أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عدنان فرحان الجوراني - التنمية البشرية في محافظة البصرة الواقع والآفاق المستقبلية















المزيد.....



التنمية البشرية في محافظة البصرة الواقع والآفاق المستقبلية


عدنان فرحان الجوراني

الحوار المتمدن-العدد: 3413 - 2011 / 7 / 1 - 13:37
المحور: الادارة و الاقتصاد
    




الخلاصة:
في العقد الأخير من القرن الماضي تنامي الوعي بقيمة الإنسان هدفاً ووسيلة في منظومة التنمية الشاملة، وبناء على ذلك كثرت الدراسات والبحوث والمؤتمرات التي عقدت لتحديد مفهوم التنمية البشرية وتحليل مكوناتها وأبعادها، كإشباع الحاجات الأساسية، والتنمية الاجتماعية، وتكوين رأس المال البشري، أو رفع مستوى المعيشة أو تحسين نوعية الحياة. وتستند قيمة الإنسان في ذاته إلى منطلقات قررتها الديانات السماوية التي تنص على كرامة الإنسان والذي جعله الله خليفة في أرضه ليعمرها بالخير والصلاح. لقد ترسخ الاقتناع بأن المحور الرئيس في عملية التنمية هو الإنسان.
فرض مصطلح التنمية البشرية ومن بعده التنمية المستدامة نفسهما في الخطاب الاقتصادي والسياسي على مستوى العالم بأسره وخاصة منذ التسعينات، كما لعب البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة وتقاريره السنوية عن التنمية البشرية دورا بارزا في نشر وترسيخ هذين المصطلحين حيث اتجهت الأنظار منذ ثمانينيات القرن الماضي نحو تكريس الاهتمام بالعنصر البشري باعتباره محور التنمية الاقتصادية وغايتها ، فجاءت الكتابات التي تعني بتنمية هذا العنصر ثم ظهور إستراتيجية التنمية البشرية كتتويج لتلك الجهود.
تعد محافظة البصرة من أغنى محافظات العراق من ناحية الموارد سواء المادية أم البشرية، الا أن هذه المحافظة مرت بظروف عصيبة إبان فترة حكم النظام السابق ، ونتيجة لظروف الحروب والحصار الاقتصادي فان هذه المدينة الآن شبه مدمرة ، ومواردها البشرية عانت الكثير وانخفضت مؤشراتها الصحية والتعليمية وعانت من ارتفاع مستويات الفقر والبطالة، وباتت بحاجة للكثير جدا لتطويرها لتقف في مصاف الموارد البشرية في الدول المجاورة وهي تستحق ذلك نسبة لما تمتلكه محافظة البصرة من ثروات هائلة تمكنها من تطوير مواردها البشرية إن أحسنت القيام بذلك.




المقدمة:
في هذه الورقة سوف نحاول تقديم صورة موضوعية لجهود التنمية البشرية في محافظة البصرة والثغرات وعوامل الضعف التي اعترت المسيرة التنموية خلال السنوات الماضية، مستندين في ذلك إلى المعطيات الإحصائية الرسمية وتقرير التنمية البشرية في العراق، وسيتم اللجوء إلى المقارنة خلال فترات زمنية وإلى المقارنة مع مؤشرات المحافظات والدول المجاورة والعربية منها خاصة، إن أهمية التنمية البشرية وأبعادها والسياسات المساعدة على تطويرها تحتاج إلى بحوث معمقة وجادة ميدانية ونظرية، ولا تدعى هذه الورقة باستيفاء الشروط المطلوبة أو تغطية عناصر التنمية ومجالاتها، وهي ليست أكثر من ورقة أولية لحث أصحاب القرار على البحث والاهتمام بشكل جدي بهذا الموضوع.
من أجل تحقيق هذا الهدف فان الورقة ستحاول الإجابة عن الأسئلة التالية:
1- ما هي التنمية البشرية، وما هي مؤشراتها؟
2- ما هو واقع التنمية البشرية في محافظة البصرة ؟
3- ما هو المطلوب لتطوير التنمية البشرية في محافظة البصرة؟









أولا: مفهوم التنمية البشرية ومؤشراتها:
تعرف التنمية البشرية ( Human Development) على أنها " توسيع خيارات الأفراد وقدراتهم من خلال تكوين راس المال الاجتماعي الذي يقوم بتلبية متطلبات الأجيال الحالية بأعدل صورة ممكنة دون الإضرار باحتياجات الأجيال المقبلة"، كما عرفها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة بأنها " عملية توسيع الخيارات المتاحة أمام الناس وأن هذه الخيارات تنتج عن طريق توسيع القدرات البشرية وعلى كافة مستويات التنمية وهناك قدرات تعد أساسية للتنمية البشرية وهي أن يعيش الفرد حياة خالية من العلل وأن يكتسب المعرفة والتمكين من الحصول على الموارد اللازمة لمستوى معيشة لائق".
ويجدر القول أن للتنمية جانبان: الأول هو تشكيل القدرات البشرية مثل تحسين الصحة والمعرفة والمهارات. والثاني يتمثل في انتفاع الناس بقدراتهم المكتسبة في المجالات الشخصية أو الإنتاجية أو الثقافية أو الاجتماعية أو السياسة. ولكي تكون التنمية البشرية ناجحة فإنه لا بد من تواجد توازن دقيق بين هذين الجانبين.
كما أن التنمية البشرية كمفهوم يعني ثلاثة أبعاد فهي تنمية للناس - أي أنها عملية تستخدم الإنسان كغاية بحد ذاتها- وهي تنمية بواسطة الناس - أي أنها عملية ترتكز على الإنسان كأداة فاعلة في التطور الاقتصادي - وهي تنمية من اجل الناس أي أنها عملية تهدف إلى تحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي للأفراد وتخليصهم من جميع مسببات الفقر البشري.
ونظرًا لأن البشر هم الثروة الحقيقية لأية أمة، لذا فإن قدراتها تكمن فيما تمتلكه من طاقات بشرية مؤهلة ومدربة وقادرة على التكيف والتعامل مع أي جديد بكفاءة وفاعلية. وما تجربة دول جنوب شرق آسيا إلا مثال حي على ذلك ، فتلك الأمم التي قطعت على نفسها التزامات هامة تجاه تجميع رأس المال البشري وتحويله إلى طاقة وميزة تنافسية عالية تم توجيهها إلى استثمارات عالية الإنتاجية؛ كان مبعثه إيمانها بأن سر نهضتها ونموها يكمن في عقول أبنائها وسواعدهم ، وقد كان نتيجة ذلك أن حققت اقتصادات تلك البلدان معدلات متسارعة من النمو تجاوزت بها أكثر البلدان تقدمًا، واستطاعت أن تحقق التنمية الاقتصادية المنشودة في فترة قياسية مقارنة مع الفترات التي استغرقتها تجارب الدول الأخرى ، حتى أطلق عليها النمور الآسيوية، وأصبحت مثلا يحتذى به لكل من أراد أن يلحق بركب التقدم. وحتى عندما تعرضت تلك البلدان لأزمة مالية كبيرة عام 1997 استطاعت أن تسترد عافيتها بسرعة فاقت التوقعات، وهو ما أرجعه الخبراء إلى الثروة البشرية التي تمتلكها تلك البلدان، وما تتمتع به من جودة وكفاءة عالية.

إن محاولات تأليف مقياس للتنمية البشرية قد اتسمت بالضعف والقصور، وقد وضع المختصون في مجال التنمية البشرية عدداً من المؤشرات لقياس الانجازات في مجال التنمية البشرية , ويتكون دليل التنمية البشرية من مقياس مركب يحتوي ثلاثة مكونات أساسية للتنمية البشرية هي :
1- الصحة : وتقاس من خلال مؤشر طول العمر الذي يقاس بالعمر المتوقع عند الولادة.
2- التعليم :ويقاس بتوليفة من مؤشرات معرفة القراءة والكتابة بين الكبار ومتوسط سنوات الدراسة في المؤسسات التعليمية.
3- الدخل : الذي يقاس بمستوى القوة الشرائية استنادا إلى نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي.
يتم بعد ذلك حساب القيمة النوعية لمؤشر التنمية البشرية لكل دولة من المعدل الحسابي لهذه المؤشرات الثلاث والتي تقع عموماً ضمن الفاصل البيني HDI ≤ 1 ≥ 0 ومنذ عام 1995 تم تبني مؤشر تنموي بحسب جنس الشخص(Gender –Related Development) يتولى تعديل مؤشرات المكونات لكل دولة . وهنالك مقياس أخر وهو مقياس الصلاحيات حسب الجنس يهدف هذا المؤشر إلى تقرير الأهمية النسبية للرجال والنساء في الحياة السياسية الرغم مما تعرضت له هذه المؤشرات من انتقادات من قبل الكثير من الاقتصاديين باعتبارها قد لا تعكس صورة حقيقة للتنمية في كثير من الدول وبالأخص الدول النفطية وغير ذلك إلا أن هذه المؤشرات تبقى هي الأكثر أهمية في قياس مدى التقدم في نوعية حياة البشر في أي دولة وذلك واضح من خلال الفروقات الكبيرة في هذه المؤشرات بين الدول الصناعية المتقدمة والدول الفقيرة .

