أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عدنان فرحان الجوراني - هبوط الدولار الأمريكي ..أسباب ونتائج















المزيد.....

هبوط الدولار الأمريكي ..أسباب ونتائج


عدنان فرحان الجوراني

الحوار المتمدن-العدد: 3922 - 2012 / 11 / 25 - 17:37
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


مقدمة:
يتذبذب سعر صرف العملة تحت تأثير عوامل عديدة تجارية ومالية وسياسية، ترتفع أو تنخفض تبعاً لتغير تلك العوامل، وإذا استمر التذبذب باتجاه واحد كأن تنخفض باستمرار دون وجود مؤشرات لارتفاعها يصبح الوضع خطيرا، خاصة عندما يتعلق الأمر بأهم عملة دولية تستخدم كاحتياطي في العديد من دول العالم كالدولار الأميركي ، وقد اختلفت آراء الاقتصاديين في تفسير هذا الهبوط ، البعض اعتبره مقصودا من قبل الحكومة الأمريكية لحل مشاكل عجز الميزان التجاري - وان كنت لا اتفق مع هذا الرأي- ، والبعض الآخر اعتبره نتيجة طبيعية لتراكم عجز الميزان التجاري والميزانية العامة وارتفاع الدين الداخلي والخارجي للولايات المتحدة وأسباب أخرى.
إن هبوط الدولار لا يمثل مجرد هبوط عملة دولة، ولكن الدولار أصبح منذ سنوات أساس النظام النقدي الذي تعتمد عليه كثير من دول العالم في تثبيت سعر صرف عملاتها المحلية، وبالتالي، فإن أي تغير في قيمة الدولار سيترك آثارا واسعة على اقتصاديات هذه الدول التي تستخدمه في تثبيت عملاتها المحلية، تمتد هذه الآثار إلى تأثيرات مباشرة على السياسات المالية والنقدية ومعدلات الفائدة والتضخم والنمو. فضلا عن آثار واسعة على الميزان التجاري وغيرها.
أولا : نظرة عامة الى بعض مؤشرات الاقتصاد الأمريكي التي قادت للتدهور قبل الأزمة المالية العالمية 2007:
1- العجز التجاري:
تميز الميزان السلعي الأمريكي في الستينات بالفائض في حين تميز ميزان الخدمات بالعجز. وبالنظر إلى أهمية الفائض السلعي قياساً بعجز الخدمات، كان ميزان العمليات الجارية يسجل فائضاً دائما وصل عام 1964 إلى 6 مليارات دولار، وهو الرقم القياسي في الولايات المتحدة.
ثم حدث تغير كبير في ذلك الوضع اذ اعتباراً من عام 1971 أصبح عجز الميزان السلعي مزمناً وحساب الخدمات يحقق فائضاً نتيجة للتطور الكبير في صناعة تقنية المعلومات، إلا أن هذا الفائض كان أقل كثيرا من ذلك العجز وبالتالي أصبح الميزان التجاري يعاني من عجز مزمن يرتفع سنوياً حتى وصل إلى 758 مليار دولار عام 2006، ما أدى إلى تدهور القيمة التعادلية للدولار.
وفي الستينات كان ارتفاع الواردات يقود إلى زيادة الصادرات، أي أن البلد كان يستورد سلعاً تستخدم لإنتاج سلع قابلة للتصدير (Re- Export)،غير أن ذلك الوضع تغير ولم تعد زيادة الواردات تؤدي بالضرورة إلى تحسن الصادرات، بل قد ترتفع الواردات وتنخفض الصادرات كما حدث عام 2002 حين ازدادت الواردات مقارنة بالعام السابق عليه بمبلغ 59 مليار دولار وهبطت الصادرات بمبلغ 36 مليار دولار.
وتجدر الإشارة إلى أن العلاقة بين هبوط القيمة التعادلية لعملة ما وعجز الموازين التجارية ليست تلقائية وحتمية عندما تكون معدلات النمو مرتفعة، بل من الممكن أن يكون هناك عجز تجاري ولا ينخفض سعر صرف كما حدث لسعر صرف الفرنك الفرنسي عام 1989 و سعر صرف الإسترليني عام 2005 إذ لم ينخفض السعران رغم العجز التجاري نظراً لارتفاع معدل النمو الاقتصادي.
ولكن لا يمكن إنكار تلك العلاقة في الولايات المتحدة لأن عجز الميزان التجاري لم يعد استثنائياً بل أصبح مشكلة مستعصية ومزمنة منذ أكثر من 30 عاما. وإذا كان معدل النمو خلال الفترة التي سبقت الأزمة المالية 3.5% كان مقبولاً فإنه قابل للتراجع نتيجة تردي الوضع المالي وتدهور الإنتاج السلعي.
ولم تعد الصناعة تشكل أكثر من 21% من الناتج المحلي الإجمالي، وتراجعت العمالة في هذا القطاع من 11% من العمالة الكلية عام 1996 إلى 8% عام 2006.
وبات الاقتصاد الأميركي يرتكز على الخدمات ولم تحقق الصناعة فيه أي تقدم باستثناء قطاع تقنية المعلومات، وستؤدي هذه العوامل المتزامنة مع ضخامة الديون الرسمية والفردية والعجز المالي إلى تباطؤ النمو فيتدهور سعر صرف الدولار.
2- عجز الميزانية:
بلغ عجز الميزانية 7% من الناتج المحلي الإجمالي أي أعلى بكثير من المعدل المقبول لدى صندوق النقد الدولي، وكانت التوقعات قبل حدوث الأزمة المالية تشير إلى أن العجز سيرتفع إلى 8% عام 2009 و12% عام 2010.
ويؤثر هذا الارتفاع تأثيراً مباشراً على سعر صرف الدولار ويؤدي إلى استمرار هبوطه، وتعود أسبابه إلى عوامل سياسية وعسكرية، إذ ترفض الإدارة الحالية رفع الضرائب لزيادة الإيرادات العامة، بل إنها وعدت أثناء حملتها الانتخابية بتخفيض حجم الضرائب بمبلغ 350 مليار دولار لمدة عشر سنوات.
كما زاد الإنفاق العسكري الأميركي حتى بلغ نصف الإنفاق العسكري العالمي، ولم يعد هذا الإنفاق منتجاً من الزاوية الاقتصادية لأن قسطه الأكبر يمول عمليات حربية خاصة في العراق وأفغانستان.
3- انخفاض الاستثمارات:
في التسعينات كانت الاستثمارات مرتفعة في الصناعات التصديرية، وممولة من قبل رؤوس أموال أجنبية كفيلة بخلق إيرادات لخدمة الديون الخارجية.
ولم يقد العجز المالي إلى انخفاض القيمة التعادلية للدولار لأن الأجنبي يشتري الدولار للاستثمار في الولايات المتحدة، أي كان الطلب على هذه العملة مرتفعا. ومنذ عام 2002 انخفضت أسعار الفائدة وهبطت الاستثمارات الأجنبية وارتفع عجز الميزانية.
وأصبحت القروض الخارجية الجديدة تمول هذا العجز بعدما كانت الاستثمارات تتولى هذه المهمة، أي أن العالم يمول الميزانية الأميركية بعدما كان يمول استثماراتها المنتجة، الأمر الذي ساهم مساهمة فاعلة في هبوط سعر صرف الدولار.
ثانيا: هبوط الدولار أسباب ونتائج:
في عام 2002 هبط سعر صرف الدولار بنسبة 5.3% مقابل اليورو و4% مقابل الإسترليني، وفي عام 2003 انخفض سعره مرة أخرى بنسبة 15.9% مقابل اليورو و7.5% مقابل الإسترليني. هبط الدولار في عامي 2002 و 2003 بعد أن شهد ارتفاعاً في عامي 2000 و2001.
وفي منتصف عام 2007 مقارنة بعام 1999 انخفض بنسبة 22.7% مقابل اليورو و19.1% مقابل الإسترليني.
