أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عمر البستاني - سوريا بين المطرقة والسندان.. نفحات ألم ومعاناة















المزيد.....

سوريا بين المطرقة والسندان.. نفحات ألم ومعاناة


محمد عمر البستاني

الحوار المتمدن-العدد: 3989 - 2013 / 1 / 31 - 09:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-هذا الشعب الذي يسمونه زورا وبهتانا ب "الهمجي!" و"الطائفي" و"المتوحش!" هو الذي اخترع الكتابة والأبجدية، واكتشف الحرف المسماري.. وهو الذي لولا صموده وثباته وتحمله للهيمنة والقهر والظلم، ما كان يوجد شيء اسمه مقاومة وممانعة ومواجهات مع الأعداء الطامعين.. هذا الشعب جدير بالحياة الحرة الكريمة، وسيحققها بوعيه وإرادته وصموده وثقافته الحضارية الإنسانية المدنية.. وهو يرفض الأصولية والتزمت والتعصب الأعمى من أية جهة أتت من العلمانيين ومن الدينيين على حد سواء.. أما عن تدينه وما نراه من مظاهر الالتزامات التدينية هنا وهناك على سلوكية هذا الشعب السوري، فهذا أمر طبيعي جداً لأنه مرتبط بثقافة تاريخية عميقة الجذور، ليس المطلوب اجتثاثها (مع عدم القدرة على ذلك) بل المطلوب تشذيبها وترشيدها ونقدها باستمرار، وتصويب سلوكياتها ومساراتها لتلتقي مع أجمل ما في الحياة البشرية من قيم جميلة وإنسانية حية (حرية-كرامة-عدل-إخاء-مساواة).. فهل هذا صعب وكبير؟! وهل هذه القيم حكر على شعب دون آخر؟ وهل شعب سوريا غير جدير بها، ولا يستحقها وهو المعروف تاريخياً بطيبة أبنائه وتسامحهم وتضامنهم ومحبتهم لبعضهم وللآخرين وللحياة والوجود؟.

-يسخرون من الشعب السوري لأنه يكبر مستنجداً بالله ويقول دوماً: "ما إلنا غيرك يا الله".. فهل يتخيلون ويتوقعون أن يقول الشعب مثلا: ما إلنا غير هيفاء وهبي مثلا.. أو ما إلنا غيرك يا قدري جميل أو ما إلنا غيرك يا أدونيس أو يا هيثم مناع أو يا برهان غليون او يا ميشيل كيلو أو يا ما بعرف مين...... أو ما إلنا غيرك يا معارضة داخلية أو خارجية سورية ضعيفة ومضعضعة، أو يا مجلس وطني متآمر ومخترق، ويا اثتلاف وطني سخيف وهزيل ومترهل...
والله، لولا الله -وكونه يمنح الناس القدرة على الفعل والعمل، ويعطيهم القوة المعنوية ويشحنهم بقدرة وطاقة روحية لا محدودة ولا منظورة من التحمل والصبر والمصابرة والثبات والصمود العملي- لكنتم جميعاً أنتم وثورتكم- في خبر كان من زمن بعيد.. وفي ظني أن جرحاً بسيطاً نازفاً تعرضت له إصبع طفل بأصغر قرية في سوريا يساوي كل أعمالكم وطلعاتكم و"حكياتكم" وتحليلاتكم على الفضائيات، ويعادل كل مؤتمراتكم وتآمراتكم على هذا الشعب الفقير المستضعف المسكين الصابر الصامد صموداً أزلياً..
عيب عليكم جميعاً –أيها المتخاذلون- استحوا، سوف تدفعون هذا الشعب العظيم لكي يرتمي مجدداً بيد جلاديه، وتجعلونه يحن ويقول "الله يرحم أيام النظام نفسه"، وأن هذا النظام القمعي المستبد -على مساوئه وسوء أفعاله وفظاعته التي لا توصف- يبقى أحسن منكم، بسوء أفعالكم وتدبيركم، وقلة وعيكم، وعمى بصيرتكم، وضعف وارتهان إرادتكم وانعدام تضحياتكم..
تفضلوا ادخلوا إلى ساحة الميدان في الداخل السوري، وضحوا مع هذا الشعب ولو بصورة بسيطة، بدلاً عن إقامتكم شبه الدائمة في أفخم الفنادق والاوتيلات، وحضوركم للمؤتمرات والندوات، وسفركم بأحسن الطائرات من عاصمة لأخرى، حيث أنه ومنذ سنتين حتى الآن لا نتيجة ترتجى ولا طائل يذكر.. فقد فشلتم حتى في إقناع المجتمع الدولي ذاته بجديتكم وصرامتكم ووحدتكم..
يعني كنتم تعتقدون وتظنون –نتيجة سذاجتكم وقلة تبصركم وضعف حنكتكم ومراسكم السياسي- أن الغرب وأمريكا فرنسا والخليج هم مجرد جمعيات خيرية تراهنون عليها لتوزع الهبات والتبرعات مجاناً عليكم وعلى غيركم.. الناس والمجتمعات الدولية مراكز قوى متصارعة، ومصالح اقتصادية وسياسية متبادلة، ومن يقدم الأحسن والأقوى والأمتن والأرسخ والأصلح يفرض ذاته ووجوده واقعيا على الأرض.. سنتان مرتا والناس عرفتكم، أنتم اعجز من قيادة مدرسة.. مثل ما قال مرة صاحبكم فاروق الشرع، إياه ما غيرو.. لكن مع كل ذلك أنا مقتنع -مع غالبية الشعب السوري- أن التغيير الجذري بكم وبغيركم قادم لا محالة، مهما حدث ووقع من مؤتمرات وتآمرات وتعقيدات في معالجة الأزمة السورية الوجودية بامتياز.. هذا قانون كوني وسنة تاريخية يعمل لها ويستجيب ويتفاعل معها هذا الشعب المضحي العظيم..

