أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - كفاح كيال - الشهداء المفقودون















المزيد.....

الشهداء المفقودون


كفاح كيال

الحوار المتمدن-العدد: 3924 - 2012 / 11 / 27 - 23:59
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


نابلس ..عاصمة البندقية
في ضمير التاريخ يرقد الأبطال الحقيقيون دون ضجيج الشاشات وعدادات العملات..وفي صفحات التاريخ كنوز إنسانية لا تتحدث عنها لقاءات الساسة وجناة الاستثمار السياسي واستحقاقات الدم ..
ففي جعبة فلسطين ذاكرة لن ينضب نبع يعسوبها من مأثورات ..أما جبل النار عاصمة الفداء الفلسطيني بعنفوانه وجبروته وشموخ شواهده ..فتلك حكاية أخرى , قد لا يعرفها الكثير إلا من تخندق الكفاح وامتشق سلاح الإرادة وزغرد لصيرورة الفداء وديمومة الثورة ..
هي نابلس .. هي حكاية الزواريب المنتفضة ورائحة الياسمين المعششة في جنبات شرفاتها ..هي حكاية الحب والفداء ..الشعر والنار ..وعشق البندقية.. فجبل النار هي عاصمة البنادق وملحمة الثورة وطروادة القرن التي اتكئ على مغاير جبالها زهر الحنون منشدا لدماء شهداءها الذي تخضب التاريخ بوقع خطاهم وعصف حلمهم .. فكانت بلاطة وعسكر والياسمينة والقصبة بعثات الجنة على أرض ترسل كل موسم رصاص سفيرا أو .. أكثر لجنة الرضوان ..فهي أرض القداسة لأناس أشداء جبابرة ..
لن تعرف معنى قصتنا لو لم تعرف نابلس .. لهذا كانت بداية حكايتنا طرق بوابة عاصمة البندقية ..نابلسنا ..جبل نار فلسطين ..

ضياء الشهادة أول أوسمة الدولة ..
دوى رصاص الغدر والخيانة ليردي الطفل الشبل شهيدا ليفتدي عمه المقاوم وليعم "ضياء" الشهادة من أرض نابلس حتى عنان السماء التي أمطرت حنوا وذرفت دمعا لعظمة الفاجعة وفداحة الجريمة ..
فكان شهيد نابلس هذه المرة طفلا في الخامسة من العمر هو ضياء جهاد الحاج محمد .. وكأن الله اصطفاه إسما فهو ضياء الشهادة لأب امتشق الجهاد اسما من عائلة تمترس الفداء في ابنائها فلم يغلب شموخها الموت ولا السجن ولا قسوة المعاناة ..
في تلك الحقبة كانت الأرض منتفضة وكان النضال سيد الموقف والثورة الحكم الفصل وسيمفونية إيثار وصمود لشعب أبدع ديمقراطية الإنسانية التي تماهى العالم واستسلم لقوة دليلها وعظمة منوالها فدخلت قاموس العالمية لتصبح "ألانتفاضة" ملحمة إنسانية حضارية لشعب أعزل إلا من عنفوان إرادته وإصراره على الحرية والاستقلال ..
كانت الساعة في فلسطين قتيلا وجريحا وطريدا ودقيقة ..دقت ساعة الفداء فكانت ضياء الجهاد في 18 من شهر العبور تشرين الأول 1988 وعلى مسافة سبعة وعشرين يوما لعام الدولة ..التي رفعت صور ضياء في طقوس إعلانها من على أرض المليون شهيد بالجزائر إلى جانب الشهيد القائد أبو جهاد خليل الوزير ليكون ضياء نابلس هو شعلة الإعلان وعهد الأرض الأسيرة للثورة العظيمة التي تخطو بقنديل من ضياء وعبق من دماء الشهادة نحو بداية تجسيد الحلم فكان الشبل حلم أبيه جهاد مرفوع بهامة الثورة إلى جانب القائد أبو جهاد الذي طالما غنت له حواري نابلس وأنشد أشبالها "لأول الرصاص أول الحجارة "..
كما لم تكتمل الدولة كيانا وبقيت حلما يحاول أن يتقدم منصة الصباح منذ الإعلان ..رغم مسارات المحاولة وشلال الدماء ومنسوب التضحيات وعنف الارادة وعصف الفكرة ..طعنت شهادة ضياء وغُيب اسمه من قوائم الشهداء فلم يشفع له الافتداء ولا شفاعة أبو جهاد فغاب كما احتجبت طقوس الثورة وطوقتها عاصفة الردة .. ليبق الشبل الشهيد أول أوسمة الدولة التي لم تأت بعد معلقا في سماء الجزائر منتظرا قوافل الشهداء العائدين, فلم يعطى ضياء رقما وطنيا ولم يسجل في سجلاتهم شهيدا !!!!
"أجمل الامهات التي انتظرت ابنها "..وما عاد ...!!!
في زمن الانتفاض سادت أخلاقيات الفرسان وعمت تقاليد الثورة ..فكانت التضحية نيشان والإيثار مأثرة والفداء ديدن والعطاء معيار القيادة كما أضحت البطولة سباق للشهادة ..
وفي ميمعان زفة الفداء لضياء عرض العدو عوض جريمته مالا وامتيازا ..فأبى شموخ عائلة الحاج محمد التي استعصت منعتها على العدو وأبى إباؤها المساومة على كبش فدائها التي قدمته "حبا وطواعيا ", فضربت عرض الحائط كل العروض لتتعفف بشموخها وتتعملق بعزها وروح انتمائها لفلسطين الذي تعمد دما وأسرا وصبرا وصمودا لتعزز بملحمتها أواصر الولاء البديهي للوطن الذي يُفتدى بالأرواح ولا يُقايض بالمال ..نستنفذ مقدراتنا كرما له ولا نستثمر عفته ورفعته ..
وتدور الأيام وتتلاحق الأحداث وتراكم التضحية حجرا جرمقيا لا تزعزعه عواصف الدهر ولا تغلبه زوابع الرياح ولا زوبعات وتقليعات السياسة ..بقيت أم ضياء تزور قبر شهيدها وتذرف دمعا بحرقة الفراق ولوعة الألم لاثنين وعشرين عاما ..تستحضر في خيالها صورة الشبل لو شب كأترابه ..وتتمعن في قسمات أبناء جيله باحثة عن ملامح فلذة كبدها ..وتسمع صوته قادما إليها من جنبات الحارة حيث الأشبال يمازحون قدرهم .