مسببات تدهور الدولار :
1 - استمرار عجز الميزان الجاري الأمريكي حتى وصل إلى 586 مليار دولار للثلاثة أرباع الأولى من عام 2006، وتشير بعض الدراسات إلى أن هذا العجز يحتاج إلى ما يعادل 80% من المدخرات العالمية لتمويله، ومن ثم فإنه وصل إلى حدود فقدان السيطرة عليه.
2 - ارتفاع وتضخم حجم الدين الداخلي الأمريكي، الذي وصل عام 2006 إلى 41.8 تريليون دولار، أي ما يفوق نحو 314% حجم الناتج المحلي الإجمالي. وتشير كثير من الدراسات إلى أن حجم هذا الدين وصل إلى مستوى ربما يصعب إصلاحه.
3 - الاعتماد المتزايد على التمويل الخارجي، حيث وصل حجم الدين الخارجي الى13.6 تريليون دولار.
4 - دخول الولايات المتحدة في سباق مع الضغوط من الداخل والخارج، فالحرب في العراق وأفغانستان، والأزمة النووية الإيرانية، وتهديدات الإرهاب الداخلي، ومخاوف انقطاع إمدادات النفط من منطقة الشرق الأوسط، وغيرها.
كل ما سبق تبلور في اتجاه وحيد هو استمرار انخفاض قيمة الدولار أمام الين واليورو وبعض العملات الآسيوية الأخرى، حتى وصل معدل هذا الانخفاض بشكل إجمالي إلى نحو 20 إلى 25% خلال السنوات الثلاث الماضية.
نتائج انخفاض وتدهور الدولار:
انخفاض سعر الدولار يؤدي إلى تآكل الاحتياطيات الرسمية بالدولار، وأي هبوط في سعره بنسبة معينة يعني خسارة مالية بنفس النسبة، خاصة بالنسبة للدول النامية التي تربط عملاتها بالدولار اذ لا يمكنها تحقيق التعويض لأن صادراتها المقومة بعملاتها الوطنية ضعيفة ، كما أن انخفاض الدولار بالنسبة للدولة المستوردة النامية يعني أن يقوم المستورد المحلي بدفع عدد أكثر مما ينبغي من وحدات العملة المحلية لشراء سلعة أجنبية. فشراء سلعة من السوق الأمريكي يعني تعزيز الميزان التجاري الأمريكي، أما شراء سلعة من السوق الأوروبي تعني دفع كم أكثر مما ينبغي من وحدات العملة المحلية لشراء السلعة. بل إن حجم الخسارة في حالة الشراء من السوق الأوروبي قد تكون أكبر في ظل التراجع المستمر لقيمة الدولار مقابل اليورو منذ عام 2001م.
تنتج عن هبوط سعر صرف الدولار آثار إيجابية ترتبط بانخفاض أسعار السلع المستوردة من الولايات المتحدة والتخفيف من عبء الديون الخارجية للبلدان التي حررت قروضها بالدولار.
وتستفيد الدول المستوردة للنفط خاصة أوروبا من هبوط الدولار. فبين عامي 2001 و2007 ارتفع سعر البرميل بنسبة 204% بالدولار، لكنه لم يرتفع إلا بنسبة 98% باليورو.
أما سلبيات هذا الهبوط فعديدة أهمها ما يلي:
1- تآكل الاحتياطيات الرسمية بالدولارات، أي أن هبوط سعر صرف الدولار بنسبة معينة يعني خسارة مالية بنفس النسبة. وإذا استطاعت بلدان كالصين واليابان تعويض هذه الخسارة بزيادة صادراتها فإن دولاً أخرى كدول مجلس التعاون الخليجي والعراق لا يمكنها تحقيق هذا التعويض لأن صادراتها المقومة بعملاتها الوطنية ضعيفة، ويشير استطلاع لمؤسسة مانجمانت تراند في عام 2005 إلى أن أكثر من ثلثي البنوك المركزية (التي تشرف على أكثر من 2 تريليون دولار) خفضت احتياطياتها من الدولار، لأنها بدأت ترى أن الدولار أصبح عملة لا يمكن الاعتماد عليها في احتياطياتها.
