أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الحروب - عين إيران على الأردن، فأين الخليج؟















المزيد.....

عين إيران على الأردن، فأين الخليج؟


خالد الحروب

الحوار المتمدن-العدد: 3957 - 2012 / 12 / 30 - 11:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




هناك مرارة أردنية متزايدة مردها شعور عام بتخلي دول الخليج عن الاردن في وقت يعاني فيه من أزمات اقتصادية ومالية حادة تشكل فتيل سلسلة من الازمات الاجتماعية والسياسية الاخرى. سيل من المقالات الصحافية والمداخلات والمقاربات على المواقع الالكترونية تؤشر الى تلك المرارة، التي تتسع ايضاً في أوساط صنّاع القرار بطبيعة الحال. الاردن يعتبر نفسه امتداداً طبيعياً لدول الخليج سياسياً واقتصادياً، ولجهة الاعتماد المتبادل على دور القوى العاملة الاردنية الفلسطينية التي استوطنت دول الخليج منذ عقود، وساهمت في بناء التنمية الخليجية من جهة، وانعشت الاقتصاد الاردني من جهة ثانية عبر التحويلات السنوية التي تشكل جزءاً مهماً في الدخل القومي الاردني. وهم في قلب الازمة الاقتصادية الحادة التي تواجههم تأتي اطواق النجاة واغراءاتها من إيران مباشرة، او عبر استخدامها العراق لتقديم تلك الاغراءات.

أخيراً اعلن عن استئناف العراق ضخ امدادات نفطية الى الاردن بأسعار تفضيلية، وهو اعلان ربطه كثيرون بتوجيهات من طهران اكثر من كونه قراراً عراقياً خالصاً. وربما يأتي هذا الاعلان بعد الاستقبال الاردني الفاتر لعرض ايراني مغر ومباشر تمثل في الاستعداد لتوفير النفط مجاناً للشعب الاردني لمدة ثلاثين عاماً قادمة. التركيز على النفط يأتي من كون الفاتوة الاردنية لاستهلاك النفط والتي تبلغ 2,5 بليون دولار سنويا تشكل احد اهم جوانب العجز في الموازنة، والدعم الحكومي لاسعار المحروقات كان ولا يزال احد اكبر جوانب الاستنزاف في موازنات الحكومات المتتالية، كما كان تخفيض ذلك الدعم يشكل احد اهم اسباب الهبات الشعبية والانتفاضات ضد الحكم. في زمن «الربيع العربي» صمد النظام في الاردن واستوعب الكثير من الحراك الشعبي الذي بقي سقفه والى امد قريب محدوداً بالمطالبات بـ «اصلاح النظام». ولم يتم الانتقال الى المطالبة باسقاطه الا عندما اضطرت الحكومة الى الغاء الدعم للمحروقات والذي يمس الشرائح العظمى وبخاصة شريحة ذوي الدخل المحدود وهي الأعرض في المملكة. معنى ذلك ان كل عواصف الربيع العربي لم تستطع ان تهدد الوضع القائم في الاردن، لكن المحروقات وحدها رفعت سقف ذلك التهديد (والحريق!) الى درجة غير اعتيادية.

على مدار السنتين الماضيتين او اكثر كان جيران الاردن يراقبون مد وجزر «الربيع العربي» في المدن الاردنية. صحيح ان الاردنيين يشاركون بقية شعوب الربيع العربي في المطالبة بمحاربة الفساد المستشري، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتعزيز الديموقراطية، وانجاز اصلاحات حقيقية في النظام السياسي، بيد ان فتيل التدهور الحقيقي يكمن كما يبدو في الفاتورة النفطية وتوابعها. والنظام الان يقف على مفترق طرق حقيقي سيما وان لا حلول سحرية في الافق، بما ينبيء بسيناريوات مظلمة.

وعلى مدار السنتين الماضيتين او اكثر لم يقم جيران الاردن، وبخاصة في دول الخليج، بما كان يؤمل منهم لدعم الاردن وشعبه والحفاظ على استقراره، والذي يتوافق الجميع على اهميته ومركزيته. والآن وبعد كل ذلك الانتظار تأتي ايران وحدها لتقدم للاردن طوق النجاة من خلال العرض المغري الكبير. لا يحتاج المرء الى كثير ذكاء وتحليل ليدرك ان العرض الايراني ليس «هبة خيرية» بريئة من المطامح والاهداف السياسية. ايران لا تتوقف عن توسيع نطاق نفوذها الاقليمي، وهي التي ترى ان ذلك النفوذ قد يتهدد في سورية ما بعد الثورة تريد ان تجد لها موطىء قدم بديل. ايران الموجودة في العراق وسورية واليمن ولبنان بشكل مباشر، وتتواجد بشكل غير مباشر عن طريق دعم بعض الجهات في البحرين والمنطقة الشرقية في السعودية، تريد الآن اضافة الاردن الى مناطق نفوذها الاقليمي. العرض الايراني يقول ان كل ما تريده طهران «في المقابل» هو فتح بوابات «السياحة الدينية» امام الايرانيين لزيارة مقامات الصحابة في الاردن. طبعاً من السذاجة بمكان ان يقتنع المرء بأن ايران تريد انفاق كل تلك البلايين على الاردن، وتقديم منحة سنوية تساوي المنحة السنوية الاميركية لمصر، من اجل ان يُتاح للايرانيين زيارة قبور الصحابة في الارض الاردنية. وتدرك ايران ايضا ان عرضها هذا مكشوف النوايا والغايات، وان الاردنيين، على الصعيد الرسمي والشعبي، يعرفون ان اذرع ايران الاقليمية تمتد الآن إليهم. ورغم ذلك الادراك واستغلالاً للحظة الحرجة التي يمر بها الاردن فإن طهران تقدم عرضها المكشوف بكل جرأة وبلا تردد. كأنها تقول للاردن انتم على مفترق طرق وعليكم ان تختاروا بين استمرار الاستقرار، وبين اللجوء إلينا وتطويع الاردن تدريجياً امام النفوذ الايراني.

في اللحظات البالغة الحرج والتي تتعلق بصراع البقاء والاستمرار تتصرف الانظمة السياسية والبلدان كما الكائنات الحية، حيث تلجأ الى كل الطرق للبقاء على الحياة. في هذه اللحظات تُقبل المحظورات، وتنتهك المحرمات، وتنقلب النظم السياسية وبلدانها على التحالفات القديمة والتقليدية وتغيّر اتجاهاتها بالكامل. تاريخ السلوك السياسي والتحالفات للدول والانظمة قديماً وحديثاً يزودنا بأمثلة لا تحصى تؤشر على انقلابات جذرية في التوجه السياسي وحتى الايديولوجي مقابل البقاء. على ذلك لن يكون من المستغرب ان تكون هناك وجهات نظر في الاردن، رسمياً وشعبياً، ترحب بالعرض الايراني بإعتباره مخرجاً طويل الامد للأزمات الاردنية. ستجادل وجهات النظر هذه بأن البلدان العربية، وبخاصة دول الخليج، تركت الاردن وحيداً في مواجهة عواصف «الربيع العربي». وان كوة الامل التي فتحت بدعوة الاردن للإنضمام الى مجلس التعاون الخليجي مع المغرب، سرعان ما اغلقت وتم اغلاق الملف بشكل شبه نهائي وتحويله الى وعود غامضة بدعم متواضع على مدار سنوات قادمة. وان الاردن الذي قدم لدول الخليج موارده البشرية والتعليمية والطبية والهندسية على مدار عقود يترك الآن من دون أي سند حقيقي، وانه وعلى رغم الدعم المالي الذي كانت تقدمه دول الخليج لكنه لم يوصل الاردن الى عتبة الاستقرار والامان. مقابل التلكؤ الخليجي، تقدم ايران نموذجاً آخر للدولة الداعمة والمصممة على تعزيز نفوذها الاقليمي. عندما تدعم ايران بلداً ما، ورغم تردي اقتصادها وضعفه مقارنة بالاقتصادات الخليجية، فإن دعمها ذاك يكون صلباً وقوياً وفعالاً. والامثلة هنا حية ودالة من سورية والعراق، الى «حزب الله» والحوثيين وغيرهم. سيستخدم انصار قبول العرض الايراني للأردن مثال الدعم الايراني للنظام في سورية وكيف ان ايران تعتبر المعركة هناك معركتها هي وتنخرط فيها طولاً وعرضاً، تمويلاً وديبلوماسية وتسليحاً، في الوقت الذي لا يرتقي الدعم العربي والخليجي للثورة السورية الى ذلك المستوى. وبالتالي يتم تسطير الاستنتاج التالي: عندما تدخل ايران على خط أي بلد من البلدان توفر له ظهراً صلباً غير متردد.