ثانيا: واقع التنمية البشرية في محافظة البصرة:
تبلغ قيمة دليل التنمية البشرية للعراق ما مقداره (0.623) وهو رقم منخفض جدا إذا ما قارناه بمتوسط الدول العربية البالغ (0.699) ومعدل البلدان ذات التنمية البشرية المتوسطة البالغ ( 0.698) أي أن العراق يصنف ضمن الدول ذات التنمية البشرية المتوسطة المنخفضة وذلك بحسب التقرير الوطني لحال التنمية البشرية في العراق 2008، وتأتي البصرة في المرتبة الخامسة بين محافظات العراق في قيمة دليل التنمية البشرية لها والبالغ (0.634) وذلك بعد محافظات (السليمانية وأربيل والأنبار ودهوك) على التوالي.
بلغ عدد سكان محافظة البصرة حسب تقديرات عام 2009 ما يقارب (2.55) مليون نسمة، يشكل السكان النشطين اقتصاديا منهم (من عمر 15-65عاما) ما يقارب (55%) ، ويشكل الحضر ما نسبته (78.2%)، أما فيما يخص مؤشرات التنمية البشرية الثلاث وهي الصحة والتعليم والدخل فكانت مؤشراتها كالتالي:
1- الصحة :
تعاني البصرة من وضع صحي متردي ، إذ أشار تقرير حال التنمية البشرية الوطني للعراق والصادر عام 2008 إلى أن البصرة احتلت المرتبة الرابعة في مؤشر عدد الأطباء لكل (100 ألف) من السكان، بعد كل من بغداد ودهوك وكربلاء على التوالي، وذلك بمعدل 73 طبيبا لكل 100 ألف من السكان، واحتلت المرتبة السابعة في مؤشر العمر المتوقع عند الولادة بالسنين وبمعدل بلغ (60.4 سنة) علما بأن متوسط هذا المؤشر للعراق ككل قد بلغ ( 58.2 سنة)، وبالنسبة للدول العربية فقد بلغ عام 2006 ما يقارب (67.5 سنة)، في حين بلغ متوسط الدول النامية (66.1 سنة)، مما يشير إلى عمق الفجوة بين العراق وبقية الدول العربية والنامية، وفي مؤشر معدل وفيات الأطفال الرضع لكل 1000 ولادة حية الذي يدل على ارتفاع مستوى الرعاية الصحية التي تقدم للأطفال في الشهور الأولى بعد الولادة احتلت البصرة المرتبة الثالثة وبمتوسط بلغ (27) حالة وفاة لكل 1000 ولادة حية بعد كل من كركوك (15 حالة وفاة) والسليمانية (26 حالة وفاة) ، في حين بلغ معدل هذه النسبة في كل من دولة الإمارات العربية المتحدة (8) حالات وفاة، وفي الكويت (8.6) حالات وفي البحرين (9) حالات و(10) حالات في عمان و(12) حالة وفاة في سوريا، وفي مؤشر معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة لكل 1000 ولادة حية احتلت البصرة المرتبة الرابعة وبمعدل 34 وفاة لكل 1000 ولادة حية بعد كل من كركوك (21 حالة وفاة) والأنبار (30 حالة وفاة) والسليمانية (31 حالة وفاة) ، في حين بلغ هذا المعدل في الإمارات (8) حالات وفاة وفي البحرين (10) حالات وفاة، وفي الكويت (10.1) حالة وفاة وفي عمان (12) حالة وفاة ، وفي سوريا (14) حالة وفاة، وفي مؤشر نسبة الأطفال دون الوزن الطبيعي بالنسبة لأعمارهم والذي يشير إلى سوء التغذية وعدم حصول الأطفال على السعرات الحرارية المطلوبة للنمو السليم ، احتلت البصرة المرتبة الثامنة عشر والأخيرة بين محافظات العراق وبنسبة بلغت (13.8%) في إشارة واضحة إلى تردي هذا المؤشر، أما ما يخص مؤشر نسبة السكان الذين لديهم مصادر مياه صالحة للشرب فقد احتلت البصرة المرتبة العاشرة وبنسبة بلغت (79.7%) ، في حين بلغ متوسط هذه النسبة في محافظات إقليم كردستان (96.8%) ، بينما بلغت (100%) في الإمارات وقطر والكويت ولبنان، وبلغت في مصر (98%)، وفي الأردن وتونس (97%) عام 2004، وبلغت نسبة السكان الذين يستخدمون مرافق صرف صحي محسن (87.6%) وبهذه النسبة احتلت البصرة المرتبة الثالثة عشر بين محافظات العراق، إذ بلغت هذه النسبة في محافظات إقليم كردستان (97.7%) ، وبلغت نسبة السكان المخدومون بشبكة المجاري (24.3%) في حين بلغت في السليمانية (80%) ، وبلغت نسبة السكان الذين يحصلون على صرف صحي ملائم في قطر والكويت (100%)، وفي الإمارات ولبنان (98%) وفي الأردن (93%) في عام 2004.
ويتجسد الخلل الأهم في القطاع الصحي في العراق عامة والبصرة خاصة في الآتي:
أ‌- انخفاض الإنفاق الحكومي على القطاع الصحي وانخفاض نسبة دخل الفرد من الإنفاق الصحي إذ تعتبر النسبة الأقل بين دول الجوار فقد بلغ متوسطها للمدة (2004-2007) ما مقداره (112.5) دولار/ فرد، في حين بلغت في الإمارات (497) دولار/ فرد، وفي الكويت بلغت (480) دولار/ فرد للمدة نفسها.
ب‌- انخفاض عدد الممرضين الذي يعادل تقريبا عدد الأطباء ، فيما يشكل من ثلاثة إلى ستة أضعاف عدد الأطباء في سائر دول المنطقة العربية، فضلا عن أن ثلث عدد الممرضين فقط سبق له وأن تلقى تعليما مهنيا عاليا (ما بعد الثانوي)، كما أن مهنة التمريض غير منظمة بقانون، ولا تخضع مزاولة المهنة داخل المستشفيات وخارجها للترخيص المسبق.
ت‌- تعاني أغلب المؤسسات الصحية من عدم توفر الأجهزة والمعدات الطبية الحديثة وبعض أنواع الأدوية المهمة وبكميات كافية، فضلا عن قدم هذه المؤسسات وعدم خضوعها للصيانة المناسبة، وقلة عدد المستشفيات والمراكز التخصصية.
