أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - لماذا فقد حورس عينه : المعرفة قبل العاطفة















المزيد.....

لماذا فقد حورس عينه : المعرفة قبل العاطفة


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3894 - 2012 / 10 / 28 - 11:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



سافرتْ إلى لندن لإستكمال دراستها فى الطب النفسى. تعرّفتْ على طفل إنجليزى عمره سبع سنوات. سألته: تحب تكون إيه لما تكبر؟ قال: نفسى أكون عالم مصريات. استفزتها الإجابة. ولكنها أخرجت وجدانها من شرنقته ، كما خرج الوجود من زهرة اللوتس. هذا المشهد صاغته عملية وجود جراحية ، عبّرت عنه قائلة ((شعرتُ وقتها بألم عميق نابع من تلك الفجوة المعرفية بين ما أعرفه أنا عن هذا التاريخ وبين ما يعرفه هذا الطفل الإنجليزى. فلقد بدا لى وكأنه يعرف أسرارًا عن أهلى لاأعرفها. وأحسستُ وقتها أنّ هذا الطفل ، وربما كل أفراد الجنس الذى ينتمى إليه ، له الحق فى أنْ يشعربتفوقه علىّ . فهو ببساطة يملك المعرفة)) .
إنها د. مرفت عبدالناصرالتى أصرّت رغم تخصصها فى علم النفس على أنْ تكتشف ذاتها القومية. ولكى تُحقق ذلك كان عليها أنْ تبحرفى علم المصريات. وبهذا تكون المعرفة مؤسسة على العلم وليس العاطفة وحدها. فى كتابها (لماذا فقد حورس عينه- قراءة جديدة فى الفكر المصرى) الصادرعن دارشرقيات 2005 لضمت التاريخ المصرى القديم بواقعنا الحالى. وجدلت هذا الواقع بالأساطيرالمصرية. فبدا الواقع كاشفــًا للأساطير. وأنّ هذه الأساطيربنت طين مصر.
عن أسطورة ولادة حورس ترى أنها ((أول ملاحم الوجود)) وتبدو عبقرية مؤلف الأسطورة أنه طرح فيها عددًا من القضايا الفلسفية والأخلاقية. حيث أزلية الخيروالشرودورة الحياة وكيفية تكوين الضميرالإنسانى)) إنّ دموع إيزيس جعلت النهريفيض لجسد زوجها . ومن طينة الأرض تخرج سنابل القمح ((التى تحكى للوجود كيف ينبت الموت الحياة)) وفى معبد أبيدوس نرى إيزيس فى صورة عصفورفوق جسد أوزير. الهواء الصادرمن ضربات الجناحيْن أنعش الجسد الميت. فتعانق الزوجان ورقصا رقصة حب أزلية. انتهتْ بأنْ وضع المرحوم بذرة الاستمرارفى أحشاء حبيبته فحملت ب حورس. إنها حكاية الهواء والهوى. الحكاية التى كانت واحدة من أجمل روائع ديزنى فى فيلم (الملك الأسد) لذلك كتب (مايكل رايس) أنّ مصر((مازالت تعيش فى نفوس وضمائرالبشرفى كل مكان. ومصرهى التى صنعت مفردات اللاوعى الجمعى)) .
منذ أربعة آلاف عام كتب سنوحى تجربته عن الغربة. وعن هذه القصة كتب الروائى الفنلندى (ميكا والتارى) روايته (المصرى) وتـُرجمتْ إلى معظم لغات العالم. وترى د. مرفت أنّ قصة سنوحى الذى صاغها شعرًا هى ملحمة عن تجربة شخصية. وأنها أول عمل أدبى فى التاريخ يتناول الغربة والاغتراب. إنه يطرح معانى العودة للوطن. وعلاقة الإنسان بالمكان. والهروب من جغرافية ذاته ليعيد اكتشافها. إنها رحلة الذات فى بحثها الدائم عن الذات من أجل تحقيق الذات)) إنها الذات القومية وليست الشخصية. صراع سنوحى كان بين الخضرة والصحراء. يؤكد ذلك ما كتبه سنوحى فى بلد الغربة ((هل يمكن أنْ يحبونى وأنا رجل من الدلتا ؟)) .
