أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - خسارتنا أمام -البارسا-














المزيد.....

خسارتنا أمام -البارسا-


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 3877 - 2012 / 10 / 11 - 23:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




في الصيف المنسحب أمام رياح الخريف الهرم زرت "برشلونة". هي "برشلونة"، شاغلة عقول العرب وحارقة قلوب عشاق مدريد والأندلسيين الجدد. في الماضي زرتها عدة مرّات لأنها جميلة. لا من أجل " ميسي" المبهر، الذي يظل أرجنتينيًا وخربشة على حيط من حيطانها. فبرشلونة جميلة قبل "ميسي" وستكون جميلة بعده. هي وطن الإلهام والكشف المخلّد هناك في ظل تمثال "كولومبوس" الشامخ وبلد "الجنون" عندما يكون فنًا وإبداعًا ممهورًا باسم "غاودي".
إليها أعود الآن خاسرًا ومن بوابات "الكامب نو". ففي الأسبوع الماضي، وقبل أن تبدأ لعبة "الكلاسيكو"، التي تقض مضاجع الملايين، خسرنا، نحن العرب الفلسطينيين، معركة وفوّتنا فرصة تسجيل هدف أو أكثر في شباك الحقيقة وردّ الاعتبار.
إدارة فريق "البارسا" قرّرت أن تستضيف "جلعاد شاليط" جندي جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي مكث في أسر تنظيم "حماس" الفلسطيني خمسة أعوام، وأن تستضيف كذلك الشاب محمود السرسك، لاعب كرة غزّي اختطفته إسرائيل وأسرته لمدة ثلاثة أعوام. "شاليط" يمثّل الظلم والظالم وجيش احتلال قامع، والسرسك يمثل الوجع والضحية والحق الهادر. بعد تردّد أعلن السرسك رفضه لدعوة الفريق من باب رفضه لما عكسته الدعوة من توازن غير محق بين الضحية وجلادها، ومن باب تكافؤ مزيّف نضح من دعوة الفريق الكتالوني وهو تكافؤ يوازي نفاقًا ورياءً.
برأيي قرار الأخ محمود السرسك كان خاطئًا، وكان الأولى به قبول الدعوة وحضور اللعبة ومعه يحضر الحق الفلسطيني ويصدح.
هنالك نمطيّة في ردود أفعالنا نحن الفلسطينيين والعرب. تحرجنا، دائمًا، مبادرات غير تقليدية أو مبادرات حيادية حدودية. عندما لا نكون مدللين أو مفضّلين أو أبناء وحيدين على طاولات أجنبية وعلى دعوات لأحداث فيها كثير من الضوء واللمعان. تحرجنا الرمادية. نحن نجيد اللعب باللون الواحد. نحن أبطال "المع" أو "الضد". نخشى الألعاب المركَّبة. نلجأ دائمًا إلى حججنا الجاهزة فالتطبيع دواء لكل مغاير وطارئ، لكنّه أمسى، من عجز وقصور، داءً وعقمًا.
غيابنا عن حدث ما لعدم استعدادنا أن يساوينا الداعي مع عدونا لا يلغي الحدث، بل يؤدي لتغييب حقنا وبقاء الساحات لمن ظلمنا. أعتقد أننا مهرة في التبسيط وسادة في الكسل الفكري، فالواقع أكثر تعقيدًا والعلاقات البشرية أصبحت محكومة بقوالب تختلف عن قوالب الماضي. وبرشلونة هذه أكبر من فريق كرة قدم وأكثر تأثيرًا، فانظر، أخي محمود، لملايين العرب والمسلمين (بينهم الفلسطينيون الغزيون والضفيون والعربتمانيواربعون) الذين صفقوا لبرشلونة وانفطرت قلوبهم فرحًا مع كل ركلة "ميسوية"على الرغم من غياب الحق الفلسطيني المحتج وحضور نجمة داود على مدرجات البارسا حبيبة قلب العرب والعجم. واسمع يا صديقي محمود كيف وصلت أنا لقضاء يوم عطلة صيفية في برشلونة التي رفضت أنت دعوتها لأنها أخطأت حين ساوتك وأنت الضحية مع جلعاد وهو جندي في جيش احتلال.
قضينا إجازتنا الصيفية على ظهر سفينة جابت البحر الأبيض. هذه السفن هي بمثابة قرى عائمة، فهي تتسع لثلاثة آلاف سائح ولألفي بحّار وعامل. وتتبع نظامًا يعتمد الإبحار ليلًا والرسو في ميناء مع كل فجر. يتجمّع على هذه السفن مسافرون وعمال من عشرات الدول والقوميات، كلٌهم يتحولون إخوة في الهم والأمل بعودة إلى قواعدهم سالمين وفي جيوبهم ما رزقهم الله به وصاحب السفينة وكرم المسافرين. تونسيون، جزائريون، مقدونيون، تشيليون إسبان وغيرهم، عمال توحَّدوا ولم يسألوا عن صاحب السفينة وبأي دين يدين. على حائط كبير في الطابق الخامس تعرض السفينة مجموعة من شهادات الشكر والدروع التي قدّمتها مجالس بلديات المدن التي رست في موانئها عرفانًا لما "بَعزقَهُ" المسافرون من مال في أسواق تلك المدن. على الحائط تجد أن عمدة مدينة "برشلونة" يشكر وعمدة "جنوة" يثمِّن ومجلس "نيس" يتمنى وأمير "الفجيرة" يهدي ويدعو وعمدة "تونس" يترقب الرسو القادم.
رست السفينة في ميناء برشلونة وقذفتنا، ألافًا من السياح إلى شوارعها. إلى أن حلَّ الظلام عدنا إلى قريتنا الأممية. قطعة من حضارة هذه السفينة ولكن ما رأيك يا عزيزي محمود إذا عرفت أن هذا الأسطول الذي يجوب بحور المعمورة وينقل العرب والمسلمين والمسيحيين والبوذيين من مشارق الأرض ومغاربها، مملوك لعائلة يهودية لا أعتقد أنها تكره إسرائيل. أقول ذلك لأبسط صورة العلاقات الاقتصادية وما تفرضه من تشابكات اجتماعية وسياسية أصبحت معقَّدة، لا ينفع فيها الأبيض والأسود، وتخلق حالاتٍ عبثيّة. فعندما تمنع تونس، مثلًا، محاضرًا عربيًا بحجة أنه يحمل جواز سفر إسرائيليًا وبحجة رفضها للتطبيع تستقبل هذه التونس أسطول عائلة "أريكسون" اليهودية الصهيونية، وترحب بآلاف المسافرين من عرب ويهود وعجم وتلهج بشكر أصحاب هذه السفينة على كرمهم وحسن خياراتهم.
وعندما تمنع دولة عربية نشاطات وطنية يشارك فيها عربنا أو مواليد واقع "مشربك"، بحجة التطبيع وأخواته، تستقبل هذه الدولة أساطين المال اليهودي والغربي في مشاريع اقتصادية وشراكات معقَّدة.
"البارسا" يا عزيزي محمود هو إمبراطورية كبيرة، وكان يجب عليك وأنت متَّشحٌ بعلم الحرية الفلسطيني أن تحتل مدرجاتها وأن تصدح بوجعك/وجع فلسطين المحتلة لكي تعرّي من هناك كذب الشاليط ووحشية جيشه الذي ما زال يحتل فلسطين.
لقد قضينا ثلاثةَ أعوام نسبُّ العالم ونتّهمه بالنفاق والكيل بميزان شاليط، وأنت وزملاؤك في الأسر ضحايا النفاق والنسيان. جاءت إمبراطورية "البارسا" وقرّرت أن تحتفي بك وبما تعنيه وتمثله، لكنك قرَّرتَ أن لا تكون حيثما يكون العدو وهكذا كان، فبقي العدو وحيدًا ونجمة داود من المدرجات تملأ شاشات العالم، وشاليط يسجّل هدفًا ما كان ولن يبقى، على ما يبدو، وحيدًا فمن مثلنا يحترف الخسارة؟!



