أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمير أمين - في ذكرى رحيل ملك الصعاليك الشاعر عبد الأمير الحصيري














المزيد.....

في ذكرى رحيل ملك الصعاليك الشاعر عبد الأمير الحصيري


أمير أمين

الحوار المتمدن-العدد: 3991 - 2013 / 2 / 2 - 01:32
المحور: الادب والفن
    






في الثاني من شباط عام 1978 أي قبل 35 عام توقف قلب الشاعر النجفي / البغدادي عبد الأمير عبود مهدي الحصيري عن الخفقان بسبب عجز في القلب حسب تقرير الطب العدلي , هذا القلب الذي أنهكه الكحول والتشرد ومرارة العيش ..مات شاعرنا في غرفة صغيرة لفندق شعبي يقع بطرف الكرخ إسمه الكوثر حيث أبلغ عنه في اليوم الثاني لوفاته من قبل مركز شرطة الكرخ..كان هادئاً ينام نومته الأبدية ولم يترك من الدنيا سوى خمسة أفلاس نحاسية وجدت في جيبه ووري الثرى ومعه نخبة من أصدقاءه الشعراء وفي مقدمتهم الشاعر العراقي الكبير سعدي يوسف الذي قرأ قصيدة على قبره أثناء عملية الدفن في مقبرة وادي السلام في النجف الأشرف وكان معه أيضاً الشاعر الراحل رشدي العامل وعدد آخر من أصدقاءه وأقاربه..مات ملك الصعاليك كما كان يكني نفسه وهو في عز شبابه وفي أوج عطاءه الزاخر حيث ترك ثروة شعرية لا تقدر بثمن هي عدة دواوين ومخطوطة فقدت بعد مماته بإسم ..أحلام بابل والتي بها ختم ما إختزنته مخيلته الشعرية من موهبة قل نظيرها والتي إبتدئها بديوانه ..أزهار الدماء الذي صدر في أواخر الخمسينات من القرن المنصرم وقد أهداه الشاعر الى قادة الحزب الشيوعي الشهداء فهد وحازم وصارم لأنه كان يتعاطف مع الشيوعيين وأن أغلب أصدقاءه منهم ثم توالت دواوينه الاخرى بالظهور وهي تحمل في طياتها الألق والعبق الشعري من الطراز الأول الذي يقف بمصاف شعر المعلقات لأمرؤ القيس وغيره من فطاحلة ذلك العصر وكان ديوانه الثاني الذي صدر عام 1962 بإسم ..معلقة بغداد ملحمة شعرية جاوزت ال 280 بيت شعري موزون ومقفى ويفيض بالأحاسيس والمشاعر الإنسانية النبيلة .

ولد شاعرنا عام 1942 في محلة العمارة في النجف وبها ترعرع وفي بدايات الستينات إرتحل الى بغداد لكي يكمل دراسته لكنه لم يفعل وصار ينتقل من حانة الى حانة ويتسكع في أزقة العاصمة وينام أينما يريد..في أية حديقة أو شارع أو حانة أو مقهى وحاول عدد من أصدقاءه إنتشاله من وضعه المزري بتوفير فرص عمل لائقة له في الصحافة وفي مجالات ثقافية متعددة لكنه آثر الصعلكة والتشرد على الحياة الوظيفية الروتينية الرتيبة والتي تتناقض مع نمط تفكيره فكان كثيراً ما يعتاش على بيع قصائده لقاء بضعة دنانير يصرفها أحياناً بنفس اليوم على نفسه وعلى نفر من أصدقاءه أو يمنح قصيدة لمثقف لقاء قنينة من عرق المستكي الذي كان مغرماً به وللأسف كان بعض هؤلاء يدعي أن هذه القصيدة من نظمه هو ولا ينسبها للحصيري لكن قصائد الحصيري لا يمكن تقليدها كصوت فيروز الساحر فحينما تسمع الأذن هذه القصيدة ..أيصح أن لا يدرك السامع أنها للحصيري..!!!!!


أجائع ! أي شيء ثم يا قلق.....أمن حطامي هذا يمطر العبق

إذا تصبيت روحي دونما تعب.....يطغى تلظي هواك القائم الخفق

ان كنت تحلم في قلبي , فأن دمي..من جوعه بات في الجوع يحترق

وهو القائل كذلك ..أنا الإله ومن حولي ملائكتي..والحانة الكون والجلاّس من خلقوا



ومن ديوانه أنا الشريد الذي أصدره عام 1969 قال ..أنا الشريد لماذا الناس تذعر من وجهي ..وتهرب من أقدامي الطرق


