أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عدنان فرحان الجوراني - -الآثار الاقتصادية للربيع العربي-















المزيد.....

-الآثار الاقتصادية للربيع العربي-


عدنان فرحان الجوراني

الحوار المتمدن-العدد: 3916 - 2012 / 11 / 19 - 20:39
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


قبل شروعنا في تحليل الآثار الاقتصادية للربيع العربي سنبدأ في تقييم المشهد الاقتصادي في الدول التي شهدت الثورات قبل اندلاع هذه الثورات فيها، إذ أن الأسباب الاقتصادية تعد من أهم أسباب اندلاع تلك الثورات، وتتباين هذه الأسباب مابين الأسباب الداخلية والأسباب الخارجية وكما يلي:
أولا : الأسباب الداخلية:
هناك العديد من الأسباب الاقتصادية الداخلية التي قادت الى الثورات في بلدان الربيع العربي أهمها:
أ‌- الاختلالات الداخلية في كل بلد عربي التي تمثلت في تآكل وتناقص مكانة الطبقة الاجتماعية المتوسطة التي تعتبر العمود الفقري للاقتصاد حيث اثقلت كاهلها الانظمة السياسية الاستبدادية. وولدت طبقتين احداهما غنية غني فاحشا قليلة العدد والاخري فقيرة كثيرة العدد.
ب‌- تهميش الطبقة الشبابية المتعلمة التي تمثل حوالي 50% من اجمالي السكان في البلدان العربية.الذي حدث نتيجة اختلالات سوق العمل وارتبط باتساع التفاوت وتزايد ضغوط الفقر, وأشار تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي حول ثورات الربيع العربي إلي أن متوسط البطالة فى مصر والأردن ولبنان والمغرب وسوريا وتونس وصل فى عام 2008- الذى اتسم بارتفاع النمو الاقتصادي إلي 11 %، وهو أعلى معدل بطالة إقليمى فى العالم، وبلغت نسبة العاطلين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 عاما فى مصر وسوريا ما يقرب من 60 %من مجمل العاطلين، كان محفزا لإثارة السخط علي الانظمة القائمة. كما أن المشكلة لم تتوقف علي عدم توفر فرص عمل, بل ان كثيرا من الفرص التي تتاح للشباب في سوق العمل غير لائقة بالمؤهل العلمي الذي حصل عليه. وأن عددا من التقارير التي أصدرتها منظمات دولية أكد أن قصور اتاحة العمل اللائق في الدول العربية كان بمثابة قنبلة زمنية وساهم في ذلك غياب الشروط المناسبة في العمل مثل وجود عقد وضمان اجتماعي وتأمين صحي او تمثيل نقابي, بما يشير الي تجاهل اصحاب العمل للقوانين المعمول بها, والحالة المصرية تقدم نموذجا, مهما لمشكلة الشباب, خاصة من الفئات متوسطة ومنخفضة الدخل, الذين يفتقرون الي شبكة علاقات اجتماعية تساندهم في الحصول علي فرصة عمل, بينما تتاح فرص العمل للشباب الذين ينتمون لأسر ثرية, والشباب الذين يحصلون علي مستوي متميز من التعليم.
ت‌- استغلال موارد الوطن لمصلحة فئة محدودة تعيش علي حساب الفئات الاخري. مما أدى الى سيطرة نفوذ الرأسمالية الانتفاعية التي لا تعمل إلا لمصالحها ولا تخدم مصالح الفئات الاخري من الشعب.
ث‌- جمود نظام الاجور وعدم اتساقه مع الزيادة في تكاليف المعيشة مما جعل الملايين من صغار العاملين في جهاز الدولة والقطاع الخاص فقراء.
ج‌- اصلاحات اقتصادية ضئيلة وضعيفة إلى جانب اجراءات غامضة وغير واضحة ضد الفساد.
ح‌- السلبيات التي تعاني منها شبكات الامان الاجتماعي, ونموذج لذلك مصر. حيث يذهب جزء من الدعم لفئات لاتستحقه. كما ترتفع مصروفات الدعم ويذهب جزء كبير منه للاسكان والغذاء والطاقة, دون ان يكون لذلك اثر ايجابي على الاقتصاد.
