أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محسين الهواري - كل سنة وأنتم ملتحين















المزيد.....

كل سنة وأنتم ملتحين


محسين الهواري

الحوار المتمدن-العدد: 3958 - 2012 / 12 / 31 - 18:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد ساعات سيستقبل العالم سنة جديدة مليئة بأكواب نبيذ جوهره دم. ففي الوقت الذي تسعى فيه الإمبريالية للخروج من أزمتها البنيوية، من خلال تطبيقها لسياسات تقشفية -بالنسبة للفقراء وبذخية عندما يتعلق الأمر بملاكي البنوك- لا شعبية من قبيل الزيادات المتتالية في أسعار المحروقات وما يترتب عنه من ارتفاع مهول في أسعار المواد الغذائية -التجويع الممنهج للشعوب-، وكذا التراجع عن دعم قطاعات اجتماعية أساسية في أفق تفويتها الكلي للخواص، مما يعني حرمان شرائح واسعة من حقهم في التطبيب والتعليم والشغل.
كل ذلك يبدو جليا وواضحا خصوصا وأننا نتكلم عن منظومة سياسية ترى في البشر قوة للعمل قادرة، اذا ما تم استغلالها، على خلق فائض قيمة يمكن البرجوازيين من استدامة استعبادهم للعمال والفلاحين الفقراء. كل ذلك ليس كافيا لتجنب الإمبريالية هاوية مالية واقتصادية كفيلة بالبرهنة على أن نمط الإنتاج الرأسمالي القائم لا ينتج إلا البؤس، من هنا يستخلص سر "الهياج" الغربي من أجل تدمير دول، ذات وزن سياسي واقتصادي مهم، عسكريا وسياسيا كما هو حال ليبيا والعراق وإشعال حروب أهلية كما هو شأن سوريا واليمن. وإذا أردتم أن تتخيلوا حجم مبيعات الأسلحة الأمريكية بالمنطقة فما عليكم إلا أن تنظروا الى حجم الدمار الذي خلفته وتخلفه، وإذا أردتم أن تتبينوا حقيقة الربيع العربي المزعوم فما عليكم إلا أن تنظروا إلى مخلفاته بكل من تونس ومصر وليبيا حيث أصبحت هذه البلدان عقيمة وقاحلة ومنقسمة و"مصوملة".

في الواقع كنا نظنه ربيعا حقيقيا، سيخلصنا من العبودية المأجورة ومن الفقر ومن السجون وسيحرر المرأة من القيود والأغلال التي يضعها المجتمع في يديها، كنا نأمل في ازدهار اقتصادي يرافق هامش واسع للحريات، كما كنا نحلم بإجراءات استعجالية تهم قطاعات حيوية كالصحة والتعليم والشغل. لا تظنونني عدمي أو طباوي الأفكار يعتقد بأن تغيير وتغير أحوال العباد والبلاد تتأتى بجرة قلم، ولا تحسبوني ساذجا في عالم السياسة لا يفقه في قوانينها وخباياها ومراميها وأسرارها إلا ما بسط وسهل منها. فالسياسة ليست خطابات رنانة ولا وعود أخلاقية ودينية ولا كل ما يرى ويسمع ويقرأ بالجرائد والمجلات والشاشات. إن السياسة هي حرب المصالح، إنها الشيء الوحيد الذي لا يدرس بالجامعات ولا يعرض بقاعات السينما، هي شيء لا يناله إلا باحث متمكن من القوانين التي تحرك المجتمعات سياسيا واقتصاديا وايديولوجيا.

تأملوا معي حجم التضحيات التي قدمتها الشعوب، شهداء ودماء ودماروسجون، وانظروا معي إلى المآل والأمال المغتصبة، تأملوا معي حجم الخيانات والمؤامرات التي تعرضت لها شعوبنا، لا أحد ينبس ببنت شفة بخصوص ذلك، لقد اختاروا ممثلين يختبؤون وراء زغيباتهم ويدعون امتلاكهم للحقيقة الدينية "المطلقة" ويهاجمون كل مخالف لترهاتهم ناعتين اياه بالزندقة والردة، مستفدين في دعواتهم هذه من دعم العشائر النفطية المادي والإعلامي ومن الدعم اللوجيستيكي والعسكري والسياسي الإمبريالي. ولكم بعض النماذج الحية على ما نقوله حتى لا يظن البعض أنني بصدد الإفتراء على حفدة الأمبريالية الملتحين.

في المغرب تم "توصيل" الإسلاميين الى واجهة الحكم وليس الى الحكم كما يعتقد البعض- كلنا نعرف من بيديه دواليب الحكم المطلقة- فبعدما تفننوا في إيهام الشعب المغربي بأن خلاص المغرب من أفاته سيتحقق بفضل بركات أنبياء حزب العدالة والتنمية. إلا أنهم أبدعوا في تمرير توصيات المؤسسات المالية الدولية، فأصدروا فتواهم بالزيادة في أثمان المحروقات مما انعكس سلبا على القدرة الشرائية للمواطنين. كما حاولوا يائسين الدفع أكثر نحو خوصصة التعليم وتضييق الخناق أكثر على الحريات العامة، وازدياد حدة القمع بمختلف مناطق البلد- القمع الوحشي بتازة وبطنجة وبسيدي ايفني وبمراكش منذ أيام قليلة- كل ذلك ورئيسهم مشغول بمحاربة العفاريت والتماسيح والديناصورات.

