أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - فيلم - فيزا - لإبراهيم اللطيف الحاصل على التانيت الذهبي لعام 2004 سخرية مرّة، وكوميديا سوداء، ومفارقات لاذعة















المزيد.....

فيلم - فيزا - لإبراهيم اللطيف الحاصل على التانيت الذهبي لعام 2004 سخرية مرّة، وكوميديا سوداء، ومفارقات لاذعة


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1139 - 2005 / 3 / 16 - 10:05
المحور: الادب والفن
    


لم يحمل فوز الفيلم الروائي القصير " فيزا " بالتانيت الذهبي لهذا العام أية مفاجأة للنقاد والمتابعين للشأن السينمائي لسبب بسيط وهو أن فوزه كان متوقعاً لأكثر من سبب، الأول أن هذا الفيلم كان من بين الأفلام خفيفة الظل، وينطوي على سخرية مرة، وكوميديا سوداء في بعض الأحيان، والثاني لأنه يعالج ثيمة خطيرة وحساسة لها علاقة رصينة بواقع المواطن العربي الذي يحلم بالهجرة لأسباب اقتصادية، وسياسية، ونفسية، والثالث لأن الفيلم يحتضن ممثلين يتوافرون على قدر كبير من الموهبة، والحرفية، والحضور التهكمي الساخر وأبرزهم جمال مداني ولطفي الدزيري. وهذا التقييم لا يعني أن الفيلم قد جاء خلواً من الأخطاء، والهنات، والمثالب فثمة مواقف وتصورات ومعالجات غير مقنعة هي التي دمغت الفيلم ببعض النواقص ومنعته من الاقتراب من الاكتمال. فثيمة الفيلم تتحدث عن رشيد الذي جسّد شخصيته الفنان جمال مداني يروم الحصول على " فيزا " سياحية من السفارة الفرنسية في تونس بعد أن تملّكه هاجس الهجرة والسفر إلى فرنسا من أجل الإقامة فيها والعيش في مضاربها بعد أن وعده ابن عمه بأن كل شيء سيكون على ما يرام، وأنه سيضمن له العمل الذي يدّر عليه دخلاً مناسباً. وحينما يدخل مبنى السفارة الفرنسية يُفاجأ بأن القانون الفرنسي الجديد قد سنَّ فقرة لا يسمح فيها بإعطاء الفيزا لأي شخص يروم الإقامة والعمل ما لم يجتز امتحان الاملاء باللغة الفرنسية. من هنا تبدأ معضلة القصة، وهي بداية موفقة قابلة لأن تتطور على الصعيد الدرامي، إذ يبدأ رشيد محاولته الجادة لتحسين لغته الفرنسية كتابة وقراءة وحديثاً، إذ يقتني بعض القواميس وكتب المطالعة، وحتى كتب الطبخ ليكون مُطلاً على أحدث تطورات اللغة الفرنسية المحكية، ويظل يعيش حالة من القلق المستديم وسط سخرية زوجته، وتهكم ابنته الصغيرة التي لا تكف عن ممازحته أو الاستهزاء بلغته الفرنسية التي لم تشهد أي تطور ملموس بعد هذا الانهماك الجدي في القراءة والكتابة، وحينما يأتي يوم الامتحان يفشل في اجتيازه فيضيع منه حلم الهجرة إلى الأبد. ولكي يوغل المخرج في سخريته اللاذعة نراه يغيّر مسار رشيد عن طريق زميله إبراهيم " لطفي الدزيري " الذي فشل هو الآخر في تحقيق الحلم ذاته بالتفكير في السفر إلى أحد أقطار الخليج العربي حيث يستطيع أن يجمع ثروة طائلة هناك في زمن قصير جداً، غير أن هذا الحلم يتلاشى تماماً عندما نكتشف أن الدبلوماسي الخليجي بلحيته الطويلة التي تشي بلحية درويش، أو رجل دين متشدد يطلب منه قراءة سورة " البقرة " عن ظهر قلب، في حين أن