ثانيا : الأسباب الخارجية:
اما المسببات الخارجية للثورات العربية فترجع الي عوامل عديدة أهمها:
أ‌- ان الاصلاحات الجذرية التي نادت بها الحكومات العربية كانت بتأثير مباشر من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي منذ فترة ثمانينيات القرن الماضي التي لم تؤت ثمارها وبقيت في غالب الأحيان غير مكتملة في العديد من الانشطة القطاعية وبالاخص الاجتماعية.
ب‌- انخفاض التدفقات التحويلية الخارجية نتيجة انهيار اسعار السلع الأولية الزراعية التي تصدرها البلدان النامية للبلاد المتقدمة بنسب تتراوح بين 30% و40% وقد صاحب هذه الاثار انخفاض ملحوظ في تمويل المشاريع الانمائية من جانب البلدان الاجنبية في عدة قطاعات اجتماعية كالصحة والنقل والسياحة.
خ‌- تأثر حجم صادرات البلدان العربية بشدة حيث سجلت الصادرات انخفاضا تخطي 30% في حين ان الواردات لم تسجل سوي 18% انخفاضا مما ادي إلي العجز في الميزان التجاري بحوالي 60% للسلع و14% للخدمات الي جانب انخفاض ايرادات السياحة في البلدان العربية بحوالي 45%.
د‌- الارتفاع الحاد، في الاسعار العالمية للغذاء، بخاصة ان تونس، مصر، ليبيا، اليمن وسواها، تعتمد على الاستيراد من الخارج، لتأمين جزء كبير من حاجاتها، وما ساعد على تفاقم الاحتجاجات، وصولا الى الثورات الشعبية، هو التطور السريع والحاد، في عالم الاتصالات وبخاصة الانترنت الذي لعب دورا كبيرا في الحصول على المعلومات والحقائق والوقائع الميدانية، في ساحات الحشود الشعبية وفي تأمين التواصل بين المجموعات الشبابية".
ادت العوامل السابقة لحدوث مشاكل اجتماعية في البلدان العربية قادت لانداع الثورات في بعضها كتونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا.
كذلك فان الاردن والمغرب والجزائر، مؤهلة للتأثر اقتصاديا بالربيع العربي بسبب ما يمكن ان يواجهه الاداء الاقتصادي في هذه البلدان من اضطرابات اجتماعية، ومن جانب آخر فان البلدان الثرية في المنطقة ومع توفر اجواء سياسية مستقرة نسبيا مثل معظم بلدان مجلس التعاون الخليجي، فان من المتوقع ان تكون الاثار الاقتصادية للربيع العربي اقل شانا، ولكن من المحتمل ان تواجه ضغوطات الزيادة في الانفاق في مجال الخدمات الاجتماعية لتجنب مثل تلك الانتفاضات، البلدان التي شهدت الثورات.
وقد أدت ثورات الربيع العربي الى نتائج اقتصادية عديدة منها ماهو سلبي وهو الأغلب وما هو ايجابي .
وقد ورد في تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعامي 2011 – 2012 ما يلي ( خلال العام الماضي شهدت منطقة الشرق الاوسط درجة عالية من الاضطرابات السياسية سيكون لها اثار بليغة على القدرة التنافسية لهذه الدول وربما ستؤدي إلى المزيد من التفاقم في هوة التنافس بين دول الخليج المصدرة للنفط وبقية الدول غير المصدرة، هذا التوجه كان واضحا في النتائج الواضحة في تشتت النشاط الاقتصادي مثل تقلص الاستثمارات الاجنبية وتردي السياحة، مع الاخذ بنظر الاعتبار ان هذا التراجع في مجال الاستثمارات وواردات السياحة دفعت الحكومات إلى زيادة الانفاق الحكومي في دعم اسعار الوقود والمواد الغذائية المرتفعة ما ادى إلى زيادة كبيرة في العجز في الميزان التجاري، المشكلة التي تواجه الان مصر وتونس وليبيا هي انه وفي ظل الاضطرابات السياسية والاجتماعية هي ضرورة تغطية النقص في العملات الاجنبية وتزايد الانفاق الحكومي، في الوقت الذي ترتفع فيه كلفة الاقتراض في هذه البلدان بصورة مخيفة، وهنا يكمن وجه التناقض، ففي مواجهة الاضطرابات السياسية تلجأ الحكومات إلى زيادة في الانفاق الحكومي التي تؤدي بدورها إلى زيادة العجز في الميزان التجاري ومن ثم إلى المزيد من الاضطرابات السياسية.
الآثار السلبية:
يمكن توضيح أهم الآثار السلبية للربيع العربي بالآتي:
1- خسرت البورصات العربية 49 مليار دولار حسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية
2- ارتفاع معدلات البطالة حيث سجلت مصر ارتفاع حجم البطالة في الربع الرابع 2011 إلى 12.4% من قوة العمل مقابل 11.9% في نفس المدة 2010، فى حين وصل معدلات البطالة فى المغرب إلي 30% من الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما عاطلون عن العمل حتى يناير 2012، وسجلت الجزائر الرقم الأكبر حيث وصلت نسبة البطالة إلي 22%، لعودة معظم العاملين من دول تونس وليبيا سوريا ومصر، وسجلت تونس نسبة بطالة وصلت إلي بـ18.9 في اواخر 2011.
3- انخفاض حجم الاستثمارات الأجنبية في المنطقة العربية، بنحو 83 %، إلى أقل من 5 مليارات دولار، وذلك لتعطل دورة الإنتاج في عدد من تلك البلدان، ما أثر في حجم الصادرات، وتراجع السياحة إلى أدنى مستوياتها، وارتفاع البطالة والنقص الحاد في الوارد من العملات الأجنبية.
4- أن الحكومات في عام 2011 قد اضطرت إلى زيادة الإنفاق الجاري في المالية العامة على حساب الإنفاق الاستثماري لأنها صرفت مبالغ كبيرة في منح زيادات أجور وحمايات اجتماعية إضافية لمواطنيها.
5- وصلت خسائر الاقتصاد العربي بسبب تحولات الثورات العربية إلى نحو 100 مليار دولار في عام 2011، ومن المتوقع أن يتجاوز هذا الرقم خلال العام الجاري 2012 ويصل إلى نحو 120 مليار دولار.
6- وفق أرقام البنك المركزي التونسي فإن الإنتاج الصناعي التونسي تراجع بنسبة 12% خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام 2011، مقارنة بالفترة نفسها من العام 2010، كما تراجع النشاط السياحي بنسبة تتراوح بين 45 و50% وفي حركة نقل المسافرين بنسبة 25%، ما جعل البلاد تخسر 7 آلاف فرصة عمل شهريا وفق مصادر حكومية كما تراجع أداء قطاع المناجم والفسفاط بنسبة 53% ،وتؤكد مصادر البنك المركزي أن العجز الجاري في ميزان المدفوعات بلغ 2.5% مقارنة بالناتج محلي الاجمالي في الفترة نفسها من السنة الماضية، فيما ارتفعت نسبة التضخم 3%..
7- التحويلات المالية للتونسيين المقيمين في الخارج تراجعت في الأشهر الأخيرة بنسبة 12,5% وقد تقلص احتياطي البلاد من العملة الصعبة ليصل الى 10,5 مليارات دينار تونسي، أي ما يكفي لتمويل الواردات 118 يوما.
8- قدرت خسائر قطاع السياحة المصري بنحو 3 مليارات دولار بعد مرور ستة أشهر من اندلاع الثورة، وهو ما يعادل 18 مليار جنيه، نظرًا لتناقص عدد السياح والسياحة العالمية إلى مصر، علما أن قطاع السياحة يمثل31% من الناتج القومي الإجمالي ويعمل فيه حوالي 3.5 ملايين مصري. كما أن حجم الخسائر في قطاع الطيران بلغت 700 مليون جنيه بسبب انخفاض في نسبة الركاب تصل الى56% بسبب تراجع نسب الحجز والسفر والرحلات الخارجية على الخطوط المصرية لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر.
9- عودة وتشرد كثير من العمالة العربية التي كانت تعمل في ليبيا والتي تم تقدير عددها بحدود 1.5 مليون عامل أغلبهم من مصر وتونس كانوا يعيلون ملايين من أفراد عوائلهم وأقربائهم.
10- ترتب على توقف الأعمال وفقدان أعداد كبيرة من العمالة العربية لمصادر رزقهم أن اضطرت بلدان هذه العمالة إلى تعويض هؤلاء الأفراد من خلال زيادة الدعم والإعانات والتوسع في مد شبكات الحماية الاجتماعية. إن التكاليف الاقتصادية لهذه البلدان قد تفاقمت بشكل رئيسي نتيجة فقدان هذه البلدان لإيرادات مالية كبيرة ممثلة في الإيرادات النفطية بالنسبة لليبيا بشكل خاص وتقلص حصيلة الضرائب بالنسبة لبقية البلدان.
11- إن مختلف هذه التداعيات الاقتصادية قد أدت إلى إضعاف مقومات اقتصاديات البلدان العربية التي شهدت هذه التطورات السياسية الأمر الذي أدى ليس فقط إلى تراجع معدلات النمو الاقتصادي بل أيضاً إلى تخفيض في درجات الجدارة الائتمانية لهذه الدول من قبل مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية والذي نتج عنه بالتبعية صعوبة اقتراض هذه الدول وارتفاع تكاليف اقتراضها من الأسواق العالمية كما أدى ذلك إلى ارتفاع تكاليف التأمين على قروض هذه الدول المعنية.
12- هذه العوامل والتداعيات الاقتصادية مجتمعة أدت إلى زيادة الاختلالات المالية للدول العربية التي مرت أو لا زالت تمر بهذه الظروف حيث ازدادت عجوزات موازين المدفوعات التي تحولت في حالة مصر مثلاً من فائض إلى عجز يصل إلى حوالي 10 مليار دولار، وكذلك اختلالات الموازنة العامة والتي تجاوزت في بعض الحالات 10% من الناتج المحلي الإجمالي.
13- رأس المال الأجنبي بات يتخوف من ولوج المنطقة العربية في الوقت الحالي لقناعته بأن هذه المنطقة غير مستقرة سياسيا، باستثناء تلك الاستثمارات التي تتدفق نحو قطاعات يعتبرها الغرب إستراتيجية كالنفط والغاز.
14- يقول ايريك برجلوف كبير الاقتصاديين لدى البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير ان الحاجة لخلق أعداد ضخمة من الوظائف يجعل وضع العالم العربي أكثر صعوبة في بعض الجوانب من التحديات التي واجهتها الكتلة السوفيتية السابقة قبل عشرين عاما.
وقال برجلوف "كانت هناك عدالة أكبر في توزيع الثروة في الاقتصادات السوفيتية ولم تكن البطالة مرتفعة إلى هذا الحد." وقد تأسس البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير للمساعدة على إمداد الاقتصادات السوفيتية السابقة بالتمويل والمشورة.
15- في استطلاع للرأي أجرته مؤسسة (Bayt.com) أوضح الغالبية العظمى من أفراد العينة أن ظروف العمل في بلادهم تدهورت في أعقاب الربيع العربي وليس من المستغرب أن البلدان التي تعاني من الثورات التي طال أمدها هي الأكثر تضررا. في تونس، 58 ٪ من المجيبين قالوا ان وضع العمل الآن هو إما أسوأ أو أسوأ بكثير مما كان عليه قبل الثورة. في مصر، هذه النسبة ترتفع الى 68 ٪، وفي سوريا 71 ٪ من المستطلعين قالوا أن حالة العمالة هي الآن أسوأ أو أسوأ بكثير مما كان عليه قبل بدء الاحتجاجات.

الآثار الايجابية: أما الآثار الايجابية فتمثلت في:
1- العديد من رجال الأعمال العرب مقتنعون بأن هذه الاضطرابات فتحت الباب لفرص جديدة للشركات الخاصة وأزاحت المصالح المتجذرة وفتحت الساحة أمام لاعبين جدد. ويقارن توماس ميراو رئيس البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير بين الربيع العربي وسقوط الشيوعية في دول الاتحاد السوفيتي السابق قبل نحو عشرين عاما قائلا إن الربيع العربي قد يساعد على إدخال اقتصاد شمال إفريقيا إلى سلسلة التوريدات العالمية. وهذا قد يدفع العالم العربي إلى نمو غير مسبوق.
