أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم الثوري - مرثية بوظة بكداش ( سوق الحميدية )














المزيد.....

مرثية بوظة بكداش ( سوق الحميدية )


كريم الثوري

الحوار المتمدن-العدد: 3872 - 2012 / 10 / 6 - 15:48
المحور: الادب والفن
    


هو ذا يأتي إليها ، يحمل الصبر صديقاً ، صبره صار وطن ، وطن يبكي عليه...
لأن دمشقَ تكفي ولا تكفي
لأنكَ الآن أحلى
ودمشقُ تكفي للقلبِ أو تكادُ
أستقيلُ مني ومن الأخبارِ العاجلةِ والمعترضة
أستقيل من الحزنِ الرقيقِ
والخيباتِ والريباتِ والشك
والدسائس الجميلة

الساعةُ تُشير إلى دقات قلبه...
ما شكلها ، ما لونها ، كيف سيستقبلها ، تستقبله؟؟؟
كان سوق الحميدية كعادته مُكتظ بأطياف القوس قُزح ، يدغدغك تنامل فسيفساء الركب ، فيما كانت أبتسامة مكظومة ،تأخذ طريقها لخدرٍ لذيذ ...
رحت تبحث عنها في أرقام الموبايل وهو في قبضتك
متى ترن وهل ستلتزم بالموعدالمُحدد؟
اللقاء الأول شأن كل اللقاءات مزيج بين الرغبة واللهفة ، الفرح والخوف ، شئ لا يمكن إخضاعة لوحدة قياس بعينها، رغم تجاربك المُتعددة فيما يُعرف باللقاءات
وجدت نفسك تدلق على وقع خطى الصبايا لتأخذ محلا مطلاً في بوظة بكداش :
حلاوة بالجنة ، كنافة نابلسية ، بوظة بالفستق الحلبي أو بالققشطة ، يقولون " إذا أردت أن تتذوق المزاج السوري وطريقة تفكير الشاميين فماعليك سوى تذوق بوظتهم العربية الأصيلة " ، وها أنتَ على خطى الشوق تُسير...
حدجتها من بعيد تتربع على كرسي مُلتصق بالجدار وبيدها مجموعتها الشعرية التي وعدتك بُعد المسافة فيما بينكما ، سألت نفسي هل يُبادر الاقتراب منها ، أبعدَ الفكرة فمازال موعد اللقاء يبعد نصف ساعة من الآن ، وكأنه الآن...، ثم إنهُ بالقرب من الجامع الأموي وسط حلقة تقافز الطيور على إيماءات الجمهور وهو يلقي لها بالطعام...
اتخذتُ ركنا مُنزويا يَطلُ على مُخيلة لقائنا الأول ، ها هي تتأبطني بذراعيها غير عابثة بصدفة نزقة يُشار إليها ، نطلق العنان لمُراهقة ما بعد الأربعين ، تتهجد خُطى العاشقين في تمايل تعرجات باب توما ، سُكارى نتمايل مأخوذين بروائح الحارات العتيقة الممزوجة بتوابل سوق العطارين ، كانت ملمومة بزيها النسواني التقليدي ، لو كان هناك زياً موحدا يجتمع عليه أهل الشام نساء ورجال " لقلت الكاوبوي "، وبعد أن تداهمنا الرغبة في أكل وجبة مُعتبرة ، نجد حواسنا قد سبقنا عند مطعم " حارتنا باب توما " ، نتخذ مجلسا ثم نُغيرهُ إلى آخر يجعلنا نلبي حاجة التجمل بين مذاقين ، مذاق الأكل ومذاق الشِعر ، تعرفني أعشق المكدوس والتبولة وأعرفها فيما كانت تُلقم فمها المهضموم بطراوة تهامس الكلمات، تقرأ لي بعض من قصائدها ..
ما ألذ المُقبلات قبل المشاوي ، ومن ثم الأركيلة الشامية الشهيرة ، أنظر إليها تطلق دفعات زفيرها فيمتزج بشهيق شوقي في تزاحم لهُ ما يبرره ، تناولنيها لنعاود تراتيبية التذوق بطعم الفرح المقتطع في غفلة من الزمن..
لماذا لا يقدمون الشيء بعينه مع الأكل ؟ أسالها ، فتتأبطني لمقهى الكُتّاب والمثقفين ومن هناك نكمل مشوارنا في سعي دؤوب لحرق كل المراحل التي تُشير إلى ضرورة إلحاق المقدمات بالنتائج، ها هو النادل يستقبلها بتحية ملؤها الاحترام، يفرد لها ولضيفها جانبا، ثم يقوم بتشغيل أسطوانة . يُمهد الجو لتراقص الكلمات على ضفاف أمواج الشعر، منقوعاً بتلاعب آهات دمعتين أسيرتين بين شام مُكبلة تتخبط، تتعثر ، بتكرار مميت وشام بوسع المدى ، تستجمع الأفق من أعلى رابية مطلة عند جبل قاسيون
تفتح حقيبتها السوداء ، تخرج باقتي زهر النرجس ، تشم واحدة وتهبني الأخرى فأشمها فيها ....
خَرَجت من بوظة بكداش وهي تلملم ماء شعرها المشاكس بين الفينة والأخرى ، ترميه إلى الأعلى فيستجمع نفسه ثانية على شكل حزمة ضوء مبلول برائحة مابعد الاستحمام ، تبعتها ورحت أترقب لقائي معها على وقع كلمات سقطت من ديوانها المضموم طي أصابعها ، وفيما كانت تمشي الهوينا مصوبة نظرة شبه مستحيلة باتجاه الخراب القادم ، كانت ذكراها ترسم سلما موسيقيا بلحن جنائزي لأبشع هجومٍ بربري طال انتظاره، هجوم يطال الشجر والحجر والإنسان، وكأنها تنشده بتمام قيامتها : :

أجنُ .. نعم أجنُ ،
أو أدافع غالبا عن الجنون
اخلعُ حشودي، وأخترعُ جموعا ..
تقترفُ الكلمات ِ لتخونها
مجنون ٌ من يفصلُ
بين الحال ِ والمحال
مجنونٌ من يطوف
المرآة ِ خلف ٍ أثر ٍ ولا أثرَ
مجنونٌ من يغلقُ الصيحة َ، قابَ الصوت ِ ..
ويُسكبها بدمي ..
مجنونٌ من يطرقُ باب َ النأي فاتحة َ احتراق ٍ
وبه ألق ُالروح ِ نحوها.. أمضي
بهذا الحرف او ذاك .
مجنونٌ من ينذر صداه
لهدهدة ِ اللحن ِ الممتد ..
بهجرتك حتى الضوء ..
أنا المتقلبةُ ُ المتعبة ُ والمدعية ُ
لبطولات ِ الإنتظار ..
أجن ُ قليلا و كثيراً أموت ُ.



#كريم_الثوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المومس والكاتب
- صباح الخير ياعراق
- اكريّم ياطلايب الله
- شاهد مشاف حاكه
- عاشق اللازانيا
- التكو اللثة
- صديقي القناع 5
- صديقي القناع 4
- اختصارات
- ما ملكت أيمانكم
- ههههه يمكن اميلي مخترق مرسي الزناتي تهزم ياركاله
- العراق في خصوبة الشعر 2 رؤية في ( ما قاله الماء للقصب ) لبلق ...
- العراق في خصوبة الشعر 1 رؤية في ( ما قاله الماء للقصب ) لبلق ...
- الغرفة
- صديقي الوهم
- في انتظار غودو
- صديقي القناع 3
- إشارات من أربع كلمات
- الطريق إلى خزعل المفرجي
- تصبحون بأحسن منها


المزيد.....




- حين استمعت إلى همهمات الصخور
- تكريم انتشال التميمي بمنحه جائزة - لاهاي- للسينما
- سعد الدين شاهين شاعرا للأطفال
- -جوايا اكتشاف-.. إطلاق أغنية فيلم -ضي- بصوت -الكينج- محمد من ...
- رشيد بنزين والوجه الإنساني للضحايا: القراءة فعل مقاومة والمُ ...
- فيلم -ساحر الكرملين-...الممثل البريطاني جود لو لم يخشَ -عواق ...
- معبر رفح بين الرواية المصرية الرسمية والاتهامات الحقوقية: قر ...
- رواية -رجل تتعقّبه الغربان- ليوسف المحيميد: جدليّة الفرد وال ...
- وحش الطفولة الذي تحوّل إلى فيلم العمر.. ديل تورو يُطلق -فران ...
- جود لو يجسّد شخصية بوتين.. عرض فيلم -ساحر الكرملين- في فينيس ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم الثوري - مرثية بوظة بكداش ( سوق الحميدية )