لا يعرف مخزون الكلمات كيف هي فاجعة الأم الفلسطينية ..فطقوس فدائها وعظمة عطائها لم يستنطقها بعد جهابذة الكلمة ..22 ربيعا و22 تشرينا مر على أم ضياء وهي تنتظر الدولة التي كان طفلها أول الأوسمة وأول الغيث ..مر على النابلسية الصابرة 22 فطرا وفصحا وميلادا وأضحى ..و22 عيد استقلال ..لم تفرح ولم تشكو ..ولم تحاول معرفة استحقاقاتها كأم شهيد ..ورغم أنها واجبه لكل الأمهات ..إلا أن أم ضياء قد لا تعرف عتبة مكاتب الاستحقاقات ..قدمت واجبها واحتسبته عند ربها ..وعكفت على تربية صغارها ..ولم تطلب المرأة الصابرة المؤمنة إلا حج بيت الله الحرام الذي يفرضها الدين فريضة على كل مسلم ..ولكن قسوة الحياة وحملها الثقيل خاصة بعد وفاة زوجها والد الشهيد ضياء لم تمكنها من ذلك ..وتماهى إلى مسامعها أن هناك منح حجيج لذوي الشهداء..فسعت الأم المتعففة عن كل مكافئة إلا ما يقربها من الله ويعزز منزلتها ويوثق إسلامها ,فحملت أيام صبرها وذهبت لتستقدم ما يسعفها لتأدية حجها ..لتبرأ من ألم الفراق وتدعو لأبنها وسائر أبنائها من بيت الله عز وجل في مكة المكرمة ..حيث أقرب بقعة للسماء ..وأملا يحدوها أن تمد يدها هناك لتلامس شعر ضياء ..أو يمر بوجهه الطفولي فيقرأها السلام ..ويتحدث اليها ..كما يروي بعض من ذهبوا هناك ..
فكانت الطامة الكبرى أن السجلات لا تعتبرها أم شهيد !!!!..وأن ابنها لم يستشهد !!!..وأن السجلات أصدق من معاناة الأمهات !!!فهل هناك نوع جديد من المفقودين الشهداء ولكن لدى دوائرنا الرسمية !!!!!
يا حيف .. يا أرباب الردة !!!!
يحدث هذا في 2012 وليس عام 1948 ففي تاريخ معاناة فلسطين يتربع في ذاكرة فدائها آلاف الشهداء المفقودين الذين لم تحدد أماكن رباطهم أي مدافنهم وبعضهم يرابضون في مقابر الأرقام ..وبعض آخر بقي مصيره مجهولا ..أما في حالة ضياء فهناك أهل شاهدوا واقعة استشهاده ووثقها الإعلام الفلسطيني والعالمي وحتى إعلام العدو !!
ودفن ضياء بمراسم شعبية تشهد لها جبل النار حتى اليوم ..فالواقعة أليمة وقاسية وقد تكون الوحيدة في حيثيات لُبسها ..فاغتيال ضياء كان افتداء لعمه المطارد "اسماعيل "أي عماد الذي كان الاحتلال يلاحقه في الانتفاضة واعتقل عماد ولم ينجح العدو أن ينال من عزيمة عماد أو "اسماعيل"..وسطر سجلا بطوليا جديدا ..أطلق العدو سراحه ليدبر لاغتياله ..وأثناء استقبال الجماهير الفلسطينية لعماد البطل العائد من الموت الذي كان يستهدف نشطاء الانتفاضة, فالعدو اتخذ قراره بتصفية الفعل السياسي والجماهيري الشعبي بسياسة تكسير العظام التي أبدعتها العقلية الإرهابية لاسحق رابين حينها واغتيال كوادر الفعل الميداني .
تمترس العدو على أسطح العمارات وسدد قناصوه الى عماد فوهات النار ..ولكن رصاص الغدر أخطأ التصويب فغافى الاستشهاد عمادا واستحلى الفداء وجه الجميل ضياء فانتقاه شهيدا ليلهو الشهداء هناك مع الطفل الشبل الفلسطيني الصاعد من مسرى النبي محمد(صلعم) ومهد عيسى عليه السلام ليروي لهم أبجديات انتفاضة الحجارة وفرسانها الأطفال الرجال ..
كان ضياء يغني أناشيد الانتفاضة "من حياتي شرفي أغلى ومن دم ....صوت الانتفاضة أقوى من الاحتلال "مرتديا سترة بلون علم فلسطين ملتحفا كوفية العزة ..متجهزا لطقوس الشهادة ..
واليوم تُعاقَب المفاهيم..وتُسَدد للعطاء طعنة ..وتُراق على مذبح المصالح والمنافع قدسية الثورة..فيا حيف ..يا حيف يا أرباب النيافة والسيادة والسماحة والرفعة ..ألا تخشون غضب الثورة ..ألا تخافون الله من سطوه ..وأنتم تتجبرون حتى فيمن يسعى لبيت الله حجه !!!!



#كفاح_كيال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نوارس الحرية
- يوم الفدائيين ..يوم البندقية بامتياز -2-
- يوم الفدائيين ..يوم فلسطين بامتياز
- يوم الفدائيين
- ربيع الكرامة
- عاشت المقاومة ..ومرحى للانتصار
- -غرف العار-.. خارج السجن
- من الإنتكاب إلى ..الإنتصار
- - لا صوت يعلو فوق صوت المعركة -
- أهلا بكم ..عبر فوهة البندقية
- قصة كفاح
- الشهداء يبعثون !!
- عاش الجيش السوري الحر
- معركة جينين غراد
- الربيع القائم والربيع العاصف


المزيد.....




- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - كفاح كيال - الشهداء المفقودون