على ما سبق فإن السؤال الاردني الكبير اليوم موجه الى دول الخليج تحديداً. ماذا ستفعل وكيف سيكون ردها على العرض الايراني للاردن، وهل ستقدم بديلاً جدياً يحسم الرأي هناك، ام سيبقى التردد سمة ردود الافعال، وتبقى عروض الدعم النصفية والخجولة وغير الكافية هي جوهر التوجه الخليجي؟ صحيح ان هناك مساحة مراهنة خليجية على الاردن تفترض صعوبة وعدم تصور انقلاب السياسة الاردنية لتصبح حليفة لإيران بين عشية وضحاها، لكن هذا لا يحدث لحظياً او فور قبول المنحة الايرانية. لكن القبول ذاته وحتى لو لم يكن مشروطاً، وحتى لو كانت هناك شروط اردنية على قبول المنحة بغية تقليل المخاطر السياسية الى الحد الادنى، فإن النفوذ الايراني سيتعزز اكثر واكثر في المنطقة كتحصيل حاصل.

وفي المقابل على الاردن ان يقوم ايضاص بإصلاحات حقيقية خاصة في ما يتعلق بملف الفساد والشفافية وهدر اموال المساعدات الخليجية وغيرها من دون آليات محاسبة. كثيرون في الخليج سيقولون ان سجل الاردن في الاستخدام الرشيد للمساعدات لا يغري، وان الفساد والرشاوى كانت تنهب الكثير من المساعدات التي قدمها الخليج الى الاردن. ولهذا فعلى الاردن تقديم آليات مقنعة وشفافة في مسألة كيفية انفاق المساعدات وتوظيفها، حتى لو تمثل ذلك في إنشاء مؤسسة مراقبة مستقلة تشرف عليها الدول الخليجية المانحة.



#خالد_الحروب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عنف اللغة... ولغة العنف!
- متى سيهرب السفير الروسي من دمشق؟
- مشعل في غزة: تكريس المصالحة
- مآزق الأيديولوجيات الأممية
- حل «جماعة الإخوان المسلمين»: الضرورة التنظيمية (3)
- -دسْترة- الشريعة... ضرورة أم ذريعة؟!
- حل «جماعة الإخوان المسلمين»: الضرورة الإقليمية والدولية (2)
- حل «جماعة الإخوان المسلمين»: الضرورة الوطنية (1)
- -ملالا- إيقونة الحرية... تهزم -طالبان--!
- الإسلاميون والحكم: الانحياز للماضي أو الانفتاح على المستقبل
- الإسلاميون والانزياح المخيف
- فيلم تافه وتطرف مرعب
- الدستور المصري الجديد بين الدولة المدنية والدولة الدينية
- ثقافة الدم... -الأسدية- نموذجاً
- العلمانية والمواطنة... والخيار البديل
- سيناء: ضرورة تعديل المنظومة الأمنية
- -حزب الله- وإضاعة الفرصة
- خالد الحروب - كاتب وباحث أكاديمي / مدير مشروع الاعلام العربي ...
- إعلان قطاع غزة -محرراً-: خطوة في المجهول!
- الوسط السياسي: ارتطام الشعار بأرض الواقع


المزيد.....




- فيديو رائع يرصد ثوران بركان أمام الشفق القطبي في آيسلندا
- ما هو ترتيب الدول العربية الأكثر والأقل أمانًا للنساء؟
- بالأسماء.. 13 أميرا عن مناطق السعودية يلتقون محمد بن سلمان
- طائرة إماراتية تتعرض لحادث في مطار موسكو (صور)
- وكالة: صور تكشف بناء مهبط طائرات في سقطرى اليمنية وبجانبه عب ...
- لحظة فقدان التحكم بسفينة شحن واصطدامها بالجسر الذي انهار في ...
- لليوم الرابع على التوالي..مظاهرة حاشدة بالقرب من السفارة الإ ...
- تونس ـ -حملة قمع لتفكيك القوى المضادة- تمهيدا للانتخابات
- موسكو: نشاط -الناتو- في شرق أوروبا موجه نحو الصدام مع روسيا ...
- معارض تركي يهدد الحكومة بفضيحة إن استمرت في التجارة مع إسرائ ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الحروب - عين إيران على الأردن، فأين الخليج؟