي يرددها كثيرون كلما اجتمعوا في الندوات والحوارات والمؤتمرات، ولا يغيرونها أبدا ظنَّا منهم أنها أغانٍ أبديةٌ خالدة مدى الدهر، وينسون أن الآذان قد سئمتها منذ عقودٍ، فتدقُّ أيها الهاتف الرائع، فأبتسم مغتبطا وأنا أتحسسك بلطفٍ وحنان وأسعدُ برنتك المحببة وأخرج هاربا!
ما أروعك أيها الهاتف المحمول الذي يُنجيني دائما من لقاء مَن لا أحبُّ لقاءهم حين أراهم بالصدفة، فأسحبك بخفة يدٍ من جيبي كلاعب سيرك يقدم عرضا سحريا، وأتفحص شاشتك حتى أتجنب اللقاء!!ّ
ما أجملك أيها الهاتف المحمول عندما أصطدم بعقبةٍ أو أرى منظرا قبيحا وخرقا للقانون، فإنني أمتشقك وأجردك كما يمتشق المحارب القديم سيفه، وأضعك على أذني، حينئذٍ يكف المخالفون عن انتهاك القانون ويهربون!!
ما أبدعك أيها المحمول في القلب حينما توفر عليَّ جهدَ الصدام الجسدي بالخصوم، فأنا ضعيفٌ بالنسبة لهم، غير أنك تجعلني أقوى حين توفِّر عليَّ الصدامَ الجسدي وتستبدله بصدامٍ لغويٍّ خطابي، فأُنَفِّسُ في سماعتكِ ضائقتي واستبدل ضعفي الجسدي بقوة بلاغتي ومنطقي وخطابي فأخرج منتصرا وكنتُ أظن أني لا أنتصر أبدا!!
لقد أدركَ صانعوك هذه المزايا واخترعوا خدماتٍ جديدة يمكن للراغبين فيها أن يحصلوا عليها، ليس فقط ( خدمة التغرير والكذب)وهي إيهام الطرف الآخر(المزعج) طالبُ الحديث معك بأن هاتفك مغلق وأنك خارج التغطية،وهي أحدى أبرز الأكاذيب التي نُقبل على شرائها واستعمالها بكثرة!!
وليست مميزاتك أيضا في الخدمة التي تقدمها للزبائن وهي خدمة (الانتظار) التي تجعلك تشتاق إلى المطلوب وتسعى في إثره وتدفع ثمن انتظاره نقودا من جيبك!!
وليست عبقريتُك أيضا في خدمة مكالمات الأحبة والأصدقاء، والذين تظن أنها رخيصة الثمن، فتبوح فيها بكل ما في نفسك من أسرار، وتظن أنها في آبار عميقة، وليست مسجلة في شرائح وإسطوانات!!
ولعل أبرز ما في هذه الخدمات المبتكرة والرائعة التي وفرتها الشركاتُ الصانعة للهواتف المحمولة، خدمة (الاحتيال)!!
وهي الخدمة التي تجعل هاتفك المحمول نفسُه يرنُّ ويطلبك في المآزق لتتمكن من الهروب وقتما تشاء، وهذه الخدمة سهلة لأنها تتم بلمسة سريعة من إصبعك لهاتفك المدفون في حضن جيبك!!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تمييز جيناتي في القدس
- من باسمين إلى عابسين
- جنرالات الإعلام في انتخابات إسرائيل
- بوابات شمس الحرية في فلسطين
- إمارة سهول الوئام لإنهاء الانقسام
- هواة جمع اللايكات
- جيش الدفاع رجس من عمل الشيطان
- عن الغجر والدروز والثمانية وأربعين
- في الفقه الحزبي العربي
- مرض القهر المدرسي
- متلازمة ليبرمان المرضية
- قصة عرس بومتين
- لجام الحصان الفلسطيني المسروق
- المدارس والتعليم يا عرب
- العرب بين تليد وجديد
- بيانات القصف اللغوي
- إفلاس البربوغندا الإسرائيلية
- اتحادات حزبية لا ثقافية
- مناظر غزية من الحرب
- مختارة غجر فلسطين


المزيد.....




- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - الامتنان والشكر لهاتفي المحمول