رشيداً لم يحفظ من القرآن الكريم سوى السور القصار فيتبدد حلمه في السفر، وجمع الثروة، وتحقيق حياة معاشية أفضل له ولأسرته الصغيرة. قد تبدو هذه الطروحات مرحة وتتوافر على حس الدعابة والطرافة والسخرية لكننا لو دققنا في بعض التفاصيل جيداً فسنشعر من دون شك أن بعض الأفكار المجانية، والآراء المجافية للواقع تنطوي على كثير من المبالغة والمغالاة، فإذا كانت بعض الدول الأوروبية تطلب من بعض القادمين إليها للإقامة والعمل أن يجتازوا امتحان المستوى الأول أو الثاني من لغة البلد المُضيف كشرط من شروط الهجرة، فمن غير المعقول أن يطلب دبلوماسياً خليجياً من شخص عربي يريد تأشيرة دخول أن يتلو له عن ظهر قلب سورة من سور القرآن الكريم الطوال، وإلا لما استطاع أغلب المواطنين العرب من السفر إلى البلدان الخليجية الشقيقة، ثم أننا لم نرَ، والحق يقال رجلاً ديبلوماسياً خليجياً بهذه المواصفات الشكلانية التي تدلل على رجل دين أو شيخ تكية في أفضل الأحوال، في حين أن الديبلوماسي الخليجي غالباً ما يكون بمظهر آخر، هذا إذا لم يكن مرتدياً زياً أوروبياً كما هو شأن أغلب الخليجيين الذين يغادرون بلدانهم إلى دول عربية أو أوروبية. ثم أن هذا اللغط غير مبرر ضمن أجواء الكنيسة أو أي بيت من بيوت العبادة لأن فيه مساً واضحاً للأماكن الدينية، وتجاوزاً على مشاعر الناس الذين ينظرون إليها بعين الاحترام والتبجيل. فمن أبرز أخطاء هذا الفيلم هو مشهد اللغط والثرثرة في الكنيسة، وكذلك مشهد الرجل الديبلوماسي الملتحي، ولو كان المخرج قد تجاوزهما، وقدّم لقطات أخرى تعتمد على المفارقة، وحس النكتة العميق في رصد الصعوبات الحقيقية لتعلّم اللغة الفرنسية، أو تصوير العوائق والعراقيل التي تكتنف العلاقات العربية- العربية من خلال التركيز على السهولة التي يحصل فيها الأجنبي على تأشيرة الدخول، بينما لا يحصل العربي على التأشيرة ذاتها إلا بشق الأنفس، وللإيغال في السخرية السوداء كان على كاتب السيناريو ومخرج الفيلم أن ينتبه إلا أن الخليجيين يسمّون العربي الوافد إلى بلدانهم " أجنبياً " بينما يسمون الوافد الغربي " صديقاً! ".
الفرق بين الضحك المجاني وبنية المفارقة الفنية
أشرنا قبل قليل إلى أن هناك بعض اللقطات والمشاهد الهزلية غير الموفقة، أو التي لم تخدم السياق العام للتهكم المقصود والسخرية الجادة. فثمة فرق واضح بين أن تُضحك الناس من أجل الضحك اللامُبرر، أو الناجم عن مبالغة فجة لا أساس لها في الواقع مثل مشهد الدبلوماسي الخليجي الملتحي الذي يطلب من المواطن التونسي أن يتلو له عن ظهر قلب سورة البقرة كاملة! وبين المفارقة الفنية التي تعتمد على الإشارة العميقة، والدلالة الحادة بحيث ينتبه لها المشاهد، وربما يهتز لها شيء ما في أعماقه بحيث يظل يتذكرها لمدة طويلة من الزمن. فمن بين الموافق المُستثمرة جيداً هو موقف رشيد حينما يطلب من بائعة الكتب أن تنتقي له بعض الكتب للمطالعة لأن صديقه نصحه بقراءة كتابين أدبيين مشهورين وهو لا يحسن القراءة، أو حينما يجبر أفراد أسرته على الحديث باللغة الفرنسية