المستقل ... من هو ؟!

حارث رسمي الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3975 - 2013 / 1 / 17 - 21:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بالرغم من وجود كل هذه المشاكل التي نعاني منها يومياً ، واحتدام النقاش حول ما يجري في أكثر من مكان ، الا انك تتفاجئ بصوت يرتفع ليقول " انني مستقل " ...
حسناً ، انا افهم المستقل هنا ، هو المستقل السياسي ، بحجة انه يريد ان يكون بعيداً عن السياسة وأوجاعها ، ولا يميل الى طرف على حساب الآخر .. ولكن عندما تكون حياتنا اليومية عبارة عن محطات سياسية منذ ان تستيقظ صباحاً لتغسل وجهك بالماء الذي تصل درجة حرارته 5 - 6 درجة مئوية في شهر يعتبر ابرد الشهور في السنة ، الى ان تخلد للنوم وتستيقظ ثانية على شوارع مغلقة بسبب الأمطار التي لم تستمر الا لساعات معدودة ، هذا مع وجود الكثير من المشاكل التي توجهك باليوم الواحد .
من يتكلم بالسياسة ليس بطراً ، ولا يريد قضاء وقت للمتعة ، فهي فيها ما يكفي ليفسد المتعة تلك . السياسة وجدت للمطالبة بالحقوق أو الحفاظ على مكتسبات ( هكذا اراها على الأقل ) .
وحياتنا نحن في العراق هي عبارة عن حقوق نطالب بها ونناضل من اجلها ، اذن عليك ان تتكلم بها ، وهنا ستخوض في السياسة . الازمات التي تتوالى علينا مكملة فوق جراحات الارهابيين الذين يحصدون أرواحنا بالمجان جراحات اخرى . هي سياسة .
كل تلك المليارات المنهوبة من دماءنا وعرق شقايانا والتي بالامكان ان تحول هذا البلد الى منافس قوي يضاهي دول الخليج ( لكي لا نذهب بعيداً ) ، تلك الدول التي نشأت وارتفعت اسماءها في الماضي القريب ، بلد يعيش فيه ابناءه باحترام وكرامة . هي سياسة .
الحديث عن الآلاف من الخريجين الذين قضى أحدهم اكثر من ( 15 ) سنة في الدراسة ورسم الأحلام لما بعد التخرج ، ليجد نفسه عاطلاً الا من الامل . هذه سياسة .
وبعيداً عن كل هذا وذاك من المشاكل ، اجد ان مفهوم " المستقل " هذا غير قابل للتصديق ( انا اتكلم شخصياً ) .
فنحن نعيش وسط هذا العالم الذي يعج بالمطالبات وتقديم المزيد لخدمة الانسانية ( اتركنا من الرفق بالحيوان والحفاظ على البيئة ) ، واعتقد ان حتى من يعيش على كوكب آخر بمفرده فهو يمتلك وجهة نظر ما يعبر عنها ويناضل من اجل اثباتها .
وهنا سأشير من باب الشاهد على حديثي الى ان رائد الفضاء الأمريكي نيل آرمسترونغ عندما وطأت قدمه سطح القمر ، لم يبعث قبلة للجميع ، ولا رفع لافتة تقول ( انا أحب الأرض ) بل رفع العلم الأمريكي !!!
وحتى عندما تتوفر كل شروط العيش الانساني فستجد من يطالب بالمزيد ... على الـ " مستقل " ان يحضر شاهد قبره ويذهب الى أقرب مقبرة لينفصل ويصبح " مستقلاً " عن ما يجري !!
هنا ستكون لتلك المفردة مفهوم تقريباً . هذا مع ايماني الكامل ، بأن من يسمي نفسه مستقلاً ، اما يخشى اعطاء رأيه الصريح مهما اشتد الموضوع الذي يستمع اليه ، أو انه يطبق مفهوم الـ " لا رأي " أو الـ " لا موقف " لحساباته الخاصة ... عليه ان يتذكر من قال " تكلم لأراك " ...

#حارث_رسمي_الهيتي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل