أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - علم الآثار وغياب الحس القومى















المزيد.....

علم الآثار وغياب الحس القومى


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3871 - 2012 / 10 / 5 - 11:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



تمتلك مصرأكثرمن 75% من آثارالعالم ، وهذه الثروة التى تركها جدودنا المصريون القدماء ، كانتْ أحد أهم عوامل جذب السياحة ، ورغم ذلك تتدنى أرقام السياح الذين يزورون مصرمقارنة بدول أخرى مثل تركيا وإسبانيا إلخ. والآثارالمصرية كانتْ تـُحتـّم وجود علماء فى التنقيب عن الآثار، ولكن للأسف لازال هذا التخصص بعيدًا عن المنهج العلمى من ناحية ، مع نـُدرة العلماء المصريين فى هذا المجال. لقد كان للعلماء الأوروبيين الفضل فى اكتشاف الآثار المصرية (لقد كان للعالم أوجست مارييت دورًا مهمًا فى إنشاء المتحف المصرى عام 1858فى بولاق وكان مديرًا للآثارالمصرية. وقام بترميم المعابد وحصركل الآثاروالتحف التى يمكن أنْ تتعرض للنهب ونقلها إلى القاهرة) وإذا كان الأمرمفهومًا فى حِقبْ الاستعمار، فكان يجب بعد وصول حكـّام وطنيين (أى ليسوا أجانب مُحتلين) أنْ ينال علم التنقيب عن الآثارما يستحقه من رعاية، التى كانتْ ستـُحقق لمصرنا ثلاثة أهداف : الأول توفيرالمناخ العلمى بحيث يأخذ هذا العلم صفة الاستمرار، وبالتالى عدم الاعتماد على علماء التنقيب الأجانب. الثانى توفيرالمبالغ التى يحصل عليها علماء التنقيب الأجانب. وعدم حصولهم على نسبة من الآثارالمُكتشفة وفقـًا للقانون المعمول به فى هذا الشأن. الثالث وفقـًا لقانون التراكم الكمى الذى يؤدى إلى تغيركيفى (فى ظل منظومة وطنية جادة) فإنّ علماء التنقيب المصريين سيكتسبون الخبرة التى ترفع من شأنهم عالميًا ، وبذا يكون الطلب عليهم من كافة الدول التى تبحث عن آثارها ، أى سيكون هؤلاء المصريون خبراء عالميين فى علم التنقيب وهوأمرسيرفع من شأن مصر، ناهيك عن العائد المادى الذى سيعود نتيجة التعاقدات العالمية.
ولنا أنْ نتصورالسيناريوالذى لم يحدث والذى تمنـّاه العقل الحرأثناء بناء السد العالى ، إذْ لولا جهود العلماء الأوروبيين ، ومنظمة اليونسكو، والدورالعظيم الذى أدّته عالمة الآثارالفرنسية نوبلكورفى نقل المعابد . والبحث العلمى الجاد لعملية التفكيك ثم إعادة التركيب وفقـًا للوضع الذى حدده الفنانون فى مصرالقديمة. أقول أنّ هذا السيناريوالذى لم يحدث ، لوأنه حدث كان سيُجنـبنا (بعد فك معبد دندور) أنْ يكون هذا المعبد بخصائصه الفنية الفريدة ليس فى مصر، إذْ سمح المسئولون فى هذه الحقبة المُظلمة من تاريخنا الحديث بإهدائه للولايات المتحدة الأمريكية التى أقامته بجوارمتحف متروبوليتان بنيويورك. وكذا تم إهداء إسبانيا معبد (دابود) الذى تمّتْ إعادة تركيبه فى الميدان الملكى بمدريد. وتم إهداء هولندا معبد (طافا) حيث أعيد تركيبه فى متحف ليدن. وتم إهداء أيطاليا (مقصورة الليسيه) التى أقامتها فى متحف تورينو. وتم إهداء فرنسا (رأس أمينوفيس الرابع) كما تم إهداء بعض الدول التى أسهمتْ فى المشروع بعض القطع الأثرية بحجة أنها مُكرّرة. ونظرًا لأهمية الآثارالمصرية من جانب وعدم الإهتمام بها من جانب آخرفإنّ السفير الأمريكى فى القاهرة زارثروت عكاشة فى مكتبه ومعه مديرمتحف المتروبوليتان بنيويوك الذى قال ((جئتُ أشترى واحدًا أوإثنين من معابد النوبة المحكوم عليها بالغرق بعد بناء السد العالى)) وكان رد ثروت عكاشة عليه ((إنه لجديربمتحف المتروبوليتان أنْ يُبادربالعون العلمى لإنقاذ هذا التراث الإنسانى بدلامن التفكيرفى شرائه)) ولعلّ هذا ما جعل الأديب الفرنسى (بيير لوتى) عضوالأكاديمية الفرنسية أنْ يُناشد المثقفين المصريين بأنْ ((يهبوا للذود عن تراثهم)) وأشارإلى غرق جزيرة فيلة لؤلؤة مصر. وأضاف أنّ مصر((خلقتْ أول حضارة فى العالم)) وكان تعليق ثروت عكاشة على هذه الرسالة ((ما أعمق الشجن الذى ينبض فى تلك الكلمات من كاتب يعرف لهذا التراث حق قدره. ويتمنى لوأنّ المصريين حافظوا على تراثهم الخالد كى يبقى نبعًا تستلهمه الأجيال القادمة)) إنه التراث الذى عبّرعنه الشاعرأحمد شوقى قائلا ((أيها المُنتحى بأسوان دارًا/ كالثريا تريد أنْ تنقضا/ اخلع النعل واخفض الطرف/ لاتـُحاول من آية الدهرخفضا/ شابَ من حولها الزمان وشابتْ/ وشبابُ الفنون مازال غضّا/ رُبّ نقش كأنما نفض الصانع/ منه اليديْن بالأمس نفْضا))
من تناقضات الواقع أنّ علماء الآثارالأوروبيين من دول ليس بها آثارتراثية مثل مصر، ومع ذلك برعوا فيه، لأنهم اعتمدوا المنهج العلمى، فكان لهم فضل اكتشاف الكثيرمن المواقع، مثل هيراكونيوس ونقادة ومرمدة والمعادى والفيوم وفى الواحة الداخلة. وكتبتْ عالمة الآثارالفرنسية دومينيك فالبيل أنّ أعمال التنقيب التى قام بها م. هوفمان وفرقته فى هيراكونيوس فى مصرالعليا هى أعمال نموذجية فى هذا الصدد، لأنها ساهمتْ فى فهم الانتقال من أسلوب الحياة السائد فى العصرالحجرى الأخير، ومراحل ماقبل التاريخ التى كانت مقدمة لمرحلة التحضر. وأنه نتيجة الدراسات التى قام بها (كايزر) وأعمال الحفريات التى قام بها (أوكنور) و(درير) فى أبيدوس أصبح بين أيدينا تسجيل وثائقى جديد عن ملوك مصرالأوائل. وقامتْ بولندا بالاشتراك مع مصلحة الآثارالمصرية بترميم معبد حتشبسوت فى الديرالبحرى. وأشرفتْ فرنسا بالاشتراك مع مصرعلى أعمال التنقيب الهائلة فى الكرنك. وأشارتْ إلى عالم مصرى مُتخصّص فى الآثارهو (نسيم حنين) عمل فى المعهد الفرنسى للآثارالشرقية. وكان له دورمهم فى التنقيب عن الآثارفى قرية فى الجنوب. ومن منطلق حسها الإنسانى كتبتْ عن التراث المصرى ((الذى لايُعوّض، وله فائدة ضخمة بالنسبة لعالِم الآثارالذى يسعى لاستعادة الحياة اليومية التى كان يعيشها أسلافنا. ولهذا التراث أيضًا فائدة ضخمة بالنسبة للمؤرخ الذى يُحاول أنْ يفهم كيف كانت تحل الخلافات فى مجتمع زراعى (بتحليل بعض العقود التى تم اكتشافها) وذكرتْ أنّ تعريف علم الآثاريتغيرمع الزمن. وهكذا يبدوكتاب جاك فاندييه (موجزالآثارالمصرية) وكأنه يدورحول تاريخ الفن ولا يرتبط بعلم الآثارإلاّبخيوط واهية. لقد تغيّرمفهومنا عن الآثار والحفريات. إنّ نظرتنا إلى صورة أولوحة من الحفرالبارزأوتمثال لم تتغيرإلاّقليلا ولكن منهجنا فى التعامل مع الواقع الميدانى ازداد نـُضجًا وغنى)) وكتبتْ أيضًا أنّ علم الآثار((ليس مجرد تكنيك واحد بل مجموع أساليب تكنيكية خاصة بكل موقع ومعرفة عميقة بالأمورالمألوفة المطروقة، وبالقدرة على وضع تلك الأساليب فى خدمة هذه المعرفة. ويُمثل علم الآثارمنجمًا لاينضب من المعلومات حول عدد لابأس به من الموضوعات مثل المخاطرالتى تتحكم فى صيانة المواقع إلخ.
وعن الاختلافات بين المواقع الأثرية ذكرتْ أنّ تباين عمليات التنقيب قد يدعوإلى الشك فى كونها تنتمى إلى ذات التخصص، فمثلا ماهى الملامح المُشتركة بين اكتشاف مقبرة جنائزية ونزع الركام عن معبد غارق فى الرمال أوالتنقيب عن موقع سكانى أومأوى ينتمى إلى العصر الحجرى الحديث. إنّ تنوع الملابسات والظروف يؤدى إلى تنوع القسمات الخاصة. وتتوقف عناصرالمخاطرة والأفضليات فى العمل على الأهمية النسبية للعوامل الواقعية. فمثلا قامت بعثة آثارجامعة جنيف بحفريات فى (كرما) فى السودان فكشفتْ عن آثارعاصمة من أكبرالعواصم الإفريقية. وأنّ حفريات الضبعة (أفاريس القديمة) هوإمتيازلمعهد الآثارالنمساوى. كما كان لبعثة الآثارالفرنسية فضل تحديد شخصيات بعض المقابرمثل وزيرللملك أخناتون. وأنّ حالة الدمارالتى كانت عليها هذه المقابرأثارت حماس علماء الآثاربدلامن أنْ تـُثيريأسهم للإستمرارفى العمل ، فقد تجمّعتْ فى هذه المقابركميات هائلة من الأنقاض حمتها من عبث اللصوص وذلك بفضل الأروقة الكثيرة التى تخترقها عند بناء سراديب القطط المُحنّطة للإلهة (باستت) فأمكن الوصول للحجرة الجنائزية للوزير. ورغم هشاشة الأثاث الذى تعرّض للرطوبة، إلاّ أنه مازال سليمًا وفى حاجة إلى تثبيت ثم ترميم ، وهنا تلعب وسائل التكنيك الحديثة دورها الحاسم. ولاتنحصردراسة معبد أومقبرة على المناظرالتى تـُزخرفها فقط ، بل تفترض تحليلا معماريًا وكشفـًا أثريًا للمنطقة السكانية التى أكتشف فيها المعبد أوالمقبرة. ((إنّ مثل هذه الدراسات التى ينبغى أنْ نبدأ بها وأنْ نـُكرّس لها الجهد والدقة، لابد أنْ تـُصبح مادة لأفكاروأبحاث أكثرتكاملا وهذا ما نحتاجه حتى يتقدّم استيعابنا للتاريخ المصرى))
ومن بين المخاطرالتى يتعرّض لها علم الآثار، دخول شركات التنقيب عن البترول والتنقيب عن مناجم الكبريت فى جبل الزيت القريبة من البحرالأحمر. ورغم أنّ العالمة دومينيك أشادتْ بالدورالذى قامتْ به إحدى شركات البترول الفرنسية، فإنها حذرتْ من مظاهرالاستغلال التى يحرص عليها الممولون وكتبتْ ((ولهذا يجب أنْ يكون عالِم المصريات مُتيقظـًا إلى أقصى حد فى هذا الصدد ، وأنْ تكون لديه الشجاعة فى رفض هذه الأشكال من الضغوط مهما كانت العروض سخية)) ومن منطلق عشقها للحضارة المصرية وخشيتها على آثارمصر، حذرتْ من الوضع المُنذربالخطرلهذه الآثار. وأنه وضع لايُرضى أى إنسان ، لا أبناء مصرالذين يُشاهدون تراثهم يتفتتْ أمام أعينهم ولاعلماء المصريات الذين عشقوا تلك الحضارة الإنسانية.
وبينما العلماء الأوروبيون يحرصون على الاعتناء بآثارمصر، يُطالب (مصريون) بهدمها. ولن يتغيّرهذا المناخ المعادى للآثارإلاّبعد عودة الاعتبارلمجمل تاريخ الحضارة المصرية. وهى مهمة التعليم والإعلام وكبارالمحسوبين على الثقافة المصرية الذين كتبوا عن (الفراعنة الطغاة) دون أنْ يقرأوا كتابًا واحدًا فى علم المصريات. إذن لابد من رئة للتنفس الطبيعى (بالعلم وبالحس القومى) والتخلى عن التنفس بالعبرى.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤية الواقع ورؤى الخيال فى (أغنية الدمية)
- أسماء المصريين بين المُعلن والمسكوت عنه
- قصة للمرحوم بيومى قنديل من مجموعته أمونه تخاوى الجان
- ميريت آمون - قصة قصيرة
- فى نص الليل - قصة قصيرة
- العودة إلى العتمة - قصة قصيرة
- سندريلا مصرية وليست أوروبية
- نقد الفن بالكلمة خيرٌ وأبقى
- أفغانستان بين الاستعماريْن الإنجليزى والروسى
- الليبرالية المصرية بين الفشل والنجاح
- لويس عوض و(إلحاد) الأفغانى
- جمال الدين الأفغانى فى الثقافة السائدة
- العلاقة بين الشعر والفلسفة
- شخصية فى حياتى : بورتريه للسيدة ن. ن
- الأصولية تلاحق الشاعر أحمد شوقى
- الدم العربى فى قصور الوحدة العربية
- المواطنة من المنظور الأصولى الإسلامى
- أسلمة الدولة المصرية
- التنوع الثقافى فى إطار الوطن الأم
- الوجه الإنسانى - قصة قصيرة


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - علم الآثار وغياب الحس القومى