2- ارتفاع أسعار السلع المستوردة من أوروبا، ويحدث ذلك في البلدان التي تعتمد أنظمتها النقدية على التثبيت مقابل العملة الأميركية كدول المجلس أيضا، وعندئذ تتفاقم معدلات التضخم وتتراجع القوة الشرائية.
3- انخفاض قيم الأسهم والسندات المحررة بعملات ذات أسعار صرف ثابتة مقابل الدولار، وتزداد الخسائر عندما تكون أسعار الفائدة في هذه العملات مساوية لأسعار الفائدة على الدولار.
4- هبوط القوة الشرائية لحصيلة الصادرات المقومة بالدولار، وتأتي أسعار النفط في المرتبة الأولى. وعندما يهبط سعر صرف الدولار بنسبة معينة يجب أن يرتفع سعر البرميل بنفس النسبة للحصول على قوة شرائية معادلة.
5- خسائر الشركات غير الأميركية: هبوط سعر صرف الدولار يعني بالضرورة خسارة لهذه الشركات التي تضطر لرفع سعر صادراتها، ما يؤثر سلباً على مقدرتها التنافسية أو يؤدي إلى تقليص كلفة الإنتاج خاصة المتعلقة بالأجور، عندئذ ترتفع البطالة أو تزداد ساعات العمل الإضافية دون أجر.
6- انخفاض النمو ويحدث في جميع البلدان التي ترتفع عملتها مقابل الدولار، فقد أجرت المؤسسات الأوروبية دراسة تبين أن ارتفاع اليورو إلى 1.30 دولاراً يقود إلى تراجع النمو في أوروبا بمعدل 0.6 نقطة. وإذا وصل سعر صرف اليورو إلى 1.40 دولاراً فإن معدل الانخفاض سيصل 1.6 نقطة.
وتتجلى خطورة هذا الوضع في أن النمو في منطقة اليورو منخفض لا يتجاوز معدله للسنوات الست المنصرمة 1.2%.
استمرار هبوط الدولار بعد الأزمة المالية العالمية:
تسببت أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة في سقوط مدوي للاقتصاد والبورصات العالمية، وتعرضت العديد من البنوك إلى الإفلاس ولعل أهمها كان بنك "ليمان براذر" رابع أغنى بنك في العالم والذي يعود إنشاءه لعدد من اليهود قبل أكثر من خمسة عقود، ووصل الأمر لحد إعلان صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد الأمريكي يتجه نحو انكماش يمكن أن يُعرض أكبر اقتصاد في العالم إلى ضغوط خلال معظم عام 2009.
وبحسب خبراء تعود جذور تفاقم الأزمة المالية الحالية في أمريكا إلى سياسات تحرير الأنظمة البنكية وخفض معدلات الفائدة، والتي قام بها مجلس الاحتياطي الفيدرالي بقيادة رئيسه السابق ألان جرينسباد بعد تهاوي أسعار أسهم التقنية، وهو الأمر الذي شجع على انخفاض تكاليف الإقراض وساهم بشكل كبير في تكون أزمة العقارات في الولايات المتحدة والتي بدورها تفاقمت لتطيح بالاقتصاد الأمريكي ككل.
أن خطة الإنقاذ وما سبقها من محاولات إنقاذ وحدات مصرفية، مثل شركة التأمين العالمية الأمريكية، وصلت إلى ما يقرب من تريليونَي دولار، وتحديدًا 1.8 تريليون دولار؛ منها بالطبع 700 بليون دولار كخطة إنقاذ مباشرة.. هذا في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها.
هذه الخطة في الواقع لا تعالج الجذور ومسببات الأزمة، وإنما تعالج مظاهر الأزمة، وبالتالي لم ولن تُحدث الأثر المطلوب على الأقل في فترةٍ وجيزة.

