أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - تقاسيم على صبا تشرين














المزيد.....

تقاسيم على صبا تشرين


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 3926 - 2012 / 11 / 29 - 17:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




الحياة مرايا للتجارب، بعضها مخدوشٌ، بعضها مهشّم وكثيرها مهمل.
التاريخ مطرٌ بلعته البحار، يتبخّر على مهلٍ ولا يبصره غير العاقل. مصيرك يحدّده موقعك من المرآة ومن الغيم وصلاتك قبل النوم الذي لا أحلى منه لو استطعتَ أن تختار أحلامك.
اليوم، كما في ذلك الزمن، حياتنا مرايا والتاريخ يقطر من جرحٍِ رذاذَ حكمة أو ندم. قبل ستة عقود ونصف كانوا هناك ولم نكن. كنّا على قمة الحق، وكان كرأس إبرة، رفضنا أن نسمع ما يقوله المطر، فصاحبُ الحق ظمئ والسراب جميل في القصائد وفي قصص الضياع البعيدة. كانوا هناك، كالنقطتين على التاء مربوطتين بدمع الفرصة والخديعة والضحية. حرصوا على "حلمهم". لم يغفوا، فلقد خبروا أن "الشباب" غلطة وإضاعة فرص. راوغوا واستعدوا إلى يوم "قسطل"، فلقد فقهوا أن "الكهولة" نضال وكفاح وقتال. باعوا واشتروا وأمِنوا من كان مفترضًا أن يكون "جيش إنقاذ" جاء فلسطين مدجّجًا بكل أسباب الهزيمة، خبروا أن الزعامة تلك خيانة وندم. في سوق الأمم اجتمعوا وحاولوا أن ينصَفوا بحكمة "سليمان" الذي قضى بأن تأخذ كل امرأة نصف جسد لطفل بكاه قلب أمه وثانية أفاضت دموعًا من وجه مليء بالعيون. هناك كانوا. عملوا كالنحل وكالزقرط، فلقد سبقت تلك الأيام صولات وجولات وزعماء الحركة الصهيونية راوغوا فيها ونجحوا بتأجيل موعد التصويت على ما أصبح يسمى بقرار "التقسيم" المشهور بقرار (١٨١). كان التاريخ المقرر في الأصل يوم السادس والعشرين من تشرين الثاني لعام ١٩٤٧، إلّا أنهم أحسّوا بضرورة إقناع بعض من الدول التي لم تبدِ في ذلك الوقت موافقة على ذلك القرار. جنّد زعماء الصهيونية كل ما في وسعهم من إمكانيات وأساليب. حتى حجّة مصادفة "عيد الشكر" يوم السابع والعشرين من ذلك الشهر سُخّرت كذخيرة مقنعة أدت إلى تأجيل التصويت ليوم التاسع والعشرين من نوفمبر. نجحت خططهم وأفلحوا بإقناع ثلاثة دول إضافية (ليبيريا، الفلبين، هاييتي) أوصلت عدد المؤيدين للقرار إلى ثلاث وثلاثين دولة، بينما عارضته ثلاث عشرة دولة وتغيَّبت مملكة سيام عن الجلسة، فصار القرار نطفة بصقتها شرعية الأمم تلقفها الصاحون من البشر، نفخوا فيها وسكبوا دمًا ورصاصًا وإصرارًا، فصارت دولة، أصرّ الغافون، في حينه، أنّها أخت للعنقاء والخلّ الوفي، ويصرّ الحالمون، اليوم، أنها ابنة سفاح لاغية ملغية ومن كان من نسلها ومن سيكون.
التاريخ مطر يغور، منذ ذلك اليوم، في لجج البحار وباطن الأرض. "إسرائيل" صارت "الكذبة" ونشيدًا للموت أوجع من تقاسيم ذلك الليل الحزين. "سليمان" كان نائمًا وأصحاب الحق رفضوا أن يقطّع جسد الطفل، فلسطين ضاعت. قلّة من أبنائها وقفوا أمام المرآة الصحيحة وأصابوا، صاحوا: أن اقبلوا تقاسيم تشرين وإن جاءت حزينة على مقامات "الصبا" ونصف الخسارة، ما كان في "نهاوند" كان، فلكل "مقام مقال" وفرسُ اليوم غير فرس ذلك الزمان وليسوا من مقامات "العجم". قلّة حملت مناجلها وطرقت أبواب السماء، لم تنم أحلامهم. صدحت معاولهم "في الحقل وفي المحجر" وضاعت حناجرهم متبَّلة بعرق ونبيذ وسهر.
"لو"، ما أقساك يا لام اللوعة والملامة واللهفة، يا مفتاح حكمة التائهين ويا عكاّز الخاسرين. ما نفعك يا قبيحة شرقية؟، "لو" وافق العرب، حينها، كانت فلسطين أكبر من فلسطين المرايا المهشّمة بضعف وأكثر. ما أقساك يا "واو" العويل والوجع. "لو" وافق أبطال العروبة والزعامة والنعيق لكانت فلسطين شوكة وترابًا. ما أغلاك يا "واو" الوطن.
هل يعيد التاريخ نفسه؟ وهل يتبدّل الواقفون على قمة إبرة؟ هل يأتينا مرّةً في حلة مأساة وأخرى فاغرًا فاه كالصباح، يمطرنا بالندى والأقحوان؟ كل الاحتمالات واردة فرحلة الفلسطيني صعبة والخلاص عسير "فالإسخريوطي" متربّص و"بيلاطس" ما زال يسعى ويرغب بود "عزرا".
ما يجري في هذه الأيام هو كالريح. إن شاءت كانت نسيمًا عليلًا ينعش ويحيي. وإن شاءت كانت دمارًا يهدم ويميت. ما يجري في هذه الأيام هو صراع "الحماقات" وأصحابها الذين لم يستبطنوا حكمة "سليمانهم" فظفروا بالطفل على حين غفلة وتواطؤ، ضحك لهم التاريخ مرة فاستبخسوه واحتفظوا بقرون الوعل يطلقونها "تقاسيم" حرب، كلما أرادوا أن يدكّوا سورًا ويُهلكوا مدينة وقرية.
ما يحدث في هذه الأيام هو محاولات لكتابة تاريخ خالٍ من ولولات "لو" وأحلام مزعومة وحسرات ومن قهقهاتها على من يصرّ امتشاق جبال حماقاته ليحتضر. إنّه تاريخ تبرز فيه مرايا الحماقة والجهل والكذب المحنّط، يتمختر ويختال ويتحدى فإمّا البصيرة والعزيمة والنجاة وإمّا الهباء والعدم.
قادة "إسرائيل" اليوم يعيشون وكأن حروب اليهود في زمن روما لم تنقض بعد. ما سيكون في الانتخابات المقبلة لا يبشّر بخير ولا يحتمل التأويل والمخاطرة. قادة فلسطين اليوم (أجمعت الفصائل والأحزاب على دعم خطوة الرئيس عباس) يحاولون أن يصنعوا مستقبلًا تاريخه خال من وجع الحماقة وجرح نكبة.
في إسرائيل الانتخابات على الأبواب وأخال أن القيادات العربية تدير "معاركها" على الغيم، والأولى بها أن تعود إلى يوم الدراسة والبيدر، يوم دارت الجواريش في السدى وسادت الحماقة وتهافت وجع "اللو". هل "يا رفاق الحقل والمحجر" من عبرة ودرس؟ ونحن في تشرين، شهر الـ"تقاسيم" الشجية يعزفها المهرة بألحان من مقامات "الصبا" والصبابة "والنوى".

