أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد الحنفي - عندما يحيا الشخص ليدخر يموت فيه الإنسان وعندما يعيش ليحيا يصير الإنسان قائما فيه...!!!















المزيد.....

عندما يحيا الشخص ليدخر يموت فيه الإنسان وعندما يعيش ليحيا يصير الإنسان قائما فيه...!!!


محمد الحنفي

الحوار المتمدن-العدد: 3935 - 2012 / 12 / 8 - 13:36
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


نحن، كبشر، نحيا لنجمع، وندخر، أو نعيش لكي نحيا. والفرق كبير، وواضح، بين (ندخر)، وبين (نعيش).

فكلمة ندخر كهدف أساسي، ومركزي، من وراء الحياة، لها دلالة معينة، وكلمة نعيش لها أيضا دلالة معينة، وكلتا الدلالتين متناقضتين.

فدلالة ندخر، كهدف أساسي، من وراء الحياة، تعني:

أولا: تكرس الحرمان على الذات، وعلى الأسرة، وعلى المعارف، وعلى كل من تربطنا بهم علاقات معينة، تقتضي صرف جزء من الدخل، بمقتضى تلك العلاقة، كمطلب أساسي من وراء الحياة، في إطار علاقات معينة، سواء كانت هذه العلاقة اقتصادية، أو اجتماعية، أو ثقافية، أو سياسية.

ثانيا: التحايل على الآخر، من أجل هضم حقه، أو من أجل نهب ما لديه من ثروات، أو من أجل خدمة المصالح المتعلقة بمضاعفة الادخار؛ لأن المدخر لا يهمه إلا مراكمة الثروات، التي لم تعد تتراجع إلى الوراء، لأخذها وتيرة النمو المستمر، إلى ما لا نهاية.

ثالثا: استغلال النفوذ، لجعل الناس يتنازلون عن كافة حقوقهم، لصالح مضاعفة ثروات صاحب النفوذ، الذي يصير مالكا للثروات، التي يحرم منها أصحاب الحقوق، وكيفما كانت هذه الحقوقن وخاصة تلك المتعلقة بالتوزيع العادل للثروة الوطنية، التي تحولت، بفعل الاستبداد بها، إلى ثروة في أيدي قلة من ذوي النفوذ، المستبدين بها.
رابعا: استغلال الموارد الجماعية، التي لا تخدم إلا مصالح الرؤساء الجماعيين، باعتبارهم آمرين بالصرف، ومن معهم في المكاتب الجماعية، أو من يتمتع بعضوية الجماعة، عن طريق انتخابات غير حرة، وغير نزيهة، ومتميزة بطابع الفساد السياسي: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

فاستغلال الموارد الجماعية، لا يخرج عن كونه نهبا لتلك الموارد، وتصرفا غير مشروع فيها، لصالح فلان، أو علان، باعتباره آمرا بالصرف، أو عضوا بالمكتب الجماعي، أو حتى مجرد عضو عادي، حتى تصير تلك الموارد وسيلة للإثراء السريع.

خامسا: اللجوء إلى ممارسة التهريب، بكافة أشكاله، ما دام يضمن مراكمة الثروات، وبالسرعة الفائقة، حتى وإن كان التهريب على حساب الاقتصاد الوطني، المتهاوي باستمرار، بفعل التهريب من الشمال، إلى الجنوب، ومن الشرق، إلى الغرب، والعكس صحيح. فالبضائع المنخفضة الثمن في الشمال، تهرب إلى الجنوب، والبضائع المنخفضة الثمن في الشرق، تهرب إلى الغرب، سعيا إلى مراكمة المزيد من الثروات، على حساب الإنتاج المحلي، الذي صار يكلف كثيرا.

سادسا: الاتجار في كل أنواع المخدرات، ما دام ذلك الاتجار يجلب أموالا طائلة لتجار المخدرات، حتى وإن ترتب عن ذلك تخريب العقول، والأجساد، وإفساد المجتمع، وتخريب القيم، ونشر الإدمان في صفوف الشباب، مما يؤدي إلى مراكمة ثروات هائلة، لدى تجار السموم، فيصيرون متحكمين في المسار الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

سابعا: ممارسة احتكار البضائع، والعقارات، وغيرها من الأمور، ترتفع أثمانها ارتفاعا صاروخيا، مع مرور الأيام، مما يجعل الاحتكار أفضل وسيلة لتحقيق التطلعات الطبقية.