منذ اللحظة الأولى لتطبيق خطة الإنقاذ الأمريكية تهاوى الدولار في جولة من جولات التهاوي المتكررة والمستمرة بعد أن تعافى بعض الشيء، وقد كان هذا التعافي وليد ضخامة الطلب على السيولة الدولارية في أسواق النقد في الآونة الأخيرة، وما لبث أن تهاوى نتيجة استفحال الأزمة، وما ترتب عليها من خسائر فادحة للاقتصاد الأمريكي تصل في بعض التقديرات إلى تريليون دولار، وما نتج عن ذلك من زيادة معدلات البطالة الأمريكية بصورة فاقت التوقعات -حيث بلغت نسبة 6.2% وهو المعدل الأعلى منذ 9 سنوات- وانخفاض العجز المزمن المتنامي والمتوالي في الميزان التجاري الأمريكي منذ العام 2001 والمتوقع أن يبلغ 788 مليار دولار خلال هذا العام، وتنامي المديونية الأمريكية والتي من المتوقع أن تبلغ نحو 62.2% من الناتج المحلي الإجمالي خلال هذا العام، فضلا عن الضغوط المتنامية على الموازنة العامة الأمريكية لعوامل سياسية، وعوامل عسكرية نتيجة مستنقع حرب أفغانستان والعراق المتوقع أن تصل تكلفتهما ما بين‏2.4‏ و‏4.5‏ تريليون دولار حتى عام‏2017.

آثار ارتباط عملات الدول العربية بالدولار:
أن ارتباط العملات الخليجية بالدولار الأمريكي قد أدى إلى تبني السلطات النقدية في الدول الخليجية المرتبطة بالدولار نفس مسار الدولار الأمريكي، ففي حالة انخفاض سعر الفائدة على الدولار يتم خفض الفائدة تلقائيا على العملات الخليجية، رغم اختلاف طبيعة البنيان الاقتصادي الخليجي عن الأمريكي، فالاقتصاد الخليجي لا تعاني جنباته من أزمة ولا يشكو من تباطؤ أو ركود، بل ينطلق نحو النمو بعكس الاقتصاد الأمريكي الذي يسير نحو الهاوية ويفقد هيمنته العالمية تدريجيا.
فهذا المنحى في السياسة النقدية إن كان يناسب الاقتصاد الأمريكي المتعثر فإنه لا يناسب الاقتصاد الخليجي، بل إنه يزيد من معدلات التضخم -نتيجة زيادة عرض النقود- الذي يعد أهم مشكلة تواجه الاقتصاد الخليجي، كما أنه يؤدي إلى انخفاض قيمة احتياطيات الدول الخليجية في مقابل العملات الأخرى، وهو ما يعني خسارة المليارات من العملات المحلية بسبب تراجع الدولار.
وتشير إحصائيات صندوق النقد الدولي في هذا الشأن إلى أن العملات الخليجية فقدت ما بين 20 و30 في المائة من قيمتها خلال السنوات الخمس الماضية بسبب الارتباط بالدولار.
إن فك ارتباط العملات الخليجية بالدولار بات محتما، فأسباب انخفاض سعر الدولار تتفاقم ولا تلوح في الأفق نهاية لها، فاحتلال العراق وأفغانستان يزيد من فاتورة الأمريكان، وأزمة الرهن العقاري تنتقل للأسواق العالمية كالنار في الهشيم، والخطة الأمريكية للعلاج لن تفعل الكثير في ظل تصدع النظام الرأسمالي الذي لا يهمه إلا نفسه، وأوشك بفعل هذه السياسة النفعية أن يقضي على نفسه!.
كما أن فك الارتباط ليس بدعا، فدولة الكويت رغم علاقاتها الإستراتيجية بالولايات المتحدة فكت ارتباط الدينار الكويتي بالدولار الأمريكي في 20 مايو 2007، واعتمدت تحديد سعر صرف الدينار الكويتي على أساس سلة من العملات العالمية الرئيسة على النحو الذي كان متبعا قبل الخامس من يناير 2005.
