أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عساف - طفولة مسروقة ...














المزيد.....

طفولة مسروقة ...


محمود عساف

الحوار المتمدن-العدد: 3982 - 2013 / 1 / 24 - 01:44
المحور: الادب والفن
    




كنت ارافقها في طفولتي في ذلك اليوم فرحا وكأنني ذاهب الى مدينة الملاهي وكانت تمسك بيدي وبيدها الآخرى تمسك بسلة بلاستيكية مشبكة اذكر لونها الأخضر واسير بجانبها وتلتقي بالنسوة الآخريات ومعهن اطفالهن ايضا ويسرن معا نحو ذلك السوق الكبير الذي كنت اعتقده سوقا وارى طوابيرا ممتده على عدد من الشبابيك المغلقة بأحكام عدا عن فتحة مربعة يسمح من خلالها باخراج المواد ، ونقف بالطابور واحيانا اترك يدها واذهب والهوا مع اطفال بمثل عمري واحيانا انظر الى هذا التجمع الكبير من النسوة يتحادثن وعلى وجوههن كل ألم وقهر وفي عيونهن كل تحد وجبروت ، وانظر الى الساحة فاذا فيها كثيرا من العربات الخشبية التي تجرها الأحصنة وفيها ايضا عددا كبيرا من الحمير ويتدلى عن ظهرها اشولة من الطرفين ، ويطول الأنتظار فاراقب الشبابيك عندما تقف النسوة عليها فيصيح الموظزف بالداخل بصوت عال ومنفر اين الكرت فتعطيه اياه بخوف ووجل فيبدأ الموظف الجلف بتكديس اكياس ومعلبات واكياس سكر واحيانا تكون مكعبات سكر افرح فيها واكياس حليب صغيرة ورائحتها كريهة وقناني من الزيت الذي لم يكن له لون الزيت اساسا ويخرجون كيسا من الطحين ومواد اخرى لا اذكرها فتبدأ امي بتعبئة سلتها البلاستيكية الخضراء بالمعلبات وقناني الزيت وما تستطيع ان تضعه في السلة ،ومن ثم تبدأ بمفاوضة صاحب الحمار على اجرة النقل الى مكان سكننا ويبدأ ذاك بتحميل الأكياس الأخرى وافرح انا اذا اركبني على الحمار اسوة بحمولة الأكياس ، وهكذا كان الأمر يكون على سنوات وسنوات عديدة .
وما زلت اذكر الألم في وجه امي والقهر على عز كان وقد مضى بفعل خيانات وتخاذلات من العرب ، كنت اراها وهي تتسخ ملابسها بالطحين والزيت ........ كنت ارى في عيونها دمعات تأبى ان تذرفها حتى لا تطعن عزعا الذي مضى وتجعل مني رجلا يعرف معنى المعاناة ويقسوا عليها لا تقسوا عليه اي المعاناة ...........
كنت اراها هذه الأم العظيمة تفلسف هذا الأمر على انه ليس ضعفا فينا وانما خيانة وتخاذلا من اخوتنا العرب ......... كنت اسمع والدي يقول لها لن تعود تيك الأيام فتصبري فكانت تبتسم بمرارة وترد عليه ان القادم اصعب بكثير ولكنه سيكون الأجمل بما نزرعه بابنائنا ............
ادركت مع مرور السنوات هذه الطفولة التي سرقت مني عنوة وادركت وقتها ان هذا ليس سوقا وانما هو الذل الذي اراده لنا من تقاعسوا وخانوا وطني وباعوه بثمن بخس .........
ادركت انني ابن نكبة ونكسة وانني لاجي ء ...............
وعلمت ان هذه هي المؤن .



#محمود_عساف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصالحة اعلامية ...
- أسم على شاهد قبر ...
- وهم السؤال ...
- العمل صماك امان للأخلاق ...
- سجانك .. خلف قضبان أسرك
- أتحدث عن الحرية ...
- الأنقسام ... ولعبة المصالحة
- أسرانا البواسل .. أين نحن منكم
- وجوه في الحياة
- الفوضى الخلاقة
- تجسيد الفكرة والمبدأ
- هدنة وشرعنة فقهية


المزيد.....




- صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
- كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير
- أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عساف - طفولة مسروقة ...