|
الامم المتحدة والخيارات الاخرى
جورج حزبون
الحوار المتمدن-العدد: 3870 - 2012 / 10 / 4 - 13:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لدى متابعة مجريات اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة ، يتضح انها تحولت الى مجرد منبر للمناكفات السياسية بين دولا العالم وزعمائها ، ويبدو بذلك ان هذه المنظمة الدولية ، التي انشئت للحفاظ على السلم الدولي ، تم حرفها عن خط سيرها ، في ظل رؤية العالم اليوم يستطخب بالصراعات الاقليمية والدولية ، وان مهمة الامم المتحدة تؤدي دور رجل الاطفاء . لقد اصبحت الدول الكبرى تتخذ من هذه الهيئة اداة لتمرير سياساتها ، والدول النامية تتطلع اليها لاسنادها وتحقيق امنها وازدهارها ، وبين الموقفين تضيع حقوق وتنتهك شعوب ، وفي مقدمها الشعب الفلسطيني الذي لا زال ينظر لاكثر من ستون عاما لانفاذ قرارات هذه الهيئة الدولية ، بل لقد استمرت القوى الاستعمارية التقليدية في مواصلة هيمنتها على ارادة الشعوب وسلب مصالحها ، الى حد التدخل العسكري لتغير حكامها وانظمتها وتقسيم اوطانها ، وهي صورة اكثر وضوحا في المنطقة العربية ، وهو حال يفقد الثقة بالامم المتحدة ، ويعود بالعالم الى مرحلة التكتلات الدولية والاقليمية ، ويهدد السلم المحلي في مختلف القارات حيث الحروب اليوم بفعل توازنات الرعب النووي تجري بالوكالة ، ولم يعد ممكنا قيام حروب عالمية واسعة . لقد كانت ازمة الكساد العالمي سنوات الثلاثينيات من القرن الماضي ، احد اسباب اندلاع الحرب العالمية الثانية ، وان الازمة المالية الراهنة التي لا زالت تضرب العالم ، ولها تفاعلاتها ، لن يكون من السهل تجاوزها دون هيمنة على الاسواق ، وتحويل مناطق الجنوب الى مجرد مستهلكين وتعطيل فرص التنمية فيها ، والنزاعات لاعاقة تطورها ، واشعال حرائق سياسية في مختلف مناطق العالم لتسويق صناعة الاسلحة المربحة جدا ، وتضخيم دور ايران وتطلعاتها السياسية ، لدفع دول الخليج الى التسلح الهائل وسحب اموال انفط منها ، لتشغيل الالة العسكرية الامريكية والاوروبية . وفي هذا السياق فان تعزيز التعاون مع اسرائيل احد اهم مصالح الولايات المتحدة في المنطقة والعالم ،فهي كيان بني على قاعدة حربية ومهمته توسعية وعدوانية ، ويؤدي المهام التي لا تتمكن اميركا من ادائها ، وهي بلد يعود تطوره الصناعي الى حجم الاستثمار الاميركي الهائل فيها ، بل لقيام الشركات الامريكية للعمل في اسرائيل ! وتوفر حرية حركة مالية وسياسية وامنية لا تتقيد بقانون يفرض محاذير عليها . ولقد ظلت القضية الفلسطينية ، مقياسا معياريا ، لميزان التحرك السياسي العالمي ، وعاشت مدا وجزرا ، حسب حالة الصراع الدولي سواء ايام الحرب الباردة او سياسة العولمة ، والان الواقع الراهن المنبثق عن الازمة المالية العالمية واعادة تدوير المواقف والمصالح ، اقتصاديا وسياسيا ، واضح ان هناك اتفاق على تجميد الوضع الراهن ، تمهيدا لترحيله الى وضع اخر يتوافق مع الصياغة الجديدة للشرق الاوسط ، الذي ستكون اسرائيل فيه عنصرا اساسيا مقررا ، اما حال الشعب الفلسطيني وازماته المتلاحقة الى حد الفقر والقهر والحصار ، فلا تعني شيئا في المعادلة السياسية ، فالاهتمام هذه الايام لعذابات الشعب السوري ، اما الفلسطيني فقد اصبحت العذابات جزء من حياته ، ولا تعني صناع القرار ، وهي جزء من ازمة الامم المتحدة العامة ، التي لا تستطيع العمل خارج قرارات وارادت القوى المتنفذة ، ودائرة صراعاتها ومصالحها . ولم يعد مجديا المطالبات المستمرة لتطبيق الشرعية الدولية ، فهي شرعية القوة والمال والنفوذ ، فحين تصبح قطر دولة مقررة في الوضع الدولي ، فان القوة هنا هي راس المال ، وهو المقرر في الحال العالمي والمحلي ، وفي سبيله تستعبد الشعوب ، فالشرعية المنتهكة مجرد شعار وموقف يعلن ان هناك موقف اخلاقي لا يستطيع التطبيق امام تحالف الراسمال مع الاستعمار الجديد ، الذي استفاق مع ازمته المالية الخانقة ليرى ان العودة الى البدايات، يمكن ان يفك ازمته المتفاقمة والحتمية والدورية بحكم قوانين الراسمال ذاته ، وايضا بحكم قوانين التاريخ وحركته فان الاستقطاب الراهن سيخلق نقيضه حتما ، وتكون العودة الى توازنات حتمية الا انها ايضا ستكون استقطابا جديدا ، تقوده القوى الصاعدة او دول التخوم ،لانها مهددة بالمحاصرة من حيث هي منافسة ، والراسمال يحتاج لفك ازمته الى اسواق تنافسه عليها هذا الدول ، وبذللك تخلق الراسمالية باستمرار ازماتها ، ولا تستطيع الاستمرار دون استغلال شعوبها اولا ! وتعود الطبقة العاملة الى مسؤوليتها التاريخية ، فهي وحدها القادرة على اعادة البشرية الى العدالة والشرعية والمساواة . فلا تزال اميركا متجهة لاعادة صياغة شرق اوسط جديد يمتد من افغانستان ويضم كافة البلدان العربية ، وتكون تركيا عموده الفقري من حيث هي عضو بالناتو ، واحدى البلدان الطامحة ، وتستطيع التوازن مع ايران الشيعية ، وهي صيغة معدلة جديدة اوضح وزير خارجية تركيا ملامحها الاساسية ، حين قال : ان الحدود الراهنة بالمنطقة ليست طبيعية وهي اقيمت على عجل بالتوافق بين بريطانيا وفرنسا ، ثم طرح الامور بتبسيط حين قال يجب الغاء الحدود والسماح للتنقل الحر للافراد والبضائع -، وهو فعلا هدف الشرق الاوسط الجديد ، حيث اميركا ومن معها للخروج من الازمة الاقتصادية ، عادة الى نظرية السوق مما يسمح لها بالتنافس ويطعيها ميزة مالية متقدمة ، كل هذا يتم خارج الاعراف الدولية وخلف ظهر ميثاق الامم المتحدة ، مما يهدد جدوى استمرارها كاحد عناوين الشرعية الدولية ، وليست الفوضى المنتشرة في العالم العربي ومنها سوريا الا احد مفرزات هذه الخطة التي التقت عبرها مصالح الاسلاموين مع اميركا وحلفائها بالمنطقة . مرة اخرى فان مواجهة هذه المخططات تحتاج الى حركة تحرر عربي موحدة ، بعيدا عن الصيغ التقليدية يسار ويمين ، انما برنامج الحد الادنى وهو الفاع عن الاستقلال الوطني واعادة الحياة لمعركة القومية العربية .
#جورج_حزبون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طريق الشعب بدل طريق اوسلو
-
الراهن الفلسطيني والانتخابات المحلية
-
الشرعية الثورية والشرعية الانتخابية
-
عن اليسار والشيوعية والثورة
-
رؤية لخطة طريق الثورة المضادة
-
اليقظة العربية والصحوة الاسلامية
-
حكاية اسد
-
عن الختان وثقافة القهر
-
الكم والكيف في الثورات العربية
-
الدولة الدينية بدعة
-
اغتيال ابو عمار
-
الاممية والقومية الروسية
-
الاسلام السياسي الى اين ؟!
-
حول الخلافة الاسلامية
-
وجوه فلسطينية قلقة
-
الديمقراطية هي الحل !!
-
مصر ..اين السبيل ؟
-
اليد الخفية في الثورة العربية
-
نحو عولمة اسلامية
-
شرق اوسط برعاية تركية
المزيد.....
-
اكتشاف رأس تمثال بطلمي من القرن السابع ميلادي بمصر.. من صاحب
...
-
شاهد لحظة عودة فلسطينيين الى بيوتهم في شمال غزة
-
سبب تأخر حماس بتسليم قائمة بأسماء الرهائن كما اتفق عليه باتف
...
-
مشاهد لانسحاب قوة كبيرة من لواء -غفعاتي- الإسرائيلي من قطاع
...
-
4 شخصيات فلسطينية -ثقيلة- تُطالب حماس بالإفراج عنها، من هم؟
...
-
ترامب يعود إلى واشنطن للاحتفال برئاسته الثانية وسط تحديات ال
...
-
إسرائيل تعلن إرجاء وقف إطلاق النار في غزة لعدم استلامها قائم
...
-
هيئة البث الإسرائيلية: يجري الآن نقل قائمة المحتجزين الإسرائ
...
-
مدفيديف: هوس بايدن بأوكرانيا أشعل حرب الغرب ضد روسيا
-
مصادر: الجيش الإسرائيلي يلتزم بوقف إطلاق النار في غزة رغم اش
...
المزيد.....
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
المزيد.....
|