وعن فلسفة الوجود والعدم كتبت أن ال (با) المصرية هى صورة طائريحمل رأس إنسان قال المصرى عنها إنها (الروح الطليقة) وأنّ فرويد استوحى بنيته الشهيرة للنفس البشرية من مصر. وكان مبهورًا بحضارتها. فيكتب وأمامه تمثال (بتــّاح) الذى تنص فلسفته فى الخلق على دور الإبداع للفكرة وللكلمة. وعندما هرب إلى لندن حرص على أنْ يحمل معه أصدقاءه المصريين. أى مجموعة التماثيل المصرية. وهذا الإعجاب بمصرلم يحجب عن المؤلفة الخطأ الذى وقع فيه ، إذْ عندما صاغ نظريته عن الوعى واللاوعى ، نسب ذلك للإغريق وليس لمصرحيث استخدم لفظ الروح (سيكى) من فعل التنفس الإغريقية. رغم معرفته ب ال (با) وال (كا) المصريتيْن .
وعن فلسفة الضحك ربطت دورمصربفن الكاريكاتير والسخرية من الحكام برواية (اسم الوردة) وأنّ أول ضحكة أسطورية كانت سببًا فى أول فراق بين حبيبيْن. إذْ عندما ضحك رع استطاع إله الهواء (شو) أنْ يفصل إلهة السماء (نوت) عن حبيبها إله الأرض (جب) .
فى مؤتمرعن الطب النفسى كانت المؤلفة مدعوة لإلقاء محاضرة. وكان تكريم رئيس الجلسة لها أنْ وضع خلفها صورة للبرلمان الإنجليزى وفوقها صورة كبيرة ل (ماعت) المجنحة إلهة العدالة المصرية. إنّ ماعت هى ((اليوتوبيا الممكنة. لأنها الاعتدال والانسجام. ووصفها المصرى القديم بأنها طوبة البناء المعمارى . وفى الفن كانت نغمة الناى الرئيسية. هى التناغم والهارمونية. هى الرمزالذى استعان به الكاتب الإيطالى إيتالوكالفينو. وفى الشعرالمصرى القديم ((إذا ماتتْ ماعت ماتت مصر)) ربطت كل ذلك بأبيات من الشعرفى كتاب (ماريا ذليسكا) تحية إلى روح الفيلسوفة المصرية (هايباتيا) التى قتلها القساوسة المتعصبون دينيًا. لأنّ هايباتيا كانت ترى ضرورة التمسك بديانة مصرالقديمة لما فيها من فلسفة تأسستْ على قيم العدل والاعتدال.
وعن زهرة اللوتس كتبتْ أنّ الفنان المصرى كان يستخدمها كرمزالحياة (عنخ) وأنّ فنانى عصرالنهضة تأثروا بها مثل لورنزولدتو، ولودفيجوكاراتشى حيث اللوتس البيضاء ترمزلبشارة المسيح مثلما خرج توت عنخ آمون طفلا من قلب تلك الزهرة. وزهرة الكلا المصرية تأثربها الفنان المكسيكى دييجورفيرا والفنان مونيه خاصة فى حديقة الزنابق المائية الشهيرة فى فرنسا.
وعن إيمحوتب (أى الذى يأتى فى سلام) قال عنه مايكل رايس إنه المؤسس الحقيقى للحضارة المصرية. وقال عنه لورد كلارك إنه أول من أدرك المعنى الحقيقى للخلود. وإذْ يرتبط الخلود بالبناء كان إيمحوتب أول من تعامل مع الحجر. ووصفه جون راى بأنه أول ((ليوناردودافنشى عرفه التاريخ. فهوأول فنان يتبع أسلوبًا علميًا فى التجريب)) وأول من فكرفى قياس النيل. وهو أبو الطب وارتبط اسمه بعين حورس التى إتخذها كل أطباء العالم لتكون البدء فى كتابة روشتة العلاج. كما أنّ فرويد اعترف بدورإيمحوتب فى العلاج النفسى. وأشارتْ د. مرفت إلى المبادىء الأخلاقية التى كتبها إيمحوتب لممارسة الطب. وبالتالى يكون هو وليس أبوقراط أول من سنّ القانون الأخلاقى لمهنة الطب. ومن حقه علينا أنْ يكون اسم (القسم) هوإيمحوتب وليس أبوقراط .