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما تصير أمريكا ملاذًا
- الزهايمر ... نسخة فلسطين
- سعاد
- الشيخ والمحكمة
- لا تطفئوا اللهب
- تساريح
- كل -لينش- ونحن سالمون
- نساء على المريخ ودرّاجة
- ما زالت السفارة في العمارة
- بين برلمانَيْن: كن واقعيًا واطلب المستحيل
- وشمان على صخر الجليل
- بسيخوَطني (2)
- بسيخُوَطني
- -من يزرع الشوك لا يحصد به عنبا-
- صمت حصاةٍ في دم
- أيار يا شهر الردى
- وجع فياض
- يوم انتصرت الزغرودة
- منصّات للوهم
- بلال يواجه دولة


المزيد.....




- القاديانية.. 135 عاما من الجدل حول النبوة والانتماء للإسلام ...
- ماذا قال ترامب عن-نتائج- الضربات على المواقع النووية الإيران ...
- الأسلحة وحجم الضرر: ما نعرفه عن الضربات الأمريكية على ثلاثة ...
- كم عدد القنابل والصواريخ التي استخدمتها واشنطن في هجماتها ضد ...
- روسيا تشن -هجوما كبيرا- بالمسيّرات على كييف
- عملية -مطرقة منتصف الليل-.. كيف اتخذ ترامب -القرار التاريخي- ...
- تحليل لـCNN: هجوم ترامب على إيران يعد انتصارا لنتنياهو لكن ا ...
- واشنطن تصدر -تحذيرا عالميا- على خلفية الصراع بالشرق الأوسط و ...
- أولمرت: الضربة الأميركية لإيران منحت نتنياهو فرصة لن يفلح با ...
- مصادر: إسرائيل تقبل إنهاء الحرب إذا أوقف خامنئي إطلاق النار ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - خسارتنا أمام -البارسا-