ث‌- ارتفاع عدد المصابين بالأمراض السارية مع تفاقم أعداد المصابين بالأمراض المزمنة والسرطانية.
2- التعليم:
بذل العراق جهودا كبيرة خلال فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي في مجال التعليم أدت إلى تطور كبير في النظام التعليمي والى ارتفاع كبير في مؤشرات هذا القطاع، فقد اقترب مؤشر معدل الالتحاق بالمرحلة الابتدائية في مطلع الثمانينات من نسبة (100%)، فيما وصلت موازنة التعليم للعام الدراسي 1988-1989 إلى (2.5) مليار دولار وهو ما يعادل (6%) من الناتج المحلي الإجمالي، أو 620 دولار تقريبا لكل طالب وهي من أعلى النسب العالمية في تلك الفترة.
غير أن الظروف التي مر بها العراق من حروب وحصار اقتصادي أدت إلى الإطاحة بجزء كبير من ذلك التقدم، إذ تظهر البيانات أن معدل الالتحاق الإجمالي في المدارس الابتدائية قد انخفض من (113.4%) عام 1980 إلى (85%) عام 1997، وفي المرحلة الثانوية انخفض هذا المعدل من (57%) إلى (42%) خلال نفس الفترة. ويعزى جزء كبير من هذا التراجع إلى تردي الظروف الاقتصادية والمعاشية لغالبية المواطنين.
أما على صعيد نوعية التعليم، فقد انخفضت بشدة منذ عام 1990، وذلك نتيجة لعدم توافر الكتب المدرسية ووسائل التعليم بكميات كافية، وقلة الدورات التأهيلية للكوادر التدريسية، فضلا عن انخفاض ساعات التدريس الفعلية بنسبة (25%) في المدارس التي يستخدم فيها نظام الدوام الثنائي أو الثلاثي، وهو النظام المعتمد في المناطق كثيفة الطلاب، وفيما يؤشر تدني نوعية التعليم إلى انخفاض الفاعلية الخارجية لنظام التعليم، فان معدلات الرسوب المرتفعة (15%) في المرحلة الابتدائية، و(31%) في المرحلة المتوسطة، و(21%) في المرحلة الإعدادية لعام 1998، تعبر بوضوح عن تدني الفاعلية الداخلية أيضا.
وفي محافظة البصرة نجد أن معدل الإلمام بالقراءة والكتابة لدى البالغين (15 سنة فأكثر) للمدة (2004-2006) قد بلغ (82%) واحتلت البصرة بذلك المعدل المرتبة الرابعة بين محافظات العراق، وإذا ما ألقينا نظرة على هذا المعدل في الدول المجاورة نجد أنه في الكويت قد بلغ (94.5%) خلال المدة (1999-2007)، وفي الإمارات (90%) خلال نفس المدة، وفيما يخص مؤشر نسبة الالتحاق الإجمالية بالمدارس الابتدائية والثانوية والعليا للعام الدراسي (2006-2007) فقد احتلت البصرة المرتبة السابعة وبمعدل بلغ (58%) في حين بلغ هذا المتوسط للعراق (59%) وللدول العربية (66%) وللدول النامية (64%)، وبلغ معدل الالتحاق الصافي بالمدارس الثانوية في محافظة البصرة لعام 2006 ما نسبته (90%) واحتلت البصرة بذلك المرتبة الأولى على محافظات العراق وبفارق كبير جدا إذ بلغ متوسط الالتحاق بالنسبة للعراق ككل (40%) ، في حين بلغت هذه النسبة (101.5%) في قطر، و(92.5%) في الكويت، و(90%) في الأردن ، أما في مؤشر معدل الالتحاق بالتعليم الجامعي بعمر (18-25 سنة) لعام 2006 فقد احتلت البصرة المرتبة الرابعة بين محافظات العراق، وبمعدل بلغ (7.2%) وهي نسبة منخفضة جدا مقارنة بمعدل (38.25%) في الأردن و(22.5%) في الإمارات و(19%) في الكويت خلال المدة (2004-2007)، وفي مؤشر معدل الأمية لدى البالغين احتلت البصرة المرتبة الرابعة وبنسبة بلغت (18%).
تتلخص أهم مشاكل قطاع التعليم في الآتي:
أ‌- قلة عدد الأبنية المدرسية مقارنة بأعداد الطلبة مما استدعى وجود دوام ثلاثي في بعض المدارس ووجود كثافة طلابية في الصفوف الدراسية تصل إلى أكثر من 60 طالبا في الصف الواحد مما يؤثر على نوعية وجودة التعليم.
ب‌- انخفاض مستوى الهيئات التدريسية نتيجة لقلة الدورات التدريبية والتأهيلية.
ت‌- انخفاض نسبة مخصصات التعليم في الموازنة العامة للدولة وميزانية المحافظة.
3- الدخل:
احتلت محافظة البصرة المرتبة العاشرة في مؤشر حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بالدولار لعام 2007 وبمبلغ (3155دولاا/للفرد) ، في حين بلغ متوسط حصة الفرد في محافظات اقليم كردستان ما يقارب (6017 دولارا /للفرد) وهو ما يعادل (195%) من حصة الفرد في محافظة البصرة، كما بلغ متوسط حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الدول العربية (6716 دولارا/للفرد) وهو ما يعادل (212%) من حصة الفرد في محافظة البصرة وهي فجوة كبيرة جدا، وفي استطلاع للرأي أشار (61.3%) من سكان البصرة إلى تدني مستوى دخل الأسرة،
ثالثا: الآفاق المستقبلية للتنمية البشرية في محافظة البصرة:
يعاني رأس المال البشري في العراق من ضعف كبير في إمكانياته مقارنة بالدول العربية، ويتضح ذلك من خلال احتلال العراق للمرتبة الأخيرة عربيا في مؤشر تقدير رأس المال المعرفي المحصل من خلال التعليم، والجدول أدناه يوضح ذلك:

