أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي - منذر خدام - حرية المرأة من حرية الرجل















المزيد.....

حرية المرأة من حرية الرجل


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 1131 - 2005 / 3 / 8 - 08:34
المحور: ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي
    


منذ ما ينوف على الثلاثين عاما عندما بدأت الأسئلة الجدية تجد طريقها إلى تفكيري، كان من بينها حزمة من الأسئلة تدور حول موضوع واحد، ظلت تواجهني دائما في أية قضية حاولت الاشتغال عليها، بل لا تزال، حتى الوقت الراهن، تحتل مكانها في تفكيري، تلح علي دائما، وعلى ما يبدو، سوف تظل تلح علي خلال ما تبقى من عمر فعاليتي الذهنية، والعملية، وهي الأسئلة عينها المتعلقة بالمرأة المسلمة، من حيث مظهرها، من حيث دورها في المجتمع، من حيث كونها عورة يؤسس عليها الكثير من القيم الاجتماعية المتخلفة، من حيث كونها موضوعا لمتعة الرجل..الخ. وللأسف الشديد، لا يزال يندرج أي جهد أو أية محاولة للاقتراب من هذا الموضوع، ومحاولة الإجابة عن تساؤلاته، في إطار المغامرة، فهو اقتراب من تابو أحد المحرمات الثلاثة في عالمنا العربي؛ أعني الدين، والجنس، والسياسة، بل هو اقتراب من أكثرها تحريما، وإثارة لردود الأفعال غير العارفة. والتهم هنا جاهزة، ليس أقلها: زنديق ومهرطق، وإباحي..الخ. وإذ نحاول الكتابة عن هذا الموضوع الذي فيه تتكثف حرية المرأة، بل حرية الرجل أيضاً، فإننا نقبل سلفا المغامرة، وما يمكن أن ينتج عنها من استنتاجات خاطئة لما سوف نكتبه. أعتقد جازماً أن التضامن مع المرأة في سعيها للحصول على حريتها، يستحق منا بعض المغامرة. ففي حرية المرأة تكثيف لحرية الرجل ولحرية المجتمع، ولإعادة بناء منظومته القيمية والأخلاقية، بحيث يحتل العمل، مكان المرأة، كمعيار للشرف، والأخلاق ولجميع القيم الأخرى. ولا يخفى ما في ذلك من تحرير، وإطلاق لطاقات المجتمع، على طريق التقدم والازدهار.
لا شك بأن الواقع الاجتماعي المتخلف وبيئته الثقافية هي المسؤولة في جانب أساسي من القضية، عن استمرار طرح هذه الأسئلة، دون أن تجد جواباً عنها يكون في صالح حرية المرأة وكرامتها، أو على الأقل يضعها على قدم المساواة مع الرجل، الذي يتحمل أكبر المسؤولية عن هذا الوضع الذي هي فيه، وعليه.
غير أن ثمة جانب خطير آخر من قضية المرأة، ذلك الذي يحاول تبرير ما هي عليه من زاوية المقدس الديني، بل يعمل على سلبها بعض مكاسبها المتواضعة التي حققتها خلال العقود الماضية، من ناحية الحرية الشخصية، والدور الاجتماعي..الخ. هل علينا أن نذكر بما حاولت حركة طالبان أن تفرضه على المرأة الأفغانية، أو ما يحاوله الإسلام السياسي المتطرف، بل غير المتطرف من التركيز على حجب المرأة تحت غلال سوداء..، وحصر وظيفتها في البيت، تحت ذريعة كونها ناقصة عقل ناقصة دين..الخ.
إن القراءة الخاطئة للمقدس الديني، هي التي أسست لاستقرار نمط من الثقافة، ينظر إلى المرأة باعتبارها عورة، سرعان ما يتلبسها الشيطان، فتصبح سببا لغواية الرجل الموعود بالجنة ومتعها. هل جرب أحدكم استقصاء المعنى اللغوي لجميع المفردات الدالة على الزنا، أي لتلك السلوكيات التي حرمها الله في قرآنه باعتبارها جالبة للإثم؟ لقد قمت بذلك تحت ضغط سؤال استفزازي وجهته لي إحدى صديقات زوجتي، أشكرها عليه، ومفاده لماذا تحملون المرأة وحدها مسؤولية الزنا والبغاء..الخ. فتحت لسان العرب وبحثت فيه عن الدلالة اللغوية للمفردات التالية: نكح، زنا(زنى)، بغا(بغى)، فسق، عهر، فجر، نوك، قحب، بضع، دحم، وطئ، خجأ، جمع، وغيرها، وغيرها. هل تعلمون ما توصلت إليه ؟ لقد توصلت إلى أن الدلالة اللغوية في جميع هذه المفردات التي تدل على السلوك المحرم، تشير إلى جماع القاصر، ذكرا كان أو أنثى.
ثم وبالرجوع إلى الأيات التي شرعت النكاح، بدلالته على القيام بفعل النكاح، وهو المعنى الغالب على الكلمة، وليس النكاح بمعنى عقد التزاوج، الذي يفهم منه عادة، بفضل تكريس الفقه الشرعي له، سوف نجد أن النكاح ارتبط بالمتعة، وليس بإنجاب الأولاد، الذين وصفهم ب >. مثلا >، أو <<.. وما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن..>>، أو << .. وما ملكت أيمانكم..>>..الخ. وسرعان ما ينسى حراس الفقه الأشاوس أن إثبات حد الزنى يتطلب أربعة شهود، يشهدون على رؤية الواقعة الجنسية رؤية مباشرة وليس رؤية استدلالية، وكان قد ضرب لهم الرسول مثلا في موقفه من المرأة التي جاءت إليه تشهد على قيامها بفعل الزنا، مستدلة على ذلك بأنها حامل، فنهرها وطالبها بإحضار الشهود! ثم أليس لافتا إن جميع متع الجنة التي وردت في القرآن هي متع حسية بيولوجية، يحتل الجنس موقعا مركزياً فيها، وان المرأة هي موضوعها، وليس الفاعل المبادر فيها.
وبالرجوع إلى المراحل المبكرة من التاريخ الإسلامي حيث كان الناس لا يزالون حديثي العهد بالإسلام، وبالتالي لم تتفارق لديهم بعد الدلالة الاصطلاحية للمفردات السابقة الذكر عن دلالتها اللغوية، لوجدنا أن ثمة حرية جنسية كانت موجودة، منظور إليها من زاوية الرجل، أخذت شكل تعددية جنسية، كان قد مارسها الرسول، وخلفاؤه من بعده، ورجال الدولة والمجتمع..الخ. ومن المعروف تاريخيا أن ما اصطلح عليه بزواج المتعة كان مطبقاً خلال المرحلة المبكرة من العهد الإسلامي، حتى جاء الخليفة عمر واجتهد لإلغائه رسمياً. ثم أليس لافتا أن جميع زوجات الرسول كن ثيباً، باستثناء عائشة، ولو كان لبكارة المرأة هذه الأهمية التي يعطيها لها الرجال المعاصرون، لكان أولى بالرسول أن يشير إلى ذلك.
ما أود التوصل إليه، ليس شرعنة الإباحية في العلاقات الجنسية، هكذا بلا ضوابط، بل أن أضع المسألة برمتها في إطار الحرية الشخصية. فليس أقرب للإنسان من جسده، وليس أكثر فطرية لدى الإنسان(أليس الإسلام دين الفطرة؟) من الجنس سوى الأكل والشرب، ليس بصفته نشاطا إنتاجيا للنوع، بل متعة وحسب.
وعندما نضعه في إطار الحرية الشخصية، نكون قد حصرناه في إطار ما هو مستحب، أو غير مستحب، وخلصناه من كونه المصدر الأكبر للإثم، كما يحاول جهابذة الفقه تصويره عليه، وكما كرسوه في الوعي الديني الشعبي، ونصبوا أنفسهم حراساً عليه.
ونكون أيضاً قد خلصناه من دوره في تحديد الكثير من القيم الاجتماعية، خصوصا تلك المرتبطة بالشرف.
وأكثر من ذلك نكون قد أسسنا لتطوير فهم جديد، يحرر المرأة من حجابها الذي تستر وراءه، حاجبة جمالها. أليس الله جميلا، ويحب الجمال؟ فلماذا نحرم المرأة من التمتع بإبراز جمالها، ونحرم أنفسنا من التمتع بالنظر إليها، زوجة، وأُما، وأُختا، وصديقة، وشريكة في الحب. وفي المحصلة نكون قد أسسنا لشراكة طبيعية، ضرورية بين الرجل والمرأة قائمة على المساواة في الإنسانية، وفي الحقوق والواجبات، وعلى الاحترام المتبادل. ليس هناك أكثر إهانة للمرأة المسلمة من الحجاب المفروض عليها، بقوة التفسير الذكوري للمقدس الديني.
لكن من الذي يسلب المرأة كل هذه الحقوق الطبيعية، إنه الرجل. ولذلك فإن قضية حرية وتحرر المرأة، هي قبل كل شيء، قضية تحرر الرجل. الرجل الحر والمتحرر لا يقبل تحت أية ذريعة استعباد المرأة، ولا يمارس ذلك في نطاق مسؤولياته. للأسف الشديد في مملكة الذكورة التي شيدناها، وحرسناها بالمقدس الديني، وخصوصا من خلال القراءات الخاطئة له، جعلنا المرأة موضوعا لسيادتنا، لاستبدادنا، حتى وهي طفلة، ميزناها عن شقيقها الطفل، أجزنا له وهو كبيراً، ما لم نجزه لها. أقنعونا، وأقنعنا أنفسنا بأنها فعلا عورة، وليس الرجل، أنها ناقصة عقل ودين، وليس الرجل، أنها ضعيفة والرجل قوي، أنها موضوع لمتعة الرجل، وليس الرجل موضوعا لمتعة المرأة..الخ. لقد حان الوقت للبدء في تغير هذه المعادلة التفضيلية، وتحوليها إلى معادلة مساواة.
بالطبع ليست المسألة بهذه البساطة، فهي تتطلب حصول تغيرات جوهرية في البنية الثقافية السائدة، وفي الشروط الاجتماعية، وفي أنماط الحياة السائدة..الخ، وهذه أمور لا تحصل من تلقاء ذاتها، بل لا بد من العمل على تغييرها، والنضال في سبيل ذلك. على هذا الطريق فإن العمل على تحرير الرجل، هو المدخل إلى تحرير المرأة.
لقد حان الوقت للاشتغال على اجتهاد يحرر المرأة المسلمة من قيد الحجاب، الذي أساء إلى إنسانيتها، وإلى إنسانية الرجل أيضاً. على هذا الطريق قدم الدكتور محمد شحرور مساهمة هامة، غير أن المطلوب أكثر ذلك. إنني أدعوا المعنيين من رجال الدين المتنورين إلى التفكير جدياً بهذه المسألة، عندئذ سوف يجدون المثال العمري في قضية المؤلفة قلوبهم عونا كبيراً لهم.
قبل بضعة أيام جمعتني صدفة ببعض المعارف القدامى، في بيت احد الأصدقاء، وما إن جلست حتى تابعوا حديثهم، بل قل نميمتهم، حول امرأة أعرفها متمردة على قيمهم الذكورية، وحاولوا إشراكي في الحديث، لكنني فضلت الاستماع إلى ما يقولونه. لم يتركوا نعتاً من نعوتهم الذكورية السيئة إلا وألصقوها بها. لم أستطع متابعة صمتي، فانفجرت في وجههم قائلا إنها أشرف منكم، إنها إنسانة وانتم غير ذلك، إنها تلبي نداء جسدها، فتمتعكم أيضاً. أما أنت، وتوجهت بخطابي إلى الجالس عن يميني، من أين جمعت كل ثروتك؟ أليس من سرقة المؤسسات العامة التي عملت فيها مديراً. وأنت، يا سيد التهريب، والتجارة بالممنوعات، هل تدرك حجم الضرر الذي ألحقته بالوطن وبأهله، وأنت...، فقاطعني، أرجوك توقف. ما قلته صحيح، بل أزيد عليه، هي في الوقت الذي كانت تمتعنا، وقد أمتعتني يوما، كنت أرسل عساكري إلى بيوتهم، وأقبض عنهم رواتبهم، أو أشغلهم في مزرعتي....
وقفت لأغادر، نظرت في وجوههم وقلت لهم: آه؛ لو أن النساء المسلمات يعلن العصيان المدني الجنسي، حتى تعاد لهن إنسانيتهن، لأتيتموهن ركعا وعلى بطونكم، مستجيبين لمطالبهم، التي فيها حريتكم وحريتهن. بدت كلماتي الأخيرة بالنسبة للجميع كنوع من الفكاهة، لذلك أطلقوا لها ضحكاتهم الهستيرية، مع أنني كنت أعنيها. ولما لا! أليس الإضراب والعصيان من الوسائل الديمقراطية لتحقيق المطالب.



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اغتيال الحريري:اغنيال لمشروع العلاقات المميزة
- حول محاضرة نائب رئيس الجمهورية العربية السورية السيد عبد الح ...
- كيف ستبدو سورية بعد الانسحاب من لبنان
- مستقبل العلاقات السورية اللبنانية
- ملاحظات على البرنامج السياسي للحزب الديمقراطي الاجتماعي السو ...
- ملاحظات حوا البرنامج السياسي للحزب الديمقراطي الاجتماعي 2
- ملاحظات على مشروع البرنامج السياسي للحزب الديمقراطي الاجتماع ...
- حول الإصلاح في سورية: رؤية من الداخل
- الديمقراطية ذات اللون الواحد
- هواجس لتطوير التعليم العالي والبحث العلمي في سورية
- القوانين الاستثنائية في سورية
- نحو وحدة وطنية قائمة على التنوع
- نحو رؤية وطنية ديمقراطية للإصلاح
- لجان إحياء المجتمع المدني في سورية والمسؤولية التاريخية
- سياسة كسب الأعداء
- المياه العربية: الأزمة، المشكلات، والحلول
- أربع سنوات من عمر العهد الجديد: ما لها وما عليها
- نحو نقد للمعارضة لا يخدم الاستبداد
- أثر الاستبداد في الحياة السياسية السورية
- أنا سوري ما نيالي


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- المشاركة السياسية للمرأة في سورية / مية الرحبي
- الثورة الاشتراكية ونضـال تحرر النساء / الاممية الرابعة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي - منذر خدام - حرية المرأة من حرية الرجل