فقط من أجل تطوير ملكته اللغوية وتجاوز هذه المحنة الصعبة. وثمة مفارقة ينبغي الانتباه إليها وهي أن رشيداً يعتبر نفسه " مظلوماً " حينما يفشل في الامتحان وكأنه يمارس نوعاً من جلد الذات أو لعن الظلام وهو الذي لم يكمل تعليمه الدراسي! ثيمة الفيلم تشير صراحة إلى أن المواطن العربي قد ضاق ذرعا بالبلدان العربية، وأنه مستعد للمجازفة وتحمّل المصاعب، والخوض في المجهول من أجل ضمان العيش الكريم! يا ترى، ألا تنتبه الأنظمة العربية إلى هذا التحامل الكبير الذي يكنّه أبناء جلدتهم ضد السياسات المتبعة في عموم الوطن العربي؟ أما من حل منطقي لأزمة الهجرة، والتغرّب القسري بحثاً عن لقمة العيش؟ وبالرغم من قصر مدة الفيلم التي لم تجتز الـ " 26 " دقيقة إلا أننا لمسنا تنويعاً على هذه الثيمة المعبّرة التي اتخذت شكلاً واقعياً حيناً، وشكلاً فنتازياً حيناً آخر. وفي الختام لابد أن ننوّه بالقدرات الفنية التي توافر عليها الممثلون الثلاثة " جمال مداني ولطفي الدزيري وجميلة شيحي " وقد أدى مداني دوره بإتقان شديد ينّم عن إمكانية ظهور نجم سينمائي كوميدي قادر على التأثير في مشاهديه، والبقاء في ذاكرتهم لأطول مدة ممكنة.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخرج عدي رشيد في فيلمه الجديد - غير صالح للعرض -: بنية الت ...
- - الرحلة الكبرى - للمخرج المغربي إسماعيل فروخي: عدسة مُحايدة ...
- فيلم - الأمير - لمحمد الزرن: يجمع بين النَفَس الكوميدي والوا ...
- - بغداد بلوجر - لسلام باكس:الفيلم الذي وُلِد مكتملاً، والمخر ...
- القصّاص الدنماركي الشهير هانز كريستيان أندرسون: في سيرة ذاتي ...
- السلاحف يمكن أن تطير لبهمن قباذي: مرثية موجعة للضحايا الصامت ...
- البرلمان الهولندي يعلن - الحرب - على التطرّف الإسلامي، ووزير ...
- في الدورة الـ - 55 - لمهرجان برلين السينمائي الدولي: جنوب إف ...
- الرئيس الأمريكي في خطابه الإذاعي الأسبوعي يؤكد على دحر الإره ...
- العميان سيشاهدون مباريات كرة القدم في ألمانيا
- الأميرة ماكسيما تؤكد على رؤية الجانب الإيجابي في عملية الاند ...
- قوانين جديدة تحد من إساءة التعامل مع الأطفال الهولنديين
- صورة محزنة لإعصار تسونامي تنتزع جائزة الصورة الصحفية العالمي ...
- مجلس الوزراء الهولندي يتخذ إجراءات صارمة بشأن جرائم الشرف ال ...
- اختتام فعاليات الدورة الرابعة والثلاثين لمهرجان الفيلم العال ...
- فن الترجمة وملامسة المعاني الحقيقية والمجازية: آراء في ترجمة ...
- في ندوة - المسرح والديمقراطية - في لاهاي: ناجي عبد الأمير، ي ...
- الفنان والمخرج العراقي هادي الخزاعي. . أربعون عاماً من التمث ...
- القاص والروائي العراقي فؤاد التكرلي: الكتابة عملية غامضة ومم ...
- - صائد الأضواء - بين تطويع اللغة المقعّرة وكاريزما الممثل


المزيد.....




- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - فيلم - فيزا - لإبراهيم اللطيف الحاصل على التانيت الذهبي لعام 2004 سخرية مرّة، وكوميديا سوداء، ومفارقات لاذعة