شتان مابين الشيوعية والاديان!!!(2)

ماجد الشمري

الحوار المتمدن-العدد: 3904 - 2012 / 11 / 7 - 23:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

فالاديان:جمع دين،والدين من دان-خضع وذل-ودان بكذا،فهي ديانة،وهو دين،وتدين به فهو متدين،أطاعة المرء والتزامه بما يعتقده من مباديء وافكار،ووجود خالق يعبد،
ومن أجله خلق البشر!.الدين ايمان واعتقاد مطلق بالمقدس والمطلق(الالهي).ويعرف"فريدريك شلاير ماخر"الدين بأنه:الشعور بالاعتماد المطلق(العجز المطلق).فالدين
عبارة عن نصوص مقدسة خارجية المصدر،اي غير بشرية،ومرجعيتها ميتافيزيقية،لذا هي غير مطروحة للنقاش او النقد،ولاتقبل التغيير،وغيرتاريخية-اي عابرة للتاريخ-،وصالحة وملزمة لكل زمان ومكان،شريعة وتعاليم،وعبادات وسنن،وغير ذلك فروض والزامات باتة،ترفض المراجعة او السؤال اوالخلاف او النقد،تحت طائلة
التكفير والنبذ والردة والخروج من دائرة الايمان المقفلة،ومايترتب على ذلك من عقاب يصل الى الاعدام داخل الجماعة الدينية المعنية والتي تشكل جسما واحدا غير قابل
للانقسام.والديانات ملزمة بفروض وطقوس وشعائر،يجب تنفيذها واقامتها حرفيا!.دون سؤال عن المعنى او الجدوى او الضرورة،او لماذا هذا وليس ذاك؟!.من:صلاة وصيام وحج وتعميد وختان الى غير ذلك مما يخضع له المؤمنون بشكل كامل في عباداتهم وحياتهم،والتزامهم التام والقاطع بشرعة وسنن كل دين،والذي يتدخل حتى بالشأن اليومي من خصوصيات الفرد الحميمة!.فلا تتناول طعاما الا وتسبقه بصلاة او ادعية او شكر،ولاتمارس الجنس المشروع والشرعي!الا بطقوس معينة تبارك
النكاح ونتاجه المقبل من نسل-رحماني لاشيطاني-!.ولا تذهب الى الحمام لافراغ نفايات المعدة والمثانة،الا بعوذلة اوترديد ما يناسب ذلك من كلمات مطلسمة تطرد الشياطين والجن الخبيث والذي يسكن في بيت الغائط!!.وهذا يشمل كل الاديان بلا استثناء،متصلة بالسماء او (ارضية)!مع الاختلاف والتفاوت حسب الضروف والبيئة والثقافة،والعادات الاجتماعية والدينية السائدة في كل مجتمع.ولدى كل دين او طائفة،وما يعتبر هرطقة لدى مجموعة،هو من صميم الدين لدى الاخرى!........
هنا في الاديان نجد الدوغمائية بأسطع تجلياتها،والارثوذوكسية بأجلى معانيها:من تعصب عقدي متخشب،وايمان مطلق ومستقيم وصخري،ويقينية قصوى وباترة للغير،
وكمال ناجز ونهائي،وحقيقة كبرى ووحيدة وصراطية في ذرى الصدق الديني السامي والمقدس،والذي لايأتيه الباطل،اويمسه من اي جهة كانت!.وكل دين يدعي امتلاكه
للحقيقة كلها والايمان كله،حقيقته وايمانه هو،دون غيره من باقي الاديان!والتي كلها بطلان!!وتجد كل دين يكفر الاخر!ويرفضه،ويخرجه من حضيرة الايمان الحق
والصمدية!.والصراع لايهدأ بين الاديان الرئيسية!-وهل هناك اديان فرعية؟!او ديانات درجة ثانية؟؟!!-..بل لقد مد الصراع وامتد وتشعب داخل الدين الواحد،فتشظى
