أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فريد جلّو - -- رجم الشيطان --














المزيد.....

-- رجم الشيطان --


فريد جلّو

الحوار المتمدن-العدد: 3911 - 2012 / 11 / 14 - 00:19
المحور: الادب والفن
    


-- رجـــم الشــــــــــيطان --
.................................

احتضنت وسادتها كأنها الملاذ الاخير لوحدتها وفي الحقيقة كانت تلوذ بها هربا من الاصوات التي تحيطها ,اصبحت حتى زقزقة العصافير توحي لها بالبؤس والجوع . وبين الفينة والفينة كان احد اطفالها يوخزها بأصابعه الناعمة ليقول لها اني جائع . يبدو ان الجوع ألمه واحد لدى الجميع فهي تشترك مع اطفالها في ذات الالم , قفزت من ذلك الشيء الذي تسميه مخدع نومها على صوت طرق الدار ..فتحت فلم تجد أحدا ولكنها وجدت حزمة من الاوراق المالية ومع كل الدهشة التي اصابتها توارد على ذهنها ان تأخد بعض الاوراق لتجلب الطعام لابناءها خرجت على عجل وبعد جولة في الاسواق عادت بخيبة امل فالاسواق جميعها مغلقة ومازال النهار في منتصفه ...عادت لترى ماحل بتلك الحزمة التي غفلت في اخفائها واصطدمت بمنظر مروع اذ عبث الاطفال بها ...مزقوا بعضها ورسم احدهم قرونا للصورة المطبوعة على الاوراق والاخر وضع قسما منها بطريقة يكمل فيها نصف نعله وهكذا صحت من حلمها الجائع على طرقة باب ايضاً ..فتسابق الاطفال لفتح باب زنزانتهم الاختيارية ..لم يتفاجئوا بالطارق , ذلك الكهل المتصابي الذي يرتدي نظارات سوداء وبدلة انيقة مع كرش كبير يلازمه فهو ضيف ثقيل كل بداية شهر , طالما تجادل مع امهم بصوت منخفض ثم ينتهي بصراخ ووعيد بالثبور من قبله ... حثت خطاها لتواجه ذلك الضيف الثقيل , همس في اذنها بضعة كلمات استفزت اذنها وانتقل ذلك الاستفزاز الى حواسها الاخرى ...سرعان ماحركت قبضتها في وجهه ثم تماسكت ولكن ماسمعه الاطفال انها لم ولن تجاريه في طلبه واذا اصر فستفضحه في كل مكان ولم تهدأ حتى تتحول كنيته من الحاج الى كنية تدل على ------.وأردفت قائلة لن اخرج من هذه الزريبة إلا الى قبري , تحت طائلة الجوع خرجت من الدار لاتلوي على شئ ...تقلب الافكار في رأسها , جربت ان تعمل وكل محاولاتها فشلت فهي لاتتقن شيئا ولاتملك شهادة دراسية اللهم الا معرفتها بتربية الاطفال وشؤون المنزل , ولكنها لم تفلح ايضا فمرة طردت بحجة السرقة وهي براء ...على أيّة حال في كل مرة كانت تعاديها الاقدار ...دون تخطيطا مسبق جلست تحت ظل نخلة تستجير بها من حرارة الشمس , اقتحمت رأسها ذكريات كان بطلها زوجها الشهيد الذي لاقبر له , كانت تعرف المكان الذي يقف فيه بعربته مع الباعة المتجولين وعندما سمعت الخبر ذهبت الى المكان كان عبارة عن وليمة من بقايا البشر لوحوش كاسرة .
اختارته دون غيره رغم ملامة الجميع , صحيح انه لم يمتلك المال ولكنه اغدق عليها بالحب والاحترام والامل في مستقبل افضل لكن كان حدسها قويا فيه وصح ذلك الحدس ...جمعت تلك الذكريات ووضعتها في قطعة قماش وحفرت لها في الارض متأملة انها في يوم ما ستكون شجرة باسقة تحمل كل انواع الثمار حتى تفاحة حواء التي سمعت عنها ثم نفضت غبار عباءتها لتكمل مشوارا لاتعرف ماهو ... تواردت الى ذهنها خواطر وقصص كثيرة واخذت بجمع مايصادفها من حصى لتقلد احدى القصص التي سمعتها من جدتها عن امرأة كانت تطبخ الحصى على امل ان ينام اطفالها بعد ان يتغلب النوم على جوعهم .. واذا بالخليفة ينقذ الموقف ويعطيها من مكارمه ,تشتت الافكار في ذهنها وعادت لتجتمع قد يكون كل ماسمعت من تلك القصص هو محض خيال في عقول الجياع مثلها ,او زرعها امثال ذلك الخليفة ليستكين الجياع إلى الامل وينامون على احلامهم , تشتت الافكار لديها مرة اخرى وتجمعت لتتذكر ذلك الفارس الذي سيظهر لينقذ الفقراء من الطاغوت ويجعل القسطاس اداة لحكمه ولكن كم من السنين مرت ..عشرة , مئة , ألف....والطواغيت كما هم بل يزدادون طاغوتا والفقراء يزدادون فقرا وعددا ..فلا فارس اتى ولاخليفة تجول في الازقة وحواري الفقراء , حسنا كانت تلك افكارها ...واخيرا قررت ان تنزع عنها كل ماتعلمته من الطهارة وعفة النفس , فجوع اطفالها قد مزق كل شيء واصبحت كل الاشياء امامها عارية حتى البشر ...طرقت بابه خرج بشحمه ودمه مرتديا زيا جديدا لم تألفه عليه من قبل من ضمنها خرق ملونة على رأسه , كان الدار بالنسبة اليها شاهقا لاتستطيع ان تقدر ارتفاعه حتى البوابة كانت ضخمة ومرتفعة ..انها ليست داره السابقة ولكنه نفس الموقع ونفس الشخص ولحظت الى جانبه شخصا يحمل سلاحا , عندما رآها امر ذلك الشخص بالانزواء بعيدا ... تكلمت متوجسة وعرضت عليه ماطلبه سابقا الذي رفضته بعنفوان آنذاك ثم كان ان اختارت زوجا من تريد ولكن لكل وقت أذانه فاليوم ليس الامس .. بادرها برد لم تتوقعه , ان في ذمتي اربعة يتبارين مع حور العين في جمالهن ومن الجواري ماملكت ايماني ...صحيح كانت المهى تغار من عيونك وتبارين البدر في نصع بياضك ولكنك اخترت وها انت اشبه بميت اخذ اجازة من قبره ولكن ....وهنا اقترب منها وقال لاجل تلك الايام التي مازلت تراود احلامي سأعرض عليك : وبدأ يهمس في اذنها ... وكأن نار الجحيم قد صبت في جوفها ...تراجعت الى الخلف تلقفت يدها تلك الحصاة التي جمعتها واخذت ترجمه بها ويعلو صوتها لتقول الى الناس الذين تجمعوا فلنحج هنا ولنكمل مناسك الحج برجم الشيطان وهي تشير بيدها اليه ....والذي كان حاضرا المشهد يقول انها رجمته برقم يفوق عدة مرات بما سُنّ في مناسك الحج .



#فريد_جلّو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يكون العذر أقبح من الفعل
- من قطار الموت الى ساحة التحرير
- نداء


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فريد جلّو - -- رجم الشيطان --