جدول(1)
خلاصة تقدير رأس المال المعرفي المحصل من خلال التعليم عند مختلف الشرائح
في عدد من الدول العربية لعام 2005 (%)
الدولة رأس المال المعرفي المتوسط العام
(أ+ب+ج)/3
المرتقب عند الأطفال (أ) عند الشباب (ب) عند الكبار (ج)
قطر 88 72 71 77
الأردن 86 74 69 76
الكويت 82 66 73 74
الإمارات 84 67 67 73
تونس 92 65 60 72
مصر 87 66 60 71
العراق 70 45 57 58
المصدر: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، تقرير المعرفة العربي للعام 2009، دار الغرير للطباعة والنشر، دبي، الإمارات العربية المتحدة، ص 109.
يوضح الجدول أن الفجوة بين العراق وبقية دول العينة كبيرة جدا خصوصا في رأس المال المعرفي عند الأطفال والشباب، وهذا ناتج عن الأسباب المذكورة سابقا فيما يخص تدني نسب الالتحاق بالمدارس الابتدائية والثانوية والجامعات، وتدهور نوعية التعليم، وانخفاض نسبة الإنفاق على التعليم من الناتج المحلي الإجمالي.
وتكشف تقديرات مؤشرات التنمية البشرية في محافظة البصرة عن تدهور كمي ونوعي فيها. نتيجة الدمار الذي لحق بالبنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية نتيجة الحروب وسنوات الحصار الطويلة، إذ أن تأثير تلك الظروف أعمق من أن تقيسه مؤشرات وأرقام تتسم بقدر عال من التجريد والعمومية. كما أن هذه الظروف سترافق آثارها وانعكاساتها السلبية مسيرة التنمية القادمة والمستوى الذي يمكن إن تصل إليه التنمية البشرية. أن ذلك يعني أن البيانات لا تعكس حقيقة وحجم التراجع الذي حصل في بنية التنمية البشرية وجوهرها. مثلما تفشل في إعطاء صورة التراجع في البنى المؤسسية الاقتصادية والسياسية والثقافية للمجتمع.