الصراع:فرقا وطوائف ومذاهب وملل ونحل،تنقسم وتتكاثر وتتناسل وتتنافس في حلبة الدين الواحد-ناهيك عن باقي الديانات-!على صدارة(من هي الفرقة الناجية)؟؟!!
والكل يدعيها لنفسه!فالكل فرح بما لديه!اما الاغيار فلمصيرهم البائس في الجحيم!!.نعم وصحيح في الاديان تزمت وتحجر وتقولب وتعصب ورفض للاخر المختلف،
وعدم قبول الحوار والتحاور المثمر،والنقد الموجب والمعرفي والذي يطمح ويسعى للحقيقة والحقيقة فقط،والتقوقع داخل كيان الطائفة او المذهب او النحلة او الجماعة
المتوحدة الواحدة،والانغلاق على الذات الجماعية المتراصة كبنيان اسمنتي!الخ...من مظاهر الارثوذوكسية اليقينية المستقيمة.بأختصار الدين:ايمان ويقين وتعلق وجداني،
وتقليد تلقيني نصي،يعتمد التوارث التربوي،والتنشئة منذ الطفولة،داخل الاسرة والمدرسة والفضاء الاجتماعي برمته،ولا تبنى على العقل والموضوعية والمنطق والقياس.
هذا بالنسبة للعامة ،اما الخاصة فبالاضافة الى ماسبق ذكره،فهي تتمحل العقلية السكولائية،وتدعي الكشف الحدسي،(والاستنارة)الروحية،اي المعرفة الحدسية التلقائية،
مع بعض الاستخدامات لآلية المنطق الصوري والقياس العقلي..ولكن ان توضع الشيوعية مع الاديان بسلة واحدة؟!والظن والوهم بانهما من طبيعة واحدة،متماهيان في
البنية والمنهج؟!فهذا حكم في منتهى التعسف،ومنطق مغالطة وضلال،وهي مسألة تحتاج الى اكثر من وجهة نظر واحدة،ومناقشة مستفيضة،ونقد معمق لفهم واعتقاد كهذا!!...-ولانني لاابغي اطالة الموضوع اكثر مما يحتمل- اقول:ان الشيوعية فكر بشري مادي ووضعي،وتطلع تصوري،وتوقع مخيالي بافق انساني.لاقداسة له ولا تقديسل لا للفرد ولا للفكر ولا للتنظيم(الحزب)ولا يملك يقينيات متصلبة وحتمية!الا ما يستمده من الواقع على الارض،ومن سيرورة اجتماعية واقتصادية وسياسية ،
لحمتها وسداها الصراع الطبقي،وتطور القوى المنتجة،وعلاقات الانتاج السائدة .فالفكر الماركسي مازال في طور الفرضية،وان كان يبني نفسه مقدمات واسس علمية،ولم يتجسد على ارض الواقع!وما جرى من تجارب وتطبيقات-وبغض النظر عن مدى قربها او بعدها عن تصورات ماركس-بأسم الشيوعية الماركسية،والتي رفعت كلافتة
وعنوان دون مضمون كوموني!!ليس لها اي صلة بالشيوعية كأفق اجتماعي ومستقبلي،وفي غيب الامكان،والذي يجري النضال من اجل التمهيدوتعبيد اسس تحققه،والتي من بذراته التي لم تخصب في(الكومون الباريسي)،وافتتاحية(اكتوبر)المغدور!.فالشيوعية لازالت اجنة في حالة نمو،في الاقتصاد والاجتماع والسياسة والفلسفة والمنهج والممارسة،وحقلها العالم الموضوعي المادي المترامي خارج الذات،وايضا داخل الذات الانسانية والتي تصبولعالم جديد في كل شيء...اذا شتان ما بين الشيوعية والاديان!!!....................
................................................

يتبع في المقال القادم...............
وعلى الاخاء نلتقي.......

#ماجد_الشمري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات