أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى ساهي - جمال الموت














المزيد.....

جمال الموت


مصطفى ساهي

الحوار المتمدن-العدد: 3888 - 2012 / 10 / 22 - 15:05
المحور: الادب والفن
    


جمال الموت
دعوني انم فقد سكرت نفسي المحبة ، دعوني ارقد فقد شبعت روحي من الايام والليالي ، اشعلوا الشموع واوقدوا المباخر حول مضجعي ، وانثروا اوراق الورد والنرجس على جسدي ، وعفروا بالمسك المسحوق شعري ، وارهقوا الطيوب على قدمي ، ثم انظروا واقرأوا ما تخطه يد الموت على جبهتي ، خلوني غارقاً بين ذراعي الكرى فقد تعبت اجفاني من هذه اليقظة ، اضربوا على القيثارات ودعوا رنات اوتارها الفضية تتمايل في مسامعي ، انفخوا الشبابات والنايات وحيكوا من انغامها العذبة نقاباً حول قلبي المتسارع نحو الوقوف ، ترنموا بالاغاني الرهاوية وابسطوا من معانيها السحرية فراشاً لعواطفي ، تأملوا وانظر شعاع الامل في عيني .
امسحوا الدموع يارفاقي ، ثم ارفعوا رؤوسكم مثلما ترفع الازهار تيجانها عند قدوم الفجر ، وانظروا عروسة الموت منتصبة كعمود النور بين مضجعي والفضاء ، امسكوا انفاسكم واصغوا هنيهة واسمعوا معي حفيف اجنحتها البيضاء ، تعالوا ودعوني يابني امي ! قبلوا جبهتي بشفاه مبتسمة قبلوا شفتي بأجفانكم وقبلوا اجفاني بشفاهكم ، قربوا الاطفال الى فراشي ودعوهم يلامسوا عنقي بأصابعهم الوردية الناعمة ، قربوا الشيوخ ليباركوا جبهتي بأيديهم الذابلة المتجمدة ، دعوا بنات الحي يقتربنَ وينظرن خيال الله في عيني ، ويسمعنَ صدى نغمة الابدية متسارعة مع انفاسي .
الانفصال – هاقد بلغت قمة الجبل فسبحت روحي في فضاء الحرية والانتعاق . قد صرت بعيداً بعيداً يابني امي فأنحجبت عن جبهتي جبهات الطلول وراء الضباب وغمرت خلايا الاودية ببحر السكون وامحت السبل والممرات بأكف النسيان وتورات المروج والغابات والعقبات وراء اشباح بيضاء كغيوم الربيع ، وصفراء كشعاع الشمس ، وحمراء كوشاح المساء ، قد تضعضعت اغااني امواج البحر واضمحلت ترنيمة السواقي في الحقول ، وسكنت الاصوات المتصاعدة من جوانب الاجتماع فلم اعد اسمع سوى انشودة الخلود متالفة مع اميال الروح .
الراحة – اخلعوا نسيج الكتان عن جسدي وكفنوني بأوراق الفل والزنبق . انتشلوا بقاياي من تابوت العاج ومددوها على وسائد من زهر البرتقال والليمون . لاتندبوني يابني امي بل انشدوا اغنية الشباب والغبطة . لاتذرفي الدموع يا ابنة الحقول بل ترنمي بموشحات ايام الحصاد والعصير . لاتغمروا صدري بالتأوه والتنهيد بل ارسموا عليه بأصابعكم رمز المحبة ووسام الفرح . لاتزعجوا راحة الاثير بالتعزيم والتكهين بل دعوا قلوبهم تهلل معي بتسبيحة البقاء والخلود . لاتلبسوا السواد حزناً علي بل تردوا بالبياض فرحاً معي . ولاتتكلموا عن ذهابي بالغصات بل اغمضوا عيونكم تروني بينكم الان وغداً وبعده .
مددوني على اغصان مورقة وارفعوني على الاكتاف وسيروا بي ببطئ الى البرية الخالية . لاتحملوني الى الجبانة لان الزحام يزعج راحتي وقضقضة العظام والجماجم تسلب سكينة رقادي . احملوني الى غابة السرو واحفروا لي قبراً في تلك البقعة حيث ينبت البنفسج بجوار الشقيق . احفروا قبراً عميقاً كيلا تجرف السيول عظامي الى الوادي . احفروا قبراً وسيعاً لكي تجيء اشباح الليل وتجلس بجانبي . اخلعوا هذه الاثواب ودلوني عارياً الى قلب الارض . مددوني ببطء وهدوء على صدر امي . اغمروني بالتراب الناعم والقوا مع كل حفنة قبضة من بذور السوسان والياسمين والنسرين فتنبت على قبري ممتصة عناصر جسدي . وتتعالي رافعة في وجه الشمس سرائر راحتي . وتتمايل مع النسيم مذكرة عابر الطريق بماضي اميالي واحلامي .
اتركوني الان يا بني امي ... اتركوني وحدي اسير بأقدام خرساء مثلما تسير السكينة في الاودية الخالية ..
دعوني وحدي وتفرقوا عني بهدوء مثلما تتفرق ازهار اللوز والتفاح عندما تنثرها انفاس نيسان .
ارجعوا الى منازلكم فتجدوا هناك مالم يستطيع الموت ان يأخذه مني ومنكم . اتركوا هذا المكان فالذي تطلبونه صار بـعيـداً بـعيـداً عن هذا العالم .


جبران خليل جبران



#مصطفى_ساهي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظريات المفسرة للاضطرابات السلوكية واليات التدخل العلاجي ع ...
- اهمية البرنامج الارشادي
- الاضطرابات السلوكية لدى الاطفال (سلوك العناد)
- حفار القبور
- شجاعة العقل
- التوافق النفسي الاجتماعي لدى التلاميذ الماعقين جسمياً


المزيد.....




- دراسة تنصح بعزف الموسيقى للوقاية من الشيخوخة المعرفية.. كيف؟ ...
- كتّاب وأدباء يوثقون الإبادة في غزة بطريقتهم الخاصة
- حين أكل الهولنديون -رئيس وزرائهم-.. القصة المروّعة ليوهان دي ...
- تكريم الإبداع والنهضة الثقافية بإطلاق جائزة الشيخ يوسف بن عي ...
- أهمية الروايات والوثائق التاريخية في حفظ الموروث المقدسي
- -خطر على الفن المصري-.. أشرف زكي يجدد رفضه مشاركة المؤثرين ف ...
- هل يحب أطفالك الحيوانات؟ أفلام عائلية أبطالها الرئيسيين ليسو ...
- أحمد عايد: الشللية المخيفة باتت تحكم الوسط الثقافي المصري
- مهرجان -شدوا الرحال- رحلة معرفية للناشئة من الأردن إلى القدس ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى ساهي - جمال الموت