وهذا يعني أن هناك جهودا كبيرة جدا يجب أن تبذل من أجل تطوير التنمية البشرية في محافظة البصرة ورفع مؤشراتها المستقبلية، ويتطلب ذلك وضع سياسات ملائمة لتطوير رأس المال البشري وتتلخص أهم تلك السياسات بسياستين هما سياسة الصحة وسياسة التعليم:
أولا: السياسة الصحية: من أهم إجراءات السياسة الصحية الهادفة لرفع قدرة رأس المال البشري ما يلي:
أ‌- إعادة هيكلة النظام الصحي وتصميم منظومة صحية فعالة بأحدث المواصفات العالمية، يشترط بها أن تكون مرنة ومتوافقة مع احتياجات البصرة الحالية والمستقبلية، على أن توجه هذه المنظومة عناية كبرى للطب الوقائي والرعاية الصحية الأولية.
ب‌- وضع إستراتيجية صحية متوسطة وطويلة المدى تستهدف إيصال الخدمات الصحية لكافة شرائح المجتمع وفي كافة أنحاء المحافظة مع رفع مستويات التوعية الصحية والصحة الوقائية، على أن تركز هذه الإستراتيجية على إشراك القطاع الخاص في توفير الخدمات الصحية وإنشاء المستشفيات التخصصية وتوفير أقسام جديدة في كليات الطب تعنى بالصحة العامة وطب الأسرة، فضلا عن تشجيع انضمام الشباب من الجنسين لكليات ومعاهد التمريض لزيادة أعدادهم.
ت‌- تأهيل الكوادر الصحية وإكسابهم الخبرة من خلال إقامة الدورات والمشاركة في الندوات والمؤتمرات العالمية بما يسهم في رفع مستوياتهم
ثانيا: السياسة التعليمية: إن إصلاح النظام التعليمي يتطلب وضع إستراتيجية خاصة بالتربية والتعليم العالي طويلة الأجل من أجل تحقيق الثمار المرجوة منها، وتتخذ من الطالب محورا لها لتطوير قابلياته وقدراته، وتتركز أولويات هذه الإستراتيجية في تحقيق الآتي:
أ‌- وضع الخطط والسياسات القصيرة والمتوسطة والطويلة الأجل الكفيلة بإصلاح وتطوير القطاع التربوي ضمن إستراتيجية التربية والتعليم، على أن تتضمن التشاور مع وزارة التربية لإعادة النظر بشكل دوري بالمناهج العلمية لكافة المراحل الدراسية من أجل إدخال التقنيات والمعارف الجديدة التي يفرضها التقدم العلمي، وتحويل هذه المناهج إلى مناهج عملية تكسب الطلبة مهارات تفيدهم في حياتهم العملية، وزيادة عدد الساعات الدراسية وتقسيمها الأمثل بين المواد المختلفة، ويحتاج إعداد الإستراتيجية ووضع الخطط والسياسات المطلوبة إلى موارد بشرية ذات كفاءة عالية تتولى مهمة الإعداد ومتابعة التنفيذ، فضلا عن استخدام مثل هذه الموارد في إدارة شؤون التربية والتعليم وتسيير المؤسسات التربوية والتعليمية من أجل تحقيق أفضل النتائج.
ب‌- وضع أنظمة وآليات فعالة لتقييم التعلم والأداء عند الطلبة والهيئة التعليمية معا، ووضع نظام حوافز تشجيعي يرتبط بنتائج التقييم، فضلا عن وضع برنامج تدريبي للمعلمين والمدرسين لتطوير مهاراتهم وقابلياتهم باستمرار، وتزويد المدارس بأجهزة الحاسوب وإيصالها بشبكة الانترنت ويرى الباحث ضرورة الاستفادة من تجربة ماليزيا في ما يعرف بالمدارس الذكية التي تستخدم الانترنت وتقانة المعلومات ووسائل الاتصال الحديثة في التدريس.
ت‌- وضع خطة متكاملة لتحديد الاحتياجات الحالية والمستقبلية من الأبنية المدرسية على أن يتم تصميمها وبناؤها وفق أحدث المواصفات العالمية وتزويدها بالمختبرات ووسائل التعليم والإيضاح الحديثة من أجل الارتقاء بالواقع التعليمي، وربط مخرجات التعليم مع احتياجات السوق الحالية والمستقبلية، لأن تطوير رأس المال البشري يرتبط بشكل كبير بنوعية التعليم والمحتوى التقني فيه.
ث‌- إن رفع حصة التعليم المهني والتقني قبل الدرجة الجامعية الأولى عنصر مهم لربط التعليم بسوق العمل وتزويد الاختصاصيين بمساعدين لا غنى عنهم لضمان حسن قيام المهنيين مثل الأطباء والمهندسين والباحثين بمهامهم العليا، ويقتضي هذا التوجه عدم اقتناء الطلبة المتأخرين دراسيا للدخول إلى هذه الفروع بالقياس إلى فروع التعليم العام أو الجامعي.
ج‌- تطوير الجامعات ومراكز البحث العلمي من خلال فتح كليات أو أقسام لفروع المعرفة الحديثة، وتزويدها بالكوادر التدريسية ذات الكفاءة العالية والمختبرات والأدوات التعليمية الحديثة، وفتح فروع لبعض الجامعات العالمية المرموقة، وتطوير المكتبات الجامعية من خلال تزويدها بأحدث الإصدارات من الكتب والدوريات العلمية والاشتراك بالمواقع الالكترونية المزودة للمعارف والكتب والدوريات، وزيادة أعداد طلبة البعثات الدراسية إلى الخارج، والتعاون مع الجامعات ومراكز البحوث العالمية من أجل تطوير الهيئات التدريسية سواء من خلال الدورات التطويرية أم البحوث المشتركة وغيرها من السبل الكفيلة برفع مستوى أداء الهيئات التدريسية والبحثية.
الخاتمة:
انخفضت مؤشرات التنمية البشرية بشكل كبير في محافظة البصرة مقارنة ببعض محافظات العراق وخصوصا محافظات إقليم كردستان وأيضا مقارنة بدول الجوار وهي بحاجة لبذل الكثير من الجهود لتطويرها والنهوض بها، ويحتاج قطاع التعليم إلى بذل جهود كبيرة جدا وتخصيص ميزانية توازي احتياجاته ، حيث لا تخفى أهمية هذا القطاع في تأهيل العناصر الكفوءة وتطوير المجتمع ككل مما سيساهم في تطوير الحياة الاقتصادية والاجتماعية للبلد، كما يعاني القطاع الصحي في المحافظة من تردي كبير في نوعية خدماته ويحتاج إلى وضع استراتيجيات وسياسات مناسبة لرفع مستوى الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، كما يجب وضع الخطط المناسبة للقضاء على الفقر والبطالة.










