أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - محمد علي محيي الدين - حكايات من ذلك الزمان














المزيد.....

حكايات من ذلك الزمان


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 3994 - 2013 / 2 / 5 - 08:40
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


لا ادري هل نبكي على الماضي،أم ننساه، وهل نتفيأ ذكراه ونناشد أطيافه وروأه، أم ناخذ منه الدروس ونستنبط العبر، أو نرميه خلفنا بحلوه ومره وما يحمل في داخله من ذكريات عزيزة طيبة، أو أيام سوداء حالكة.
لو قارنا الأمس واليوم، ولا اعني بأمس صدام أو يوم نوري، لوجدنا البون شاسعا والفرق واسعا، فرجال اليوم ليسوا رجال الأمس، ونساء العراق غير ما عهدنا حزما وأصالة وفكر مستنير، فلم يكن بيننا من يعرف ما هي الطائفية، وليس فينا من يؤمن بالعرقية والعنصرية، فالجميع يجمعهم العراق والروح الوطنية صادحة في كل زمان ومكان ولا أحد يعرف أن هذا شيعي أو سني، مسيحي أو مسلم، يهودي أو أيزيدي، شروكي أو غربي شمالي أو جنوبي الجميع يجمعهم أسم واحد ووطن واحد، وان فرقت بينهم التوجهات والميول فهم يلتقون على القيم والمبادئ، ولكن ما أن اطل عارف والبعث بوجههم الكالح حتى ظهرت الحزازات وبانت الفروقات فعارف الأكبر طائفي حاقد بامتياز والبكر مهووس بإسلاميته الزائفة وصدام مجنون بقرويته الفجة، وهم وأن كانوا غير مؤمنين بدين، ولكنهم كأصنام هذه الأيام عزفوا على أوتار الطائفية وأسسوا لها، ورقصوا على أنغام القومية وكشفوا زيفها، وما بين أولئك وهؤلاء ضاع العراق ووضع على شفير جرف هار يتقاذفه الطائفيون ويلعب على أجداث ضحاياه المنافقون، ومهدوا الطريق للتدخل الدولي واحتلال العراق، لتطبيق المخططات الامبريالية الهادفة الى تمزيق أوصال العراق وبناء نظام حكم يرتكز على أسس التفرقة والشحناء والبغض، لبناء دول الطوائف المتحاربة المتقاتلة .
ان ما يجري الان هو نتيجة للطائفية والقروية والعشائرية التي انتهجها النظام السابق، ومن جاء بعده وجدها فرصة سانحة للتأسيس على أنقاضها فوقف بنائها شامخا بفضل التغذية المسمومة للطائفيين ودول الجوار التي وجدن في الطائفية خدمة لأغراضها وتحقيق لأجنداتها وقد بني الحكم في العراق على أساس طائفي بعد 2003 ولا اعتقد ان هناك خلاصا من هذه الجرثومة الا بنضال مرير يحتاج لأعوام وأعوام.
عودة للماضي في قراءة لمذكرات الشاعر العراقي المتقلب عبد الرزاق عبد الواحد والتي يشير فيها الى حادثة حزت في نفسه وأثرت في تفكيره، استنكرها واستغربها يقول فيها ما نصه "في اليوم الأول من دوامي في مدرسة علي الغربي الابتدائية للبنين ، التصق بي تلميذ التصاقاً أحسست معه فجأة بالنفور . عرفت أن اسمه ابراهيم حسقيل .. وأنه يهودي .. اليهودي الوحيد في المدرسة .. وأنت الصابئي الوحيد في المدرسة .. هذا ما قاله لي , وهذا ما أشعرني بالنفور منه أول ما عرفته ! .
ثلاثة أيام .. لم يتح لي ابراهيم خلالها أن أتعرف على تلميذ سواه.. وربما لم يقترب أحد من التلاميذ مني بسبب ابراهيم ! ..