-الشعب السوري هو قاعدة ما يسمى بالمقاومة، وهو الحاضنة الأساسية لثقافة الممانعة التي أصم النظام السوري وحلفاؤه آذاننا بها.. وهذا الشعب السوري العظيم هو الذي وقف مع كل المقاومين الشرفاء على مر التاريخ، وهو الذي دعم ثقافة الممانعة وتحمل تبعاتها ونتائجها، ودفع أثمانها الباهظة دماً ودموعاً.. ولولا هذا الدعم والاحتضان الشعبي السوري لهذه الثقافة في مدى التاريخ كله ما كانت سوريا الدولة والنظام أعلنت وتباهت بين الأمم بأنها قلب العروبة والمقاومة والممانعة.. يعني مثلاً درعا هي مدينة حدودية على تماس مع خطوط النار والتماس الحربية السورية الإسرائيلية، وهي كانت على الدوام محافظة (موالية) للنظام، وليست ضده، اشتهرت بأبنائها المسؤولين في كافة مواقع الحكم ومؤسسات الدولة السورية.. وكانت على طول الخط واقفة مع المقاومة والممانعة، مثل باقي أخواتها المحافظات السورية.. كما لم يظهر منها -بحسب ما نعلم- فرد واحد خان القضية المركزية، وتعامل مع العدو الأزلي.. لاحظوا ماذا جرى لها نتيجة سوء التدبير والرعونة، وعدم وجود حنكة وخبرة وحكمة عملية لدى مسؤولي النظام السوري في التعاطي مع مشاكلها وأزماتها الأولى منذ بواكير الأحداث السورية الماسأوية.

-لن تتحقق الديمقراطية لا في سوريا ولا في العالم العربي كله، ليس فقط بسبب سوء طوية الحكام واستبداد النظم القائمة، بل لأن الثقافة المجتمعية السائدة العميقة والتاريخ الثقافي والفكري المهيمن على العقول والأفئدة حتى الآن في مجمل السلوكيات والعلاقات الذاتية والموضوعية، لا يعرف معنى عملياً لقيم الحرية وثقافة التسامح والتعايش العملي، وقيم الاعتراف بالآخر، وأهمية وجوده كآخر له ما لنا وعليه ما علينا، حقوقاً وواجبات... فلا ديمقراطية حقيقية من دون ديمقراطيين حقيقيين، ومن دون تربية وثقافة ديمقراطية جدية رصينة متأصلة ومتراكمة نعيشها فيما بيننا، ويعيشونها بينهم قبل دعوة الآخرين إليها.. فهل هذا ما هو قائم وموجود ومحقق وناجز بين من يدّعون اليوم الحرص على الأوطان خاصة في هذا الوطن السوري الجريح والنازف، ويعملون على إحداث التغيير الديمقراطي المنشود؟



#محمد_عمر_البستاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزب الله والفشل في وعي حركة الشعوب العربية
- سوريا إلى أين؟ بين إنكار السلطة الديكتاتورية، وفشل المعارضة ...
- لماذا لم يشارك -العلويون- في الثورة السورية؟ لا أمن وأمان لل ...


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عمر البستاني - سوريا بين المطرقة والسندان.. نفحات ألم ومعاناة