2- أن المصرفيين في مصر وبلدان أخرى أصبحوا يتمتعون بحرية أكبر في الإقراض بدون تدخل سياسي. وتتجه ليبيا نحو تخفيف القيود على البنوك المملوكة للقطاع الخاص بعد سنوات من القيود الصارمة. وتظهر فرص جديدة للنشاط المصرفي الاسلامي في عدة بلدان من بينها المغرب وسلطنة عمان.
3- كانت المؤسسات العربية تشتري الولاء لكنها الآن تشتري الاحتراف.
4- وينمو أيضا دور نقابات العمال. فبعد أن كانت مقيدة أو مسيسة في عهد الأنظمة السابقة اكتسبت الثقة بعد الثورات. ومن خلال الإضرابات حصل العمال على أجور أفضل في أنحاء المنطقة في العام الماضي من المغرب إلى الأردن. وتشكلت أيضا نقابات جديدة في مصر وتونس.
المساعدات الممنوحة لدول الربيع العربي:
في قمة عقدت في مايو/ أيار 2011 في فرنسا تعهد زعماء مجموعة الدول الثماني بمساعدات بقيمة نحو 40 مليار دولار أغلبها على شكل قروض منخفضة التكلفة لمصر وتونس على مدى فترة زمنية لم تحدد.
وكان من المقرر أن تقدم مساعدات بقيمة عشرة مليارات من دول الثماني وعشرة مليارات من دول الخليج الغنية و20 مليارا من مؤسسات دولية مثل البنك الدولي.
وفي سبتمبر/ أيلول زادت مجموعة الثماني تعهداتها إلى مثليها تقريبا وأضافت المغرب والأردن لقائمة الدول المتلقية للمساعدات. ومن ناحية أخرى قررت دول الخليج الغنية العام الماضي تأسيس صندوق برأسمال 20 مليار دولار لتقديم منح للبحرين وعمان بعشرة مليارات دولار لكل منها على مدى عشر سنوات لتمويل برامج تنمية وبرامج اجتماعية.
ولدى الدول المانحة أسباب سياسية قوية للتعهد بهذه المساعدات. فإذا لم تتمكن اقتصادات دول "الربيع العربي" من تحقيق نمو كاف وتوفير فرص عمل فستتفاقم الاضطرابات السياسية هناك وقد تمتد إلى دول أخرى وتشمل المنطقة بأسرها.
وحتى الآن كان تدفق الأموال للدول المحتاجة أقل بكثير من توقعات هذه الدول. فقد تلقت قروضا ومنحا متناثرة لكنها لم تتجاوز بضع مئات الملايين من هنا و500 مليون دولار من هناك بما لا يكفي لحل مشكلات حادة في الميزانيات وموازين المدفوعات في دول "الربيع العربي".
وقدر بعض الاقتصاديين أن نحو 15 مليار دولار فقط من 60 مليار دولار تم التعهد بها لدول الربيع العربي هي التي صرفت بالفعل حتى الآن. وكانت مصر على سبيل المثال تأمل العام الماضي في الحصول على مساعدات تزيد على عشرة مليارات دولار لدعم احتياطياتها بالعملة الأجنبية التي تراجعت بحدة وسد عجز الميزانية ولكنها لم تتلق سوى نصف هذا المبلغ تقريبا. ومازالت المحادثات المتعلقة بقرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 3.2 مليار دولار لم تحسم.
وقالت البحرين إن 20 مليار دولار تعهدت بها الدول الغنية المجاورة لها لم تصرف حتى الآن وإن كانت مازالت تنتظر دفعة أولية قريبا.