[email protected]



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شرعية على صفيح ساخن
- الضياع في غزة
- هل سنحبك يومًا أمريكا؟
- ونجّنا من الشرير
- في وحدتكم ضعفنا
- خسارتنا أمام -البارسا-
- عندما تصير أمريكا ملاذًا
- الزهايمر ... نسخة فلسطين
- سعاد
- الشيخ والمحكمة
- لا تطفئوا اللهب
- تساريح
- كل -لينش- ونحن سالمون
- نساء على المريخ ودرّاجة
- ما زالت السفارة في العمارة
- بين برلمانَيْن: كن واقعيًا واطلب المستحيل
- وشمان على صخر الجليل
- بسيخوَطني (2)
- بسيخُوَطني
- -من يزرع الشوك لا يحصد به عنبا-


المزيد.....




- الضربات الأمريكية على إيران تثير مخاوف في دول الخليج من الان ...
- الولايات المتحدة غيّرت مسار المواجهة - كيف سترد إيران؟
- خاص يورونيوز: إسرائيل ترفض تقرير الاتحاد الأوروبي حول غزة وت ...
- خبير إسرائيلي: تل أبيب لا تريد التصعيد والكرة في الملعب الإي ...
- هل فشلت -أم القنابل- في تدمير -درة تاج- برنامج إيران النووي؟ ...
- أحداث تاريخية هزت العالم بالأسبوع الرابع من يونيو
- الرأسمالية نظام -غير ديمقراطي- يستنزف جنوب العالم ليرفّه عن ...
- هل يطلب المرشد الإيراني وقف إطلاق النار مع إسرائيل؟
- كيف نُفذت الضربة الأميركية على إيران؟ وما الأسلحة المستخدمة؟ ...
- كيف يرد الحوثيون بعد هجمات واشنطن على إيران؟


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - تقاسيم على صبا تشرين