وهذه الدلالة، على بساطتها، لا تعني في عمقها إلا:

أولا: تكريس الحرمان الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، في حق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، لأن كل ذلك صار محتكرا من قبل الطبقات الممارسة للاستغلال المادي، والمعنوي للمجتمع، والمدعومة من قبل الطبقة الحاكمة، ومن قبل الدولة المخزنية، باعتبارها دولة متحكمة في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي. فحرمان الجماهير الشعبية الكادحة، وقهرها، وانحدارها، إلى درجة البؤس الذي تعيشه، هو نتيجة لممارسة الاستغلال الهمجي في حقها، والذي يجردها من كل إمكانية حرصها على حفظ كرامتها، بالعمل على تمتيعها بحقوقها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في ظل التحرر من العبودية، وتحقيق الديمقراطية، ووضع حد للاستغلال.

ثانيا:تكريس الحرمان من الحقوق المختلفة، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، بسبب الاستبداد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي تمارسه الطبقة الحاكمة، التي تجمع بين السلطة، والثروة، في ظل دستور لا ديمقراطي، ولا شعبي، وفي ظل إجراء انتخابات حرة، ونزيهة، وفي ظل قيام مؤسسات تمثيلية، لا تعكس احترام إرادة الشعب المغربي، ولا تسعى إلى فرض تمتيعه بالحقوق الإنسانية، كما هي في الإعلانات، المواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

ثالثا: تكريس الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، والحرمان من الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، من خلال إعادة إنتاج نفس الهياكل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تفرض في ظل التكريس، والحرمان، الذي يصير مؤبدا، بفعل إعادة إنتاج نفس التشكيلة الاقتصادية، والاجتماعية القائمة، والتي تضمن استمرار نهب الطبقة الحاكمة، وسائر المستغلين، والمستفيدين من الاستغلال، لثروات الشعب المغربي.

رابعا: تكريس الحرمان من الخدمات الديمقراطية الشعبية، في مجالات التعليم، والصحة، والسكن، والترفيه، وغير ذلك، والعمل على خوصصة تلك الخدمات، حتى تصير وسيلة لكنس جيوب المواطنين، مما يمكن أن يعلق بها من ثروات ضئيلة جدا، من أجل فرض سيادة البؤس، والحرمان، وكل المصائب التي تصير ملازمة لكادحي الشعب المغربي، وطليعته الطبقة العاملة.

خامسا: تكريس نمط التنمية المعاقة، التي تنتج المزيد من التخلف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي لا يستفيد منه إلا التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، القائم بعملية التنمية المعاقة، التي تمكنه من الاستغلال الهمجي للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، المحرومين من كافة حقوقهم، المنصوص عليها في مدونة الشغل، وفي الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، والعمال، مما يجعل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يعانون من البؤس الذي يتعمق باستمرار في صفوفهم، إلى درجة صيرورته مرضا عضالا.

فكلمة (ندخر) إذن، هي عنوان كبير للبؤس الذي يعاني منه الشعب المغربي، بسبب الممارسة الهمجية للتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، وكل المستغلين، والمستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي، للشعب المغربي. وهو ما يفرض استبدال كلمة (ندخر ) بكلمة (ننمي)، بأبعادها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى تصير التنمية مستدامة، وتصير استدامتها واقفة وراء التجدد، والتطور المستمرين؛ لأن الادخار معناه الخوف من المستقبل، والتنمية المستدامة لا يمكن أن تعني إلا الثقة في المستقبل، مما يجعل الادخار نقيضا للتنمية المستدامة.

ومعلوم أن أثرياء البلدان، ذات الأنظمة التابعة، مرضى بشيئين اثنين:

الشيء الأول: القيام بالأعمال التي تعتبر، في ظاهرها، تنمية، وفي باطنها، وسيلة لتحقيق الأرباح الطائلة، التي تستنزف ثروات الشعب المغربي، التي تتحول إلى جيوب أولئك الأثرياء، الذين يحولونها إلى حساباتهم الخاصة في الأبناك المغربية، أو في الأبناك الأوروبية، أو في الأبناك الأمريكية.

والشيء الثاني: هو تحويل الثروات إلى وسيلة لامتلاك المزيد من الأراضي، التي تزداد قيمتها ارتفاعا، بفعل تزايد عدد السكان، ونظرا لسيادة ظاهرة المضاربات العقارية في المغرب، والتي تنقل المضاربين العقاريين إلى أصحاب الملايير، حتى لا نقول أصحاب عشرات الملايين.

والجمع بين الادخار في الأبناك، والمضاربات العقارية، يجعل صاحب الثروة في غنى عن توظيف أمواله في التنمية المستدامة، التي تقف وراء التشغيل الدائم، ووراء الإنتاج المفيد للمجتمع، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، لأن الثروة عندما تصير في خدمة المجتمع، يعرف حركية في جميع المجالات، وعلى جميع المستويات، فلا تنمية مستدامة يقوم بها أثرياؤنا، لأنهم لا يسعون إلا إلى الربح السريع، والربح السريع هو الذي يدفعهم، كذلك، إلى الاشتغال على التهريب، وعلى الاتجار في المخدرات، وعلى شراء الضمائر في الانتخابات، لإفساد الحياة السياسية، وعلى دفع المزيد من الرشاوى للمسؤولين، لإفساد الإدارة المغربية، التي تحول مسؤولوها إلى متربصين بذوي الحاجة، من أجل ممارسة الابتزاز عليهم، لتعودهم هم أيضا على تنمية ثرواتهم بالارتشاء، كأقصر طريق للتبرجز.

أما دلالة نعيش فمعناها:

أولا: الحرص على تحسين ظروف العيش الكريم، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

فالمستوى الاقتصادي، يتم فيه الحرص على أن يصير المدخول الاقتصادي للأسرة، مستجيبا لمتطلبات العيش الكريم، على مستوى التغذية، وعلى مستوى اللباس، والسكن، والعلاج، وتعليم الأبناء، والترفيه، وغير ذلك، وعلى أن يصير العلاج من مختلف الأمراض، في متناول الجميع، وعلى أن يصير التعليم حقا لجميع الأطفال في سن التمدرس، وعلى أن يصير السكن حقا لجميع الأسر، وعلى أن يصير التشبع بالقيم الثقافية النبيلة، التي يتم بثها عن طريق الوسائل المختلفة، حتى تصير في متناول جميع أفراد الشعب المغربي، باعتبارهم مستهدفين بمختلف الوسائل الثقافية، الباثة لتلك القيم الثقافية النبيلة، وعلى أن تصير الممارسة السياسية خالية من كل مظاهر الفساد السياسي، وحقا لجميع أفراد الشعب المغربي، الذي تصير له السيادة، انطلاقا من دستور ديمقراطي شعبي، يفصل بين السلطة التنفيذية، والتشريعية، والقضائية، بصيرورتها مستقلة عن بعضها البعض، حتى يتأتى لكل سلطة أن تقوم على أساس استقلاليتها عن باقي السلط الأخرى، وحتى تقوم بدورها تجاه الشعب المغربي.

ثانيا: الحرص على تمتيع جميع الناس، بجميع الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، باعتبارها مجسدة لإنسانية الإنسان، مهما كان لونه، أو جنسه، أو عرقه، أو لغته، أو معتقده، ولأنه بدون التمتع بكافة الحقوق الإنسانية، لا يصير الإنسان إنسانا، مهما كان، بقدر ما يصير فاقدا لإنسانيته، بسبب الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، الذي يمارس جملة، وتفصيلا، على أبناء الشعب المغربي، الذين يفقدون القدرة على التمتع بكافة حقوقهم، لكونهم يعاملون كالعبيد، الذين لا رأي لهم فيما يجري في الحياة لاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي لا يستفيد منها إلا الطبقة الحاكمة، وباقي المستغلين، وسائر المستفيدين من لاستغلال المادي، والمعنوي للمجتمع المغربي.

ثالثا: إيجاد دستور ديمقراطي شعبي، متلائم مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، حتى يضمن اعتبار كل ذلك، من المرجعيات المعتمدة في إيجاد مختلف التشريعات، التي تنظم حياة المغاربة، ويفصل بين السلط الثلاث، حتى تصير كل سلطة مستقلة عن باقي السلط الأخرى، ويضمن إجراء انتخابات حرة، ونزيهة، لا وجود فيها لشيء اسمه الفساد السياسي، الذي ينتج لنا مؤسسات مزورة، ويفرض احترام إرادة الشعب المغربي، في أي انتخابات، أو استفتاءات تجري في المغرب، تحت إشراف سلطة مستقلة، بعيدا عن سلطة وزارة الداخلية، التي عودتنا على التزوير، وأملا في أن يصير الشعب المغربي مقررا لمصيره بنفسه، وضامنا لتمتيع جميع المغاربة، بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

رابعا: ملاءمة جميع القوانين الوطنية، مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، لضمان تمتيع جميع المغاربة، بجميع الحقوق، من خلال تطبيق تلك القوانين في مختلف المجالات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية؛ لأنه بدون تلك الملاءمة، تصير القوانين لا دستورية، ويصير المغاربة معانين من لاستمرار في انتهاك حقوقهم المختلفة، التي يحرمون منها، من قبل الطبقة الحاكمة، ومن قبل الدولة المخزنية، ومن قبل باقي المستغلين، وكافة المستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي، لكافة المغاربة، ومهما كانوا.