فى بردية (إدوين سميث) وصف المصرى المخ وأنه مكوّن من نصفيْن. وأنّ الوعى مركزه المخ. وكتبتْ أنّ وصف المخ كما حدّده المصرى القديم هوالوصف التشريحى فى العصرالحديث. وسجـّل المصرى دورالمخ فى صناعة اللغة. ولم ينسب كل المظاهرللمخ لأنه إهتم بالعاطفة. وأكد هذا وليام جيمس الذى تحدث عن ظاهرة الخوف وما يترتب عليه من الشفاه المرتعشة وإحمرار الوجه. واختلفتْ د.مرفت مع ديكارت الذى قال أنا أملك (مخـًا) إذن أنا موجود. وترى أنّ الأدق هو ((أنا أشعر. إذن أنا أفكر. إذن أنا موجود)) وذكرت أنّ فلسفة (سيا) تعنى البصيرة والمعرفة. وأنّ فرويد وبروست إهتما ب (الحيكا المصرى) أى ملكة الحدس. وفى قراءة جديدة لأسطورة فقـْد حورس لعينه ثم استعادتها كتبتْ أنّ (ست) رمزالمعرفة الأحادية. وأنّ حورس رمزالمعرفة المثالية. فكان لابد من تدخل تحوت الذى وقف بجانب حورس وأعاد له عينه. والمغزى من تدخل تحوت أنْ تكون العين المستردة هى المعرفة الحكيمة ذات البصيرة قبل البصر.
وعن فلسفة الزمن كتبتْ أنّ المصرى لم يستخدم لفظ اليوم. إنما فقط الأمس والغد. وتخيّلهما فى صورة أسديْن متلامسيْن ظهرًا لظهرأحدهما ينظرفى إتجاه الغرب (الموت) والآخرفى إتجاه الشرق (الحياة) وأنه كتب فى كتاب الخروج إلى النهار((إننى أحيا ما بين الأمس والغد. وبهذا أعرف البقاء وأدرك الخلود)) وترى أنّ الشاعرأحمد رامى عبّرعن ذات الفلسفة عندما قال ((وإزاى أقول لك كنا زمان/ والماضى كان فى الغيب بكره)) وفى صياغة مكثفة كتبت ((دائرية الزمن هى أهم ما يُميزفلسفة الزمن المصرية. والعمل من أجل المستقبل فى هارمونية متناغمة بين الأمس والغد)) ووصفتْ المؤلفة نفسها بأنها ((صخرصغيرتاه يومًا من أمه فى سقارة. فحملته الريح واستقرتْ فى قاع النيل. وبعد أعوام التقطته حمامة تمتلك عيون صقرأخذته معها إلى بلاد الغرب. تملك روحًا ماعتية (الإلهة ماعت) وملامح حتشبسوتية. تحتفظ بتمثال صغيرلتحوت. ترتدى ملابسها كالفرنسيات. تعشق كل ماهو إيطالى من الباستا (المكرونة) إلى مايكل أنجلو. تحلم أنْ تـُطفىء شموع ميلادها مع نسمات الصيف فى غرناطة. وكل مساء تذهب إلى سريرها للبحث عن قمرمصرى فى أى سماء. ولاتعترف بأنّ هناك صباحًا إلاّ إذا زغزغتها أيادى الشمس)) إننى أتمنى أنْ يقرأ أحد المسئولين عن التعليم كتاب د. مرفت فيُقرره على طلبة المدارس والجامعات ليعرفوا جذورهم ، خاصة أنها غزلت الماضى والحاضرفى جديلة واحدة.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر فى عيون العالم (موسوعة للأطفال)
- موسوعة الفن المصرى وفن الكتابة للأطفال
- موسوعة تاريخ الأفكار للشباب
- أمنيات الزمن الضائع للأديبة هدى توفيق
- الموالد المصرية وأبعاد الشخصية القومية
- مظاهر الليبرالية المصرية قبل يوليو1952
- ربوة منصر القفاش - قراءة فى مجموعته نسيج الأسماء
- الشخصية المصرية وتعاملها مع القهر فى مجموعة (الحنان الصيفى)
- الأسطورة والواقع فى أطفال بلا دموع
- وصف اللغة بالفصحى غير علمى لأنّ الفصاحة للإنسان
- علم الآثار وغياب الحس القومى
- رؤية الواقع ورؤى الخيال فى (أغنية الدمية)
- أسماء المصريين بين المُعلن والمسكوت عنه
- قصة للمرحوم بيومى قنديل من مجموعته أمونه تخاوى الجان
- ميريت آمون - قصة قصيرة
- فى نص الليل - قصة قصيرة
- العودة إلى العتمة - قصة قصيرة
- سندريلا مصرية وليست أوروبية
- نقد الفن بالكلمة خيرٌ وأبقى
- أفغانستان بين الاستعماريْن الإنجليزى والروسى


المزيد.....




- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...
- سلي أولادك وعلمهم دينهم.. تردد قناة طيور الجنة على نايل سات ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - لماذا فقد حورس عينه : المعرفة قبل العاطفة