أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فريد جلّو - من قطار الموت الى ساحة التحرير














المزيد.....

من قطار الموت الى ساحة التحرير


فريد جلّو

الحوار المتمدن-العدد: 3852 - 2012 / 9 / 16 - 23:04
المحور: الادب والفن
    



لعق الماء المتدفق من جسمه ، لا زال يذكر جيدا لقد كان محشورا مع العشرات من الاجسام البشرية في قطار اعد سلفا لهم ، اراد من اعده ان يكون قبرا جماعيا .
ما زالت ذاكرته تومض عن تلك الايام الخوالي، ولكن لم تسعفه كيف ولماذا لعق ماء جسمه ؟
قد تكون غريزة الحياة ،كان حينذاك شابا غضا قد تخرج للتو طيارا عسكريا .
اصرّ ان يذهب الى ساحة التحرير ومع كل المحاولات التي بذلت معه الا انها لم تثنيه .
كان اكثر المقربين له من احفاده هوكفاح ،حسم الموضوع كفاح حبا واحتراما لارادة جده بأن تبنى المسألة على عاتقه بالرغم من الصعوبات التي توقعها ، وعلى عجل خرج ليعود ومعه عربة للمقعدين يمكن ان تطوى وتوضع بالسيارة ، كانت الاسارير تملأ وجهه ولكن الجد استفسر عن سبب جلب كفاح لهذه العربة ، اجاب ببساطة انها من ضمن الاستحضارات ليوم غد
دخل بحوارية مع نفسه ، صحيح انني لا اتنقل بعربة مقعدين فلا يزال لدي من قدرة ما يكفيني للتنقل لمسافات قصيرة واعتقد ان كفاح اصاب فيما فعل فلا يعرف كلينا ما سيحصل .
في صباح اليوم التالي نهض مبكرا وارتدى افضل بدلة لديه التي هي في الحقيقة البدلة الوحيدة ولكنها بحالة جيدة ولمع حذائه بنفسه ثم ارتدى ربطة عنق حمراء اهدتها له زوجته الراحلة يوم خرج من السجن واخيرا طرق الباب على كفاح الذي كان هو الاخر قد تهيأ وطلب منه عطرا ،فهذه مناسبة تستحق .
تناول وجبة الفطور على عجل وكان كفاح قد احضر بعض من المستلزمات الاخرى مثل حاوية الماء ومظلة ، واخيرا وهم يهمون في ركوب السيارة خرج جميع من كان في الدار ليودعهم وكأنهم ذاهبين في سفرة طويلة .. عند اول نقطة تفتيش طلب منهم الحرس العودة الى دارهم اذ ان الطرق مقطوعة، نظر احدهم الى الاخر ونظروا الى الشارع فرأوا الناس تسير على اقدامها، تصاعدت لديهم روح التحدي وكأنهما يفكران بعقل واحد وعلى عجل قام كفاح بركن السيارة في احد المنعطفات وانزل عربة المقعدين ليجلس عليها جده وبدأوا بالتحرك باتجاه ساحة التحرير كل ذلك حصل بدون ان ينطق اي منهما باي كلمة .. كان الجد يلقي التحية على الناس الذين يمر بهم والبسمة لا تفارق وجهه اخرج بضعة زهور من جيبه ورمى كل واحدة منها على مجموعة من السابلة واحتفظ بأثنتان اخرج من جيبه الاخر بعض السكاكر كان يعطيها للاطفال الذين يمرون به.. ترجل من العربة عدة مرات ليمشي مسافة قصيرة وبعد ساعات طوال وصلوا قرب جسر السنك فبدأ حواره مع حفيده:
هل تعلم من الذي اطلق عليك اسم كفاح ؟ حتما انك لاتعرف الحقيقة ، انا من اطلقت عليك هذا الاسم وبعد ولادتك ببضع دقائق وكان ذلك في الصباح الباكر خرجت بك الى سطح الدار ومع طلوع الشمس رددت في اذنك الاسم الذي ستدخل به هذه الحياة , والحق اقول لك اني فعلت كذلك مع كل ابنائي واحفادي ولكني كنت اشارك زوجتي وبعدها اباءهم وامهاتهم في تسمية المولود الجديد بأستثناءك طبعا فقد اتخذت القرار وحدي ومعلومة اخرى لم يكن خروجي الى سطح الدار وتسميتكم بدعة مني ولكنها عادة تتبعها احدى القبائل الافريقية وقد قرأت عنها في رواية الجذور التي اتمنى ان يقرأها كل الناس وانت اولهم لشدة اعجابي بها .. وواصل الحديث مع كفاح وعينه تربو الى ساحة التحرير، اعلم انك تستغرب من اصراري على المجيء فرد عليه كفاح صحيح انك قرأت ما في قلبي وانك فعلتها في المرات السابقة ايضا عندما كنا نذهب لنلون اصابعنا باللون البنفسجي ولكن الان لماذا ؟؟ رد الجد بأسلوبه المعهود من اعتداد بالنفس وقوة المنطق : بني هذه انتخابات ولكن من نوع اخر وقد تكون الاكثر مصداقية وستجد نفسك مع اخرين لاتعرف اسماءهم او عناوين سكنهم او طائفتهم لتشتركوا بالهتاف بمطاليب واحدة, من اماكن تشبه ساحة التحرير .. صنعت شعوب العالم تاريخها وسيجد نفسه من يتخلف اشبه بفتاة عذراء لاتقاوم مغتصبها ببساطة لانه يرهبها ولاتعرف ماذا تفعل .



#فريد_جلّو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نداء


المزيد.....




- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة
- جمعية التشكيليين العراقيين تستعد لاقامة معرض للنحت العراقي ا ...
- من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل ...
- الأدب، أداة سياسية وعنصرية في -اسرائيل-
- إصدار كتاب جديد – إيطاليا، أغسطس 2025
- قصة احتكارات وتسويق.. كيف ابتُكر خاتم الخطوبة الماسي وبِيع ح ...
- باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي ...
- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فريد جلّو - من قطار الموت الى ساحة التحرير