ولذلك، فالحرص على الملاءمة، يضمن التقليص من حدة الاستغلال، كما يضمن العمل على وضع حد لكافة الانتهاكات، الممارسة من قبل الطبقة الحاكمة، ومن قبل الدولة المخزنية، ومن قبل باقي المستغلين، وكافة المستفيدين من الاستغلال.

خامسا: العمل على محاربة الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، في أفق القضاء عليه بصفة نهائية؛ لأنه، لا معنى للعيش في ظل انتشار الفساد بأنواعه المختلفة، باعتباره يخرب الاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، والسياسة، ويجعل الحياة مستعصية، ويعمل على جعل التنمية، بأشكالها المختلفة، معاقة، ويحول دون استقرار النمو في مستوى معين، ويقف وراء التردي المتسارع، الذي تعرفه مختلف المجالات في الحياة العامة، والخاصة. ولذلك نجد أن شرط الحياة، مرتبط بمحاربة الفساد، بالعمل على وضع حد لأسبابه الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يتطهر منه المجتمع، الذي يصير خاليا من كل أشكاله، حتى تبقى الحياة الإنسانية حاضرة في الإنسان، كإنسان، يتمتع بكافة حقوقه، في مجتمع نظيف، تحترم فيه مختلف الكيانات الإنسانية.

فكلمة (لنحيا)، بالإضافة إلى ما ذكرنا، تفيد معنى النمو الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، وفي إطار تنمية مستدامة، وفق ما تقتضيه حاجيات الشعب المغربي، وفي جميع المجالات، سعيا إلى إحداث رفاهية الشعب المغربي، الذي يصير أفراده متمتعين بكافة حقوقهم، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وفي إطار العلاقة الجدلية القائمة بين أفراد الشعب المغربي، وبين الواقع، حتى يتم الأخذ، والعطاء، في نفس الوقت، حتى يتم وضع حد لما صار يسمى باقتصاد الريع، الذي صار امتيازا يقدم لأشخاص ماديين، ومعنويين، دون أن يعطوا شيئا لهذا الشعب المغربي العظيم.

والعلاقة القائمة بين كلمة (ندخر)ن وكلمة (نحيا)ن هي علاقة تناقضن لكون ندخر تفيد معنى الأخذ، دون العطاء، ونحيا تفيد معنى التفاعل مع الواقع، الذي يشمل الأخذ، والعطاء في نفس الوقت، مما يجعل منه تفاعلا إيجابيا.

وما يعاني منه الشعب المغربي، هو غياب التفاعل الإيجابي، في ممارسة المستثمرين، الذين يأخذون كل شيء، دون أن يعطوا أي شيء؛ لأن الاقتصاد الرأسمالي التبعي القائم في المغرب، لا يعرف إلا التفاعل السلبي، الذي يأخذ فيه المستثمرون عرق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، دون أن ينعكس ذلك على تمتيعهم بكافة حقوقهم، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وحقوق العمال، وكما هي في مدونة الشغل على الأقل، وهو ما يجعل كلمة (ندخر) مجحفة في حق الشعب المغربي، باعتبارها هي السائدة في المغرب، أما كلمة نحيا، فلا وجود لها في عرف هذا الشعب المحروم من الحياة، بكافة معانيها، التي أشرنا إليها سابقا، مما يجعله يعطي كل شيء، ولا يأخذ أي شيء.

ولذلك نجد أن الطبقة الحاكمة، وباقي المستغلين، وكل المستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي، لا يتفاعلون إيجابيا مع الواقع، بقدر ما يتفاعلون معه سلبيا، بحيث يأخذون كل شيء من الشعب المغربي، ولا يعطون أي شيء، كيفما كان نوع العطاء المنتظر منهم، لكونهم تعودوا على:

أولا: همجية استغلال أبناء الشعب المغربي، من العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يعطون كل شيء، ولا يأخذون أي شيء.

ثانيا: احتكار الأراضي، التي تصير أثمنتها خيالية، بحكم الحاجة إليها، وخاصة إذ تعلق الأمر بالمجال الحضري، أو بالأراضي الزراعية الخصبة، التي لا تؤدي أي ضرائب إلى الدولة المغربية، في الوقت الذي تخصم فيه الضرائب من أجرة العاملين في تلك الأراضي، المملوكة للتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف.

ثالثا: احتكار البضائع التي يتم ادخارها، في أفق ارتفاع أثمنتها، حتى تصير مصدرا للثراء الفاحش، الممارس للتهرب الضريبي.