المصادر:
1- انطوان حداد، نظامي التعليم والصحة في العراق وتحديات إعادة الاعمار، في: تصورات حول واقع ومستقبل الاقتصاد العراقي، تحرير د. أحمد الكواز، المعهد العربي للتخطيط، الكويت، 2005.
2- الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وآخرين، التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2009، أبو ظبي، سبتمبر (أيلول) 2009.
3- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، تقرير المعرفة العربي للعام 2009، دار الغرير للطباعة والنشر، دبي، الإمارات العربية المتحدة، ص 109.
4- المعهد العربي للتخطيط، تقرير التنافسية العربية 2003، الكويت، المعهد العربي للتخطيط ، 2003.
5- وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي وبيت الحكمة، التقرير الوطني لحال التنمية البشرية 2008، بغداد، وزارة التخطيط، المطابع المركزية، 2009.



#عدنان_فرحان_الجوراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم وأهداف إستراتجية التنمية الاقتصادية مع اشارة خاصة لاست ...
- الاصلاح الاقتصادي في العراق المسببات والاثار
- اقتصاد الظل الأسباب والآثار
- هجرة الكفاءات وأثرها على التنمية الاقتصادية-
- - الإنفاق العسكري وأثره على التنمية الاقتصادية-
- اقتصاد البصرة الواقع والافاق المستقبلية
- -الإطار النظري لسياسات جانب العرض-
- الدورات الاقتصادية


المزيد.....




- خبراء يفسرون لـCNN أسباب خسارة البورصة المصرية 5 مليارات دول ...
- اقتصادي جدا.. طريقة عمل الجلاش المورق بدون لحمة وبيض
- تحد مصري لإسرائيل بغزة.. وحراك اقتصادي ببريكس
- بقيمة ضخمة.. مساعدات أميركية كبيرة لهذه الدول
- بركان ينفت الذهب في أقصى جنوب الأرض.. ما القصة؟
- أبوظبي تجمع 5 مليارات دولار من طرح أول سندات دولية منذ 2021 ...
- -القابضة- ADQ تستثمر 500 مليون دولار بقطاعات الاقتصاد الكيني ...
- الإمارات بالمركز 15 عالميا بالاستثمار الأجنبي المباشر الخارج ...
- -ستوكس 600- يهبط ويتراجع عن أعلى مستوى في أسبوع
- النفط ينخفض مع تراجع المخاوف المتعلقة بالصراع بالشرق الأوسط ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عدنان فرحان الجوراني - التنمية البشرية في محافظة البصرة الواقع والآفاق المستقبلية