فإن الواقع يفرض على الدول الخليجية أهمية الخروج من هذا الارتباط بطريقة إدارية هادئة، فقد ألقى تراجع الدولار واستمراره في ذلك بظلاله على الاقتصاد الخليجي، فانخفاض سعر صرف الدولار له تأثير مزدوج على اقتصاد الدول الخليجية المرتبطة بالدولار، نتيجة لهذا الارتباط من جهة، وبسبب تسعير النفط من جهة أخرى.
فانخفاض سعر الدولار يسهم بصورة أخرى في ارتفاع قيمة كل من اليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني؛ وينتج عن ذلك زيادة في قيمة الواردات الخليجية التي تأتي غالبيتها من تلك الدول مما يسهم في ارتفاع معدلات التضخم المستورد، وهو جانب منظور خلال العامين الماضيين.
كما أن النفط يمثل الأولوية في صادرات دول الخليج، وليس لديها من المنتجات غير النفطية ما يمكن أن تستفيد منه عند انخفاض قيمة عملاتها من خلال زيادة الصادرات من تلك المنتجات غير النفطية، فضلا عن أن النفط باعتباره المصدر الأكبر للإيرادات قد شهد انخفاضا مع بدء تطبيق خطة الإنقاذ الأمريكية، وحتى بفرض استمراره في الارتفاع فإن انخفاض الدولار وارتباط حصيلة مبيعات النفط به يحول دون تحقيق مكاسب صافية من ارتفاع أسعار النفط، وقد كشف تقرير منظمة أوبك عن شهر يوليو 2007 أنه على الرغم من تسجيل أسعار النفط أسعارا قياسية في يونيو من العام 2007 فإنه عند احتساب معدلات التضخم والتغير في أسعار الصرف العالمي فإن أسعار النفط الحقيقية انخفضت مقارنة بأسعار 2006.



#عدنان_فرحان_الجوراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الآثار الاقتصادية للربيع العربي-
- تقرير التنافسية العالمية 2012-2013
- تقرير التنافسية العربية 2012 عرض تحليلي
- الآثار الاقتصادية لإغلاق مضيق هرمز على الاقتصادات الخليجية ع ...
- الاصلاح الضريبي.. المفهوم والأسباب والأهداف
- إعادة اعمار البنى التحتية في العراق ضرورة ملحة للتنمية الاقت ...
- دراسة تحليلية لمرتكزات نجاح التجربة التنموية في كوريا الجنوب ...
- منظمة التجارة العالمية وآثارها على الدول النامية
- التنمية البشرية في محافظة البصرة الواقع والآفاق المستقبلية
- مفهوم وأهداف إستراتجية التنمية الاقتصادية مع اشارة خاصة لاست ...
- الاصلاح الاقتصادي في العراق المسببات والاثار
- اقتصاد الظل الأسباب والآثار
- هجرة الكفاءات وأثرها على التنمية الاقتصادية-
- - الإنفاق العسكري وأثره على التنمية الاقتصادية-
- اقتصاد البصرة الواقع والافاق المستقبلية
- -الإطار النظري لسياسات جانب العرض-
- الدورات الاقتصادية


المزيد.....




- الأول في الشرق الأوسط.. صندوق النقد الدولي يفتتح مكتبا إقليم ...
- بلينكن يدعو الصين إلى -منافسة اقتصادية صحية-
- أردوغان: نهدف لرفع التبادل التجاري مع ألمانيا إلى 60 مليار د ...
- تكلفة باهظة والدفع بالعملة الصعبة.. كيف يبدو أول موسم للحج م ...
- رغم تضاعف أرباحها.. ما أسباب التراجع الكبير لأسهم -ميتا-؟
- ارتفاع أرباح مصرف أبوظبي الإسلامي 32% في الربع الأول
- اقتصاد الإمارات ينمو 3.3% في أول 9 أشهر من 2023
- -أبيكورب- تبدأ بيع سندات خضراء لأجل 5 أعوام
- أسهم أوروبا تتراجع وسط تباين أرباح الشركات
- الإمارات وتشيلي تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عدنان فرحان الجوراني - هبوط الدولار الأمريكي ..أسباب ونتائج