أما ليبيا فقد تحولت بعد تدميرها الكامل من طرف قوات التاتو وبمباركة "إخواننا في الله" الى إمارات ومماليك وكل يغني على هواه. والشعب الليبي يلملم جراحه بينما الغرب يستنزف خيراته النفطية. أما الجارة تونس، فقد أصبحت مرتعا لمليشيات حركة النهضة، يسحلون ويقتلون ويعدمون البشر والشجر والحجر تحت غطاء حماية "الثروة". إنهم يوهمون الناس بمعركتهم ضد الطواحين الهوائية في الوقت الذي يزداد الإقتصاد التونسي تأزما يوما بعد يوم والقوت اليومي للمواطنين أصبح مهددا أكثر من أي وقت مضى.
بينما مصر، الذي "التحق" فيها الإخوان المسلمين متأخرين للغاية بالحراك الجماهيري ولم يقطعوا اتصالاتهم ومفاوضاتهم مع النظام السابق حتى آخر لحظاته، فتعيش بوادر انهيار اقتصادي ومالي غير مسبوق، و مهددة بحرب طائفية تجعل من مصر "مصيرات" بسبب عمل الإخوان المسلمين على السيطرة على دواليب الدولة، خصوصا الجيش والقضاء، سياسة مدعومة من عشيرة نفطية كقطر عرابة الصهيونية بالمنطقة، حيث أعلنت أنها ستقدم للشعب المصري ملايير الدولارات إذا ما صوت إيجابا على الدستور الذي يأسس لدكتاتورية دينية تجعل من رئيس الدولة شخصا معصوما، قراراته لا تطالها المحاسبة على اعتباره ظل الإله على الأرض.

أما سوريا فتمثل النموذج الذي تجنمع فيه كل معالم الخسة وبذور المؤامرات والخيانات التي تميز التيارات الظلامية ضدا على مصالح الشعوب، فسوريا الآن تعاني من تدخل امبريالي مباشر من خلال دعمه لمليشيات ارهابية الأغلب منها ليس سوريا، بل اتت من مناطق مختلفة حالمة بالجنة المفقودة التي سيحققها لها وئد الأطفال وبقر بطون النساء. أتساءل مع هؤلاء القردة متى كان سلاح الأمريكيين ومخابرات الصهاينة يؤديان الى بر الجنة. متى كان هدف قوات الناتو التوسعية هو تحرير الشعوب من بطش حكامها، وأنتم تتوسلون قنابلها، متى كان التنسيق والسكوت عن جرائم الصهاينة مباركين وقد أصابكم الخرس والصمم كلما ارتكب الصهاينة جرما في حق شعبنا الفلسطيني.

لقد حققت السياسات المتبعة من قبل التيارات الظلامية انجازات عظمى، تمثل معظمها في الزيادات الكبيرة في أسعار المحروقات، وكذا التراجعات المهولة في هامش الحريات، إضافة الى سياسات التطبيع مع الصهاينة والإمبريالية. إن الثورات الحقيقية تأتي ببرامج واضحة تنعكس سريعا على القطاعات الحيوية من صحة وتعليم وشغل. وفي دول أمريكا اللاتينية خير مثال. وليس بنقاشات تجاوزتها الشعوب المتحضرة من قبيل حرية المعتقد وحقوق المرأة. إن الحرية الحقيقية هي كما يصفها أحد القادة البلاشفة العظام: " يصعب علي التخيل، اية حرية شخصية يمكن أن تكون عند المعطل عن العمل، الذي يجوب الشوارع جائعا ولا يجد إمكانية بيع قوة عمله. الحرية الحقيقية ممكنة فقط بعد القضاء على الإستغلال، عندما ينعدم اضطهاد الإنسان للانسان، عندما ينعدم الفقر والبطالة، عندما لا يرتجف العامل خوفا من اضاعة عمله، منزله وخبزه". إن الإنسان يحتاج الى حرية وربيع حقيقيين وليس وهميين، و على أمل تحقيق هذا الربيع الخال من زغيبات الخيانة أتمنى لكم سنة سعيدة.



#محسين_الهواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما تتجند الفاشية لإغتيال الفكر التقدمي
- حزب عوفير بنكيران
- قبلات شاذة
- الاسلاميون برجوازية ملتحية


المزيد.....




- روسيا تعلن احتجاز نائب وزير الدفاع تيمور ايفانوف وتكشف السبب ...
- مظهر أبو عبيدة وما قاله عن ضربة إيران لإسرائيل بآخر فيديو يث ...
- -نوفوستي-: عميلة الأمن الأوكراني زارت بريطانيا قبيل تفجير سي ...
- إصابة 9 أوكرانيين بينهم 4 أطفال في قصف روسي على مدينة أوديسا ...
- ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟
- هدية أردنية -رفيعة- لأمير الكويت
- واشنطن تفرض عقوبات جديدة على أفراد وكيانات مرتبطة بالحرس الث ...
- شقيقة الزعيم الكوري الشمالي تنتقد التدريبات المشتركة بين كور ...
- الصين تدعو الولايات المتحدة إلى وقف تسليح تايوان
- هل يؤثر الفيتو الأميركي على مساعي إسبانيا للاعتراف بفلسطين؟ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محسين الهواري - كل سنة وأنتم ملتحين