في اليوم الثالث ، بعد الفرصة الطويلة ، دقّ جرس الدرس . كنت أستدير لأتوجه إلى الصف ، حين ا ستوقفني ابراهيم سائلاً : "إلى أين ؟". قلت :" إلى الصف .. لقد دقّ الجرس ." قال :" أعلم أن الجرس دق .. ولكن .. لدينا درس دين ، فإلى أين أنت ذاهب ؟" . قلت :" إلى الصف طبعاً ." قال :"ولكنك صابئي .."
فجأة أحسست باشمئزاز رهيب من ابراهيم .. قلت :" وماذا يعني هذا ؟؟." قال :"سيطردك المعلم من الصف!" هنا بلغ اشمئزازي منه ذروته . تركته دون أية كلمة ، ودخلت الصف .
دخل المعلم الصف .. أوّل شيء فعله أن قال :" من عبد الرزاق عبد الواحد ؟ ." فوقفت فرحاً بهذا الإمتياز !.. قال :" خذ كتبك واخرج من الصف !." قلت ، وأنا أداري حرجي ، ونظرات الطلاب التي اتجهت جميعها إلي :" لماذا أخرج ؟." قال :" ألستَ صابئياً ؟" قلت :" بلى " قال :" فاخرج إذن من الصف." قلت :" ولكننا يا أستاذ كنا ندرس درس الدين طيلة خمس سنوات في العمارة ." قال :" أنت في علي الغربي، ولست في العمارة . خذ كتبك واخرج ! ." .. وأخذت كتبي وخرجت ! .
أقسم بأغلظ الأيمان ، أنني – حتى الآن – لا أستطيع ردم الحفرة التي حفرتها في مخي نظرة ابراهيم الشامتة حين رآني أخرج حاملاً كتبي من الصف . حاول أن يقترب مني ، فابتعدت عنه ، وفتحت جزء عمّ الذي كان معي ، ورحت أقرأ في الساحة بصوت عالٍ جداً .. وإذا بالمعلم يناديني . نظرت إلى ابراهيم نظرة متشفية لاعتقادي بأن المعلم ناداني ليدخلني إلى الصف ..ولكن..ما ان وصلت إليه حتى قال : "أعطني القرآن" . قلت :" ولكنه كتابي " فمدّ يده إليه وسحبه من يدي بأقسى ما يستطيع !
لم أدخل بعدها درس الدين .. ولا نظرت في وجه ابراهيم حسقيل .. ولسنوات طويلة ظل قلبي يقطر مرارة من كراهية ذلك المعلم .".
هذا المعلم وذلك النظام أسسا من حيث يشعرون او لا يشعرون لتفرقة بين أبناء الشعب على أساس ديني وجاء بعدهم من فرق على أساس مذهبي وقومي، وتغذت هذه النعرات بفضل هؤلاء الصعاليك، واليوم وأنت تسمع في وسائل الإعلام المتطورة والمدارس والأسواق والمنتديات وفي كل مكان هذا الشحن والتصعيد الطائفي والديني والقومي فالمسيحيون تناقصت أعدادهم بشكل رهيب والصابئة تقلص عددهم الى الصفر وكذلك حال غيرهم من أصحاب الديانات بفضل القتل والتهجير الممنهج، علاوة على التفرقة والقتل بين اكبر مكونين في العراق على أساس طائفي فماذا سيخلف ذلك في نفوس الجيل الجديد إذا كان قد خلف شرخا في نفس عبد الرزاق عبد الواحد الذي لا يؤمن بأي دين...!!



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم الشهيد دروس وعبر
- نقابة السلطة ونقابة الوطن
- بين حسين مردان ونواب هذا الزمان
- هل تسير العملية السياسية في طريق مسدود
- أيهما الاضر بالشعب الخمور أم الفساد
- ومضات من ذاكرة الكفاح المسلح
- كلية طب الأسنان في بابل مشاكل ومنغصات
- وداعا جاسم الصكر
- الحكم الشمولي في العراق
- لماذا سكت
- أسمعوا وعو
- نواب المصلحة والعجلات المصفحة
- مالك دوهان الحسن والعقدة من الشيوعيين
- الى ماذا تهدف هذه الأبواق المأجورة
- من المسؤول عن استشراء الفساد؟؟؟
- ليس دفاعا عن زيباري
- وعصارة العمر الطويل أثام (الأخيرة)
- وعصارة العمر الطويل أثام
- هاكد شايف مصايب وما ادري
- والعباس ابو راس الحار كذب


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - محمد علي محيي الدين - حكايات من ذلك الزمان