الدروس المستفادة:
1- أشارت دراسة ألمانية أن النمو الاقتصادي لا يحول دون اندلاع الثورات، مدللة على ذلك بدول الربيع العربي، وخلصت الدراسة، التي أجرتها مؤسسة بيرتيلسمان، إلى أن النمو الاقتصادي لم يؤد بالضرورة للتماسك الاجتماعي مشيرة إلى ثورات الربيع العربي كدليل على ذلك. وقالت المؤسسة "مصر وتونس حققتا معدلات نمو مذهلة كما أن الحكومات في البلدين طبقت إصلاحات اقتصادية ناجحة للغاية". وأضافت "في نفس الوقت لم تواجه الإصلاحات الظروف الاجتماعية حيث تزايد معدل الفقر وتنامى الشعور باليأس والإحباط، خاصة بين الشباب والمجتمعات الريفية".
2- ان الدول العربية, ومنها دول الربيع العربي, عجزت منذ السبعينيات في ظل اتباعها نظام حرية السوق وبرامج صندوق النقد والبنك الدوليين, عن أن تقدم فكرا اقتصاديا تحل به المشكلات التي واجهتها. وأن ذلك كان نتيجة اتباع النظم الاقتصادية الغربية التي أشرفت علي تنفيذها المؤسسات الدولية ولم تكن نظما طرحت من الداخل. وأن تطبيق هذه البرامج قد واكبه مزيد من التشوهات الاقتصادية والاجتماعية في تلك الدول افرزت بدورها الثورات والانتفاضات العربية.
التوصيات:
على الدول العربية التي تأثرت بالربيع العربي أن تعمل جاهدة على استعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي إلى دولها من أجل جذب الاستثمار الأجنبي إليها واستعادة القطاع السياحي لنشاطه المعتاد ووضع استراتيجيات اقتصادية تساعد على النهوض باقتصاديات هذه الدول ومعالجة المشاكل الاقتصادية التي أدت لقيام الثورات.
د.عدنان فرحان الجوراني
كلية الادارة والاقتصاد
جامعة البصرة



#عدنان_فرحان_الجوراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقرير التنافسية العالمية 2012-2013
- تقرير التنافسية العربية 2012 عرض تحليلي
- الآثار الاقتصادية لإغلاق مضيق هرمز على الاقتصادات الخليجية ع ...
- الاصلاح الضريبي.. المفهوم والأسباب والأهداف
- إعادة اعمار البنى التحتية في العراق ضرورة ملحة للتنمية الاقت ...
- دراسة تحليلية لمرتكزات نجاح التجربة التنموية في كوريا الجنوب ...
- منظمة التجارة العالمية وآثارها على الدول النامية
- التنمية البشرية في محافظة البصرة الواقع والآفاق المستقبلية
- مفهوم وأهداف إستراتجية التنمية الاقتصادية مع اشارة خاصة لاست ...
- الاصلاح الاقتصادي في العراق المسببات والاثار
- اقتصاد الظل الأسباب والآثار
- هجرة الكفاءات وأثرها على التنمية الاقتصادية-
- - الإنفاق العسكري وأثره على التنمية الاقتصادية-
- اقتصاد البصرة الواقع والافاق المستقبلية
- -الإطار النظري لسياسات جانب العرض-
- الدورات الاقتصادية


المزيد.....




- الأول في الشرق الأوسط.. صندوق النقد الدولي يفتتح مكتبا إقليم ...
- بلينكن يدعو الصين إلى -منافسة اقتصادية صحية-
- أردوغان: نهدف لرفع التبادل التجاري مع ألمانيا إلى 60 مليار د ...
- تكلفة باهظة والدفع بالعملة الصعبة.. كيف يبدو أول موسم للحج م ...
- رغم تضاعف أرباحها.. ما أسباب التراجع الكبير لأسهم -ميتا-؟
- ارتفاع أرباح مصرف أبوظبي الإسلامي 32% في الربع الأول
- اقتصاد الإمارات ينمو 3.3% في أول 9 أشهر من 2023
- -أبيكورب- تبدأ بيع سندات خضراء لأجل 5 أعوام
- أسهم أوروبا تتراجع وسط تباين أرباح الشركات
- الإمارات وتشيلي تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عدنان فرحان الجوراني - -الآثار الاقتصادية للربيع العربي-