رابعا: تهريب البضائع، بعيدا عن أعين رجال الجمارك، و إرشائهم، وعرضها في الأسواق، بأثمنة مرتفعة، لجني أرباح هائلة، تضاعف من تراكم ثرواتهم.

خامسا: الاتجار في المخدرات، التي يروجونها بين أبناء الكادحين، بالخصوص، من أجل تخديرهم، حتى لا ينتبهوا إلى ما يمارس في حقهم، من قبل الطبقة الحاكمة، ومن قبل المستغلين، والمستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي للشعب المغربي، ومن أجل جني أرباح طائلة، من وراء ذلك، وتبييضها في رفع أثمنة العقار.

سادسا: استغلال النفوذ السياسي، أو الإداري، أو السلطوي، لممارسة لابتزاز على أبناء المغاربة ارتشاء، من اجل تقديم الخدمات التي هم في حاجة إليها، خاصة، وان أبناء المغاربة لا يعون أن من حقهم تلقي تلك الخدمات، لأنهم يؤدون الضرائب بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة.

سابعا: استغلال المسؤوليات السلطوية، والجماعية، لنهب ثروات الشعب المغربي، التي تحول إلى الحسابات الخاصة، بسبب سيادة الفساد الإداري، الذي يعشش في الإدارة المغربية، والجماعية، والسياسية، الذي تمارسه الدولة، ومعها الأحزاب الفاسدة.

ثامنا: استغلال العلاقة مع ذوي النفوذ، من أجل إرشائهم، مقابل التمتع بامتيازات معينة، تدر على أصحابها المزيد من الثراء الفاحش، الذي يلحق ضررا كبيرا بأبناء المغاربة.

وإذا قلنا إن كلمة (ندخر)، نقيضة لكلمة (نحيا)، فإننا نعني ما نعني، خاصة وأن كلمة (ندخر)، هي الحاضرة في الفعل اليومي، بمآسيها التي لا حدود لها، وخاصة مأساة الحرمان من كافة الحقوق، بالنسبة للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. أما كلمة (نحيا)، فغائبة من الفعل اليومي لأبناء الشعب المغربي، الغارقين في البؤس والشقاء...



#محمد_الحنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الانبطاح من أجل التخلص من اليأس؟ أم من أجل تحقيق التطلعات ...
- التعليم العمومي، ومعالجة الأزمة: (وجهة نظر)...!!!.....9
- التعليم العمومي، ومعالجة الأزمة: (وجهة نظر)...!!!.....8
- التعليم العمومي، ومعالجة الأزمة: (وجهة نظر)...!!!.....7
- ما مصير الذين كانوا محسوبين على اليسار، بعد شروعهم في تبخيس ...
- التعليم العمومي، ومعالجة الأزمة: (وجهة نظر)...!!!.....6
- التعليم العمومي، ومعالجة الأزمة: (وجهة نظر)...!!!.....5
- التعليم العمومي، ومعالجة الأزمة: (وجهة نظر)...!!!.....4
- التعليم العمومي، ومعالجة الأزمة: (وجهة نظر)...!!!.....3
- التعليم العمومي، ومعالجة الأزمة: (وجهة نظر)...!!!.....2
- التعليم العمومي، ومعالجة الأزمة: (وجهة نظر)...!!!.....1
- الإعلام الإليكتروني المحلي والانخراط في الصراع غير المشروع.. ...
- الإيمان بالدين الإسلامي مصدر إشاعة القيم النبيلة في المجتمع. ...
- التعليم المنتج، والتعليم غير المنتج... وضرورة إنشاء جبهة وطن ...
- الاهتمام المبالغ فيه بالجانب الشكلي في الدين الإسلامي دليل ق ...
- التكفير والتلحيد صفتان لا تصدران إلا عن المتنبئين الجدد....! ...
- التكفير والتلحيد صفتان لا تصدران إلا عن المتنبئين الجدد....! ...
- الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟.....17
- الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟.....16
- الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟.....15


المزيد.....




- حوار مع الرفيق فتحي فضل الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي الس ...
- أبو شحادة يدعو لمشاركة واسعة في مسير يوم الأرض
- الوقت ينفد في غزة..تح‍ذير أممي من المجاعة، والحراك الشعبي في ...
- في ذكرى 20 و23 مارس: لا نفسٌ جديد للنضال التحرري إلا بانخراط ...
- برسي کردني خ??کي کوردستان و س?رکوتي نا??زاي?تيي?کانيان، ماي? ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28 مارس 2024
- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد الحنفي - عندما يحيا الشخص ليدخر يموت فيه الإنسان وعندما يعيش ليحيا يصير الإنسان قائما فيه...!!!