في يوم تموزي قائظ من عام 1973 , كنت وعدد من أصدقائي في إعدادية الناصرية ومعهم خالي الأصغر قد سافرنا الى بغداد لكي نشهد إحتفالات العراقيين بتأسيس الجبهة الوطنية بين الشيوعيين والبعثيين وفي ظهيرة أحد الأيام جلسنا في مقهى البرلمان في منطقة الحيدرخانة ببغداد نحتسي أكواباً من الشاي بعد وجبة إفطار شهية..كنّا نتناقش بالسياسة التي كانت وما زالت ديدننا كلما التقينا ببعضنا..دخل علينا رجل متوسط القامة..شعر رأسه خفيف يرميه الى الخلف..لم يكن حليق الذقن وكانت بيده حقيبة جلدية سوداء وسخة..كان يرتدي بدلة رصاصية غير مكوية ويضع رباط بشكل غير مرتب على قميصه الوسخ..تفاجئت به وهو يقترب من مجلسنا ويحيينا بيده ولسانه..السلام عليكم..رددنا التحية ووجد بقربنا مكان يسع لشخص واحد ..جلس فيه..متفرساً وجوهنا وكأنه يعرفنا..لم أكن أعرفه من قبل ! ولم أسمع عنه شيء..! فلم أعر له أي إهتمام لكني قلت له كما الآخرين ..الله بالخير..رد علينا بتحية أحسن منها ثم مد يده الى سترة جيبه وأخرج منها قنينة عرق المستكي الذي يحبه وكان رخيص الثمن قياساً بالمشروبات الروحية الأخرى كالجن والويسكي والكونياك ..وغيرها وفتح الغطاء وإرتشف جرعة قبل أن يعيدها مغلقة الى جيبه ثم أخرج ورقة طويلة..عرضها بحدود عشرة سنتيمترات وبدأ يقرأ على مسامعنا قصيدة رائعة بكل معنى الكلمة..ندست خالي الأوسط الذي جلس الى جانبي وقلت له..شنو هذي القصيدة اللي كاعد يقراها..هل فعلاً له !! ثم عقبت قائلاً أنها للمتنبي أو للجواهري ! لكن خالي الذي كان يدرس في أكاديمية الفنون والذي يعرفه حق المعرفة..ضحك من تصوراتي الخاطئة وهمس لي..إنه بمستواهم ..! ويقصد المتنبي وغيره..وصدق ما قاله حيث أن الشاعر جليسنا الفقيد عبد الأمير الحصيري كان بمستوى لا يقل قيد أنملة عن خيرة الفطاحل في كل العصور ! وبعد أن أنهى تلاوة شعره..أثنينا عليه وعلى ما أتحفنا به من تغذية روحية ثمينة وقد أسمعناه كلمات ..أحسنت وجميل وعشت وصح لسانك..ثم أشار لنا خالي الأوسط بأن نجمع له نقود يستطيع أن يشتري بها قنينة عرق وأخذ من كل واحد منّا مبلغ 25 فلس ودفع البعض من المتمكنين درهم..وضعها خالي بيده ولم يراها إذ حالما ذهبت الى جيب سترته الرصاصية ..شكرنا وإنصرف بنفس الهدوء الذي جاء به لكنه تركنا نبحث في شعره وأدبه وحياته ووضعه بشكل عام..ولم التقي به فيما بعد لأني حينما زرت بغداد في المرة الثانية عام 1979 كان جسده يتوسد تراب مقبرة النجف التي يرقد فيها جسد والدته ووالده والملايين غيرهم ...

تحية لروحك يا إبن علاهن..تحية وسلام لك ولشعرك وأدبك ولذكراك العطرة الف تحية وسلام



#أمير_أمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرحى لمؤتمر حزبنا الشيوعي التاسع ..!
- رحيل الصديق هاني ناجي و 166 شهيد يدخل عامه الثلاثين!
- أيها العراقيون : إرسوا على بر قبل فوات الأوان !
- وجهة نظر حيادية لأحداث الربيع العربي .
- الوقوف أمام ضريح لينين !
- ستار كناوي ..خمسون عام على ميلاده..ربع قرن على الرحيل..!
- إنصاف الأكراد الفيلية مهمة وطنية عظمى !
- في ذكرى إستشهاد سكرتير محلية الناصرية مزهر هول راشد
- الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم باني مدينة الثورة ببغداد !
- الشهيدة موناليزا- ستون عام على ميلادها..ربع قرن على الرحيل !
- نقاط متفرقة لمؤتمر الشيوعيين العراقيين التاسع ٠٠ ...
- في ذكرى إستشهاد النصير الشيوعي جبّار...
- الربع دينار ..أقبّل جبينك !
- دكيت بابك يا وطن وانة غريب ببابك !
- ذكرياتي مع إتحاد الطلبة العام في الناصرية !
- هنا إذاعة صوت الشعب العراقي !
- سجل الشيوعيين العراقيين حافل بالتهميش والمضايقات !
- هل كان الشاعر بدر شاكر السياب شيوعياً !!!
- المرأة العراقية وثقل الحجاب على رأسها
- ذكريات عن معلمي الناصرية في عيدهم الأغر


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمير أمين - في ذكرى رحيل ملك الصعاليك الشاعر عبد الأمير الحصيري