أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد فيادي - ينابيع الثقافة أين هي اليوم














المزيد.....

ينابيع الثقافة أين هي اليوم


ماجد فيادي

الحوار المتمدن-العدد: 3847 - 2012 / 9 / 11 - 07:37
المحور: الادب والفن
    


عندما كنت شاباً صغيراً شاهدت والدي واخوتي يحملون كتباً مختلفة العناوين، يخرجوها من المكتبة مرة ويعيدوها مرة اخرى، ومنذ بدأت افهم، سمعتهم يتحاورون في مضامين تلك الكتب، سياسية ادبية تاريخية وفي احيانٍ قليلة علمية، جذبني الى ذلك السلوك أن أصدقاء اخوتي ووالدي ومن يأتينا ضيفاً، كانت تجمعهم نفس الهواية، فقد كانت الاحاديث تدور دون انقطاع وبجدية كبيرة.

عَلَقَت في ذاكرتي تلك الحوارات والنقاشات وتبادل المعلومات، فشكلت في داخلي رغبة أن أشاركهم الحديث أو التشبه بهم، ففكرت أن الوسيلة الوحيدة لاجد طريقي أن ابدء بقراءة الكتب التي في مكتبتنا، لكن صوتاً في داخلي اوحى لي أن ابدء بقراءة كتابٍ من مقتنياتي الشخصية، فلا اكون بذلك نسخةً من غيري، حينها اشتريت أول كتاب وكان للكاتب الانكليزي شكسبير بعنوان يوليوس قيصر، ولكي اتمكن من الاستمرار في خطتي لجأت الى مكتبة بيتنا لمواصلة القراءة، حينها استعرت اول كتابٍ منها وكان بعنوان الام للكاتب الروسي مكسيم غوركي، ثم توالت القراءات لكتابٍ لهم دورهم في رسم حياة الشعوب.
تعلمت من عبد الرحمن منيف في رواية شرق المتوسط عدم الثقة بالجلاد، ومن مكسيم غوركي في رواية الام معنى التضحية ونكران الذات، مادفعني لقراءة الاخوة كارامازوف للكاتب تولستوي، مقولة تدعي ”من لم يقرأ الاخوة كارامازوف لم يقرأ شيئ من الادب العالمي“ فتعلمت منه قوة الحجة في الحوار، من حنا مينا في رواية الياطر فهمت أن التغيير يحتاج الى أشراك الناس به، تعلمت من الطيب صالح أن ما نتستر عليه في مجتمعاتنا من ممارسات لا تختلف كثيراً عن المجتمعات الاخرى، في رواية لمن تقرع الاجراس لهمنكواي تعلمت أن حياة المناضلين شاقة وطويلة، في رواية أصابعنا التي تحترق لاحسان عبد القدوس اكتشفت كيف نعيش الحب، تعلمت من غوغول في قصة المعطف كيف أسطر أفكاري على الورق، أما كولن ولسن في رواية طفيليات العقل فقد علمني كيف اخرج من الواقع الى الخيال، في رواية ذهب مع الريح لماركريت متشل عشت الحرب التي تأكل كل شيئ حتى الحب، غائب طعمة فرمان في مسرحية النخلة والجيران التي حضرتها مع والدي ووالدتي وكنت صغيراً جداً اتذكر الفنان يوسف العاني كيف يضحك ويبكي الجمهور في حوارات شعبية، إيرش ريمارك في رواية الاصدقاء الثلاث فهمت لماذا يرفض الانسان أن يكون وقوداً للحرب، أما رواية حب في زمن الكوليرا للعبقري ماركيز تعلمت أن الحب يقوى كلما اقترب من الموت. تعلمت من كتاب آخرين اشياء عديدة لم اكن لاعرفها لولاهم.
هكذا مع مرور الايام بدأت امتلك مكتبتي الخاصة التي اقتني لها كتباً اخضعها للبحث والسؤال قبل أن اشتريها، حتى صارت ملاذاً لأخواتي الاصغر مني، في البحث عن الممتع والمفيد، فأخذت صديقاتهن يستعرن الكتب تلو الاخرى، وصارت الكتب تخرج ولا تعود، حينها قال لي أحد الاصدقاء ”من يعير كتاباً فهو احمق، ومن يعيد كتاباً فهو احمقين“ فقررت أن اعمل قائمة باسماء المستعيرين والمستعيرات والكتب، لاحافظ على مكتبتي، لكن الخطة باءت بالفشل. وبعد ان تركت العراق مهاجراً في أواخر 1999 تسربت مكتبتي، فقد عملت اختي على اعطاء معارفها من مكتبتي لكي تحثهم على القراءة في زمن لم يعد فيه من يقرأ إلا القليلين.

لايمكن حصر مصادر الحصول على الثقافة في كتاب، انما هي تتوزع على المسرح ومعرض الصور ومجالس الحوار والشعر والمدارس والجامعات وحتى المقاهي العامة التي نلعب بها الدومينو والطاولي، لكن مقدار المعرفة يتفاوت بين هذه المصادر كل حسب تأثيره، ففي عراق الستينات والسبعينات من القرن الماضي، برز الكتاب وطغى على باقي المصادر ونشط المسرح والسينما، كان للحركة الفنية بالرسم والنحت رواد وصلوا مرحلة العالمية، كانت المقاهي تسمى باسماء رموز ادبية كالزهاوي والحبوبي وام كلثوم فنشطت فيها الحركة الثقافية الى ابعد مدياتها، وكانت الحوارات مع رجال الدين المتنورين تتجاوز المحرمات والمقدسات. كل هذه الحركة الثقافية كان محركها المثقفين بمختلف مشاربهم، أسماء ما ان تذكرها حتى يعرفها العراقيون، يضاف لهم الحركة اليسارية التي استطاعت أن تنتشر بين الجماهير وتتحول الى ادات نهمة للثقافة تستند على الحوار في تبادل المعرفة.

اليوم صارت ثقافة المجتمع مسموعة في عمومها، لا تعتمد على المصدر والتدقيق في المعلومة، يمكن لكل من يريد أن يسرب الافكار المغلوطة كما يشاء، فالكتاب والمصدر ركنا على جنب، واستبدل بالفضائيات والمنابر الدينية المتطرفة واختفت السينمات وتراجعت المسارح واستبدلت المكتبات بمحال البقالة المستوردة، حجمت الملتقيات الثقافية وصار السياسيون ينعقون على شاشات التلفاز دون أن يردهم احد من مقدمي البرامج، فهم يتكلمون بفلوسهم، أصبحت المعلومات ترمى كالاسهال وليس هناك من مقدرة على تدقيق كل ما يقال، فالكلام اسهل بكثير من قراءة كتاب أو الذهاب الى مسرح وسينما ومعرض رسم.
قبل أن يسأل كل انسان نفسه ماذا تعلم من مصادرِ ثقافةَ اليوم، لا بد أن يعطي نفسه استراحة يبتعد بها عن هذه المصادر لينظر من حوله الى أين تذهب بالمجتمع.



#ماجد_فيادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى ننتهي من ظاهرة الحواسم
- ضمير الخيانة
- الجامعات الاهلية وطفيليات العقل البائد
- الحزب الشيوعي العراقي إذا أراد أن يكون نموذجا يحتذي به
- من المسئول عن إهانة الحمير
- العراق يقفز الى المركز الخامس دولياً في مخاطر الجفاف
- حرب المياه أقسى من حرب السلاح
- منافذ العلمية السياسية مغلقة كما هي شوارع بغداد
- أكو فد واحد ميريد يضحك
- من أم المعارك الى قمة بغداد القائد ينتصر من جديد
- للقارئ اختيار العنوان
- عجيب أمور غريب قضية
- مهرجان الزهاوي ..المياه في نظرة القانون الدولي
- الهيئة التحضيرية لمهرجان الزهاوي لحماية بيئة وادي الرافدين ت ...
- افتتاح مهرجان الزهاوي لحماية البيئة العراقية في المانيا
- مهرجان الزهاوي للحفاظ على نهري دجلة والفرات من الموت يعقد مؤ ...
- ندوة في موضوع: الديمقراطية: نظام وفلسفة حياة، ام آليات انتخا ...
- ساحة التحرير تجبر الحكومة على ارتداء رداء الحمل
- لننحني جميعا أمام المرأة العراقية
- جهات حكومية تنظم عمليات الفساد الاداري والمالي


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد فيادي - ينابيع الثقافة أين هي اليوم